يمانيون:
2025-01-08@02:41:57 GMT

التاريخ البحري يعيد نفسه..

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

التاريخ البحري يعيد نفسه..

كامل المعمري

تعتبر القوات البحرية أحد أبرز رموز الهيبة العسكرية لأي دولة، إذ تمثل قوتها البحرية مقياسا لسلطتها العالمية وقدرتها على حماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية عبر المحيطات والبحار.
منذ العصور القديمة، كانت السيطرة على البحار والمحيطات تعد رمزا للقوة والنفوذ، وأي تراجع في قدرة البحرية على فرض سيطرتها يعكس تآكلا في هيبة الدولة نفسها.


في هذا السياق، نجد أن القوة البحرية لا تقتصر على الأسطول والسفن الحربية فقط، بل تشمل أيضا قدرة الدولة على الردع العسكري وحماية خطوط التجارة والمصالح الدولية.
مع مرور الوقت، شهدت العديد من القوى البحرية الكبرى تراجعا في هيبتها نتيجة لمجموعة من العوامل، منها تقنية واقتصادية وعسكرية، هذا ما حدث مع البحرية البريطانية في القرن العشرين، ويبدو أن ما يمر به الأسطول الأمريكي اليوم يعكس نفس المسار نحو تآكل هيبته البحرية.
سقوط هيبة البحرية البريطانية
لطالما كانت البحرية الملكية البريطانية رمزا للقوة والهيمنة البحرية، وشكّلت العمود الفقري للإمبراطورية البريطانية التي وُصفت بأنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس منذ القرن السابع عشر، وحتى القرن العشرين برزت البحرية البريطانية كإحدى أعظم الأدوات الاستراتيجية التي مكّنت بريطانيا من فرض سيطرتها على البحار والمحيطات، وفتح طرق التجارة العالمية، وبسط نفوذها الاستعماري في قارات العالم.
احتفظت البحرية الملكية بمكانة لا تُضاهى لعقود، حيث كانت أكبر أسطول بحري وأقواه عالميا، مما جعل بريطانيا تتمتع بفترة طويلة من السلام والازدهار عُرفت بـ”السلام البريطاني”.
لكن هذا التفوق لم يكن أبديا مع بداية القرن العشرين، بدأت هيبة البحرية البريطانية تتعرض للتآكل نتيجة مجموعة من العوامل الحرب العالمية الأولى كانت أول اختبار جديّ لهذه القوة، إذ شهدت البحرية الملكية اشتباكات كبيرة مع البحرية الألمانية، أبرزها معركة جوتلاند عام 1916م، التي أظهرت أن الهيمنة البحرية البريطانية لم تعد مطلقة، ورغم انتصار بريطانيا في الحرب، إلا أن الخسائر البشرية والمادية كانت هائلة، مما أثّر على اقتصادها وقدرتها على الحفاظ على أسطول بحري ضخم.
خلال الحرب العالمية الثانية، تلقت البحرية الملكية ضربة موجعة عندما نجحت البارجة الألمانية “بسمارك” في إغراق الطراد البريطاني “هود”، وهو ما شكّل ضربة معنوية كبيرة لبريطانيا عصفت بهيبتها البحرية.
تشترك تجربة سقوط هيبة البحرية البريطانية مع ما يحدث اليوم للبحرية الأمريكية في عدة عوامل هامة، حيث تكشف كلتا الحالتين عن كيفية تأثير مجموعة من العوامل الاستراتيجية والتقنية والجيوسياسية والاقتصادية في تراجع القوة البحرية لقوتين عظيمتين.
بالنسبة للبحرية الأمريكية، فإنها اليوم تواجه تهديدات مشابهة، حيث استطاع الجيش اليمني ضرب هيبتها البحرية وتحدي قدرتها على فرض السيطرة في مناطق استراتيجية.
البحرية الأمريكية تواجه تحديات مماثلة ولكنها تتعلق بتطورات تقنية جديدة الجيش اليمني، الذي يمتلك قدرات صاروخية وطائرات مسيرة متطورة، استطاع استهداف حاملات الطائرات الأمريكية بنجاح ولعدة مرات، ومن أبرز هذه الهجمات استهداف حاملة الطائرات “آيزنهاور”، “روزفلت”، و”ترومان”.. الهجمات اليمنية كانت غالبا استباقية، وتهدف إلى إضعاف قدرة البحرية الأمريكية شن هجمات جوية ضد اليمن، بل ووصل الأمر إلى تحدي التقنيات الأمريكية التي استطاع الجيش اليمني أن يجعلها غير فعالة من خلال استغلال الثغرات ونقاط الضعف في البحرية الأمريكية التي لم تعد تميز بين الأهداف المعادية والصديقة وهو ما حدث في العملية الهجومية اليمنية قبل الأخيرة عندما قامت إحدى المدمرات الأمريكية بإسقاط إحدى طائرات الأسطول من نوع f18.
