لجريدة عمان:
2025-01-08@01:10:43 GMT

السلطان هيثم بن طارق.. والنهضة المتجددة

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

11 يناير 2025م.. يكمل فيه مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -أدام الله مجده- العام الخامس من اعتلائه عرش السلطنة العمانية، مواصلًا بناء الدولة الحديثة بعد مؤسسها السلطان الراحل قابوس بن سعيد (ت:2020م). إن السلطان هيثم أحد أركان الدولة، وهو سليل السياسة العمانية؛ من أرومتها، مطبوع على سجاياها.

خمس سنوات.. أدار فيها جلالته خطة خمسية كاملة، وقبلها صنعت «رؤية عمان 2040» على عينه، فهو واقف على التحديات القائمة، متحقق من متطلبات المرحلة القادمة. وهذه المدة.. كافية لتكوين رأي واقعي عن مسار مستقبل حكمه، وقد لخّص جلالته رؤيته لها بأنها «نهضة متجددة»، واضعًا في خطابه السامي بمناسبة العيد الوطني الخمسين في 18 نوفمبر 2020م الخطوط العريضة لها؛ قائلًا: (وأنْ يُقدّرَنَا [الله] على ارتسام خُطاه [السلطان قابوس]، في التأسيس لمرحلة أخرى من نهضة عمان المتجددة، تتواكب مع متطلبات المرحلة القادمة، بما يلبي طموح وتطلعات أبناء الوطن، نَستَلْهِمُ فيها أفضل وأعظم ما نعتزّ به من أصالة وعراقة ماضيها التليد وتاريخها الحافل المجيد، لمستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا بإذن الله).

جاء السلطان هيثم بن طارق إلى الحكم بعزيمةٍ؛ لنقل عمان إلى مرحلة أكثر تحديثًا وأرسخ تمكينًا، مع إدراكه بأن لها مصاعبها وتحدياتها، وتحتاج إلى حكمة في سياستها، وعزم في قيادتها، وإحكام في إدارتها. لقد كانت عمان تعيش تحديات وجودية، حيث كانت تعاني من ارتدادات الربيع العربي ومثقلة بالديون. مع الركود الاقتصادي العالمي الذي أصاب مفاصل الحركة الاستثمارية بالوهن، مما انعكس على سلطنة عمان بقلق المستثمرين من الاستثمار في دولة تتزايد ديونها، وكانت ثالثة الأثافي أن عصفت بالعالم جائحة كورونا كوفيد19. هذه الأوضاع كانت اختبارًا لمدى إمكان إرساء ركائز التجديد في البلاد باتزان.

الخطاب الأول لجلالة السلطان هيثم حفظه الله.. كشف بأن الوفاء أهم سمات الحكم القادم، فجعل عمله المجيد موصولًا بما شيّده السلطان قابوس من بناء تليد. فقال مخاطبًا شعبه يوم استلامه الحكم: (أبناء عُمان الأوفياء: إن الكلمات لتعجز والعبارات لتقصر عن أن تؤبن سلطانًا عظيمًا مثله، وأن تسرد مناقبه وتعدد إنجازاته، إن عزاءنا الوحيد وخير ما نخلد به إنجازاته هو السير على نهجه القويم، والتأسي بخطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل، والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه هذا، ما نحن عازمون بإذن الله وعونه وتوفيقه على السير فيه والبناء عليه لترقى عمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها، وسهر على تحقيقها فكتب الله له النجاح والتوفيق).

2 فبراير 2020م.. توجه جلالته إلى المواطنين؛ باعتبارهم شركاء في الوطن، وعلى عاتقهم تواصل النهضة مسيرتها بنجاح، مركزًا على قيم عليا هي قوام الحكم الرشيد: القانون، الحرية، المساواة، العدل، الكرامة، الحقوق، تكافؤ الفرص؛ قائلًا: (إن مما نفخر به أن المواطنين والمقيمين على أرض عُمان العزيزة يعيشون بفضل الله في ظل دولة القانون والمؤسسات، دولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، قوامها العدل، كرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصونة، بما في ذلك حرية التعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة).

للتحول إلى المرحلة الجديدة وتلبيةً لمتطلباتها؛ فإن جلالة السلطان هيثم بن طارق عمد إلى مجموعة من الإجراءات على المستويات التشريعية والرقابية والإدارية. كان أولها وأهمها إجالة النظر في مواد «النظام الأساسي للدولة»، فهو القانون الأعلى المنظم للدولة، وكل مشروعية لأي عمل في البلاد تنبثق منه، ولا يجوز لبقية القوانين مهما علت أن تخالفه، فأصدر جلالته نسخة جديدة منه بتاريخ 11 يناير 2021م. أجريت فيه التعديلات اللازمة، منها: تنظيم عملية انتقال الحكم في حال شغور منصب السلطان أمد الله في عمره، فأصبح من يشغله محددًا بمواد غير قابلة للتأويل، ولا ينبغي الاختلاف فيها، بعد أن كان يمر بطرق لا يُعرَف فيها السلطان إلا لحظة توليه الحكم.

ومن هذه التعديلات: التأكيد على (توفير فرص العمل، والقضاء على الفقر)، بحسب نص المادة (14). واعتبرت المادة (15) (العمل حق وشرف)، ونصت على (تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة). وقد تحدثت بتفصيل عن هذه الإضافات في مقال بعنوان «الإضافة النوعية للنظام الأساسي للدولة 2021م»، نشرته مشكورةً جريدة «عمان» بتاريخ: 9/ 1/ 2024م.

يتمتع جلالة السلطان هيثم بن طارق -دام عزّه- بأداء عملي، فاعتمد على مَن تَخوَّل فيه الكفاءات، فأعاد هيكلة الجهاز الإداري للدولة؛ فصلًا ودمجًا بين كثير من الوحدات الوزارية، وعيّن قيادات جديدة عليها، بما رآه يتناسب مع المرحلة. كما أنه أعاد النظر في إدارة المحافظات، فانتقل بها من المركزية إلى اللامركزية، وأعطيت صلاحيات في تحديد أولوياتها واحتياجاتها في التنمية، وخُصص لكل محافظة بند مالي من الموازنة العامة للدولة، وفُعّلت المجالس البلدية عمليًا من خلال المحافظات، ولم يُكتفَ منها بنقل آراء المجتمع واحتياجاته نظريًا.

لزيارات جلالة السلطان المحافظات دور في ترسيخ النهضة المتجددة، حيث يلتقي خلالها بشيوخ الولايات وأعيانها، يتحدث إليهم حديث القريب إلى القريب، مستمعًا إليهم بما يرفعون إليه من احتياجات بلدانهم، ويوجههم إلى الاهتمام بمجتمعهم وتربية أبنائهم. إن هذه اللقاءات من عوامل الترابط بين الشعب والحاكم، وهي دافع للنهوض بالمجتمع.

بالنسبة للحقل الثقافي.. كان جلالته أدام الله مجده قبل أن يعتلي عرش سلطنة عمان على رأس (وزارة التراث والثقافة) فأدرك أهمية الثقافة في تحريك المجتمعات، وبأنها عقل الأمة المفكِّر وقلبها النابض، فعمل على ربطها بالشباب لحيوية هذا القطاع، فأعاد هيكلتها باسم وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وجعل على رأسها ابنه الشاب صاحب السمو السيد ذي يزن حفظه الله. فعملت الوزارة لأول مرة على إصدار استراتيجية ثقافية بعنوان «الاستراتيجية الثقافية 2021-2040»، إيذانًا بتجديد الخطاب الثقافي. ولتستظل المشاريع الثقافية بسقف مؤسسي جامع أنشئ مجمع عمان الثقافي، وضع جلالته حجر أساسه بتاريخ 21 يناير 2024م.

لم تنسَ نهضتنا الدور الذي يقوم به الدين؛ سواءً على مستوى ضمير الفرد أم بُنية الجماعة أم علاقات الدول، فأجرى جلالته تعديلات على مستوى قيادات الوزارة. وأحدث تغييرًا في الخطاب الديني، تحدثت عنه في مقال بعنوان «خطبة عيد الفطر.. وأفق التحول الديني»، المنشور في جريدة «عمان» بتاريخ: 23/ 5/ 2023م، وهو تغيير يشي بأن المرحلة القادمة ستصحبها فلسفة وإدارة للشأن الديني قادرتان على مواكبة التحولات، فقلت: (إن الخطبة مست الجانب العملي، فلم توغل في الحديث عن الجوانب النظرية؛ التي غالبًا ما تطغى على الخطاب الديني، وهي خطوة تشي بأننا مقبلون على مرحلة عملية في الحياة، وطبعًا؛ لا يمكن الاستغناء عن الحافز الديني، فهو من أهم الدوافع في مجتمعاتنا المسلمة).

ولأن الاقتصاد هو العمود الفقري للدولة؛ فقد أولاه جلالته عناية فائقة، وحوَّل فلسفته من تعظيم القطاع ذاته إلى الإسهام في استقرار المجتمع ورفاهيته. فبدأ بترشيد الإنفاق في مؤسسات الدولة، وإلغاء العلاوات الزائدة التي ترهق ميزانية الدولة، ومكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين. ثم سن «قانون الحماية الاجتماعية»؛ ليخفف العبء عن المواطن، ويسهم في تحقيق التوازن الاجتماعي.

تواصلُ عاهل البلاد المفدى مع العالم مهمٌ لترسيخ النهضة المتجددة، فمنذ بداية حكمه عمل على تبادل الزيارات مع رؤساء وملوك العالم، ليحقق أمورًا؛ منها: تقوية الدبلوماسية العمانية وتوثيق عرى الصداقة مع العالم. وفتح أبواب للاستثمار ليعود ريعه على الوطن والمواطن. والإسهام في حل الصراعات الدولية لتوطيد السلام في المنطقة.

ختامًا.. إن السنوات الخمس المنصرمة مرحلة تأسيسية لما بعدها، ومن الأهمية أن يُؤرخ لها، وتُقيّم بموضوعية؛ بما يعزز كفاءة الإنجاز فيها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السلطان هیثم بن طارق

إقرأ أيضاً:

إجازة رسمية بمناسبة تولي السلطان مقاليد الحكم

مسقط - العمانية

 بناءً على الأوامر السّامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/، وبمناسبة يوم تولّي السُّلطان مقاليد الحكم في البلاد، فقد تقرّر أن يكون يوم الأحد الموافق 12 يناير الجاري إجازة رسميّة للموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدّولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية الأخرى والعاملين في منشآت القطاع الخاص.

ووضّحت وزارة العمل أنّه يجوز العمل في اليوم المشار إليه إذا اقتضت الضرورة، على أن يُعَوّض عن ذلك حسب الأنظمة المعمول بها.

وبهذه المناسبة المُباركة تتشرّف وزارة العمل بأن ترفع إلى المقام السّامي لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ أسمى آيات التّهاني والتّبريكات مُبتهلين إلى المولى /عزّ وجلّ/ أن يحفظ جلالته ويُنعم عليه بموفور الصحة والسعادة والعمر المديد، وأن يُعيد هذه المناسبة وأمثالها على جلالته أعوامًا عديدة، وعلى الشّعب العُماني وبلادنا العزيزة بمزيد من التقدم والرّخاء في ظل قيادته الحكيمة.


 

مقالات مشابهة

  • نهضة سلطنة عمان المتجددة.. خمس سنوات مثمرة
  • جلالة السلطان.. و5 سنوات من التحديات والإنجازات
  • توجيهات جلالة السلطان..
  • إصدار 470 مرسومًا سلطانيًا منذ تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم .. عاجل
  • 11 يناير .. سلطنة عمان تحتفل بيوم تولّي جلالة السلطان مقاليد الحكم
  • إطلاق مبيعات واحة الصاروج بمدينة السلطان هيثم
  • سلطنة عمان تحتفل بيوم تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم.. السبت
  • جلالة السلطان يهنئ أمير الكويت
  • إجازة رسمية بمناسبة تولي السلطان مقاليد الحكم