سوريا: السلطات الجديدة تغير صحيفة تشرين السورية إلى "الحرية"
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
قررت وزارة الإعلام السورية اسم صحيفة تشرين الحكومية، إلى صحيفة الحرية، اليوم الإثنين.
وقالت إدارة التحرير على الصفحة الأولى: "لأنها الحرية.. ولأنها خيار السوريين وهم ييممون وجوههم صوب فجر جديد وأفق مشرق، صاغه شغفهم اللامحدود بوطنهم. ستعلو (الحرية) منبرنا وستكون أيقونتنا وعنواننا الذهبي، ونحن نسعى لمصافحة دافئة حقيقية مع قارئ ومتابع ينشد صدق الدلالة كما صدق العبارة".وأضافت "الحرية أصبحت اليوم منطلقاً لعمل هذه الصحيفة السورية المتجذرة بسوريا الوطن والشعب والإعلام".
وتابعت "الحرية" منبر كل حر، وستكون للحرية الملتزمة عنوانا.
وصدر العدد الأول من صحيفة تشرين في أكتوبر (تشرين الأول) 1975 في الذكرى الثانية لحرب أكتوبر (تشرين الأول) وهي الصحيفة الرسمية الثالثة في سوريا إلى جانب الثورة، والبعث، المتحدثة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، والتي لم يتضح مصيرها بعد حل حزب البعث من قبل سالإدارة الجديدة التي سيطرت على دمشق في 8ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ولا تزال وسائل الإعلام السورية الرسمية شبه متوقفة عن العمل، وعلى رأسها التلفزيون السوري.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد سوريا
إقرأ أيضاً:
مداخل تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا الجديدة
أصبح مطروحا بقوة موضوع "العدالة الانتقالية" في سيرورة إعادة بناء سوريا الجديدة، ولئن كان النقاش حول هذا الموضوع في أولى مراحله، ويحتاج إلى وقت وجهود من أجل إنضاج فكرة العدالة الانتقالية، وتوفير متطلبات إنجاحها، فإن الإرث السياسي والاجتماعي والمناخ النفسي العام الثقيل والمعقد في مؤسسات الدولة ونسيج المجتمع، والثقافة السياسية التي حكمت النظام السياسي السوري، وجعلته متكورا حول نفسه، بل حولته إلى سياج سميك في علاقته بالسوريين أفرادا وجماعات، وكلها اعتبارات موضوعية تجعل من العدالة الانتقالية ليس مطلبا فحسب، بل ضرورة لا مندوحة عنها، لإعادة الثقة في السياسة وممارسيها، وفي مكونات المجتمع وروافده اللغوية، والإثنية، والثقافية.
تُنبه التجارب المقارنة إلى أن ليس ثمة مقاربة واحدة لفهم العدالة الانتقالية، ومسالك تحقيقها، بل هناك تنوع في الفهم، وتعدد في طرق الإنجاز. والحال أن السياقات العامة السياسية والمجتمعية والثقافية هي المتحكمة بدرّة أساسية في صياغة رؤية فكرية لروح العدالة الانتقالية، ورسم طرق وآليات الوصول إليها. فبعض تجارب العدالة الانتقالية تحققت في ظل استمرار نفس النظام السياسي، بل إن النظام نفسه كان طرفا مشاركا في بناء خطوات إنجاز العدالة الانتقالية.
تمثل التجربة المغربية مثالا بارزا عن تحقيق العدالة الانتقالية في ظل استمرار النظام السياسي وبمشاركته، إلى جانب مكونات المجتمع السياسي والحقوقي والمدني. فهكذا، استطاع المغاربة، نظاما سياسيا ومجتمعا مدنيا، من القبض على العصى من الوسط
وتمثل التجربة المغربية مثالا بارزا عن تحقيق العدالة الانتقالية في ظل استمرار النظام السياسي وبمشاركته، إلى جانب مكونات المجتمع السياسي والحقوقي والمدني. فهكذا، استطاع المغاربة، نظاما سياسيا ومجتمعا مدنيا، من القبض على العصى من الوسط. فمن جهة، تمت المحافظة على ثوابت النظام السياسي، على الرغم من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين 1956 و1999، وفي الآن معا تضميد الجراحات الناجمة عن هذه الانتهاكات من خلال آليات التعويض المادي، وجبر الأضرار المعنوية، والالتزام بعدم تكرار التجربة موضوع المساءلة، عبر تقديم مجموعة من الإصلاحات الدستورية والسياسية والمؤسساتية، وتضمينها في الوثيقة الدستورية لعام 2011.
