دعت حكومة تصريف الأعمال السورية مرات عدة إلى رفع العقوبات الدولية عليها لتمكنها من النهوض بالبلاد المنهكة وإعادة الإعمار، مشددة على أن أسباب فرض العقوبات زالت بسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

تعرقل العقوبات الدولية المفروضة على سوريا إعادة بناء الاقتصاد المدمر جراء الحرب، بينما يتطلع السوريون إلى كتابة فصل جديد من تاريخ بلادهم بعد سقوط نظام الرئيس السابق في كانون الأول/ديسمبر الماضي.



وكانت سوريا ساحة للحرب والفوضى على مدى أكثر من عقد، وتواجه اليوم واقعاً مختلفاً، وسط تساؤلات بشأن إمكانية الإدارة الجديدة تجاوز العوائق التي فرضتها سنوات الحرب والعقوبات الدولية.

وتستمر هذه العقوبات، التي فرضت منذ عقود، في عرقلة الاقتصاد السوري بشكل كبير، مما يؤثر على حياة المواطنين، بدءاً من الكهرباء المنقطعة إلى التجارة المتعثرة.


كما تواجه التجارة والمصانع المحلية ضغوطاً هائلة نتيجة العجز الكبير في الطاقة وارتفاع تكاليف المواد الخام. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن خسائر الاقتصاد السوري بسبب الحرب والعقوبات تجاوزت 400 مليار دولار منذ عام 2011.

وأوضح تقرير وزارة الكهرباء السورية أن الإنتاج الحالي للكهرباء يلبي أقل من 30% من احتياجات البلاد الفعلية، كما تقدّر صادرات النفط في سوريا بحوالي 10% فقط من المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب.

وتتوالى زيارات المسؤولين الغربيين إلى العاصمة السورية دمشق لإجراء محادثات مع الإدارة الجديدة. تهدف هذه المحادثات إلى معرفة توجهات الإدارة الجديدة وخطواتها خلال الفترة الانتقالية نحو إرساء نظام منتخب.

الاتحاد الأوروبي: لن نمول لإنشاء هياكل إسلامية جديدة
في أول زيارة لوزير أوروبي إلى دمشق بعد سقوط النظام، عقدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو لقاءً مع القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، يوم الجمعة الماضي، كممثلين عن الاتحاد الأوروبي.


قالت الوزيرة الألمانية، إن رفع العقوبات عن سوريا "يعتمد على العملية السياسية"، مشددةً على ضرورة مشاركة جميع المكونات السورية في إعادة بناء الدولة.

وأضافت أن أوروبا لن تقدم تمويلات لإنشاء هياكل إسلامية جديدة في سوريا، لكنها ستدعم البلاد بشكل عام. من جانبه، تجنب وزير الخارجية الفرنسي الإجابة عن سؤال حول التوقيت المحتمل لرفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا.

وفي نفس السياق٬ قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في تصريحات سابقة أدلت بها خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي، بأن التكتل الأوروبي لن يرفع العقوبات المفروضة على سوريا إلا إذا التزمت الحكومة المستقبلية بضمان حماية حقوق الأقليات والمرأة، تحت إطار حكومة موحدة ترفض التطرف الديني. 

وأوضحت كالاس: "إمكانية تعديل نظام العقوبات قد تكون مطروحة للنقاش مستقبلاً، لكنها ليست على جدول الأعمال في الوقت الحالي. هذا الأمر سيعتمد على رؤية خطوات إيجابية ملموسة من الجانب السوري".


إدارة بايدن تخطط لتخفيف القيود على المساعدات الإنسانية
أما أمريكيا فقد أفادت صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن مسؤولين أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تخطط للإعلان عن تخفيف القيود على المساعدات الإنسانية لسوريا وتسريع تسليم الإمدادات الأساسية دون رفع العقوبات التي تكبل مساعدات أخرى للحكومة الجديدة.

وقال مسؤولون للصحيفة إن هذه الخطوة، التي وافقت عليها الإدارة الأمريكية مطلع الأسبوع، تفوض وزارة الخزانة لإصدار إعفاءات لجماعات الإغاثة والشركات التي توفر أساسيات مثل الماء والكهرباء وغيرها من الإمدادات الإنسانية.

أفاد مسؤولون بأن الإجراء الجديد، الذي سيُطبق لمدة أولية تصل إلى ستة أشهر، يهدف إلى تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية لموردي الإمدادات، من خلال إعفائهم من الحاجة للحصول على موافقات مسبقة لكل حالة على حدة. ومع ذلك، فقد تم فرض شروط صارمة لضمان عدم إساءة استخدام هذه الإمدادات. 


