الدوحة – يعد الأكاديمي والمترجم التركي أرشد هورموزلو من الشخصيات البارزة في مجال العلاقات التركية-العربية والدراسات الشرق أوسطية، فهو رئيس المنتدى الدولي للحوار العربي-التركي، وصاحب إسهامات فكرية وأكاديمية متميزة. فقد ألّف 20 كتابا باللغات العربية والتركية والإنجليزية، تتناول قضايا الشرق الأوسط والتاريخ والأقليات العرقية.

كما أنه ترجم العديد من الكتب بين اللغات التركية والألمانية والعربية.

وتمتد خبرة هورموزلو إلى المجال الإداري، حيث شغل منصب المدير العام والمدير التنفيذي في عدد من الشركات التركية والعربية والعالمية. وفي الفترة من 2008 إلى 2014، تولى منصب مستشار رئيس الجمهورية التركية "عبد الله غول" لشؤون الشرق الأوسط والعلاقات التركية – العربية، ومثّل الرئيس في مهام دبلوماسية عديدة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كتاب الفوضى.. قصة صعود وهبوط شركة الهند الشرقيةlist 2 of 2الباتيك في إندونيسيا.. فن تقليدي يعكس روح جاوا وبيئتهاend of list

في هذا الحوار مع "الجزيرة نت"، نتعرف عن قرب على رؤى أرشد هورموزلو حول العلاقات التركية-العربية، وتجربته الثرية في مجال الترجمة والتأليف، وآرائه حول قضايا الشرق الأوسط المعاصرة.

كيف أثرت البيئة الثقافية الغنية والمتعددة لمدينة كركوك التي نشأتم بها على أعمالكم الأدبية؟

نحن ننتمي إلى عائلة تركية الأصل، وأهلنا يقطنون في تركيا وشمال العراق، وخاصة في مدينة كركوك. لقد نهلنا من الثقافة العربية خلال إقامتنا هناك، وقد حظيت شخصيا بفرصة الالتحاق بكلية الحقوق في جامعة بغداد، كما درست اقتصاديات التأمين في العاصمة العراقية أيضا. بعد ذلك، وعقب فترة من العمل في منطقة الخليج العربي، عدنا إلى تركيا.

إعلان

أما عن اختيارنا للشعر والمجال الأدبي، فقد جاء بالطبع نتاجا لتأثير بيئتنا الثقافية الغنية. فنحن جيل نشأ على حب اللغة العربية وآدابها، نهلنا من الأدب العربي، ومن الشعر والنثر، وبدأنا منذ أيام الدراسة المتوسطة بقراءة الروايات والكتب العربية. وتعرفنا على الكتّاب المصريين والسوريين، وكذلك من مختلف البلدان العربية. كما تعلمون، اللغة العربية هي بحر واسع، ولذلك عندما يخوض أي شخص في مضمار اللغة العربية، يغرق في أعماقها الغنية والمتنوعة.

يقولون دائما إن "الإبداع ينشأ في التخوم الحضارية" أي ينشط حيثما وجد التماس بين حضارتين.. فكيف رأيت تجربة الشعر بين الثقافتين العربية والتركية؟

الثقافة كالطيور المهاجرة، لا تحتاج إلى تأشيرات دخول بين المناطق والأقاليم والدول. لذلك، يمكن للأدب العربي أن يتأثر بثقافات الأمم الأخرى، كما يمكن لتلك الأمم أن تتأثر بالثقافة العربية التي لها باع طويل في هذا الموضوع. وقد شاهدنا في ندوة جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، أن الشعار كان "من العربية إلى البشرية"، وفي الوقت ذاته، رأينا أمواجا تتلاطم من البشرية إلى العربية أيضا في هذا السياق. وبهذا، يتجلى التناغم الثقافي والأدبي بين شعوبنا الإسلامية ككل، وكذلك مع الثقافات الغربية والآسيوية الأخرى، وهو أمر في غاية الأهمية.

ولقد أثر المجتمع التركماني في الساحة العربية. فبالنسبة لتركمان العراق، برز منهم الكثيرون مثل "مصطفى جواد"، و"صفاء خلوصي"، وكذلك أدباء مشهورون مثل "عبد الوهاب البياتي". أيضا، برز قادة كبار مثل "مصطفى راغب" و"عمر علي"، وهم شخصيات خدمت العراق والأمة الإسلامية بشكل كبير. أما أنا فركّزت على التاريخ التركي قبل الحقبة العثمانية، لأنه كان مجهولا بالنسبة لكثير من إخواننا العرب.