فإلى جانب التجربة المغربية، وهي الوحيدة والنادرة في البلاد العربية، هناك تجارب تحققت في مناطق كثيرة من العالم، نشير، على سبيل المثال، إلى حالة جنوب أفريقيا، حيث عاش هذا البلد لعقود انتهاكات جسيمة من قبل أقلية البيض، استحوذت على السلطة والثروة، وقامت بأشكال متنوعة من التنكيل من السكان الأصليين، وكادت أن تقضي عليهم واجتثاث جذورهم عنوة وبالقوة. فالمقاربة المعتمدة في جنوب أفريقيا، اعتمدت هي الأخرى حلا توافقيا وسطا بين "الحاجة الملحة على تحقيق استقرار سياسي بناء سلم مدني، وواجب الكشف عن "حقيقة" تضمن هدوء الذاكرة"، متلمسة بذلك طريقا وسطا بين "العدالة العقابية والعفو الشامل".
لذلك، يُنتظر من القادة السوريين الجديد ومن يدعمهم بصدق أن يُعملوا العقل، ويرجحوا الاجتهاد الخلاق في صياغة رؤيتهم الخاصة لمقاربة ممكنات تحقيق العدالة الانتقالية في بلدهم. فطريق الانتقام، والعقاب القاسي، وربما القصاص، كما يروج له البعض، ليس خيارا سالكا، بل هو، بكل المقاييس، سيفتح البلاد على آفاق غير واضحة المعالم، وربما سيدفع سوريا دفعا نحو الخراب المدني والانتكاس السياسي. ثم إن التفكير في الحلول الجاهزة من قبيل التنكيل بفلول النظام، وتقتيلهم دون محاكمات عادلة، سيعقّد إمكانيات بناء سوريا الجديدة. فالمدخل الكفيل بإنجاح سيرورة العدالة الانتقالية، لا يمكن أن يكون إلا مدخلا مبنيا على عدالة القانون، ووسطية العقل، وروح إعادة بناء الثقة، والبحث عن المشترك داخل سوريا الجديدة التي لا يمكن أن تكون إلا متعددة، متنوعة، ومتصالحة مع ذاتها، ومتسامحة مع كل مكوناتها.
الانتقال في هذه الخطوات ليس عملية سهلة، ولن تكون بالضرورة سلسة، بل هي مسار معقد بطبيعته، ينطوي على الصعود والنزول، ويحتمل النجاح كما الكبوة والإخفاق.. لكن الأساسي في هذه العملية برمتها يكمن في وعي كل مكونات الشعب السوري دقة اللحظة التاريخية التي توجد في قلبها بلادهم، والاستعداد غير المشروط من لدن الجميع على التكاتف من أجل إنجاح العدالة الانتقالية بكل مراحلها
لذلك، كما أشرنا في مقال الشهر الماضي، تحتاج سوريا الجديدة أولا وقبل كل شيء إلى الإفصاح الصريح عن هويتها، من حيث طبيعة نخبتها القائدة، ونمط تفكيرهم ونوع تصوراتهم، لإقناع السوريين في الداخل والعالم من حولهم بأنهم على الطريق السالك لإعادة بناء الثقة في السياسة والمؤسسات والمجتمع، وأن أولوية أولوياتهم استرجاع مناخ الاستقرار والسلم إلى بلدهم، وفتح المجال واسعا أمام كل السوريين للمساهمة في إنجاح عودة الحياة المدنية إلى وطنهم.
وفي هذا الاتجاه يبدو مهما وضروريا ترتيب شروط حوار وطني مفتوح في سوريا حول سبل إعادة بناء سوريا الجديدة، يكون مؤسسا على رؤية واقعية، وواضحة، وقابلة للتطبيق، يستطيع الجميع الاهتداء بها، والسير على نهجها. والحال أن لسوريا الكفاءات والطاقات الجديرة والكفيلة بصياغة مثل هذه الرؤية، التي سنضيء الطريق للبناء الجديد.
ثم إن مخرجات المؤتمر الوطني، إن توفرت شروط انعقاده ونجاحه، سترسم صورة إعادة بناء سوريا الجديدة، من حيث القوانين اللازمة، وفي مقدمتها إعداد دستور ديمقراطي، يضمن بناء دولة مدنية تحتضن الجميع على قاعدة المواطنة، وتكرس توزيعا متوازنا للسلطات، وتكفل الحقوق والحريات بكافة أجيالها، وتاليا تقود البلاد إلى تكريس قواعد ومبادئ المشاركة المواطنة الواسعة والمفتوحة، المبنية فقط على مبدأ التكافؤ في الحقوق والفرص.
غير أن ما يجب التنبيه إليه أن الانتقال في هذه الخطوات ليس عملية سهلة، ولن تكون بالضرورة سلسة، بل هي مسار معقد بطبيعته، ينطوي على الصعود والنزول، ويحتمل النجاح كما الكبوة والإخفاق.. لكن الأساسي في هذه العملية برمتها يكمن في وعي كل مكونات الشعب السوري دقة اللحظة التاريخية التي توجد في قلبها بلادهم، والاستعداد غير المشروط من لدن الجميع على التكاتف من أجل إنجاح العدالة الانتقالية بكل مراحلها، لبناء سوريا جديدة تجب الماضي وحقبة طغيانه الذي ضغط بكلكله على صدور السوريين من انقلاب عام 1963 وحتى هروب بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.