كيف تكبل العقوبات الدولية إعادة إعمار سوريا؟..400 مليار دولار خسائر منذ 2011
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
دعت حكومة تصريف الأعمال السورية مرات عدة إلى رفع العقوبات الدولية عليها لتمكنها من النهوض بالبلاد المنهكة وإعادة الإعمار، مشددة على أن أسباب فرض العقوبات زالت بسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
تعرقل العقوبات الدولية المفروضة على سوريا إعادة بناء الاقتصاد المدمر جراء الحرب، بينما يتطلع السوريون إلى كتابة فصل جديد من تاريخ بلادهم بعد سقوط نظام الرئيس السابق في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وكانت سوريا ساحة للحرب والفوضى على مدى أكثر من عقد، وتواجه اليوم واقعاً مختلفاً، وسط تساؤلات بشأن إمكانية الإدارة الجديدة تجاوز العوائق التي فرضتها سنوات الحرب والعقوبات الدولية.
وتستمر هذه العقوبات، التي فرضت منذ عقود، في عرقلة الاقتصاد السوري بشكل كبير، مما يؤثر على حياة المواطنين، بدءاً من الكهرباء المنقطعة إلى التجارة المتعثرة.
كما تواجه التجارة والمصانع المحلية ضغوطاً هائلة نتيجة العجز الكبير في الطاقة وارتفاع تكاليف المواد الخام. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن خسائر الاقتصاد السوري بسبب الحرب والعقوبات تجاوزت 400 مليار دولار منذ عام 2011.
وأوضح تقرير وزارة الكهرباء السورية أن الإنتاج الحالي للكهرباء يلبي أقل من 30% من احتياجات البلاد الفعلية، كما تقدّر صادرات النفط في سوريا بحوالي 10% فقط من المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب.
وتتوالى زيارات المسؤولين الغربيين إلى العاصمة السورية دمشق لإجراء محادثات مع الإدارة الجديدة. تهدف هذه المحادثات إلى معرفة توجهات الإدارة الجديدة وخطواتها خلال الفترة الانتقالية نحو إرساء نظام منتخب.
الاتحاد الأوروبي: لن نمول لإنشاء هياكل إسلامية جديدة
في أول زيارة لوزير أوروبي إلى دمشق بعد سقوط النظام، عقدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو لقاءً مع القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، يوم الجمعة الماضي، كممثلين عن الاتحاد الأوروبي.
قالت الوزيرة الألمانية، إن رفع العقوبات عن سوريا "يعتمد على العملية السياسية"، مشددةً على ضرورة مشاركة جميع المكونات السورية في إعادة بناء الدولة.
وأضافت أن أوروبا لن تقدم تمويلات لإنشاء هياكل إسلامية جديدة في سوريا، لكنها ستدعم البلاد بشكل عام. من جانبه، تجنب وزير الخارجية الفرنسي الإجابة عن سؤال حول التوقيت المحتمل لرفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا.
وفي نفس السياق٬ قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في تصريحات سابقة أدلت بها خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي، بأن التكتل الأوروبي لن يرفع العقوبات المفروضة على سوريا إلا إذا التزمت الحكومة المستقبلية بضمان حماية حقوق الأقليات والمرأة، تحت إطار حكومة موحدة ترفض التطرف الديني.
وأوضحت كالاس: "إمكانية تعديل نظام العقوبات قد تكون مطروحة للنقاش مستقبلاً، لكنها ليست على جدول الأعمال في الوقت الحالي. هذا الأمر سيعتمد على رؤية خطوات إيجابية ملموسة من الجانب السوري".
إدارة بايدن تخطط لتخفيف القيود على المساعدات الإنسانية
أما أمريكيا فقد أفادت صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن مسؤولين أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تخطط للإعلان عن تخفيف القيود على المساعدات الإنسانية لسوريا وتسريع تسليم الإمدادات الأساسية دون رفع العقوبات التي تكبل مساعدات أخرى للحكومة الجديدة.
وقال مسؤولون للصحيفة إن هذه الخطوة، التي وافقت عليها الإدارة الأمريكية مطلع الأسبوع، تفوض وزارة الخزانة لإصدار إعفاءات لجماعات الإغاثة والشركات التي توفر أساسيات مثل الماء والكهرباء وغيرها من الإمدادات الإنسانية.
أفاد مسؤولون بأن الإجراء الجديد، الذي سيُطبق لمدة أولية تصل إلى ستة أشهر، يهدف إلى تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية لموردي الإمدادات، من خلال إعفائهم من الحاجة للحصول على موافقات مسبقة لكل حالة على حدة. ومع ذلك، فقد تم فرض شروط صارمة لضمان عدم إساءة استخدام هذه الإمدادات.
وبحسب الصحيفة، يمثل القرار خطوة محدودة لدعم الإدارة السورية الجديدة، لكنه يعكس أيضاً حذر البيت الأبيض بشأن رفع العقوبات الشاملة. ويأتي ذلك في سياق تصريحات للرئيس جو بايدن، أكد فيها أن حكومته ستقيّم الإدارة السورية الجديدة بناءً على أفعالها الملموسة، وليس تصريحاتها.
تأثير رفع العقوبات على الاقتصاد
تحتاج سوريا إلى الدعم الدولي والتكاتف مع الإدارة الجديدة لتحقيق الاستقرار والمضي قدماً في المرحلة الانتقالية بشكل يشمل جميع السوريين، والعمل على بناء الدولة وإعادة الإعمار، ووضع الاقتصاد على الطريق الصحيح للتعافي. بينما تطالب الإدارة الجديدة برفع العقوبات الغربية في أسرع وقت، يطالب الغرب بأفعال على أرض الواقع تتطابق مع الأقوال والوعود بشأن مستقبل شامل ومرحلة انتقالية سلمية تمر بها البلاد من أجل رفع العقوبات.
يعاني الاقتصاد السوري المتعثر بشدة خلال سنوات الحرب من الحاجة الملحة لفك قيوده، وتقديم الدعم والمساعدات، ورفع القيود الغربية عن البنوك والشركات وقطاع النفط الذي كان يمثل أحد روافد الاقتصاد المهمة والرئيسية سابقاً.
يعتبر رفع العقوبات أحد العوامل الضرورية لاستعادة عافية الاقتصاد السوري، بما يتيح للبنوك السورية التعامل بشكل طبيعي مع العالم الخارجي، وتسهيل عمليات التصدير والاستيراد، وتهيئة مناخ مناسب للاستثمار بما يسهم في دخول رؤوس الأموال، وزيادة الإنتاج وانتعاش النمو، وتوفير فرص العمل. بالإضافة إلى توفير مصادر دخل قوية للدولة عبر زيادة الاستثمارات والإنتاج النفطي، وتوفير المنافسة بين السلع والخدمات بما يعود في صالح المستهلك.
كما يسهم رفع العقوبات في توفير المساعدات والدعم المالي والفني الذي تحتاجه سوريا حالياً وفي المستقبل القريب، إلى جانب خلق بيئة تساعد على تنفيذ عملية سريعة لإعادة الإعمار في البلاد التي دمرت الحرب جزءاً كبيراً منها، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الأساسية واللائقة للمواطنين بالمستوى المطلوب.
دمشق تاريخ حافل بالعقوبات
تعد دمشق واحدة من أوائل أنظمة الشرق الأوسط التي شملتها العقوبات، حيث تم إدراج سوريا ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1979. وهي الدولة الوحيدة التي لا تزال على هذه القائمة منذ ذلك الحين.
تتنوع الجهات التي تفرض عقوبات على سوريا، وتشمل الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، تركيا، الاتحاد الأوروبي، وسويسرا. بالإضافة إلى العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة ودول أخرى على كيانات وأنشطة تتعامل مع سوريا، مما يؤثر عليها بشكل غير مباشر.
بحسب الورقة البحثية المنشورة في برنامج بحوث النزاع تحت عنوان "فهم أثر العقوبات على الديناميكيات السياسية في سوريا"، يمكن تقسيم الفاعلين المستهدفين بالعقوبات منذ 2011 إلى مجموعتين رئيسيتين:
المجموعة الأولى تضم الفاعلين الذين استهدفتهم العقوبات بشكل مباشر، وهم: (الجهات الأمنية والعسكرية - مؤسسات ومسؤولون حكوميون - قطاع الطاقة - قطاع المصارف - تجار الحرب ومحاسبو النظام - مؤسسات وأصحاب أعمال دوليون على علاقة مع النظام السوري السابق)
أما المجموعة الثانية من المتأثرين بالعقوبات٬ فهي الجهات التي تأثرت دون أن تكون مستهدفة بشكل مباشر، وتشمل: المؤسسات الحكومية غير المشمولة بالعقوبات، قطاع الأعمال التقليدي، مؤسسات المجتمع المدني، وفئة المواطنين العاديين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية العقوبات الدولية سوريا الاتحاد الأوروبي الشرع سوريا امريكا الاتحاد الأوروبي الشرع العقوبات الدولية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العقوبات الدولیة الاتحاد الأوروبی الإدارة الجدیدة الاقتصاد السوری رفع العقوبات على سوریا
إقرأ أيضاً:
الشيباني يكشف تفاصيل زيارة وفد الإدارة السورية الجديدة إلى قطر
قال وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد حسن الشيباني، إن الاجتماع "مع الأشقاء في قطر عميقا وموسعا ناقشنا فيه القضايا الأساسية والاستراتيجية، كما شرحنا خارطة الطريق لدينا لإعادة بناء بلدنا، وتمكين الشعب السوري من حقوقه المدنية، وبناء حكومة تمثل كافة مكونات الشعب".
وأضاف الشيباني عقب لقائه وزير الخارجية بعد لقائه معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في الدوحة، "كان لقطر الشقيقة دور بارز في دعم الشعب السوري سواء خلال المحنة السابقة أو اليوم في مرحلة البناء، فهي شريك استراتيجي، ونحن حريصون على توطيد العلاقات المشتركة بما يخدم مصالح البلدين".
وتابع، "نقلنا مخاوفنا للإخوة في قطر والتحديات في المرحلة الحالية، وما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية التي باتت ضد الشعب السوري، كما تشكل عائقا أمام الانتعاش السريع للاقتصاد السوري، ونجدد مطلبنا للولايات المتحدة الأمريكية برفع العقوبات لسرعة التعافي والانطلاق ببناء سوريا الجديدة".
كما أشار إلى أن "سوريا الجديدة ستحظى بعلاقات جيدة مع المنطقة، يسودها السلام والتعاون المشترك بعيدا عن شكل علاقات النظام البائد مع المنطقة، فنحن نسعى لترميم علاقاتنا مع المحيط العربي والإقليمي والدولي".
وأوضح الشيباني، أن المرحلة الحالية بحاجة إلى صدق وتعاون مشترك مع جميع دول المنطقة، لبناء سوريا الجديدة، سوريا العدالة والحرية والمساواة، التي يشعر المواطن فيها بالانتماء.
وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية.
كما أعرب عن شكره لقطر "على ما قدمت وتقدم من المساعدات الإنسانية، وما تم الاتفاق عليه اليوم من شراكات استراتيجية سيحدث فارقا سريعا في تعافي سوريا وخاصة في الخدمات الأساسية، ونؤكد أنه سيكون هناك شراكات سياسية تحقق الأمن والسلام في المنطقة".
والأحد وصل وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني، إلى العاصمة القطرية الدوحة، في أول زيارة له للبلد الخليجي، ضمن جولة ستقوده إلى دول أخرى.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" بوصول الشيباني للدوحة، في أول زيارة لقطر التي أعلنت مبكرا دعمها لدمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد أواخر 2024.
وقالت الوكالة إن "وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وصل إلى العاصمة القطرية الدوحة برفقة وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب".
وأوضحت أنها أول زيارة رسمية لقطر لبحث آفاق التعاون والتنسيق بين البلدين.
وعقب أول زيارة خارجية للشيباني للسعودية الجمعة، أعلن وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة عزمه على إجراء زيارات رسمية إلى كل من قطر والإمارات والأردن.
والسبت، بحث وزير الدولة بوزارة الخارجية القطري، محمد الخليفي، هاتفيا مع الشيباني، سبل تعزيز التعاون بين البلدين، وفق بيان سابق للخارجية القطرية.
وسبق أن زار الخليفي دمشق في 23 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وبحث مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، سبل تعزيز علاقات البلدين ودعم مستقبل سوريا.
وكان الخليفي على رأس أول وفد قطري رفيع المستوى يصل دمشق بعد قطيعة مع النظام السابق استمرت 13 عاما، وفق بيان سابق للخارجية القطرية.
وقبل يومين من زيارة الخليفي لدمشق أعادت الدوحة فتح سفارتها في دمشق ورفعت عليها العلم القطري، بعد إغلاقها منذ تموز/ يوليو 2011 إثر هجوم شنه أنصار نظام الأسد عليها، ردا على تغطية قناة "الجزيرة" القطرية للثورة السورية التي بدأت في آذار/ مارس من ذلك العام.
وفي الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من سيطرة عائلة الأسد.
ومنذ ذلك اليوم يصل إلى دمشق بوتيرة يومية مسؤولون إقليميون ودوليون يعقدون اجتماعات مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.