اتهم مراقب الدولة الإسرائيلي متانياهو إنغلمان الجيش بالقيام بتصرفات "خطيرة" تضر بتحقيقات في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتؤدي إلى "إحباط الكشف عن الحقيقة".

جاء ذلك في رسالة حادة اللهجة بعثها إنغلمان إلى رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، مساء اليوم الاثنين، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.

وفي الرسالة، تطرق إنغلمان إلى "سلوك رئيس مكتب رئيس الأركان في عملية التدقيق بالمسائل الـ12 المتفق عليها بين الجانبين، والتي يتم فحصها في هذه المرحلة" من التحقيقات.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أبلغ الجيش الإسرائيلي المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية في إسرائيل) أنه مستعد للسماح لمراقب الدولة بالتحقيق في 12 قضية تتعلق بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

شكّل هجوم المقاومة الفلسطينية مفاجأة إستراتيجية أفقدت إسرائيل وجيشها التوازن بشكل غير مسبوق (غيتي)

وقال إنغلمان في رسالته لهاليفي إن ممثلا لهيئة الأركان يتم إرساله لحضور جميع اجتماعات فريق التحقيق مع مسؤولين في الجيش.

وأضاف "كلما كان موضوع الاجتماع أكثر حساسية أو كلما كان المسؤول الذي يجتمع به فريق التحقيق أكبر، ارتفعت رتبة ممثل هيئة الأركان المشارك في الاجتماع".

وتابع "علاوة على ذلك، في بعض الاجتماعات يقوم الممثل بتسجيل ما يقال فيها يدويا".

وأوضح مراقب الدولة أن ممثل هيئة الأركان "قرر من تلقاء نفسه، ودون أي تشاور مسبق مع ممثلي التحقيق، وحتى دون إبلاغهم، تسجيل جميع اللقاءات التي عقدتها الفرق مع المسؤولين في الجيش الإسرائيلي".

إعلان

وتابع إنغلمان في رسالته "الأسوأ من ذلك، أنكم قمتم بهذه الممارسة لأول مرة دون إخطار المشاركين في الاجتماع نيابة عن مراقب الدولة بشأن تسجيل الاجتماع، وإذا لم ينتبه ممثلنا إلى جهاز التسجيل في نهاية الجلسة، لربما لم نكن لنعرف عنه على الإطلاق".

وشدد مراقب الدولة على أنه "رغم تحفظ ممثلي مكتبي على تسجيل الاجتماعات، فإن التسجيلات استمرت، مع رفض نقلها إلى ممثلي مكتبي".

وقال إنغلمان إن "أحد ضباط الجيش الإسرائيلي الذين تم استدعاؤهم للاجتماع مع ممثلي وزارتي قال إنه وقع على وثيقة الحفاظ على السرية، والتي تقيد تقديمه المعلومات لفرق التحقيق".

وأكد أن سلوك الجيش الإسرائيلي يبعث "رسالة ردع وترهيب" تجاه الرتب الميدانية والضباط التابعين للقيادة.

وأضاف إنغلمان أن تلك التصرفات "قد تؤدي إلى عدم التعاون الكامل مع مكتب مراقب الدولة وإحباط الكشف عن الحقيقة".

وتابع "أرى أن هذه التصرفات خطيرة، ومن الممكن أن تضر بإجراءات التحقيق الصحيحة، التي في إطارها يجب على المسؤولين تقديم المعلومات الكاملة كما يقتضي القانون دون خوف من عواقب أفعالهم، وتسليم المستندات المطلوبة إلى ديوان مراقب الدولة فورا ودون تأخير".

وذكر إنغلمان أنه رغم اتصاله بمكتب رئيس الأركان قبل نحو 10 أيام، فإنه "لم يتم حل المشكلة بعد".

وهدد مراقب الدولة بأنه "إذا لم تتم إزالة الحواجز المذكورة بحلول الأربعاء المقبل"، فإنه سيستخدم صلاحيات التحقيق الممنوحة له، بما في ذلك صلاحيات استدعاء الشهود إلى مكتبه لتقديم المستندات والإدلاء بالشهادة.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجمت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين، ردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى، وفق بيان الحركة حينها.

إعلان

ومن بين القضايا، التي اتفق مراقب الدولة والجيش على التحقيق فيها، "أداء الجيش الإسرائيلي خلال المذبحة التي وقعت في حفل نوفا الموسيقي" (بمستوطنة رعيم المتاخمة لقطاع غزة) وإصدار رخصة إقامة الحفل، وغياب مفهوم الأمن القومي، وإجلاء الجرحى إلى المستشفيات، وأنشطة قيادة الجبهة الداخلية لإجلاء السكان"، وفق "يديعوت أحرونوت".​​​​​​​

ومكتب مراقب الدولة هو المؤسسة المركزية في إسرائيل لمراقبة مختلف أعمال أجهزة الدولة وهيئاتها لضمان الرقابة على المال العام والمساءلة.

