العراق وسوريا.. الاقتصاد يدق أبواب التعاون بدل السياسة
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
6 يناير، 2025
بغداد/المسلة: شهد التبادل التجاري بين العراق وسوريا تقلبات حادة خلال السنوات الأخيرة، تأثراً بالأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة.
ومع الحديث عن إعادة فتح معبر القائم الحدودي بين البلدين بشكل تدريجي، يبرز التساؤل حول جدوى هذه الخطوة ومدى تأثيرها على الاقتصادين المحليين في ظل التغيرات الراهنة.
وبحسب تحليلات، فان الانفتاح الاقتصادي بين العراق وسوريا قد يتسارع بفعل احتياجات السوق والمصالح التجارية المتبادلة، حيث يتطلب استقرار الأسواق تجاوز العقبات السياسية. ومع ذلك، يبدو أن القطيعة السياسية ستستمر بفعل تباينات المواقف الإقليمية والدولية، مما يجعل الاقتصاد المحرك الأساسي للعلاقات في المدى القريب، بينما يظل التفاهم السياسي رهيناً لتطورات أعمق.
و تاريخياً، اعتمدت العلاقات الاقتصادية بين العراق وسوريا على تجارة المنتجات الزراعية والصناعات التحويلية، مثل الزيوت والمنظفات والمنسوجات. شكل معبر القائم شرياناً حيوياً لهذه التجارة، حيث كان يربط بين التجار والمستهلكين في البلدين، مما أسهم في تلبية جزء كبير من احتياجات السوق العراقية من المنتجات السورية، والعكس صحيح.
الإغلاق والتبعات الاقتصادية
و إغلاق الحدود بين البلدين في ديسمبر الماضي كان له تأثير مباشر على حركة التجارة. شُحنت بضائع كثيرة عالقة على الجانب السوري، مما أحدث ارتباكاً في السوق العراقية التي تعتمد جزئياً على الواردات السورية، خاصة في القطاعات الزراعية والغذائية. هذا الاضطراب ألقى الضوء على هشاشة الاعتماد على معبر واحد في تأمين الاحتياجات الاستهلاكية، وأثار تساؤلات حول البدائل الاقتصادية الممكنة.
التغيرات الاقتصادية بعد الأزمة السورية
و منذ انهيار نظام بشار الأسد، شهد الاقتصاد السوري تحولات جذرية. عادت الملاحة الجوية إلى مطار دمشق، وبرزت تركيا كمصدر رئيسي للسلع الزراعية والصناعية، مما خفف من اعتماد سوريا على الأسواق العراقية. في المقابل، لم يعد العراق الوجهة الوحيدة لتصدير السلع السورية، بل باتت العلاقات التجارية أكثر تنوعاً وانفتاحاً على أسواق أخرى.
آفاق التعاون: فرصة للقطاع الخاص
و يرى خبراء اقتصاديون أن إعادة فتح معبر القائم قد توفر فرصة جديدة للقطاع الخاص في البلدين. التحدي يكمن في الاستفادة من هذا المعبر كمحور لتطوير التجارة البينية، بعيداً عن الأزمات السياسية والتوترات الأمنية. حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين ما زال محدوداً، حيث بلغ نحو 85 مليون دولار سنوياً، ما يشير إلى إمكانية توسيع التعاون التجاري في المستقبل.
من جانب آخر، يمكن أن تلعب بغداد دوراً محورياً في تزويد دمشق باحتياجاتها من النفط، خاصة بعد تراجع صادرات النفط الإيرانية. و هذا التعاون المحتمل قد يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين ويخلق فرصاً جديدة لتعميق التعاون في مجالات الطاقة.
و في ظل هذه المعطيات، تبدو عودة النشاط في معبر القائم خطوة مهمة، لكنها ليست كافية لإحياء العلاقات الاقتصادية بشكل كامل. على البلدين العمل على وضع استراتيجيات أكثر شمولية لتحفيز التجارة وتوسيع قاعدة التعاون، بما يخدم مصلحة الأسواق المحلية والمواطنين على حد سواء.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: العراق وسوریا معبر القائم بین البلدین
إقرأ أيضاً:
المغرب يدعو دول الخليج إلى التركيز على "المنافع الاقتصادية" في ترشيخ الشراكات بين الطرفين
قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن « الشراكة الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي، يجب أن ترتكز بالإضافة إلى علاقات الأخوة، على تبادل المنافع الاقتصادية حتى تكون أكثر رسوخا وتجذرا ». معلنا أن تقييم مسار هذه الشراكة الاستراتيجية، أفضى لتجديد خطة العمل المشتركة لفترة أخرى لغاية 2030،
ارتكاز الشراكة مع دول الخليج على المنافع الاقتصادية، يستدعي وفق الوزير بوريطة، الذي ألقى مساء أمس الخميس، كلمة أمام الاجتماع الوزاري المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والمملكة المغربية، بمكة المكرمة، تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين لنسج علاقات قوية فيما بينهم، من خلال إنشاء إطار مؤسساتي، واستكشاف فرص استثمارية مربحة تعزز التنمية وخلق فرص الشغل في بلداننا »، مشيدا بعقد المنتدى المغربي الخليجي للاستثمار خلال هذه السنة.
وقال بوريطة محفزا دول مجلس التعاون الخليجي على الاستثمار بالمغرب، إن المملكة عشية الاستعداد لاحتضان تظاهرات رياضية ذات صيت قاري وعالمي، مثل كأس افريقيا 2025 وكأس العالم 2030، تزخر بفرص استثمارية واعدة، وتوفر مجالا للشركات الخليجية كي تنخرط في الأوراش العديدة التي ستفتح استعدادا لهاتين التظاهرتين، موضحا أن المغرب بات يشكل بوابة دول الخليج نحو القارة الافريقية، ولاسيما عبر المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس والمتمثلة في تمكين دول الساحل من الولوج إلى الاطلسي ومسلسل الدول الافريقية المطلة على الأطلسي ومشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا المغرب.
حسب بوريطة « المنافع التي يريد مجلس التعاون الخليجي والمغرب تحقيقها من خلال شراكتهما الاستراتيجية تدعو للتفكير إلى تعزيز إطارها المؤسساتي وتطويره، بما يخدم مصالح الجميع ».
وفي معرض حديثه عن الشراكة الاستراتيجية التي تجمع المغرب ومجلس التعاون الخليجي، قال بوريطة إنها تستند على أساس صلب من التآزر والتضامن، وهو ما عبر عنه الملك محمد السادس، حين قال في خطابه أمام القمة المغربية الخليجية لعام 2016 أن « المغرب يعتبر دائما أمن واستقرار دول الخليج العربية، من أمن المغرب؛ » وأضاف جلالته « ما يضركم يضرنا وما يمسنا يمسكم ».
من جهة أخرى، أكد بوريطة أن اجتماع مجلس التعاون الخليجي مع المغرب ينعقد والمنطقة العربية تمر بمرحلة دقيقة وفارقة من تاريخها، فالمتغيرات متسارعة ومصيرية، « فبقدر ما نحتاج إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة، نحن كذلك في حاجة إلى الحكمة والبصيرة، وعدم الانجرار وراء شعارات جوفاء ومزايدات فارغة لا تؤدي إلا إلى الفرقة وذهاب الريح ».
كلمات دلالية الشراكة دول الخليج مكة المكرمة ناصر بوريطة وزير الخارجية