وبحسب الصحيفة، يمثل القرار خطوة محدودة لدعم الإدارة السورية الجديدة، لكنه يعكس أيضاً حذر البيت الأبيض بشأن رفع العقوبات الشاملة. ويأتي ذلك في سياق تصريحات للرئيس جو بايدن، أكد فيها أن حكومته ستقيّم الإدارة السورية الجديدة بناءً على أفعالها الملموسة، وليس تصريحاتها.

تأثير رفع العقوبات على الاقتصاد
تحتاج سوريا إلى الدعم الدولي والتكاتف مع الإدارة الجديدة لتحقيق الاستقرار والمضي قدماً في المرحلة الانتقالية بشكل يشمل جميع السوريين، والعمل على بناء الدولة وإعادة الإعمار، ووضع الاقتصاد على الطريق الصحيح للتعافي. بينما تطالب الإدارة الجديدة برفع العقوبات الغربية في أسرع وقت، يطالب الغرب بأفعال على أرض الواقع تتطابق مع الأقوال والوعود بشأن مستقبل شامل ومرحلة انتقالية سلمية تمر بها البلاد من أجل رفع العقوبات.

يعاني الاقتصاد السوري المتعثر بشدة خلال سنوات الحرب من الحاجة الملحة لفك قيوده، وتقديم الدعم والمساعدات، ورفع القيود الغربية عن البنوك والشركات وقطاع النفط الذي كان يمثل أحد روافد الاقتصاد المهمة والرئيسية سابقاً.


يعتبر رفع العقوبات أحد العوامل الضرورية لاستعادة عافية الاقتصاد السوري، بما يتيح للبنوك السورية التعامل بشكل طبيعي مع العالم الخارجي، وتسهيل عمليات التصدير والاستيراد، وتهيئة مناخ مناسب للاستثمار بما يسهم في دخول رؤوس الأموال، وزيادة الإنتاج وانتعاش النمو، وتوفير فرص العمل. بالإضافة إلى توفير مصادر دخل قوية للدولة عبر زيادة الاستثمارات والإنتاج النفطي، وتوفير المنافسة بين السلع والخدمات بما يعود في صالح المستهلك.

كما يسهم رفع العقوبات في توفير المساعدات والدعم المالي والفني الذي تحتاجه سوريا حالياً وفي المستقبل القريب، إلى جانب خلق بيئة تساعد على تنفيذ عملية سريعة لإعادة الإعمار في البلاد التي دمرت الحرب جزءاً كبيراً منها، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الأساسية واللائقة للمواطنين بالمستوى المطلوب.

دمشق تاريخ حافل بالعقوبات
تعد دمشق واحدة من أوائل أنظمة الشرق الأوسط التي شملتها العقوبات، حيث تم إدراج سوريا ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1979. وهي الدولة الوحيدة التي لا تزال على هذه القائمة منذ ذلك الحين.


تتنوع الجهات التي تفرض عقوبات على سوريا، وتشمل الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، تركيا، الاتحاد الأوروبي، وسويسرا. بالإضافة إلى العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة ودول أخرى على كيانات وأنشطة تتعامل مع سوريا، مما يؤثر عليها بشكل غير مباشر.

بحسب الورقة البحثية المنشورة في برنامج بحوث النزاع تحت عنوان "فهم أثر العقوبات على الديناميكيات السياسية في سوريا"، يمكن تقسيم الفاعلين المستهدفين بالعقوبات منذ 2011 إلى مجموعتين رئيسيتين:

المجموعة الأولى تضم الفاعلين الذين استهدفتهم العقوبات بشكل مباشر، وهم: (الجهات الأمنية والعسكرية - مؤسسات ومسؤولون حكوميون - قطاع الطاقة - قطاع المصارف - تجار الحرب ومحاسبو النظام - مؤسسات وأصحاب أعمال دوليون على علاقة مع النظام السوري السابق)


أما المجموعة الثانية من المتأثرين بالعقوبات٬ فهي الجهات التي تأثرت دون أن تكون مستهدفة بشكل مباشر، وتشمل: المؤسسات الحكومية غير المشمولة بالعقوبات، قطاع الأعمال التقليدي، مؤسسات المجتمع المدني، وفئة المواطنين العاديين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية العقوبات الدولية سوريا الاتحاد الأوروبي الشرع سوريا امريكا الاتحاد الأوروبي الشرع العقوبات الدولية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العقوبات الدولیة الاتحاد الأوروبی الإدارة الجدیدة الاقتصاد السوری رفع العقوبات على سوریا

إقرأ أيضاً:

المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: نسعى مع الشركاء الكرام من الجمعيات والمنظمات وأصحاب الخير للبدء بعملية إعادة إعمار المساجد والمؤسسات التعليمية التي تعتبر من أهم الأسباب المشجعة على عودة المهجرين واللاجئين لمدنهم وبلداتهم

2025-02-04hadeilسابق المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: منذ اليوم الأول للتحرير عملنا في وزارة الأوقاف على تشكيل لجان لإحصاء المساجد والمنشآت التعليمية الشرعية المهدمة جراء القصف الهمجي الذي شنه النظام البائد على المدن والأرياف، حيث لم تسلم أي محافظة من المحافظات من الدمار الكبير في بنية المنشآت الدينية.. وخلصت اللجان إلى إحصائية لعموم المنشآت المهدمة بشكل كلي أو جزئي وقد بلغت ما يزيد على 3100 مسجد و86 منشأة تعليمية في عموم سورياالتالي الرئيس الشرع والوزير الشيباني يتوجهان لزيارة الجمهورية التركية انظر ايضاً الرئيس الشرع والوزير الشيباني يتوجهان لزيارة الجمهورية التركية

دمشق-سانا توجه السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني لزيارة الجمهورية التركية الشقيقة

آخر الأخبار 2025-02-04الرئيس الشرع والوزير الشيباني يتوجهان لزيارة الجمهورية التركية 2025-02-04المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: تفاجأنا بحجم الدمار الهائل الذي خلفته آلة القصف والإجرام التي كان يقودها النظام البائد، حيث إن الكثير من المساجد والمدارس الشرعية دمرت نتيجة الاستهداف المباشر أو نتيجة هدمها بشكل متعمد كما هو الحال في جنوب إدلب وريف حلب 2025-02-04مسؤول إدارة الأمن العام في محافظة دمشق المقدم عبد الرحمن الدباغ لـ سانا : قامت إدارة الأمن العام بإجراء طوق أمني على منطقة السومرية في مدينة دمشق، وتمكنت من تحرير أربعة مختطفين وإلقاء القبض على الخلية بعد مداهمة أوكارها 2025-02-04الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني يتوجهان لزيارة الجمهورية التركية الشقيقة 2025-02-04رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يتوجه إلى تركيا في زيارةٍ رسميةٍ يلتقي خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 2025-02-04مكون من 61 طبيباً ومختصاً.. فريق طبي سعودي يصل إلى مطار دمشق 2025-02-04بيدرسون يرحب بتأكيدات الإدارة السورية الجديدة على بناء الدولة وفق أسس جامعة 2025-02-04وزير الداخلية يبحث مع السفير القبرصي سبل التعاون بين البلدين وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة 2025-02-04وزير الداخلية يناقش مع محافظ دمشق ومدير إدارة المرور سبل تحسين العملية المرورية في المحافظة 2025-02-04الأردن يدين التفجير الإرهابي في منبج

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23 الخارجية تعلن برنامج اختبارات المرحلة الرابعة في مسابقتها لتعيين عاملين ‏دبلوماسيين 2024-12-05حدث في مثل هذا اليوم 2024-12-077 كانون الأول-اليوم العالمي للطيران المدني 2024-12-066 كانون الأول 2004- اقتحام القنصلية الأمريكية في جدة بالمملكة العربية السعودية 2024-12-05 5 كانون الأول – اليوم الوطني في تايلاند 2024-12-033 كانون الأول 1621- عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي يخترع التلسكوب الخاص به 2024-12-022 كانون الأول- اليوم الوطني في الإمارات العربية المتحدة 2024-12-011 كانون الأول 1942 – إمبراطور اليابان هيروهيتو يوقع على قرار إعلان الحرب على الولايات المتحدة
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد يدعم جهود إعمار سوريا ولبنان
  • النقد الدولي: مستعدون لدعم الجهود الدولية للمساعدة في إعادة بناء سوريا
  • بسبب عمليات صنعاء البحرية.. خسائر إسرائيل تتجاوز الـ”40 مليار” دولار
  • مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية: ترامب يعتقد أن عملية إعادة إعمار غزة ستستغرق 15 عامًا
  • رويترز تكشف عن ثاني أكبر صفقة في تاريخ الموارد العراقية.. 25 مليار دولار مع BP قريبًا
  • رويترز تكشف عن ثاني أكبر صفقة في تاريخ الموارد العراقية.. 25 مليار دولار مع BP قريبًا- عاجل
  • أردوغان: على الدول العربية دعم الحكومة الجديدة في سوريا
  • بشأن المعابر غير شرعية مع لبنان.. قرارٌ من الإدارة السورية الجديدة
  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: نسعى مع الشركاء الكرام من الجمعيات والمنظمات وأصحاب الخير للبدء بعملية إعادة إعمار المساجد والمؤسسات التعليمية التي تعتبر من أهم الأسباب المشجعة على عودة المهجرين واللاجئين لمدنهم وبلداتهم
  • المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة توقع برنامج العمل السنوي لمصر لعام 2025 بقيمة 1.5 مليار دولار