ويتم انتخاب مراقب الدولة في الكنيست (البرلمان) عبر تصويت سري لولاية مدتها 7 سنوات، حيث يشغل إنغلمان مهام منصبه منذ عام 2019.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی مراقب الدولة

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع، من الذي أنشأ الوحش حقًا؟ لا هذا ولا ذاك، بل هو اختراق استخباراتي مكتمل الأركان

في خضم التصريحات المتأخرة التي أدلى بها أحد قيادات المؤتمر الوطني لقناة الجزيرة محاولًا تحميل قوى الحرية والتغيير وزر تمكين قوات الدعم السريع يقف المراقب أمام مشهد عبثي تختلط فيه الحقائق بالمزايدات ويتحول فيه التاريخ إلى ساحة لتبادل التهم في حين أن السؤال الحقيقي يظل غائبًا عن الأذهان. من الذي أنشأ هذا الكيان أصلًا. ومن الذي سمح له بالنمو خارج مؤسسات الدولة حتى صار دولة موازية داخل الوطن.

الحقيقة التي لا يرغب كثيرون في مواجهتها هي أن الدعم السريع لم يكن صناعة وطنية محضة لا من قبل النظام السابق ولا من قبل القوى المدنية بل كان أداةً تم إعدادها بعناية فائقة في غرف المخابرات الإقليمية والدولية ووُظفت في لحظة فارقة من تاريخ السودان لخدمة أجندات تتجاوز حدود البلاد وسياقاتها الداخلية. لقد كان ظهوره المفاجئ وتضخمه السريع وتمتعه بحصانات فوق دستورية كلها إشارات واضحة على أن اللعبة أكبر من مجرد مليشيا محلية خرجت من رحم الصراع في دارفور.

النظام السابق يتحمل المسؤولية الأولى. لا لأنه أنشأ الدعم السريع بقراره السيادي. بل لأنه سمح بتكوين كيان مسلح خارج منظومة الجيش السوداني. منح قادته صلاحيات بلا سقف. وتعامل معهم كأداة لضرب الخصوم السياسيين وضبط الأمن الداخلي. ثم ما لبث أن تحول هذا الكيان إلى كابوس يفوق القدرة على السيطرة. وهو ما ظهر جليًا في المشاهد الأخيرة التي عصفت بالعاصمة ومدن السودان كافة.

وقد كان موقف الجيش السوداني واضحًا منذ البداية في رفضه لوجود قوات موازية خارجه. وقد صرّح حميدتي نفسه في مقابلته الشهيرة مع الصحفي الطاهر حسن التوم بأن قيادة الجيش كانت ضد التوسع في قوات الدعم السريع. وأنها حاولت تقييد نشاطه. إلا أن الرئيس السابق عمر البشير هو من تجاوز قرارات الجيش ومنح الدعم السريع شرعية غير مشروعة وفتح له أبواب التوسع والتغلغل في أجهزة الدولة والسيطرة على مواردها الحيوية و كان ذلك كما ذكرنا من قبل بسبب الصراعات السياسية داخل منظومة الحكم.. هذا الإقرار العلني من قائد المليشيا نفسه يكشف أن المشروع لم يكن مطلبًا من القوات المسلحة بل فُرض عليها من جهة عليا كانت رهينة لضغوط أكثر من حرصها على بنية الدولة الوطنية.

ولعل ما يثير الأسئلة العميقة هو أن حميدتي لم يأتِ بطلب من الجيش كما يزعم البعض. بل هو من عرض خدماته على المؤسسة العسكرية في توقيت دقيق خلال صراعات دارفور. مما يفتح الباب لتساؤل مشروع. من الذي أرسله أصلًا. ومن الذي هيأ له الأرضية ليتحول من قائد مليشيا محلية إلى شخصية ذات نفوذ يتجاوز حدود السودان. والإجابة التي تتضح مع تعاقب الأحداث هي أن نفس القوى الاستخباراتية الإقليمية والدولية التي أرسلته بادئ الأمر هي التي ظلت تدعمه سياسيًا وماليًا ولوجستيًا طوال السنوات الماضية. مما يؤكد أن الحكومة السودانية السابقة وقعت في فخٍ محكم صنعته جهات خارجية واستثمرت فيه باحتراف حتى استطاعت أن تغرس سكينًا في قلب الدولة.