هذا بالإضافة إلى الهجمات المباشرة التي تعرضت لها الفرقاطات والمدمرات الأمريكية، والتي أدت إلى انسحابها من مسرح العمليات البحرية في البحرين الأحمر والعربي، واليوم أصبحت تلك المنطقة الاستراتيجية الممتدة من الأحمر إلى العربي محرمة على البحرية الأمريكية وبقرار يمني، آخر هذه الهجمات كانت خلال الساعات الماضية، حيث تمكنت القوات اليمنية من استهداف حاملة الطائرات “ترومان” بينما كانت تستعد لعملية هجومية كبرى ضد اليمن، الحاملة كانت تتواجد في المياه السعودية بين ينبع وجدة، وهو ما يظهر عجز البحرية الأمريكية عن الحفاظ على هيبتها في وجه هذه التهديدات غير التقليدية حتى في مناطق خارج المياه اليمنية.
هذه الضربات أثبتت أن قوة البحرية الأمريكية التقليدية لم تعد قادرة على ضمان السيطرة البحرية في مناطق استراتيجية، بل وأظهرت أيضا عجزها عن حماية سفنها التجارية، حيث فرضت القوات اليمنية حظرا على مرور سفنها التجارية، ما يعزز هذه المقارنة هو فشل الولايات المتحدة في مواجهة قدرات الجيش اليمني في مختلف المجالات، سواء كان ذلك في مجالات الصواريخ أو الطائرات المسيَّرة.
علاوة على ذلك، فشلت البحرية الأمريكية في تحييد القدرات العسكرية للجيش اليمني أو تشكيل تحالفات فعالة، وهو ما يعكس انهيار هيبتها لدى الدول الغربية، على الرغم من علاقتها العسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة، رفضت الانضمام إلى تحالفات ضد اليمن، مما يعكس عدم ثقتها في قدرة البحرية الأمريكية على النجاح في أي حملة بحرية ضد هذا التحدي الجديد.
وكما سقطت هيبة البحرية البريطانية نتيجة للتغيرات في القوى البحرية العالمية بعد الحربين العالميتين، فإن البحرية الأمريكية تشهد اليوم نفس التآكل في هيبتها بسبب تصاعد تهديدات جديدة وغير مسبوقة.
في كلتا الحالتين، لم تكن التهديدات التقليدية من أساطيل بحرية أخرى هي العامل الرئيس في هذا التراجع، بل كانت الهجمات المفاجئة والصواريخ الدقيقة والطائرات المسيَّرة هي ما أبرز ضعف الأساطيل البحرية الكبرى في مواجهة تحديات جديدة.
وفي حالة بريطانيا، تراجع هيبتها كان ناتجا عن التغيرات التقنية والعسكرية والاقتصادية والاستراتيجية بعد الحربين العالميتين، أما اليوم، فإن سقوط هيبة البحرية الأمريكية يعود إلى صعود الجيش اليمني الذي يبرز كقوة إقليمية.
إذن، يمكن القول إن سقوط هيبة البحرية البريطانية في الماضي وسقوط هيبة البحرية الأمريكية اليوم يشتركان في عوامل مشابهة، تتعلق بتغير موازين القوة البحرية في العالم ورغم الفوارق الزمنية والتقنية بين الحالتين، فإن التحديات التي تواجه البحرية الأمريكية اليوم تشير إلى أن التاريخ البحري لا يتكرر بالضبط، لكن التشابه بين العوامل التي أدت إلى سقوط هيبة البحرية البريطانية وتلك التي تهدد هيبة البحرية الأمريكية اليوم واضح إلى حد بعيد.
ففيما كانت البحرية البريطانية في يوم من الأيام القوة البحرية المهيمنة على المحيطات، أصبحنا نشهد اليوم تراجعا في هيبة البحرية الأمريكية أمام تحديات غير تقليدية، تمثلها الهجمات الدقيقة والمتطورة التي شنها الجيش اليمني.
باختصار، لم تعد البحرية الأمريكية قادرة على فرض هيبتها أو حماية مصالحها البحرية ومصالح حلفائها في مواجهة التحديات المتزايدة، وما كان يُعتبر في السابق أسطولا لا يقهر، أصبح اليوم عرضة للتهديدات التي تعجز عن صدها، مما يعكس تراجعا كبيرا في مكانتها العسكرية العالمية.
وما حدث للبحرية البريطانية في الماضي يبدو اليوم وكأنه تكرار لتاريخ مشابه، حيث فقدت القوة البحرية العظمى مكانتها لصالح قوى جديدة قادرة على تحدي هيمنتها، وها هي البحرية الأمريكية كما ترون بلا حول ولا قوة.

صحفي متخصص في الشأن العسكري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: البحریة الملکیة القوة البحریة البریطانیة فی الجیش الیمنی لم تعد وهو ما

إقرأ أيضاً:

القمر يصل منطقة «الحضيض» اليوم.. وتحذيرات من الصيد والتنقل البحري لهذا السبب

تشهد الأرض اليوم الأربعاء المقبل 8 يناير 2025 ظاهرة فلكية مميزة تتعلق بتزايد ظاهرة المد والجزر في ذلك اليوم، بسبب وجود القمر في منطقة الحضيض في مداره حول الأرض، وهي المنطقة الأقرب للأرض في هذا المدار.

أكد الدكتور أشرف تادرس رئيس قسم الفلك السابق بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، أن القمر سيكون في أقرب نقطة نسبيا إلى الأرض، وهي النقطة التي تعرف بالحضيض، ما قد يؤدي إلى زيادة ملحوظة في ظاهرة المد والجزر.

وأضاف الدكتور تادرس، أن اليوم الأربعاء 8 يناير سيكون القمر على بعد حوالي 370,000 كيلومتر من الأرض، وهو ما يعتبر نقطة الحضيض لهذا الشهر، مشيرًا إلي أن المسافة بين الأرض والقمر تتفاوت بشكل طفيف خلال السنة.

وأوضح أستاذ الفلك، أن منطقة الحضيض هو أقرب نقطة في مدار القمر حول الأرض، ويحدث هذا بشكل دوري كل شهر، ولكن يختلف موقع الحضيض في كل مرة، حيث أن المسافة بين الأرض والقمر تتغير قليلاً من شهر لآخر، وعلى الرغم من أن القمر سيكون في أقرب نقطة له من الأرض في هذا اليوم، إلا أنه لا يصل إلى المرحلة التي تؤهله ليكون "سوبر مون"، التي تثير دائمًا اهتمام الجمهور نظرًا لشكل القمر الكبير والمضيء.

تعتبر ظاهرة الحضيض من الظواهر التي تؤثر على العديد من الظواهر الطبيعية على كوكب الأرض، بما في ذلك ظاهرة المد والجزر. فعند وصول القمر إلى نقطة الحضيض، تزداد قوة الجذب التي يمارسها القمر على مياه المحيطات، مما يؤدي إلى زيادة في قوة المد والجزر، وهذه الظاهرة تؤثر بشكل خاص على السواحل، حيث قد تتسبب في ارتفاع مستويات المياه بشكل أكبر من المعتاد.

تأثير هذه الظاهرة يختلف من مكان لآخر، ويعتمد على العديد من العوامل، مثل الموقع الجغرافي، وحالة الطقس، والظروف المحلية. لكن من المؤكد أن القمر في الحضيض يساهم في تعزيز تأثير المد والجزر، مما قد يكون له آثار ملحوظة على أنشطة الصيد أو التنقل البحري.

تعد ظاهرة المد والجزر واحدة من التأثيرات الطبيعية المهمة التي يلاحظها الإنسان منذ القدم، هذه الظاهرة تتأثر بشكل كبير بجاذبية القمر، التي تؤدي إلى ارتفاع وانخفاض مستويات المياه في البحار والمحيطات، عندما يكون القمر في منطقة الحضيض، فإن جاذبيته تكون أقوى، مما يؤدي إلى زيادة تأثير هذه الظاهرة.

مقالات مشابهة

  • القمر يصل منطقة «الحضيض» اليوم.. وتحذيرات من الصيد والتنقل البحري لهذا السبب
  • رقص بالسيجار.. كونسيساو يعيد هيبة ميلان
  • شاهد بالفيديو| طريقة التدريب التي تلقاها جواسيس الخلية البريطانية السعودية والأماكن التي تم تدريبهم فيها وأنواع المهام التي كلفوا بها
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: تأجيل زيارة رئيس الموساد التي كانت مقررة اليوم إلى الدوحة لمواصلة محادثات صفقة التبادل
  • “مشاهد رُفعت عنها السرية”.. شاهد لحظة القبض على جواسيس المخابرات البريطانية والسعودية وكيف تم تنفيذ العملية والأماكن التي كانوا يتواجدون فيها (فيديو)
  • بالفيديو والصور.. شاهد اعترافات جواسيس جهازي الاستخبارات البريطانية والسعودية والمعدات التي كانوا يستخدمونها لتنفيذ المهام الموكلة لهم (معلومات خطيرة)
  • إيران تدين استمرار الأعمال العدوانية الأمريكية البريطانية على اليمن
  • إيران: الغارات الأمريكية البريطانية على اليمن انتهاكا للسيادة ومخالفة للقانون الدولي
  • إيران تدين الغارات الأمریکیة - البریطانیة على اليمن.. وتحذر من استمرار الأعمال العدوانية في المنطقة