دق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ناقوس الخطر خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في السودان، الذي لا يزال في "قبضة أزمة إنسانية ذات أبعاد مذهلة" فيما تدهور الأمن الغذائي إلى أسوأ مستوياته "في تاريخ البلاد".

استمع مجلس الأمن إلى إحاطتين صباح اليوم الاثنين من مديرة المناصرة والعمليات لدى الأوتشا إيديم ووسورنو، ونائبة المدير العام للفاو بيث بيكدول، وذلك عقب صدور أحدث تحليل من قبل الشراكة العالمية للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.



وأشار التحليل إلى أن ظروف المجاعة واقعة الآن في خمس مناطق سودانية، بما في ذلك مخيمات زمزم والسلام وأبو شوك للنازحين داخليا، وفي جبال النوبة الغربية، وتوقع أن تتأثر خمسة مواقع إضافية – جميعها في شمال دارفور - بين الآن وأيار/مايو، مع وجود خطر المجاعة في 17 منطقة أخرى.

وقالت السيدة وورسورنو في كلمتها إن نتائج التقرير "صادمة، ولكنها للأسف ليست مفاجئة"، مضيفة: "مع تكثيف القتال وتقييد الوصول إلى بؤر الجوع الرئيسية، كان انتشار مزيد من المجاعة والجوع - للأسف - السيناريو الأكثر ترجيحا".

أزمة من صنع الإنسان
وشددت المسؤولة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على أن تأثير هذه الأزمة - "التي هي من صنع الإنسان" - لا يتساوى بين السكان، "حيث يفرض الجوع الشديد مخاطر غير متناسبة على النساء والفتيات، وعلى الصغار وكبار السن".

وقالت: "السودان هو المكان الوحيد في العالم الذي تم تأكيد المجاعة فيه حاليا. ينتشر الجوع والمجاعة بسبب القرارات التي يتم اتخاذها كل يوم لمواصلة هذه الحرب، بغض النظر عن التكلفة على المدنيين".

ما المطلوب من المجلس؟
دعت السيدة وورسورنو مجلس الأمن إلى المساعدة في الضغط على الأطراف للامتثال للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك من خلال الوفاء بالتزاماتها بتلبية احتياجات المدنيين وحماية البنية التحتية والخدمات الحيوية. كما دعت أعضاء المجلس إلى استخدام نفوذهم لضمان فتح جميع الطرق أمام إمدادات الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني.

وأشارت مديرة المناصرة والعمليات لدى الأوتشا إلى أن خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في السودان لعام 2025 ستتطلب مبلغا قياسيا قدره 4.2 مليار دولار لدعم ما يقرب من 21 مليون شخص داخل السودان، مضيفة أن هناك حاجة إلى 1.8 مليار دولار إضافية لدعم خمسة ملايين شخص - معظمهم من اللاجئين - في سبع دول مجاورة. وقالت: "إن الحجم غير المسبوق للاحتياجات في السودان يتطلب تعبئة غير مسبوقة للدعم الدولي".

كما جددت دعوتها إلى وقف فوري للأعمال العدائية واتخاذ خطوات حقيقية وشاملة "نحو السلام الدائم الذي يحتاجه شعب السودان بشدة".

آلاف الوفيات قبل الإعلان
من جانبها، ذكّرت نائبة المدير العام لمنظمة الفاو بيث بيكدول المجلس بأنه على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، تم تأكيد أربع مجاعات فقط: الصومال عام 2011؛ وجنوب السودان عامي 2017 و2020؛ والآن السودان في عام 2024. وقالت: "كما تعلمنا من هذه الأزمات الشديدة، فقد حدثت بالفعل عشرات الآلاف من الوفيات قبل أن تصنف على أنها مجاعة".

وقالت إن أحدث تحليل للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يظهر أن نصف سكان السودان - أو ما يقرب من 25 مليون شخص - يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك 15.9 مليون شخص عند مستوى الأزمة، و8.1 مليون عند مستوى الطوارئ، وأكثر من 637 ألف شخص عند المستوى الخامس - وهو أعلى مستوى ويعتبر كارثيا.

وأشارت السيدة بيكدول إلى أن الصراع والنزوح القسري يظلان المحركين الأساسيين لهذه الأزمة، والتي تفاقمت بسبب تقييد الوصول الإنساني، فضلا عن الاضطرابات الاقتصادية والعوامل البيئية.

وفيما يعتمد نحو ثلثي سكان السودان على الزراعة، أشارت إلى أن خسائر الإنتاج في المحاصيل الأولية، مثل الذرة الرفيعة والدخن والقمح، خلال العام الأول من الصراع "كانت لتطعم نحو 18 مليون شخص لمدة عام، ومثلت خسارة اقتصادية تتراوح بين 1.3 و1.7 مليار دولار أميركي".

كما أكدت أنه مع بدء موسم الحصاد الجديد قريبا، "فإن الجوع وسوء التغذية يتصاعدان في حين ينبغي أن يكون توافر الغذاء في أعلى مستوياته".