أما الحديث عن مسؤولية الفريق أول عبد الفتاح البرهان في تمكين الدعم السريع فهو مجافٍ للواقع. فحين تولى البرهان القيادة كانت قوات الدعم السريع قد تحولت بالفعل إلى كيان مهيمن واسع الانتشار يملك المال والسلاح والعلاقات الدولية. وكانت أي محاولة مباشرة لتفكيكه ستعني الدخول في مواجهة شاملة مكلفة في وقت كان فيه السودان غارقًا في هشاشة سياسية واقتصادية غير مسبوقة. وقد حاول البرهان خلال تلك الفترة احتواء الموقف وتطويق النفوذ المتزايد لهذه القوات عبر دمجها تدريجيًا في القوات المسلحة. لكنه واجه مراوغة ممنهجة من قيادة الدعم السريع التي كانت تخطط لمشروعها الخاص بعيدًا عن سلطة الدولة وعقيدتها العسكرية.

أما قوى الحرية والتغيير فمسؤوليتها أخلاقية وليست تأسيسية. فهي لم تُنْشِئ الدعم السريع ولم تدفع به إلى الواجهة. لكنها تعاملت معه في مرحلة ما كقوة أمر واقع. وارتكبت خطأً استراتيجيًا في التحالف معه بطرق مختلفة..

من يتحدث اليوم عن تمكين الدعم السريع من قوى التغيير يتناسى أن هذا التمكين بدأ قبل التغيير بسنوات. وأن أولى مظاهره كانت في التعديلات الدستورية التي أُدخلت خصيصًا لشرعنة وجوده وتوسيع نفوذه داخل أجهزة الدولة. ثم في الصمت المريب عن نشاطه الاقتصادي والعسكري وتمويله المفتوح عبر شبكات إقليمية ودولية كانت ولا تزال ترى فيه حارسًا لمصالحها في السودان ومنطقة الساحل.

من هنا فإن تسطيح النقاش في هذه المرحلة الحاسمة وتحويله إلى معركة بين أنصار النظام السابق وخصومه أو بين مكونات قوى التغيير هو هروب من مواجهة الحقيقة العارية. وهي أن ما جرى كان اختراقًا استخباراتيًا مكتمل الأركان. وأننا جميعًا سلطة ومعارضة وقعنا في فخ لعبة أكبر من الجميع.

إن تحرير سردية الدعم السريع من قبضة التبرير والتسييس هو الخطوة الأولى نحو فهم جوهر الأزمة الراهنة ومآلاتها. فالمعركة اليوم ليست مع مجموعة متمردة فقط. بل مع مشروع طويل الأمد استثمر في الانقسام وتغذى على فشل النخب وتواطؤ بعضهم وصمت البعض الآخر.

إن كشف القوى الخفية التي صنعت هذا الوحش ورعته هو التحدي الحقيقي أمام كل من يدّعي الوطنية اليوم. فالمعركة لم تعد مع مليشيا طاغية فقط، بل مع مشروع استخباراتي دولي زرع في قلب السودان سرطانًا متشعبًا لا يمكن استئصاله بالإنكار أو التلاوم. استمرار الانشغال بلعبة الاتهامات وتوزيع المسؤوليات هو هروب من الحقيقة وتعطيل للمعركة المصيرية. المهم الآن هو التعرية الكاملة لهذا المشروع وفضح ارتباطاته الخارجية وقطع الحبل السري الذي يغذيه، هذا فقط ما يمكن أن يُصنّف عملًا وطنيًا نقيًا. أما ما دون ذلك، فإما تواطؤ معلن أو غفلة قاتلة.

habusin@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يُصادق على فصل الجنود المحتجين: لا يمكن رفض القتال والعودة إلى الخدمة
  • عاجل| رئيس الأركان الإسرائيلي يصدق على فصل جنود احتياط وقعوا عريضة احتجاج بشأن غزة
  • الجيش الإسرائيلي يتهم حزب الله بترميم موقع عسكري تحت الأرض
  • تحت رعاية رئيس الدولة.. الإمارات تستضيف المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة أكتوبر المقبل
  • مستشار خامنئي يتهم إسرائيل بعرقلة اتفاق نووي كان قاب قوسين أو أدنى
  •  الجيش السوداني يتهم الإمارات بأداء "دور محوري" في الحرب
  • الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج تحقيقاته بأحداث 7 أكتوبر في سديروت
  • الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج تحقيقاته في أحداث 7 أكتوبر في سديروت
  • أردوغان يتهم المعارضة التركية بالوقوف أمام تحقيقات فساد إمام أوغلو
  • قوات الدعم السريع، من الذي أنشأ الوحش حقًا؟ لا هذا ولا ذاك، بل هو اختراق استخباراتي مكتمل الأركان