يمانيون../
في ظل غياب الأمن والاستقرار، تستمر سوريا في معاناتها من الحروب والعنف والجرائم الطائفية التي تضرب البلاد منذ أكثر من 14 عامًا، حيث تتوالى المآسي التي لا تفرق بين طفل وشيخ، ولا بين مدني ومقاتل.

ومنذ سقوط نظام الأسد، بدأت سوريا تعاني من مشاهد مألوفة للجرائم والانتهاكات العرقية والطائفية التي حصدت أرواح آلاف الأبرياء، وفي مقدمتهم أبناء الطائفة العلوية.


يرى المراقبون والمهتمون بالشأن السوري أن تجدد هذه الانتهاكات في الآونة الأخيرة يعد بداية جديدة لحقبة جرائم إرهابية طائفية تسلط الضوء على استمرار الأزمة السورية وتداعياتها المدمرة.

مأساة متجددة
تواصل الجماعات المسلحة في سوريا المنضوية تحت راية الحكام الجدد للبلاد حصد أرواح الأبرياء، في مشهد مألوف للجرائم الطائفية التي ارتكبت في سوريا طوال 14 عامًا.
شهدت مدينة حمص وريف دمشق وريف اللاذقية حملات أمنية واسعة النطاق نفذتها القوى الأمنية التابعة لـ “الحكومة السورية المؤقتة”، استهدفت المدنيين من الطائفة العلوية بذريعة البحث عن منتسبي الجيش السوري السابق، مما أثار موجة من الانتقادات المحلية والدولية.
تركزت الحملة الأمنية على عدد من أحياء مدينة حمص، من بينها الزهراء، العباسية، المهاجرين، الأرمن، جب الجندلي، حي السبيل، كرم شمشم، وشارع الستين.
وأثارت هذه الحملة استياء واسعًا، خاصة أنها تأتي بعد إعلان “أبومحمد الجولاني” زعيم “الحكومة السورية المؤقتة” عن عفو عام في 10 ديسمبر يشمل منتسبي ومسؤولي نظام الأسد.

عدد مهول ومصير مجهول
أكدت وسائل إعلام محلية وإقليمية أن عدد المعتقلين خلال الأيام الثلاثة الماضية تجاوز 900 معتقل، فيما لا يزال مصيرهم مجهولًا.
لم يتم إبلاغ ذويهم عن الجهة التي اقتيدوا إليها، مما يزيد من القلق حول أوضاعهم وظروف اعتقالهم.
كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الحملة الأمنية شملت انتهاكات متعددة بحق سكان المدينة، نتج عنها اعتقال أكثر من 500 سوري، غالبيتهم من المدنيين ومن منتسبي الجيش السابق ممن أجروا التسوية مع إدارة العمليات العسكرية التابعة لـ “الحكومة السورية المؤقتة”.
كما وثق المرصد شريطًا مصورًا نُشر يوم السبت الماضي يظهر فيه اعتقال عناصر من قوى الأمن العام لمواطنين في حي السبيل بمدينة حمص، حيث أُجبر المعتقلون أثناء سوقهم بطريقة مهينة وغير إنسانية على ترديد أصوات الحيوانات.

ردود الفعل
توالت الانتقادات لهذه العمليات من جهات حقوقية ومنظمات إنسانية محلية ودولية، معتبرةً أنها تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتزيد من تعقيد الأوضاع في سوريا.
كما أعربت العائلات عن مخاوفها إزاء مصير ذويها المعتقلين، داعيةً إلى الكشف عن أماكن احتجازهم والإفراج عنهم فورًا.

مجزرة جديدة تهز مدينة حمص
في حادثة مروعة، داهمت مجموعات مسلحة تتبع “الحكومة السورية المؤقتة” منزل الفنان السوري “بهاء اليوسف” بحي جب الجندلي في مدينة حمص، وقاموا بذبح شقيقته “ياسمين” وخالته “دلال” وأبناء شقيقته “علي” الذي تم نقله للمستشفى في حالة خطر.

جرائم طائفية تتجدد
في حادثة أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط المحلية والدولية، أضرمت عناصر مسلحة محسوبة على حكام سوريا الجدد في 26 ديسمبر الماضي، النيران في مقام مؤسس المذهب العلوي في سوريا الشيخ “أبو عبد الله الحسين الخصيبي” في منطقة ميسلون بمدينة حلب، الذي يحظى بأهمية دينية وتاريخية خاصة لدى أبناء الطائفة العلوية، مما أثار ردود فعل واسعة في الأوساط المحلية والدولية.
وعلى إثر الحادثة، تزايد الاستياء الشعبي من خلال الخروج في تظاهرات غاضبة جابت شوارع العاصمة السورية دمشق ومدن حمص وبانياس وجبلة واللاذقية وطرطوس والقرداحة وحماة، مطالبين بمحاكمة المعتدين على المقام وقتلة القائمين عليه.
وفي المقابل، تعاملت قوات ما تسمى بالعمليات العسكرية التابعة لـ “هيئة تحرير الشام” مع المحتجين الغاضبين بعنف مفرط باستخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى استشهاد شاب وإصابة عدد آخرين بإصابات متفاوتة.

