الهدف غير المعلن للجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
يرسخ في أذهان كثير من المثقفين والمحللين السياسيين والخبراء العسكريين العرب أن الجيش الإسرائيلي يدمر المناطق الأثرية في لبنان وغزة؛ بغية الانتقام من أماكن لها تاريخ على يد من لا تاريخ لهم في المنطقة، أو محاولة لمحو الذاكرة الحضارية المحمولة على معالم الأمكنة ووظائفها على يد من عاشوا قرونًا طويلة في الشتات، ولا يعرفون ألفة المكان وأهمية الذاكرة البصرية، ولا تستقر في رؤوسهم القيمة الثقافية لما يدكونه بالطائرات والصواريخ دكًا من العمران القديم الصامد في وجه عوامل التعرية والإزاحة.
في أيام النكبة عام 1948 دمرت "العصابات الصهيونية"، التي كانت تحمل السلاح قبل تكوين الجيش الإسرائيلي، 418 قرية فلسطينية تدميرًا مُروعًا، بعض مبانيها كانت تعود إلى قرون خلت، وارتكبت مذابح جماعية في حق الفلسطينيين العُزَّل، وواصل الجيش هذا السلوك في كل الحروب والاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين وغيرهم.
وفي الحرب الحالية دمرت إسرائيل في لبنان تراث بعلبك الذي يمتد عمره إلى ثلاثة آلاف عام، ويعود لحضارات خلَّفها الفينيقيون والبيزنطيون والسلاجقة والأيوبيون والفرنجة والمغول والمماليك والعثمانيون. ودمرت إسرائيل، إلى جانب المواقع الأثرية والأبنية السكنية، كنائس وأديرة للطوائف المارونية والأرثوذكسية.
إعلانوتم تدمير أحياء كاملة بالضاحية الجنوبية في بيروت يعود تاريخها إلى الفتح العربي، مثل حي الشياح، وحي الليلكي/الغبيري، وحي حارة حريك، ومقبرة باشورة، كما تم تدمير مبانٍ قديمة جدًا في مدينة صور، التي يعَدّ جانبٌ منها أشبهَ بمتحف كبير، علاوة على تراث بمدينة النبطية، يشمل أسواقًا ومنازل أثرية ومساجد وكنائس. وأتى الطيران الإسرائيلي على البلدة القديمة في غزة، التي تضم أكثر من 146 بيتًا قديمًا ومساجد وكنائس ومدارس تاريخية وميناء غزة القديم.
وفي كل هذا لم تعبأ إسرائيل بما نصت عليه اتفاقية لاهاي التي تم إقرارها عام 1954، بغية حماية الممتلكات الثقافية في وقت الصراعات المسلحة لعام 1954، وجاءت ردًا على الدمار الذي سببته الحرب العالمية الثانية لمواقع التراث الإنساني على يد قوات الحلفاء والمحور، وتنص على أن "أي ضرر يلحق بالممتلكات الثقافية، بغض النظر عن الشعب الذي تنتمي إليه، هو ضرر للتراث الثقافي للبشرية جمعاء، لأن كل شعب يساهم في ثقافة العالم".
وفي ظل سيطرة النزعة الدينية المتشددة على السياسة في إسرائيل، بعد صعود اليمين إلى مستوى غير مسبوق، لم يعد الساسة الجدد وحلفاؤهم من المؤسسة الدينية، يعبؤُون بقوانين الحروب الحديثة، ولا بكل ما يرد عن حقوق الإنسان، وهو ما أوردته مجلة "مومِنت" (Moment) اليهودية الأميركية، على لسان الحاخام "مانيس فريدمان" حول الطريقة المثلى للتعامل مع العرب، حيث قال بكل صراحة: "إنني لا أوْمن بالأخلاقيات الغربية، بمعنى أن عليك ألا تقتل المدنيين أو الأطفال، وألا تُدمِّر الأماكن المقدسة، وألا تقاتل في المناسبات الدينية، وألا تقصف المقابر، وألا تُطلق النار قبل أن يطلقها عليك الآخرون.. إن الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقية، هي: دمِّر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم.. ذلك هو الرادع الوحيد والحقيقي للتخلُّص من ثبات الفلسطينيين ومقاومتهم المستمرة".
إعلانهنا يرى عصام سخنيني في كتابه "الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني" أن هذا المشروع اكتسب هذه النزعة الاستئصالية من مصدرين:
الأول هو الكولونيالية الأوروبية، إذ وُلدت الصهيونية، في نظره، على فراش الاستعمار الغربي، الذي قام باستئصال سكان محليين أصليين في البلاد المُستعمَرة أو حشرهم في معازل بعيدًا عن المستوطنين الأوروبيين. والثاني هو استعارة وقائع ومواقف ومفردات وتعبيرات دينية وتأويلها بإفراط بما يخدم نزعة الإبادة، وفي ركابها يمحو الذاكرة التاريخية للبلدان العربية المعتدى عليها.هذا المسلك تم تغليفه بالكثير من الحكايات والأساطير والرموز الدينية والمرجعيات التاريخية التي تبرر ما يفعله الجيش الإسرائيلي في زماننا، لا سيما أن بعض الساسة والعسكريين على حد سواء، يرون أن من واجبهم تكرار أحداث التاريخ القديم في تدمير المدن، ومحو الذاكرة البصرية تمامًا، للأمم التي يتم التغلب عليها، كإحدى أدوات إخضاعها عنوة.
حتى إن الساسة العلمانيين في إسرائيل يأتون بالماضي إلى الحاضر، فيستعيدون وقائع تاريخية ليس مقطوعًا بحدوثها فعلًا، لتبرر مسلكهم في التدمير، حيث وجدنا أول رئيس وزراء في إسرائيل ديفيد بن غوريون، يقول: "لا بد من وجود استمرارية من يوشع بن نون إلى جيش الدفاع الإسرائيلي".
وعاد بنيامين نتنياهو ليكرر الأمر في أول كلمة له عقب عملية "طوفان الأقصى"، حين استعاد حكاية النبي صموائيل مع العماليق، الذين قتلهم مع دوابهم وكل ما ينبض بالحياة في بلادهم، مدعيًا أن الفلسطينيين هم عماليق هذا العصر، وقال: "كما هو مكتوب في التوراة، سألاحق أعدائي، وأقضي عليهم".
وتسرب الإيمان بهذا المسلك إلى قطاع من الشعب الإسرائيلي نفسه، إذ أظهرت دراسة استقصائية شملت نحو ألف طالب وطالبة من المدارس الثانوية في إسرائيل لمعرفة مدى اعتقادهم في صحة وقداسة الأفعال التدميرية القديمة، أن نحو 80% من الطلاب يعتقدون في صحتها، فيما يرى 38% منهم أن الجيش الإسرائيلي ملزم بتكرار الإبادة نفسها في القرى والبلدات العربية التي يغزوها.
إعلانوفي هذا أبلغ رد على بعض التفسيرات الإسرائيلية الملتوية التي تزعم أن النزعة العدوانية الإسرائيلية راجعة إلى أنها تقع وسط بحر العداء العربي، متغافلة عن التكوين النفسي والتاريخي والأيديولوجي الذي يحكم جانبًا من "العقيدة القتالية" للجيش الإسرائيلي، ويرى في الانتقام التزامًا وواجبًا لا خيار غيره، وبذا لا مناص من تبرير استعمال القوة المفرطة ضد من تصنفهم إسرائيل أعداء لها.
لقد استخدم خطاب الإبادة الإسرائيلي كل هذه الحمولات التاريخية، من نصوص وخطابات وممارسات، وفي إصرار واضح، لشرعنة ممارساته في فلسطين ولبنان، وسوريا، وهي مسألة يدركها بعض اليهود المعتدلين أو الرافضين للنزعة العدوانية الإٍسرائيلية التي تستعير الماضوية وتتلاعب بموروثاتها، وتطبقها على واقع مغاير، وضد من لا جريرة لهم في أي أذى لحق باليهود في الأزمنة الغابرة.
لكن صوت هؤلاء يبقى خافتًا في وجه أولئك الذين يؤمنون بأن تدمير الأماكن التاريخية يحقق لإسرائيل أحد أهدافها، وهو التخلص من موروث حضاري عربي يقع المعمار أو العمران القديم في قلبه، بحيث يتم تمييع التاريخ أو اجتثاث جذوره، بما يساوي بين الإسرائيليين وبين العرب من حولهم، بعد نزع التاريخ المادي عنهم، على قدر استطاعة الجيش الإسرائيلي.
إن التمسك بالمعالم الأثرية بوصفها جانبًا مهمًا من التاريخ المادي، والتصدي لكل من يسعى إلى الاستيلاء على المكان وخلع سكانه منه، والاعتزاز بإرث حضاري عربي، بشقيه؛ الإسلامي والمسيحي، طالما صنع رافدًا قويًا في بناء النفسية والذهنية المقاومة، التي تدرك أن مهمتها لا تقتصر على حماية البشر من السكان، إنما أيضًا حراسة التاريخ، الذي تشكل المعالم الأثرية جزءًا أصيلًا منه، ولذا يرى الجيش الإسرائيلي أن إحدى مهامه القتالية هي تدمير هذه النفسية والذهنية أو على الأقل زعزعتها.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي في أزمة غير مسبوقة
كشف تقرير مطول نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن أزمة عميقة يعاني منها الجيش الإسرائيلي بسبب العبء المتزايد على قواته مع تعدد الجبهات والاستعدادات المحتملة لشن عدوان عسكري جديد على قطاع غزة.
وسلط تقرير المحلل العسكري للصحيفة يوآف زيتون الضوء على الصعوبات التي يواجهها الجيش، بما في ذلك نقص القوى البشرية، والضغوط التشغيلية والنفسية، والتحديات اللوجستية التي تهدد قدرته على الحفاظ على استقرار الجبهات المختلفة.
كما ناقش التقرير تأثير هذه الضغوط على احتمالية شن حرب جديدة على غزة، وما يعنيه ذلك من ضغوط إضافية على الجنود وعائلاتهم.
نقص القوى البشريةوفقًا للتقرير، يواجه الجيش الإسرائيلي عبئًا تشغيليًا غير مسبوق منذ أيام حرب لبنان الثانية والانتفاضة الفلسطينية الثانية في مطلع الألفية.
وتشير التقديرات إلى أن القوات النظامية ستواصل تحمل العبء الأكبر في السنوات القادمة، مع توقعات بزيادة المهام وتقليل فترات الراحة.
فبدلًا من أن يحصل الجنود على إجازة قصيرة كل أسبوعين، كما كان الحال في السنوات الماضية، فإنهم الآن يُمنحون في أحسن الأحوال إجازة لمدة 3-4 أيام فقط بعد 17 يومًا متواصلًا من الخدمة، وهذا يعني أن الجنود لن يتمكنوا من رؤية أسرهم إلا مرة كل أسبوعين إلى مرة في الشهر.
إعلانويشير التقرير إلى أن هذه السياسة تأتي في إطار محاولة الجيش التكيف مع الواقع الجديد الذي فرضته المهمات المتعددة للجيش الإسرائيلي على الحدود، بما في ذلك المهمات في قطاع غزة ولبنان وسوريا، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد القوات المطلوبة للخدمة في المناطق الحدودية، حيث تم إنشاء نقاط عسكرية دائمة في لبنان وسوريا وحول قطاع غزة.
وينقل زيتون عن الجيش الإسرائيلي "نحن نبذل قصارى جهدنا لتسهيل الأمر على جنود الاحتياط الذين يتم حرقهم حتى النخاع، لكن الثمن سيدفعه المقاتلون النظاميون أولا. واليوم نحتاج إلى آلاف المقاتلين في المواقع الأمامية الجديدة التي أنشأناها داخل الأراضي اللبنانية، وعلى الجانب السوري من مرتفعات الجولان، وكذلك في مواقع المنطقة العازلة التي أنشأناها على جانب غزة من حدود غزة. ويضاف إلى ذلك ضعف إلى 3 أضعاف عدد الكتائب الدائمة في غلاف غزة وفي فرقة الجليل (الحدود مع لبنان)".
ومن بين التحديات الرئيسية التي يواجهها الجيش الإسرائيلي هو النقص الحاد في القوى البشرية، إذ يعترف زيتون بأن الجيش الإسرائيلي خسر أكثر من 12 ألف جندي منذ بداية الحرب الأخيرة، بين قتلى وجرحى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادة في عدد القوات المطلوبة للدفاع عن الحدود، وتوسيع الوحدات العسكرية مثل وحدات المدرعات والهندسة، أدت إلى عجز كبير في عدد الجنود المتاحين.
ويتعلق النقص، حسب التقرير، بالقرارات الأولى التي اتخذها رئيس الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي الفريق إيال زامير قبل 4 أيام بإنشاء لواء مشاة إضافي (أكبر من لواء مدرع من حيث عدد الجنود).
ويضيف المحلل العسكري "اليوم، هناك 5 ألوية مشاة في الجيش الإسرائيلي النظامي، وهي لواء كفير، وناحال، والمظليين، وغولاني وغفعاتي. كما سيتم إنشاء كتيبة هندسية واحدة على الأقل، وسيتم إعادة إنشاء سرايا استطلاع للألوية المدرعة التي تم إغلاقها في العقد الماضي".
إعلانويقول زيتون "إن هذه الإضافات سيتم الوصول لها من الصفر وتحتاج وقتا طويلا، مما سيزيد العبء على المقاتلين الحاليين، كذا سيلجأ الجيش الإسرائيلي إلى المقاتلين السابقين الأكبر سنا، ويحاول استخدامهم لإنشاء ألوية احتياطية جديدة تعتمد على جنود تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاما، وهذا سيعتمد على حالتهم الصحية، وغيرها من القيود".
ضغوط على الجنود والعائلاتوينقل المحلل العسكري عن قادة بجيش الاحتلال قولهم "نحن متوترون بجنون، وكل جندي في الجيش الإسرائيلي يشعر بذلك بالفعل في جسده، وبعد نحو شهرين من التدريب القتالي في المشاة، يطلب من سرايا ألوية المشاة القدوم إلى القطاعات والمساعدة والتعزيز لمدة أسبوع أو أسبوعين على حساب تدريبهم. إنها دائرة لا يمكن تربيعها، باستثناء إضافة قوات جديدة بحجم كبير لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي".
كما يتطرق التقرير للعبء المتزايد على الجنود، حيث لا تؤثر الحرب على أدائهم العسكري فقط، بل أيضًا على حياتهم الشخصية وعائلاتهم. فمع تقليل فترات الإجازة وزيادة المهام، أصبح الجنود يعانون من ضغوط نفسية وجسدية كبيرة. كما أن العائلات التي كانت تعتاد على رؤية أبنائها بشكل منتظم أصبحت الآن تواجه صعوبات في التواصل معهم.
ويشير التقرير إلى أن الجيش يحاول تخفيف العبء على قوات الاحتياط، التي عانت من ضغوط كبيرة خلال العام الماضي. ومع ذلك، فإن القوات النظامية هي التي تتحمل العبء الأكبر، مع توقعات بأن يستمر هذا الوضع في السنوات القادمة.
ولتوضيح مشكلة جنود الاحتياط يقول التقرير إن "50 إلى 70% من الجنود الذين تم استدعاؤهم يقدمون تقارير لمسؤوليهم بالإرهاق الطويل، الذي يضر بتقدمهم في حياتهم المهنية وأسرهم ودراساتهم الأكاديمية وأعمالهم، حيث لا يمكن تعويض كل شيء بالمال أو منحة أخرى أو قسيمة إجازة أو تدليك".
