إعلان حكومتين في السودان.. رهان الشرعية الخاسر
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
بينما يعقد مجلس الأمن اجتماعات مكثفة لبحث أزمة المجاعة التي تسببت بها الحرب في السودان، يستمر طرفا النزاع في الانخراط بمحادثات مكثفة لتشكيل حكومات في مناطق سيطرتهما، في سباقٍ نحو شرعية لا تسهم في إعادة نحو 11.5 مليون نازح إلى منازلهم. وفي ذات السياق، حذّر سياسيون من تداعيات تكوين حكومتين متنافستين في البلاد، مشيرين إلى أن هذا التوجه يمثل رهاناً خاسراً قد يدفع بالسودان نحو تقسيمٍ كارثي.
.
بورتسودان: كمبالا: التغيير
قالت مصادر مقربة من حكومة بورتسودان، إن القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان شكل لجنة خاصة من وزراء ومختصين لاقتراح تعديلات على الوثيقة الدستورية للعام 2019. وأفادت أن اللجنة شارفت على الانتهاء من عملها”.
وفي أغسطس الماضي، قال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إن هناك مساعي لتشكيل حكومة لإدارة الفترة الانتقالية”.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الحكومة في بورتسودان، برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حصرت اختيار رئيس الوزراء الجديد في الحكومة المتوقعة على ثلاث شخصيات، ومن المتوقع الإعلان عن الاسم المختار خلال يناير الجاري.
وقالت المصادر لـ(التغيير)، إن الأسماء المرشحة ضمت المدير الأسبق لجامعة النيلين، محمد الأمين ورئيس رئيس تحالف الحراك الوطني، التجاني سيسي، والفريق عبد الرحمن الصادق المهدي”.
وأكدت المصادر التي تحدثت لـ(التغيير) إن المهدي يُعد أبرز المرشحين لتولي رئاسة الحكومة”.
يشار إلى أنه وخلال الأيام القليلة الماضية، تمت ترقية اللواء المهدي إلى رتبة الفريق بقرار رسمي، قبل أن يتم إحالته إلى التقاعد، وهي خطوة أثارت تفاعلاً واسعًا بين الأوساط السياسية والعسكرية في البلاد.
وفي أول تصريح له بعد إحالته للمعاش، قال عبد الرحمن المهدي، إن الخطوة جاءت بترتيب مع قيادات الدولة وحزب الأمة القومي بغرض القيام بعمل وطني”.
وطالب المهدي، الشعب السوداني بالوقف إلى جانب الجيش حتى القضاء على ما وصفه بتمرد “قوات الدعم السريع”.
كما دعا كافة الفصائل المسلحة للوقوف خلف القوات المسلحة مشيرًا إلى أنها صمام الأمان في حفظ البلاد”.
خيار غير موفقويصف البعض اختيار عبد الرحمن الصادق لتولي رئاسة مجلس الوزراء في حكومة بورتسودان بأنه خيار غير موفق، وأنه كان جزءًا من نظام الإنقاذ الذي تم اقتلاعه بواسطة ثورة شعبية في ديسمبر 2019.
في المقابل، تستعد مجموعة سياسية وحركات مسلحة مناوئة لحكومة بورتسودان لإعلان حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع في الأيام القادمة، بعد اكتمال كافة الترتيبات لذلك”.
وقالت مصادر لـ(التغيير)، إن الأيام المقبلة ستشهد تشكيل الحكومة في مناطق الدعم السريع بواسطة مجموعة كانت جزءاً من حكومة الفترة الانتقالية التي انقلب عليها قائدا الجيش والدعم السريع في 25 أكتوبر 2021.
وقال رئيس حركة العدل والمساواة، سليمان صندل، إن حكومة الثورة التي يجري العمل على استعادتها وإعادة تشكيلها وإعلانها -حسب وصفه- ليست مجرد “حكومة منفى”، بل هي حكومة تعمل من داخل الأراضي السودانية، وتمتد نطاق اختصاصاتها وسلطاتها لتشمل جميع أراضي البلاد دون استثناء.
وأضاف صندل في تغريدة نشرها على منصة “إكس”، أن الحكومة المقترحة ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق غايات أسمى، تتمثل في وقف الحرب وفرض السلام الشامل، إلى جانب حماية المدنيين والتصدي للتدهور الإنساني الكارثي الذي يواجهه السودان.
بلا قيمةجهته قلل الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، بكري الجاك من قيمة تشكيل حكومة في بورتسودان ومناطق سيطرة الدعم والسريع”.
د. بكري الجاكوقال الجاك لـ”التغيير”، إن “هذه المحاولات تفتقر إلى أي قيمة فعلية. فلو كان البرهان ورهطه يتحلون بأدنى درجات الالتزام بالوثيقة الدستورية أو احترام القانون بشكل عام، لما أقدموا على الانقلاب على حكومة كان “البرهان نفسه” رئيسًا لمجلس سيادتها. ولما تسببوا في إدخال البلاد في أتون حرب دمرت مؤسسات الدولة، ومزقت النسيج الاجتماعي، ووضعت مستقبل وحدة السودان على المحك”.