وبالأساس، لا توجد لغة تُسمى "اللغة التركمانية"، وإنما هي اللغة التركية، وتوجد لها لهجات متعددة، كما هو الحال في اللغة العربية التي تتضمن لهجة مصرية أو سورية أو عراقية، ولكنها جميعا تتحد في إطار اللغة العربية. وبالمثل، اللهجات الموجودة سواءً لدى تركمان العراق أو تركمان سوريا أو في أذربيجان أو في أواسط آسيا، هي بالأصل أجزاء من اللهجات التركية. وعندما تكون هناك لغة للكتابة، فإنها تكون باللغة التركية الحديثة، التي تُكتب وتُقرأ بها، ويمكنكم ملاحظة ذلك بوضوح في الجمهورية التركية.

إعلان

ولقد كان لنا نشاط في مؤسسة "وقف كركوك للثقافة والأبحاث"، وهي مؤسسة وقفية طوعية تُعنى بالأدب في منطقة الخليج العربي والدول العربية، وكذلك بالأقوام التركية الموجودة في هذه المنطقة. لقد أصدرنا في هذه المؤسسة أكثر من 120 كتابا، تشمل تراجم وكتبا وأبحاثا ركّزت على هذه المفاهيم.

شغلت سابقا منصب كبير مستشاري الرئيس التركي السابق "عبد الله غول" لشؤون الشرق الأوسط .. فكيف أثر هذا الدور الدبلوماسي والسياسي على نشاطكم الثقافي ورؤيتكم الفكرية والأدبية؟

عندما اختارني فخامة رئيس الجمهورية كبير مستشاريه لشؤون الشرق الأوسط، كان همّي الوحيد هو التواصل والتناغم مع البلدان العربية وبلدان الشرق الأوسط. لذلك، قمنا برحلات مهمة جدا، كما أجريت أكثر من 30 مقابلة تلفزيونية مع فخامة الرئيس للإذاعات والتلفزيونات العربية، وهذا شيء لم يكن موجودا، بصراحة، في التاريخ التركي قبل ذلك. ونتيجة لذلك، أصبح هناك تناغم وتفاهم أكبر بين تركيا ومنطقة الخليج والدول العربية ودول الجامعة العربية، وكذلك دول الشرق الأوسط الأخرى وأواسط آسيا.

كيف ترى الجيل الجديد من الكتّاب في الأدب التركماني وأدب الأقوام التركية؟

الحقيقة أننا كنا أمة تقرأ، ولكننا أصبحنا أمة لا تقرأ حاليا مع الأسف. وهذا هو الموضوع الذي يشكو منه جيلنا دائما مقارنة بالأجيال اللاحقة. أتصور أن وسائل التواصل الاجتماعي والمرئيات قد أثرت على الإقبال على الكتب والقراءة، ولكن الكتاب كما ذُكر في أكثر من مناسبة هو خير صديق، لذلك يجب ألا نهجر صديقنا. هل يُعقل أن نترك صديقا وحده؟ لذا فالكتاب مهم جدا، ولقد كانت الترجمة أيضا مهمة جدا، إذ إن المفاهيم والقضايا الأدبية، كما قلت سابقا، لا تحتاج إلى تأشيرات زيارة لكي تنتقل إلى الدول والأقوام الأخرى. فواجب علينا أن نتعرف على الآخرين ونعرف أنفسنا لهم أيضا.

إعلان في بلاد الشام وفي منطقة ما كان يسمى الهلال الخصيب، هناك فسيفساء من المجتمعات والثقافات واللغات وحتى العرقيات المختلفة.. ما دور الثقافة والأدب لبناء جسور التواصل فيما بين تلك المجتمعات؟

أتمنى أن يكون خصيبا بالفعل، فقد رأينا الكثير من الأهوال في هذه المناطق، ولكن المفاهيم لا تتغير، بل ترتوي بالثقافات الأخرى. لقد زرت تركمان فلسطين، مثلا، في الأردن وفي مناطق مختلفة من بني هاجر، وكذلك تركمان كواشرة وعيدمون في لبنان، وحلب في سوريا، وجبل التركمان، وأيضا كركوك والمناطق المحيطة بها في العراق، وفي دول أخرى. هذه الأقوام تتشارك في موضوع واحد، وهو الحب والمودة فيما بينها، وكذلك بالنسبة للأقوام الأخرى التي تتأثر بثقافاتها، وعلى رأسها الثقافة العربية والأدب العربي.

