بناء الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
خلفان الطوقي
مثل هذا الموضوع يمكن أن يُسمى "القديم الجديد"، وهو ضرورة بناء الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص الذي يظهر بين فترة وأخرى، ولا بُد له من متابعة مستمرة ومُعالجة جذرية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إهماله، وأي إهمال قد يأتي بتبعات غير محمودة على الدولة والقطاع الخاص والمجتمع.
عادة ما يظهر ضعف الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص في أوقات الأزمات الاقتصادية أو عند ظهور تحولات كبيرة واستحداث في التشريعات والقوانين والإجراءات، وإذا عدنا إلى الواقع العماني فسوف نجد ذلك حاصلاً وواقعًا، فجائحة كورونا وآثارها لم تنتهِ بعد، فما زال كثير من أنشطة القطاع الخاص يحاول لملمة جراحه، أضف إلى ذلك عشرات القوانين والإجراءات الذي تم الإعلان عنها وتم تطبيق بعضها منذ نهاية 2020 إلى وقتنا هذا، يتضح من ذلك أن العوامل المساعدة لضعف الثقة متوفرة، عليه لابد من مبادرة الحكومة لترميم العلاقة فيما بينها وبين القطاع الخاص، والاستفادة من كافة الأدوات المتوفرة لديها تفادياً لأي ضعف أو اتساع في رقعة الفجوة فيما بينهما.
القطاع الخاص مكون جوهري في منظومة الدولة، ومن المهم للحكومة أن تفتح قنوات حوار مستمرة ومنوعة، وتعمل على أكثر من مسار مباشر وغير مباشر كاللقاء الفردي أو إقامة لقاءات دورية مُمنهحة لعدد من رجال وصاحبات الأعمال، أو إقامة جلسات مشتركة بين ممثلي الحكومة واللجان التخصصية في غرفة تجارة وصناعة عمان والجمعيات المهنية التخصصية، ولأن الحكومة لديها إمكانيات أفضل، فيمكنها المبادرة والبدء في الخطوات الأولى العملية.
الحوار المُمنهج فيما بين الطرفين يخلق الشراكة المنشودة التي يتمناها الجميع، ويساهم في الاستماع إلى التحديات الحقيقية التي يمر بها القطاع الخاص، ويوضح الحقائق التي تحاول الحكومة إيصالها إلى القطاع الخاص والمجتمع، وتقلل من السلبية المجتمعية التي قد تحدث بسبب أو لآخر، وتزيد من التوافق في الرؤى وجهات النظر بين الحكومة والقطاع الخاص، كما تكثف قابلية الفئة المستهدفة من التجار وأصحاب الأعمال من تقبل التشريعات والإجراءات الجديدة المراد تطبيقها في الحاضر والمستقبل، وتضمن للدولة الطمأنينة والتقدم والتنمية المستدامة.
الحوار المُمنهج الفعّال يأتي بنتائج عديدة بعضها ملموس ولحظي، وبعضها يأتي بنتائج مثمرة على المدى المتوسط والطويل؛ فالحوار الدوري كله خير وينمي الثقة للمستثمرين المحليين وحتى المستثمرين الخارجيين، عليه فلابد من الاهتمام في هذا الموضوع الحيوي، ووضعه في خانة الأولويات، ووضع القطاع الخاص موضعاً يليق به في منظومة الدولة، وذلك لما له الأثر الإيجابي إن كسبت الحكومة ثقته، والأثر السلبي إن فقدت أو تزعزعت الثقة فيما بينهما؛ فالشراكة الحقيقة المنشودة لا تكمن في الشعارات، وإنما في مُمارسات يومية ملموسة تخدم جميع الأطراف دون استثناء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصبيحي يدعو النواب لرفض تعديل المادة (31) من قانون العمل
#سواليف
دعا خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، #موسى_الصبيحي، النواب لرفض #تعديل_المادة_31 من #قانون_العمل، مشيرا إلى أن هناك 10 #تداعيات_كارثية لإنهاء #خدمات_العاملين دون ضوابط قانونية.