حل فعال ومستدام
وقالت نائبة المدير العام لمنظمة الفاو: "يتعين علينا اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة المجاعة في السودان، ويلعب مجلس الأمن الدولي دورا حاسما، وهو ما أكده القرار 2417. خطر المجاعة وانتشارها (يثقل) ضميرنا الجماعي منذ آب/ أغسطس. والآن أصبح واقعا ليس فقط بموت الناس من الجوع، ولكن أيضا بانهيار الأنظمة الصحية وسبل العيش والهياكل الاجتماعية، مما يخلف عواقب لا رجعة فيها يمكن أن تستمر لأجيال".

وفي حين جددت السيدة بيكدول دعواتها إلى المجلس لاستخدام نفوذه السياسي لإنهاء الأعمال العدائية وتقديم الإغاثة لشعب السودان، فضلا عن توفير الوصول الإنساني الفوري وغير المعوق، سلطت الضوء على الحاجة إلى تقديم المساعدات الإنسانية متعددة القطاعات.

وقالت إنه في حين أن زيادة المساعدات الغذائية والمياه والنقد أمر حيوي، فإن هذا وحده لا يمكن أن يعالج النطاق الكامل لأزمة الجوع، مضيفة أن ضمان الإنتاج الغذائي المحلي من خلال الدعم الزراعي الطارئ أمر بالغ الأهمية لبناء القدرة على الصمود ومنع مزيد من الكوارث الإنسانية.

وقالت: "يجب إعطاء الأولوية للدعم الزراعي الطارئ في السودان. لا أحد يتأثر بالصراع - سواء في مخيم للنازحين داخليا أو مجتمعهم الأصلي - يريد الاعتماد على المساعدات الغذائية. إنهم يريدون إعالة أسرهم واستعادة كرامتهم. إن تأخير هذا الدعم يهدد بتعميق انعدام الأمن الغذائي".

وفي وقت تتقلص فيه الموارد للاستجابات الإنسانية التقليدية، أشارت إلى أن الدعم الزراعي هو وسيلة فعالة من حيث التكلفة ومستدامة لتلبية الاحتياجات الفورية ويساعد في إعادة البناء. وأكدت أن فشل المجتمع الدولي في "التحرك الآن، بشكل جماعي، وعلى نطاق واسع"، يزيد من خطر تعرض ملايين الأرواح للخطر، ويهدد استقرار العديد من الدول في المنطقة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأمن الغذائی فی السودان ملیون شخص إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون للمساعدة في السودان

أوضحت الأمم المتحدة، اليوم الإثنين، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهرا من الحرب، داعية إلى تعبئة دولية "غير مسبوقة" في مواجهة أزمة إنسانية "مروعة".

مقتل 10 في غارة جوية.. وجلسة بمجلس الأمن بشأن الأوضاع في السودان والي الشمالية يفتتح مقر القنصلية المصرية بوادي حلفا في السودان

وبحسب"سكاي نيوز عربية"، وجهت الأمم المتحدة نداء لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات إلى 20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة.

وأعلنت إيديم وسورنو من مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك أن "السودان يبقى غارقا في أزمة إنسانية حجمها مروّع"، منددة بالعقبات أمام وصول المساعدات الإنسانية.

وأضافت "الجوع والمجاعة ينتشران بسبب القرارات التي تتخذ كل يوم لمواصلة هذه الحرب، دون الأخذ في الاعتبار الثمن الذي يدفعه المدنيون"، مشددة على أن "الحاجات غير المسبوقة في السودان تتطلب تعبئة غير مسبوقة" من المجتمع الدولي.
قالت بيث بيكدول نائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أمام مجلس الأمن "نحن بحاجة إلى نفوذكم السياسي لإنهاء الأعمال العدائية ومساعدة السودانيين الذين يحتاجون بشكل عاجل إلى الغذاء والماء والمأوى والدواء والمساعدات الزراعية اليوم وليس غدا".

وأوضحت أنه "إذا فشلنا في التحرك الآن، بشكل جماعي وبالمستوى المطلوب فإن حياة الملايين ستكون مهددة أكثر" مشيرة أيضا إلى مخاطر الحرب في السودان على استقرار المنطقة.

وأسفرت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان عن مقتل الآلاف، وسط تقديرات تتراوح ما بين 20 ألفا و150 ألف شخص، بالإضافة إلى ما يقدر بنحو 11 مليون نازح.

ويضاف إلى تداعيات هذا النزاع المتواصل منذ أبريل 2023، شبح المجاعة التي تتفشى في خمس مناطق على الأقل في السودان، ومن المتوقع أن تواجه خمس مناطق إضافية المجاعة بحلول مايو.

مقالات مشابهة

  • خطاب مندوب السودان امام جلسة مجلس الامن بشان تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)
  • 25 قتيلا بهجوم للدعم السريع ونفي سوداني لانتشار المجاعة
  • الأمم المتحدة: السودان في قبضة المجاعة وأزمة ذات أبعاد مذهلة
  • الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون للمساعدة في السودان
  • 25 مليون سوداني يواجهون الجوع وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية غير مسبوقة
  • نداء أممي لجمع 4,2 مليار دولار لتوفير المساعدات إلى السودان
  • نصفهم أطفال..30 سوداني في حاجة إلى المساعدة
  • الأمن الغذائي| أزمة جديدة تؤرق السودانيين .. ومناطق واسعة مهددة بالمجاعة
  • الأمم المتحدة تحذر من تدهور الأمن الغذائي في اليمن