وسوريا بلد حضاري مهم جدا، ومع الأسف، فقد عانى الشعب السوري منذ عقود طويلة من المآسي، ولكن لا ننسى أنه أثناء تأسيس دولة العراق، كان مدرّسو اللغة العربية يأتون من سوريا إلى العراق لتنظيم الدراسة باللغة العربية. هناك أيضا العديد من الفطاحل والفنانين والمثقفين الذين كان لهم باع طويل في الحضارة العربية والدراسات الإسلامية والدراسات الغربية والترجمات. لا ننسى أن أشخاصا كثيرين برزوا من هذه الأرض الطيبة، مثل "نزار قباني"، وكثير من الذين كان لهم باع طويل في نشر الأدب العربي إلى الأمم الأخرى. وكذلك في لبنان، لا ننسى "أمين معلوف" بالإضافة للعديد من الأدباء والفنانين الذين أثروا في الحضارة، ليست العربية فقط، بل الدولية والعالمية أيضا.

عطفا على ذكر الحضارات العالمية.. حدثنا عن تجربتك في الترجمة بالألمانية والعربية والتركية؟

لقد ترجمت من الألمانية إلى العربية كتابا حول النثر الفني. بطبيعة الحال، اللغة الألمانية مختلفة تماما عن اللغة الإنجليزية وعن الفرنسية في قواعدها اللغوية. ولكن بالنسبة للإنجليزية كانت أسهل لي، باعتباري مسجلا في الأرشيف البريطاني. فقد كنت أزور الأرشيف لمطالعة الكثير من الوثائق بالإنجليزية، والحصول عليها، والتي تسهل ترجمتها سواء إلى العربية أو التركية، وهذا ما فعلته في قسم من دراساتي وفي كتبي.

إعلان بصفتك رئيس المنتدى الدولي للحوار العربي التركي.. حدثنا عن أهدافه ونشاطاته، وكيف يتم تنظيمه

تأسس المنتدى الدولي كمنظمة دولية طوعية في تركيا، ويضم أعضاءً من أغلب الدول العربية ومن تركيا أيضا. ارتأى المؤسسون أن يكون التسجيل في إسطنبول، نظرا لسهولة تسجيل الجمعيات في تركيا. وصدر قرار من مجلس الوزراء آنذاك بتشكيلها، ومصادقة فخامة رئيس الجمهورية وقتها. وعُقدت الكثير من الاجتماعات في الدول العربية مثل البحرين ومصر والكويت، وكذلك في مناطق مختلفة من تركيا كإسطنبول وأنقرة وأنطاليا.

يهتم المنتدى الدولي بنشر الثقافة العربية والتركية، وتوثيق عرى الصداقة والأخوة بين الشعبين التركي والعربي، الذين تجمعهم روابط وثيقة جدا في هذا العالم المعاصر. وندعو إلى تشجيع الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى وخاصة التركية، وكذلك من التركية إلى العربية، وتدريس اللغة التركية في المعاهد الدينية السامرة، بالإضافة إلى تشجيع تدريس اللغة العربية التي هي مهمة جدا لنسبة كبيرة من المواطنين الأتراك. هذه القضايا نبحثها، ولا نتدخل في السياسة ولا في الشؤون الداخلية للدول المعنية، إذ إن المنتدى منظمة صداقة وأخوة فعلا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اجتماعي العربیة والترکیة الثقافة العربیة المنتدى الدولی اللغة العربیة الدول العربیة الشرق الأوسط إلى العربیة فی هذا

إقرأ أيضاً:

هنو: الثقافة المصرية قوة ناعمة تربط بين الشعوب وتعزز التعاون العربي

 

تسلم الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، تقريرًا؛ من الدكتورة رانيا عبد اللطيف، رئيس الإدارة المركزية للعلاقات الثقافية الخارجية، حول فعاليات "الأسبوع الثقافي المصري"؛ الذي أقيم في دولة قطر؛ خلال الفترة من 28 إلى 31 يناير الماضي.

وأكد التقرير على النجاح الكبير الذي حققته الفعاليات، حيث شهدت حضورًا جماهيريًا كثيفًا تجاوز 20 ألف زائر يوميًا، من المصريين المقيمين في قطر، والقطريين، ومحبي الثقافة المصرية. وأشار إلى أن الأسبوع الثقافي المصري هو الأول ضمن سلسلة الأسابيع الثقافية التي تنظمها وزارة الثقافة القطرية في درب الساعي، بمنطقة أم صلال. كما شهدت الفعاليات إقبالًا واسعًا على منتجات الحرف التراثية والتقليدية المتنوعة التي قدمتها وزارة الثقافة المصرية، والتي تمثل مختلف الأقاليم المصرية، ومنها تراث شمال وجنوب سيناء، والنوبة، وحلايب وشلاتين، بالإضافة إلى فنون الخزف، والتلي، والحلي، والنقش على النحاس.