وأوضح الصبيحي في منشور عبر فيسبوك، “لا يعني تخفيض مجلس النواب نسبة العاملين المسموح لأصحاب العمل بإنهاء خدماتهم دون الرجوع لوزارة العمل من (15%) إلى (5%) شيئاً، فالمبدأ واحد، وهو تسهيل التخلص من العمال والموظفين في منشآت القطاع الخاص. وبالتالي خلق مشكلات لها أول وليس لها آخِر في المجتمع”.
أمّا عن تداعيات ذلك قانونياً واجتماعياً واقتصادياً فكثيرة وكارثية منها:
أولا: الإخلال بالعلاقة التنظيمية المتوازنة التي جاء قانون العمل لينشئها بين العمال وأصحاب العمل، والقائمة على المصالح المتبادلة، فكلما كانت العلاقة بين الطرفين صحية ومنصفة ومتوازنة كان الناتج أفضل. وهذا الإخلال سيؤدي بالتأكيد إلى نتائج عكسية على مختلف الأطراف.
ثانياً: تعريض مستقبل ومعيشة أعداد كبيرة من العاملين في القطاع الخاص وأفراد أُسَرهم لخطر العوز والفقر في حال تم إنهاء خدماتهم وفقاً لمشروع القانون المعدل لقانون العمل المقدّم من الحكومة، وقد يصل عددهم إلى (120) ألف عامل سنوياً على اعتبار أن عدد المشتركين بالضمان من العاملين في منشآت القطاع الخاص يبلغ حوالي ( 800 ) ألف عامل.
ثالثاً: إضعاف فُرص تمكين العمال والموظفين الأردنيين العاملين في القطاع الخاص من الحصول على راتب التقاعد مستقبلاً، أو على الأقل تأخير حصولهم عدى التقاعد بسبب الانقطاعات المتكرّرة عن العمل الناتجة عن إنهاء خدماتهم.
رابعاً: ارتفاع نِسب البطالة بين الأردنيين إلى معدّلات غير مسبوقة، والتأثير سلباً على الجهود الرسمية للحد من البطالة.
خامساً: التقليل من إقبال الأردنيين على العمل في القطاع الخاص بسبب عدم الاستقرار الوظيفي في منشآته، والتخوف من إنهاء خدماتهم في أي وقت، مما يزيد من حجم تطلعات الأردنيين للعمل في مؤسسات القطاع العام، وزيادة الضغط على هذا القطاع.
سادساً: تخفيض الإيرادات التأمينية لمؤسسة الضمان الاجتماعي (الاشتراكات) نتيجة لخروج الآلاف من المؤمّن عليهم وإيقاف اشتراكهم بالضمان بسبب إنهاء خدماتهم من منشآت القطاع الخاص. مما يؤثّر سلباً على التوازن المالي لمؤسسة الضمان.
سابعاً: تهديد الأمن والسلم المجتمعي بصورة ملموسة بسبب زيادة رقعة الفقر والبطالة وزيادة الشعور بالظلم نتيجة فقدان الكثير من أرباب الأُسَر من العمال لوظائفهم ومصادر كسبهم.
ثامناً: ضرب رؤية التحديث الاقتصادي العشريّة في الصميم من جانبين:
١- تخفيض دخل الفرد بدلاً من زيادته بنسبة 3% سنوياً كما جاء في الرؤية.
٢- إضعاف قدرة الدولة على خلق مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر للرؤية (بمتوسط 100 ألف فرصة سنوياً).
تاسعاً: الضغط على صندوق التعطل عن العمل بمؤسسة الضمان، وربما يتضاعف عدد المؤمّن عليهم الذين يتقدمون بطلبات للحصول على بدل التعطل سنوياً، علماً بأن المتوسط السنوي لعدد المؤمّن عليهم الذين يحصلون على بدل تعطل عن العمل من الضمان يبلغ ( 33 ) ألف مؤمّن عليه.
عاشراً: تخفيض حجم الإنفاق العام على أساسيات المعيشة وثانوياتها بسبب خروج آلاف العمال من سوق العمل وفقدانهم لمصدر دخلهم، مما تتأثّر به مختلف القطاعات الاقتصادية.
في ضوء ما سبق، فإنني أدعو النواب إلى إعادة النظر بقرارهم بشأن تعديل المادة (31) من قانون العمل، ورفض التعديل رفضاً مطلقاً كما أوصت لجنة العمل، والإبقاء على نصّها كما هو في القانون النافذ حالياً دون أي تغيير.