هل يقيل ترامب بنك الاحتياطي الفيدرالي؟
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
قوبل كل تعيين وزاري تقريبا أو تعيين موظفين أعلن عنه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بموجة متوقعة من الغضب الإعلامي. ربما يكون بوسعنا أن نعزو بعض هذه الهستيريا إلى تحيزات حزبية عميقة الجذور، بعضها يعكس مخاوف مشروعة، وبعضها الآخر محض هراء.
ولكن، عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد الأمريكي، تُـسَـلَّـط الأضواء على من قد يحاول ترامب إقالته وليس على من يخطط لتعيينه.
الواقع أن معاداة ترامب لباول أمر محيّر، خاصة وأن باول كان يؤدي وظيفته بامتياز. ورغم أن نجاح بنك الاحتياطي الفيدرالي في تحقيق هبوط اقتصادي سلس وسط رفع أسعار الفائدة بقوة كان أقل إثارة من الناحية البصرية لعملية استرجاع معزز الإطلاق بواسطة شركة SpaceX، فإنه إنجاز لا يقل إبهارا. فلم يتحقق مثل هذا التوازن الدقيق إلا مرة واحدة من قبل، في تسعينيات القرن الماضي، عندما كان «المايسترو» النقدي آلان جرينسبان يترأس بنك الاحتياطي الفيدرالي. ولأن الزيادات الحادة في أسعار الفائدة تؤدي عادة إلى حدوث ركود اقتصادي، فإن أهل الاقتصاد يعتبرونها غالبا نجاحا عندما يكون الانكماش الناتج عن ذلك معتدلا أو على الأقل وجيزا.
في حين لم يكن أي رئيس أمريكي أسرع من ترامب ــ نجم برنامج « The Apprentice» السابق ــ في إقالة من يعينهم في مناصب، فإن الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن تحرك أبعد مما ينبغي في الاتجاه المعاكس، حيث امتنع عن إقالة أي من أعضاء حكومته. كان المثال الأبرز، وقوف بايدن إلى جانب وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس على الرغم من دور مايوركاس في الإشراف على سياسة «الحدود المفتوحة» غير المدروسة التي اتبعتها الإدارة. ما يُحسب لترامب أن المرشح الأبرز لخلافة باول، هو كيفن وارش، محافظ سابق في الاحتياطي الفيدرالي يحظى بتقدير كبير وكان دائما أكثر تشددا من باول.
ولكن بغض النظر عما إذا كان سيقيل باول أو لا، فإن محاولة ترامب اكتساب قدر أكبر من التأثير على عملية صنع القرار في الاحتياطي الفيدرالي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار توقعات التضخم ورفع أسعار الفائدة الطويلة الأجل. ورغم أن هذه العملية قد تتكشف بشكل تدريجي أكثر مما قد يتوقعه بعض المنتقدين الذين يعانون من «متلازمة خَـبَـل ترامب»، فإن العواقب قد تكون وخيمة.
في الأمد البعيد، قد تؤدي أي محاولة من جانب ترامب لتقويض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي إلى إعاقة قدرته على الاستجابة للأزمات الاقتصادية والمالية. فإذا لم تُـثَـبَّـت توقعات التضخم بشكل راسخ، سيواجه صناع السياسات صعوبة في تحفيز الاقتصاد دون التسبب في نمو الأسعار بشكل جامح. ومن شأن هذا «الانتصار» الرئاسي على الاحتياطي الفيدرالي أن يقلل من الثقة أيضا في مؤسسات رئيسية أخرى.
ما يدعو إلى التفاؤل أن إقالة باول ليست بهذه البساطة. فبينما يُـعَـيَّـن رؤساء مجلس الاحتياطي الفيدرالي من قبل الرئيس، فإن فترات ولايتهم محددة بموجب القانون، وهذا يعني أن الرئيس لا يملك سلطة إقالتهم. يستطيع ترامب أن يطلب من باول الاستقالة، لكن باول أوضح بالفعل أنه لن يتنحى.
مع ذلك، لا ينص الدستور الأمريكي على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. وفي ظل الدعم الكافي من جانب مجلسي الشيوخ والنواب، يستطيع ترامب تعديل القانون لإقالة باول. ولكن في الوقت الحالي، يتمتع مجلس الاحتياطي الفيدرالي بحماية شبه يقينية تتمثل في أن أي محاولة جادة لتجاوز استقلاليته ستؤدي إلى تكدير صفو الأسواق المالية.
إذا لم تكن إقالة باول خيارا مطروحا، فقد يقوم ترامب بتعيين لجنة «ظل» للسوق المفتوحة لتقويض سلطة باول والضغط على الاحتياطي الفيدرالي. وقد فعل ترامب شيئا مماثلا مع الرئاسة منذ انتخابه في نوفمبر؛ فالعالم يوليه قدرا أكبر كثيرا من الاهتمام مقارنة بما يحظى به بايدن.
من المؤكد أن هذه الاستراتيجية من غير المرجح أن يكون لها تأثير كبير على الاحتياطي الفيدرالي. قد يواجه باول أسئلة صريحة حول سياسات احتياطي الظل الفيدرالي التي يتبعها ترامب خلال جلسات الاستماع في الكونجرس أو المؤتمرات الصحفية، لكن مثل هذه المجموعة لن يكون لها ثِـقَـل أكبر من غيرها من المنتقدين الخارجيين. وما لم يتفوق باستمرار على الاحتياطي الفيدرالي في التنبؤ بالاتجاهات الاقتصادية ــ وهو سيناريو غير محتمل إلى حد كبير ــ فسوف يكون بنك الظل المركزي ببساطة موضع تجاهل.
مع ذلك، لا ينبغي الاستهانة بالمخاطر التي يشكلها نهج ترامب. قَـد يُـقال إن استقلالية البنك المركزي هي أكثر إبداع في سياسة الاقتصاد الكلي أهمية منذ ثورة جانب العرض في سبعينيات القرن العشرين. وفي حين لعب استهداف التضخم و«قاعدة تايلور» دورا محوريا في تشكيل السياسة النقدية الحديثة، فإنهما يعتمدان على مصداقية البنوك المركزية واستقلاليتها. وتاريخيا، تفوقت البنوك المركزية التي يقودها تكنوقراط يركزون على الحفاظ على استقرار الأسعار باستمرار على البنوك المركزية المبتلاة بالتدخل السياسي.
لفهم المخاطر، لنفترض أن ترامب تمكن من إقالة باول وضغط على الاحتياطي الفيدرالي لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة لتعزيز النمو الاقتصادي، وخاصة خلال أول عامين من ولايته، قبل أن يستعيد الديمقراطيون في الأرجح السيطرة على مجلس النواب. من شبه المؤكد أن أسعار الفائدة الطويلة الأجل ــ مثل تلك المفروضة على قروض المنازل والسيارات، والتي لا يتحكم فيها الاحتياطي الفيدرالي مباشرة ــ سترتفع، أولا بشكل تدريجي ثم بشكل كبير. وسرعان ما سيضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى عكس مساره، فيؤدي هذا إلى تآكل مصداقيته وإضعاف الاقتصاد الأمريكي.
الخبر السار هو أنه على الرغم من كل نزواته، يتسم ترامب في نهاية المطاف بالبرجماتية وهو ليس أيديولوجيا متشددا. فالعواقب الطويلة الأجل المترتبة على تقويض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي لن تكون في مصلحة أحد، بما في ذلك مصلحته هو شخصيا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على الاحتیاطی الفیدرالی أسعار الفائدة
إقرأ أيضاً:
«البنك المركزي»: تراجع نقود الاحتياطي «MO» إلى 2.266 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضي
أكد البنك المركزي على تراجع نقود الاحتیاطي «MO» بنحو 86.6 مليار جنيه إلى 2.266 تريليون جنيه بنهاية مارس 2025، مقارنة بـ 2.352 تريليون جنيه بنهاية شهر فبراير الماضي، بنسبة انخفاض شهري تخطت 3.6%
وأوضح البنك المركزي المصري أن التراجع جاء نتیجة لانخفاض ودائع البنوك بالعملة المحلية لديه بنحو 190.645 مليار جنيه بنسبة 18% على أساس شهري إلى 864.572 مليار جنيه بنهاية مارس الماضي، مقارنة بـ 1.055 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025.
وشهدت العملة المتداولة خارج خزائن البنك المركزي المصري زيادة خلال مارس لتصل إلى 1.401 تريليون جنيه، مقابل 1.297 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025، وفقاً لبيانات البنك المركزي.
تتكون نقود الاحتیاطي «MO» من النقد المتداول خارج خزائن البنك المركزي وودائع البنوك بالعملة المحلیة لدیه، وتعتبر الأساس للنقود بتعريفها الأوسع، ویطلق علیھا أحیاناً القاعدة النقدیة أو النقود عالیة القوة، وتستخدم كأحد الأھداف التشغیلیة الوسیطة للسیاسة النقدیة في إدارة السیولة المحلیة «2M»، وتمثل نقود الاحتیاطي والأصول المقابلة لھا تبویب آخر لبنود المركز المالي للبنك المركزي.
اقرأ أيضاً12.50 مليار دولار.. زيادة فائض صافي الأصول الأجنبية بالبنك المركزي المصري
بنسبة 6%.. «مباشر» لتداول الأوراق المالية تتوقع خفض الفائدة بالبنك المركزي المصري
إتش سي للأوراق المالية: 1.5% خفض متوقع بالبنك المركزي المصري في اجتماع الخميس
116.5 مليار جنيه.. أذون الخزانة المصرية تشهد إقبالاً كثيفاً في عطاء البنك المركزي اليوم