افتُتح الأسبوع الثقافي بحضور سفراء وقناصل ممثلين لـ15 دولة عربية وأجنبية، وشهد تواجدًا دبلوماسيًا رفيع المستوى، مما يعكس أهمية الحدث في تعزيز التواصل الثقافي بين مصر وقطر والعالم

 

ثراء التراث الثقافي المصري


وأوضحت الدكتورة رانيا عبد اللطيف، أن برنامج الأسبوع الثقافي المصري اشتمل على مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات التي أبرزت جمال وثراء التراث الثقافي المصري، حيث تضمنت الفعاليات معرضًا للحرف التراثية والتقليدية، ومعارض للفنون التشكيلية، والخط العربي، ومعرض القاهرة عمارة وعمران، كما تم تقديم ورش تعليم الفنون التراثية؛ وخيال الظل؛ وجلسات حكي موجهة للأطفال والشباب.
واستُهلت الفعاليات بحفل أحياه الفنان الكبير محمد ثروت؛ بمشاركة الفرقة القومية للموسيقى العربية؛ التابعة لدار الأوبرا المصرية، حيث قدّما باقة من روائع الموسيقى العربية على المسرح الرئيسي في درب الساعي، وفي اليوم التالي، أبدع المنشد محمود التهامي؛ برفقة الفرقة القومية للموسيقى العربية.

كما تواصلت العروض الفنية في ساحات درب الساعي، وشملت عروض: الأراجوز؛ والتنورة؛ وفرقة رضا للفنون الشعبية؛ وعروض عازفي بيت العود والربابة، إلى جانب العرض اليومي لأوبريت العرائس "الليلة الكبيرة". كذلك، شارك فريق كورال "روح الشرق" في تقديم حفلين مميزين، بينما أقيمت ندوة ثقافية بعنوان "50 عامًا على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم"، ألقاها الكاتب الصحفي محمود التميمي.

واختُتمت الفعاليات بحفل مميز للسوبرانو العالمية؛ أميرة سليم؛ وفرقتها الموسيقية، حيث قدّموا مجموعة من الأغنيات الشهيرة، منها "أنشودة إيزيس".

وفي هذا الإطار، أكد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، أن نجاح الأسبوع الثقافي المصري في قطر؛ يعكس قوة وتأثير الثقافة المصرية كقوة ناعمة تربط بين الشعوب وتُسهم في تعزيز العلاقات الثقافية بين مصر وقطر؛ وأوضح وزير الثقافة، أن هذه  الفعاليات أظهرت تنوع وثراء الهوية المصرية؛ ونجاحها في الوصول إلى قلوب محبيها في كل مكان، وثمن التعاون  الثقافي مع قطر؛ والذي يعكس مكانة مصر الرائدة على الساحة الدولية.

مقالات مشابهة

  • مدرب الزمالك: لا أعرف اللغة العربية ولن أتحدث عن التحكيم
  • رابط النموذج الاسترشادي في اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة.. حمل الآن
  • هنو: الثقافة المصرية قوة ناعمة تربط بين الشعوب وتعزز التعاون العربي
  • رابط النماذج الاسترشادية لمادة اللغة العربية للثانوية العامة 2025
  • خطوات تحميل النماذج الاسترشادية لـ امتحانات الثانوية العامة 2025 مادة اللغة العربية
  • البرلمان العربي يؤكد أهمية صياغة تشريعات تعزز التحول الرقمي في الدول العربية
  • علوش لـ سانا: تعمل كوادرنا في جميع المنافذ الحدودية للجمهورية العربية السورية بأقصى جهدها لضمان تقديم أفضل الخدمات لأهلنا السوريين العائدين إلى وطنهم، وكذلك لضيوفنا من الأشقاء العرب والأجانب الراغبين بزيارة سوريا
  • بعد العربية والكوردية.. اعتماد اللغة التركمانية بالمخاطبات الرسمية في صلاح الدين
  • جامعة قناة السويس تنظم برنامجا تدريبيا في اللغة العربية
  • أنشطة ثقافية وسياحية في برنامج اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس