– مختصون: العمل التطوعي مؤشر قوي على مدى
النضج الفكري الذي يمتلكه أفراد المجتمع

مسقط ـ العُمانية: يشهد العالم اليوم تحدِّيات واقعية وإشكاليات جمَّة خلَّفت العديد من الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية والحروب والأوبئة التي لا تزال تحصد الملايين كلَّ عام. ولقد سخَّرت سلطنة عُمان كلَّ جهودها على المستويين الدولي والمحلي، من خلال جهات رسمية وأخرى مجتمعية تقوم بأدوارها وفق خطط مدروسة للعمل عليها.


ومن بين تلك المؤسسات التي تمثل سلطنة عُمان في مهامها الإنسانية في الخارج، الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية التي أنشئت عام 1996 لتتوج جهود العمل الأهلي المتمثل في الجمعيات الخيرية والمهنية وجمعيات المرأة العُمانية، والفرق الخيرية وأنشطة العمل الإنساني، واستطاعت الهيئة خلال الفترة الماضية أن تتوسع في أنشطتها وخدماتها عامًا بعد عام، وأن تبني لها مكانة مرموقة وعلاقات واسعة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا؛ فتمكنت من تحقيق أهدافها المنشودة التي أنشئت من أجلها سواء داخل سلطنة عُمان أو خارجها.
في هذا السياق يقدم الدكتور يحيى بن محمد الهنائي خبير في شؤون الأُسرة والمجتمع، وعضو مجلس إدارة جمعية الأطفال، رؤيةً بشأن العمل الإنساني كثقافة إنسانية عالمية خالصة لا تقتصر على الماديات وحدها، بل تدخل سياقات نوعية من بينها الحاجة إلى العمل الإنساني، والكيفية التي من الممكن أن تجعل من هذا العمل ثقافة ظاهرة يؤمن بها الفرد والمجتمع معًا فيقول: العمل الإنساني هو جهد هادف، منطلق من وعي وإدراك الفرد والمجتمعات لمساعدة الآخرين سواء كانوا أفرادًا أو دولًا، ويقدِّم لمختلف الفئات الاجتماعية المحرومة، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السِّن، باعتبارهم الفئات الأكثر ضعفًا واحتياجًا. وبهذا فإن العمل الإنساني ثقافة وحاجة معًا يحتاجها الفرد، وتمنحه شعورًا رائعًا فيه الفخر والاعتزاز والانتماء، والرغبة المستمرة في مساعدة الآخرين.
وعن سعي الدول والمؤسسات إلى تبنِّي أفكار العمل الإنساني في شتَّى بقاع الأرض يوضح الهنائي: تُحمِّل الأزمات الإنسانية الاقتصاد العالمي والاقتصادات الوطنية تكاليف تقدَّر بمئات من الملايين، وتضع حدًّا للمكاسب المحرزة نتيجة للتنمية، بل وربما تعكس مسارها، ففي كل عام تنمو الاحتياجات وترتفع التكاليف للمساعدات الإنسانية، ومع ذلك امتدت يد العمل الإنساني إلى أعداد غفيرة في أنحاء كثيرة في شتَّى بقاع العالم، وباتت الجهات الفاعلة – بدءًا من الحكومات التي تناط بها المسؤولية الرئيسية عن مد شعوبها بالمساعدة مرورًا بالمنظمات والشبكات الدولية والوطنية وانتهاءً بدوائر الأعمال والمؤسسات الخاصة – تشارك بأعداد متزايدة على نحو غير مسبوق في مد المحتاجين بالمساعدة والحماية إنقاذًا للأرواح.
مضيفًا أن العمل التطوُّعي الإنساني أبرز الشواهد على رُقي المجتمعات وتقدُّمها، وتُعدُّ المشاركة الفاعلة في العمل التطوُّعي في أي مجتمع من المجتمعات مؤشرًا قويًّا يستدل به على مدى النضج والوعي الفكري الذي يمتلكه أفراد ذلك المجتمع، فالحكومات سواء كانت في الدول المتقدمة أو الفقيرة لم تَعُد قادرة على تلبية احتياجات شعوبها على الوجه المطلوب، وهذا بدوره يفرض أشكالًا جديدةً من الآليات التي تسهم في دعم الحكومات لاستكمال دَوْرها في تلبية تلك الاحتياجات، خصوصًا أثناء وقوع الأزمات، ومن هذه الأحداث ظهرت فكرة العمل الإنساني الطوعي الذي لم يَعُد مقتصرًا على مجال مساعدة الفقراء والمحتاجين، بل إنه يؤدي دورًا أساسيًّا في تنمية المجتمعات والارتقاء بها.
ويقف الهنائي عند ملامح من النموذج العُماني في العمل الإنساني، وهنا يشير إلى ما أشار إليه النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (6/‏2021) في المبادئ الاجتماعية (المادة 15) إلى أن التعاضد والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، وتعمل سلطنة عُمان على تقوية تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة.
ويؤكد على أن مشاهد العمل الإنساني في سلطنة عُمان متنوعة ومتعددة، وهو إرث ثقافي متأصل في الشخصية العُمانية، فقديمًا كانت مبادرات الأفراد والمجتمع تتمثل في مساعدة الفقراء والمنكوبين بفيضانات الأمطار وفي الحرائق أو في حالات الغرق لتجد الإنسان العُماني مبادرًا في نجدة المتضررين، وحيث إن التعليم كان ضعيفًا لعدم توفر مؤسسات معنية به فقد أسهمت المرأة العُمانية في لفتة إنسانية تمثلت في تعليم الأطفال القرآن الكريم واللغة العربية والفقه وغيره من العلوم.
في الشأن ذاته يتحدث علي بن جميل النعماني عضو الجمعية العُمانية للتوحُّد عن رؤيته وتجربته في العمل الإنساني كونه ثقافة خاصة، ويشير: الإنسان مجبول على عمل الخير أينما كان، وهذه فطرة مترسخة في داخل كل شخص، فالعمل الخيِّر ديدن مجموعة كبيرة من البشر على هذه البسيطة، والإنسان اجتماعي الطبع والطباع، -وكأبسط مثال- يقوم بها كل شخص بشكل تلقائي بغية إعانة الآخر ولو بجملة واحدة، ومن هنا يتضح أن العمل الإنساني الرامي إلى مساعدة الآخرين إنما هو عمل سامٍ وراقٍ، القصد منه الوقوف مع المحتاج للمساعدة والعون أيًّا كان نوع وشكل هذا الدعم.
ويوضح النعماني لماذا على الإنسان الانخراط في العمل الإنساني، مع تسخير الخبرات لمن هم بحاجة إلى الدعم والدمج في المجتمع: «المجتمعات دون استثناء بحاجة ماسَّة إلى العمل الإنساني الذي يعطي للمحتاج حاجته المادية والمعنوية بكل الطرق والوسائل، حيث تقوم مؤسسات المجتمع المدني – التي تشمل الجمعيات والفرق الخيرية والتطوعية أو حتى على مستوى الأفراد – بأعمالها المنوطة بها، من أجل تشجيع تلك المؤسسات والأفراد على إذكاء هذه الثقافة السامية في المجتمع، وإعطاؤُهم المساحة التي يستطيعون بها تفعيلَ العمل الخيري الإنساني أمرٌ يُسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، وهذه الأعمال إن تمت تزكيتها وتعزيزها بالطريقة الفعالة تزيد المجتمع تماسكا وقوة، وتعزز روح الانتماء للوطن والمجتمع عامة، ولا ريب أن طرق الخير كثيرة ومتنوعة، فعلاوة على عمل الفرق الخيرية التي نلمس أثرها بشكل يومي في مساعدة المحتاجين بأبسط السُّبل وأسهلها، نجد أن ثمَّة أفرادًا يخصصون جزءًا من وقتهم لإفادة الآخرين في مجال تخصصاتهم واهتماماتهم، فهؤلاء مثال مميز للعمل الإنساني والعطاء المفيد لكلِّ الأشخاص، سواء في بلدهم أو خارجها.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العمل الإنسانی الع مانیة فی العمل

إقرأ أيضاً:

862 ألف موظف عماني في سلطنة عمان بنهاية مايو 2025

سجل إجمالي عدد العاملين العمانيين في كافة القطاعات نهاية مايو الماضي 862,4 ألف عامل منهم407 ألف عامل يعملون بالقطاع الخاص، و387 ألف موظف يعملون بالقطاع الحكومي، وسجل العاملون في القطاع العائلي والأهلي أكثر من 65 ألف عامل وفق آخر نشرة إحصائية صادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.

وأوضحت البيانات أن محافظة مسقط حازت الشريحة الأكبر من العمانيين العاملين في كافة القطاعات مسجلة 192.6 ألف عامل، تلتها محافظة شمال الباطنة مسجلة 163 ألف عامل، ثم محافظة الداخلية مسجلة 108.5 ألف عامل، أما محافظة جنوب الباطنة، فقد بلغ عدد العاملين العمانيين فيها 105.9 ألف عامل، ومحافظة ظفار 77 ألف عامل، ومحافظة جنوب الشرقية سجلت 66.3 ألف عامل، تلتها محافظة شمال الشرقية لتسجل 58.9 ألف عامل، ومحافظة الظاهرة 50 ألف عامل، في حين سجلت محافظة البريمي 19 ألف عامل، ومحافظة مسندم 10.7ألف عامل، فيما بلغ عدد العاملين في محافظة الوسطى 9.4 ألف عامل.

وحسب المجموعات المهنية تركز أغلب المواطنين في المهن الكتابية مسجلين 207.8 ألف عامل تلاهم الاختصاصيون في الموضوعات العلمية والفنية والإنسانية مسجلين 138.9 ألف عامل، ثم مديرو الإدارة العامة والأعمال والذين بلغ عددهم 134 ألف عامل، والفنيون في الموضوعات العلمية والفنية والإنسانية 89.8 ألف عامل، والمهن الهندسية الأساسية والمساعدة 86 ألف، ومهن الخدمات 85.8 ألف عامل، وسجل عدد العاملين في مهن الزراعة وتربية الحيوانات والطيور والصيد 54 ألف عامل، في حين بلغ عدد العاملين في مهن العمليات الصناعية والكيميائية والصناعات الغذائية 31 ألف.