ولفت إلى أن، إن تشكيل حكومة وتعيين رئيس وزراء هو هروب للأمام، ولا يخاطب سؤال الساعة وأولويات السودانيين التي تتمثل في وقف الحرب واستعادة الأمن وإغاثة الناس”.
وشدد الجاك في تصريحاته لـ”التغيير” قائلاً: “إذا أقدم البرهان ومعسكر الحرب على هذه الخطوة، فإن ذلك لن يكون سوى تأكيد لما ظللنا نردده منذ البداية، وهو أن معسكر الحرب، بقيادة البرهان، وبعد فشلهم عسكرياً وسياسياً، باتوا مجرد طلاب سلطة، حتى ولو كان ذلك على حساب أشلاء السودانيين وركام الدولة. حالهم أشبه بمن يجلس على تلة من الخراب، يتناول الطعام الطيب بينما تحيط به جثث شعبه، غير مكترث بالمأساة التي خلفها”.
تحديًا دوليًابدوره، يرى المحلل السياسي عبد الباسط علي، أن تشكيل أي حكومة جديدة لإدارة المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع يمثل تحدياً كبيراً للحكومة المعترف بها دولياً، والتي يقودها الجيش وأُجبرت على مغادرة الخرطوم العام الماضي، حيث تُباشر الآن مهامها من مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر.
وقال عبد الباسط لـ”التغيير” إن حكومة بورتسودان اتجهت نحو خيار تشكيل الحكومة في هذه المرحلة بعد أن شعرت بخطورة تكوين حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع، مما قد يهدد شرعيتها ويزيد من تعقيدات الأزمة.
وأكد أن تقسيم السودان إلى حكومتين أصبح أمراً شبه واقع في ظل تمسك كل طرف بمناطق سيطرته، مع استمرار الحرب التي لا تلوح في الأفق أي بوادر لحلها سلمياً، في ظل إصرار الطرفين على الحسم العسكري، الذي لن يصب في مصلحة أي منهما.
ويشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 تصاعداً حاداً في أعمال العنف، بعد اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث بدأ الصراع في العاصمة الخرطوم، وامتد إلى ولايات أخرى مثل دارفور وكردفان والجزيرة.
وتسببت الحرب الدائرة في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتهجير الملايين داخل السودان وخارجه، ما أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم وفقًا للأمم المتحدة”.
الوسومالناطق الرسمي لتنسيقية تقدم حرب الجيش والدعم السريع صراع السلطة والنفوذ عبد الرحمن المهديالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: حرب الجيش والدعم السريع صراع السلطة والنفوذ عبد الرحمن المهدي حکومة بورتسودان الدعم السریع لـ التغییر عبد الرحمن فی مناطق حکومة فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني: مقتل 41 مدنيا بقصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
السودان – أعلن الجيش السوداني، الثلاثاء، مقتل 41 مدنيا بينهم أطفال ونساء وإصابة عشرات آخرين، جراء قصف مدفعي لقوات الدعم السريع استهدف مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي البلاد.
وأفادت الفرقة السادسة مشاة للجيش بالفاشر في بيان، بأن “قوات الدعم السريع واصلت نهجها الإجرامي عبر استهداف الأحياء السكنية في مدينة الفاشر بالقصف المدفعي، أمس الاثنين” .
وأضاف البيان أن القصف أدى إلى “استشهاد 41 مواطنا بينهم أطفال ونساء، وإصابة العشرات بجروح متفاوتة، تم نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج”.
وأشار الجيش في بيانه إلى أن قواته “تمكنت من صد الهجوم الشرس الذي شنته الدعم السريع على الفاشر”.
وذكر أن خسائر الدعم السريع في الهجوم “بلغت حوالي 600 قتيل، فضلا عن تدمير أكثر من 25 مركبة عسكرية”، بحسب المصدر ذاته.
وحتى الساعة 06:30 (ت.غ) لم يصدر تعليق من “الدعم السريع” بالخصوص، إلا أنها طالبت في بيان الثلاثاء، الجيش والقوات المساندة له (لم تسمها) بـ”تسليم السلاح وإخلاء مدينة الفاشر بصورة آمنة”.
والاثنين، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الفاشر، توقفت على إثرها عدد من المطابخ الخيرية عن تقديم وجبات الطعام داخل المدينة.
ومنذ 10 مايو/ أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع” رغم تحذيرات دولية من خطورة المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وتأتي هذه التطورات بعد هجوم متواصل لقوات الدعم السريع على مخيم “زمزم” للنازحين بالفاشر، استمر عدة أيام.
وفي 13 أبريل/ نيسان الجاري، أعلنت “الدعم السريع” السيطرة على المخيم بعد اشتباكات مع الجيش، ما أدى إلى سقوط 400 قتيل ونزوح أكثر من 400 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.
ويخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتمددت انتصارات الأخير في العاصمة الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي الولايات الـ17 الأخرى في السودان، لم تعد “الدعم السريع” تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور.
الأناضول