جبهات متعددةويسلط المراسل العسكري الضوء على التحديات المفروضة على الجيش الإسرائيلي في ظل قرارات المستوى السياسي، ومن أبرز التحديات الجديدة هي الجبهة الساخنة في الضفة الغربية وعلى حدود غور الأردن، حيث يعمل الجيش بالإضافة لمواجهة المقاومين هناك على إحباط تهريب الأسلحة من الأردن.
إعلانأما التحدي الأكثر أهمية، فهو الخطة الهجومية الجديدة التي صاغها الجيش الإسرائيلي لاحتلال الأراضي في قطاع غزة والبقاء فيها، وذلك كبديل لطريقة الغارات المتكررة، والتي أثارت انتقادات لفعاليتها، خاصة من عناصر اليمين الإسرائيلي.
ويرى زيتون أنه "إذا انتهى الهجوم الجديد على قطاع غزة بوجود دائم للقوات داخل خان يونس أو على مشارف الشاطئ وحي الرمال، فضلا عن استمرار التمسك بمحور فيلادلفيا وعدم الانسحاب منه، فإن تكلفة العبء على المقاتلين ستزداد على حساب التدريب المطلوب لجميع الساحات. سيكون هناك آلاف المقاتلين "الجدد" الذين سيتعين على الجيش الإسرائيلي الاحتفاظ بهم داخل قطاع غزة".
وفي لبنان، يشكل حزب الله تهديدًا دائمًا، خاصة بعد التصعيد الأخير على الحدود الشمالية. كما أن الجبهة السورية لا تزال تشكل مصدر قلق، حيث يتمركز الجيش الإسرائيلي في مرتفعات الجولان المحتلة.
ويشير التقرير إلى أن "الجيش قام بإنشاء نقاط عسكرية دائمة في المناطق الحدودية مع لبنان وسوريا، بالإضافة إلى تعزيز القوات حول قطاع غزة، مما أدى لتضاعف عدد القوات في هذه المناطق مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتسبب في زيادة الضغط على الجنود".
تشكيك بفعالية شن الحرب على غزةوجه التقرير انتقادات للقيادة السياسية في إسرائيل، متهمًا إياها بالتغاضي عن التحديات التي يواجهها الجيش. فبينما يواجه الجيش أزمة نقص في القوى البشرية وزيادة في المهام، فإن القيادة السياسية لم تتخذ الإجراءات الكافية لمعالجة هذه الأزمة.
ويشير التقرير إلى أن الجيش يحاول إقناع القيادة السياسية بضرورة زيادة الميزانيات وتعزيز القوات، ولكن حتى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراءات جذرية.
ويضيف زيتون "لقد أثبت المستوى السياسي بالفعل أنه يقع في حب هذه الطريقة (الاحتلال الدائم) دون أن يأخذ في الاعتبار تكاليفها ومخاطرها، فهناك في الجيش الإسرائيلي من يشكك في فعالية ترك الكتائب النظامية في مخيمات لاجئين فارغة، مثل جنين خلال الشهرين الماضيين. وعلى الرغم من الحرية العملياتية الكاملة التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، تظهر علامات استفهام في الجيش، خاصة عندما يكون هناك قصور عددي في الجيش لتلبية الحاجة إلى المزيد من المقاتلين لغزة أو الحدود اللبنانية، وحتى للجنود المرهقين في الجولان السوري".
إعلانويخلص المحلل العسكري من ذلك للتشكيك بقدرة الجيش الإسرائيلي على شن حرب جديدة على قطاع غزة. ويقول "من ناحية، فإن العبء التشغيلي ونقص القوى البشرية يحدان من قدرة الجيش على التحرك بشكل حاسم، ومن ناحية أخرى، فإن التهديدات الأمنية المستمرة من غزة تدفع القيادة السياسية إلى النظر في خيارات عسكرية أخرى".
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي يدرس خيارات مختلفة، بما في ذلك الاحتفاظ بأجزاء من قطاع غزة كمنطقة عازلة، أو شن عمليات عسكرية محدودة. ومع ذلك، فإنه يؤكد أن "أيا من هذه الخيارات سيتطلب تعبئة موارد بشرية ومادية كبيرة، مما سيزيد من الضغوط على الجنود وعائلاتهم".