القوى العاملة الوافدة

وأشارت البيانات إلى أن إجمالي عدد القوى العاملة الوافدة في سلطنة عمان بنهاية مايو الماضي بلغ 1.8 مليون عامل حيث بلغ إجمالي عددهم في القطاع الخاص 1.4 مليون، وفي القطاع الحكومي 41 ألف، وفي القطاع العائلي 349 ألف عامل، وفي القطاع الأهلي 6,9 آلاف عاملا وافدا.

وحسب النشاط الاقتصادي حتى نهاية مايو 2025، أوضحت الإحصائيات تراجع عدد القوى العاملة الوافدة الذين يعملون في مهنة التشييد إلى 433,8 ألف عامل، مقارنة مع 436,3 ألف عامل وافد حتى نهاية أبريل من العام الجاري. كما تراجع عددهم في التعدين واستغلال المحاجر إلى 11,993 ألف عامل بنهاية مايو المنصرم مقارنة مع 11,996 ألف عامل بنهاية أبريل الماضي.

وانخفض عددهم أيضا في مجال الزراعة والحراجة وصيد الأسماك بنهاية مايو الماضي إلى 76,3 ألف عامل مقارنة مع 76,7 ألف عامل وافد بنهاية أبريل من العام الحاري. في حين ارتفع عدد القوى العاملة الوافدة في مجال أنشطة الإقامة والخدمات ارتفاعا طفيفا بنهاية مايو وبلغ 132.9 ألف عامل مقارنة مع 132.6 ألف عامل بنهاية أبريل من العام الجاري.

وحسب المجموعات المهنية بلغ عدد العاملين الوافدين في المهن الهندسية الأساسية والمساعدة 694,8 ألف عامل، وبلغ عددهم في مهن الخدمات 595.5 ألف عامل، و115,5 ألف عامل في مهن البيع، و100 ألف عامل وافد في مهن العمليات الصناعية والكيميائية والصناعات الغذائية، و 96,7 ألف عامل كمديري الإدارة العامة والأعمال، فيما عدد الوافدين في مهن الزراعة وتربية الحيوانات الطيور والصيد 88,7 ألف عامل، ويعمل 44 ألف عامل كاختصاصيين في الموضوعات العلمية والفنية والإنسانية، ويعمل 29.7 ألف عامل كفنيين في الموضوعات العلمية والفنية والإنسانية، ويعمل 871 عاملا وافدا في المهن الكتابية، حتى نهاية مايو الماضي.

وأشارت إحصائيات المركز تراجع عدد القوى العاملة الوافدة من الجنسية البنغلاديشية إلى 622 ألف عامل بنغلاديشي بنهاية مايو 2025م مقارنة مع 623 ألف عامل بنغلاديشي بنهاية أبريل 2025م. وتراجع أيضا عدد العاملين الوافدين من الجنسية الهندية تراجعا طفيفا إلى 507,956 ألف عامل هندي بنهاية مايو الماضي مقارنة مع 507,695 ألف عامل هندي بنهاية أبريل من العام الحالي.

وبلغ عدد القوى العاملة الوافدة من الجنسية الباكستانية إلى 314,997 ألف عامل باكستاني، وارتفع عدد القوى العاملة من الجنسية المصرية إلى 47,568 ألف عامل مصري بنهاية مايو الماضي مقارنة مع 47,219 ألف عامل مصري بنهاية أبريل الماضي.

وأشارت الإحصائيات إلى أن عدد القوى العاملة الوافدة من الجنسية الفلبينية بلغ 44 ألف عامل فلبيني، و36 ألف عامل من الجنسية الميانمارية، و26 ألف عامل من الجنسية التنزانية، و22 ألف سيرلانكي، و 21 ألف من الجنسية السودانية وذلك حتى نهاية مايو 2025.

مقالات مشابهة

  • مشاركة عُمانية فاعلة في "المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون" بتونس
  • العمل التطوعي.. ضمير المجتمع ونهضته الصامتة
  • قيادة شرطة شمال الباطنة تحتفل باليوم العالمي لمكافحة المخدرات
  • بالهدايا والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بذكرى 30 يونيو
  • التعريف بمنصة جود للتبرعات الخيرية بمحافظة ظفار
  • "الغرفة" تشارك في "المؤتمر البحري العربي اليوناني"
  • 862 ألف موظف عماني في سلطنة عمان بنهاية مايو 2025
  • محافظ أسوان يعطى إشارة البدء لفعاليات الاحتفال باليوم العالمى للتبرع بالدم
  • المتحدث باسم وزارة الإعلام: فوز إذاعة وتلفزيون سلطنة عمان بعدد من جوائز المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون يعكس جودة الإنتاج وعمق الأثر
  • انطلاق فعالية الاحتفال باليوم العالمي للتبرع بالدم في الإسماعيلية