الآفاق المستقبلية
على ما يبدو أن الأحداث الأخيرة تؤكد أن سوريا، التي كانت طوال عقود طويلة ساحة حرب أمامية لمحور القدس في مواجهة المشاريع الاستعمارية الصهيونية والتركية والأمريكية، ستكون ساحة حرب مقبلة ولكن هذه المرة ضد محور القدس وبإدارة أمريكية وصهيونية وتركية تستهدف في المقام الأول التيارات المناهضة للكيان الصهيوني والأقليات العرقية، وفي مقدمتهم الطائفة العلوية والأكراد والمسيحيين.
وعلى الرغم من استمرار هذه الجرائم، يبقى الأمل الوحيد معقودًا على تحرك دولي وإقليمي جاد لإنهاء معاناة الشعب السوري وإعادة بناء وطن ينعم بالأمن والاستقرار، بعيدًا عن أصحاب التيارات الطائفية المتشددة وإملاءات قوى النفوذ الاستعمارية.

تقرير/ عبدالكريم مفضل

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحکومة السوریة المؤقتة الطائفة العلویة مدینة حمص فی سوریا

إقرأ أيضاً:

وزير الكهرباء السوري يبحث مع وفد إماراتي مشاريع توليد الكهرباء والحلول العاجلة للقطاع في سوريا

سوريا – بحث وزير الكهرباء السوري عمر شقروق مع وفد من مجموعة أبو ظبي للاستثمار والتنمية (ADIG) الإماراتية مشاريع توليد الكهرباء.

وأكد شقروق أهمية دراسة العروض المقدمة وفق خطط الوزارة لحل أزمة الكهرباء، كما استعرض الوفد الإماراتي استثماراته في الطاقات المتجددة والحلول العاجلة للقطاع.

وتحدث وزير الكهرباء السوري في وقت سابق عن جهود قصيرة الأمد لزيادة إنتاج الكهرباء بمقدار 4000 ميغاواط يوميا بهدف تقليل فترات الانقطاع وزيادة ساعات الوصل إلى ما بين 8 و10 ساعات يوميا.

وذكر مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء خالد أبو دي الخطط القصيرة تعتمد على جهود الطوارئ لزيادة حصة الأهالي من التيار الكهربائي، وتم التواصل مع بعض الدول مثل تركيا وقطر، ومن المقرر أن ترسو بوارج خاصة بتوليد الطاقة الكهربائية (عددها 2 مبدئياً) في بانياس وطرطوس خلال الفترة المقبلة، لتولد 800 ميغاواط، وهو ما يعادل 33% من التوليد الحالي.

المصدر: الوطن السورية

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء السوري يبحث مع وفد إماراتي مشاريع توليد الكهرباء والحلول العاجلة للقطاع في سوريا
  • روان أبو العينين: تصاعد التوغل العسكري الإسرائيلي في مدينة جنين والضفة الغربية
  • جدل العربية في اسم سوريا.. ماذا تعرف عن أسماء الدولة السورية خلال مئة عام؟
  • رابطةُ العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة أوربرو بمملكة السويد
  • وزارة الخارجية تعرب عن بالغ أسف المملكة لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة أوربرو بمملكة السويد
  • دعم الخدمات ‏الطبية والتعليمية في سوريا ضمن ورشة عمل للجمعية الطبية ‏السورية الأمريكية “سامز”
  • أردوغان: زيارة الرئيس السوري لتركيا تاريخية ونؤكد استعدادنا لدعم سوريا في مواجهة الإرهاب
  • بالفيديو .. وزير الداخلية السوري الأسبق اللواء محمد الشعار يسلم نفسه للسلطة السورية الجديدة
  • ‏رويترز: الشرع وأردوغان سيبحثان إمكانية إقامة قواعد تركية جديدة وسط سوريا وتقديم تدريب للجيش السوري
  • مشاهد من عمليات التمشيط التي نفذتها قوات وزارة الدفاع السورية في منطقة جبل الورد ببلدة الهامة، بحثاً عن فلول النظام البائد الرافضين لعمليات التسوية