‏ما إن يتحرك عبدالملك الحوثي من مخبأه تحت الأرض نحو منصته الأثيره ، ويرعد بطاووسية من يملك كل شيء الحرب والسلم وأمن العالم والجوار ، ما أن يفعل ذلك حتى تتحرك كل الماكينات الدبلوماسية لتطييب خاطره، وتحتوي إنفعالاته الصبيانية الطائشة ، ولإبقاء الوضع في اليمن على ماهو عليه ، مراوحاً صعوداً وهبوطاً في منطقة كل شيء فيها قابل للتحقق :العودة إلى مربع الصفر أو الإنفتاح على مزيد من وفود الوساطة.


الوفد العماني إلى صنعاء وكينج إلى المتطقة كوهانس لسان حال الإرادة الدولية يعرب عن حزمة مخاوفه ويرجو ويتمنى التهدئة وتخفيض التوتر، في ما الحوثي يتمترس خلف مطالبه دون أن يتحرك خطوة واحدة إلى الخلف. مجمل هذا الحراك يكشف بأن الحوثي من خلال موقعه في منطقة شديدة الحساسية ومتطلبه لمزيد من الامن ، يسعى لممارسة لغة إبتزاز حدية تتأرجح بين إما أن تحققوا مطالبنا وإلا سنستهدف مصالحكم ، وأن ليس لدينا ما نخسره سنضحي بما بقي تحت قبضتنا من هذا الشعب.
الحوثي يحقق مطالبه تباعاً على صعيدي الإقتصاد والسياسة ، في الأول قطع شرايين الحياة لحكومة تتنفس بصعوبه بإخراج مناطق النفط عن العمل ، وطرح خيار التقاسم وفق قاعدة الكثافة السكانية لنفط الجنوب كصفقة حول الموارد ومنافذ الجباية والبنك المركزي ، وجعل ميناء الحديدة وهو من دونه تضعف الالالة العسكرية الحوثية ، مصدر النشاط التجاري ونقطة تدفق يذهب ريعها لإطالة أمد قبضته الحديدية، وفي المجال السياسي حقق رؤيته لأطراف الصراع بعنصرين فقط :صنعاء والرياض وإعتبار الحكومة الشرعية أداة وليست طرفاً أصيلاً جديراً بالإحترام والشراكة والتفاوض ، بينما الجنوب الوازن عسكرياً في محل توافق بإضعافه وتدميره سياسياً والعصف به خدمياً، وتنسيق حملات التضليل إعلامياً ، مقدمة لغزوه ثانية وإخراجه من فرص التسوية والحل النهائي.
ما يجري الآن من تقاطر الوفود إلى صنعاء من جهة وطرق أبوابها عبر منصات الحوارات غير المعلنة من جهة ثانية ، والإستثمار السياسي في التفاهمات والزيارات الاخيرة الإيرانية السعودية حول مجمل الملفات ، كل هذا يقطع أننا أمام لاعباً واحداً يحصد المكاسب وينجح في إلغاء اللاعبين الآخرين ،أي شرعية لم يبق لها من أسمها حظاً في الشراكة، ومن ثم توظيب طاولة من مقعدين صنعاء والرياض ، ومادونهما أدوات زينة وتحسين شكل قادم التسوية ، لمنحها صفة الحل اليمني اليمني وهي قطعاً ليست كذلك.
وفيما ترمي السعودية أوراق التنازلات ويستثمر الحوثي قلقها الأمني لحصد المزيد منها ، وتتنحى الشرعية جانباً وبعيداً عن مجرد إحاطتها علماً بما يجري خلف كواليس المحادثات ، يبقى الجنوب بقوته العسكرية معطلاً لتمرير الصفقات الإقليمية ، وأن قراراً تم إتخاذه للنيل من تمثيله التفاوضي بصناعة ممثلين محليين ، وإستنزاق قوته العسكرية عبر جعلها ساحة صراع وتحييد الجبهات الشمالية الاخرى ، وصولاً نحو تسليح جماعات محسوبة على الرياض للدخول في حرب بينية معه، وربما هذا التوجه جزءاً وليس كل خلافات السعودية مع الإمارات ،حول العديد من بؤر التوتر والملفات الاقتصادية ليس ببعيد عنها جنوب اليمن.
إجمالاً ما تجري من عمليات وساطات عمانية وغيرها ، لا تاتي في سياق الضغط على الحوثي وتليين مواقفه وجره نحو طاولة التسوية، بل هي زيارات لتهدئة إنفعالاته بمزيد من العطايا السياسية الإقتصادية وتحسين شروط التنازلات السعودية ، والدخول معه بشراكة ولعبة إستبدال التحالفات على قاعدة الأقوى هو الاخطر على مصالحك وبالتالي هو أولى بالشراكة ، وهنا الحوثي لا الشرعية من يتصدر مشهد القوة أما قوة الجنوب فهي محل مخطط إضعاف واطاحة متفق عليه.

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

سفير بريطانيا الأسبق يصف المليشيا: طغاة ولصوص وخططوا طويلاً لقتل صالح

قال السفير البريطاني الأسبق لدى اليمن إدموند براون: إن قادة مليشيا الحوثي أبلغوه نيتهم اغتيال الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح قبل وقت طويل من أحداث ديسمبر 2017، واصفا إياهم بالطغاة واللصوص وبأنهم "جماعة خبيثة وشوفينية وعنيفة" ولا يكترثون بالقتلى من الشعب اليمني مهما بلغ عددهم ما دام يخدم تحقيق أهدافهم الخاصة.

وأضاف براون خلال حلقة نقاشية مرئية أقامتها منظمة CEP الدولية المتخصصة في مواجهة الأفكار المتطرفة، إن قادة المليشيا الحوثية كانوا يؤجلون اغتيال الرئيس صالح للاستفادة من التحالف معه في التخفي أثناء إحكام قبضتهم على مفاصل مؤسسات الدولة والسيطرة على المزيد من المناطق. مبديا تأييده بشدة لزيادة فرض العقوبات ضد منتهكي المساعدات الإنسانية وعلى رأسهم الحوثيون، وانتقاده لعدم تطبيق العقوبات بالشكل الكافي في حالة اليمن.

وخلال حديثه في الحلقة النقاشية ركز إدموند براون، الذي خدم بلاده سفيراً لدى اليمن خلال الفترة من 2015 – 2017، على ما وصفهما بـ"لحظتين من الوضوح الشديد مع كبار القادة الحوثيين". وقال إن اللحظة الأولى هي "عندما أخبروني قبل وقت طويل من قيامهم بذلك فعلياً، أنهم كانوا فقط في تحالف مبني على المصلحة مع الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ولكن بمجرد أن يتوقف عن أن يكون مفيداً لهم سيقتلونه". أما اللحظة الثانية فكانت عندما أخبروه أنهم سينتصرون حتماً في اليمن وأنه لا يهمهم عدد الأشخاص الذين يموتون، بل إنهم يرون أنه كلما مات عدد أكبر من اليمنيين في الحرب فسوف يأتي المجتمع الدولي إليهم ليتوسل إحلال السلام.

وعلق مراقبون على تصريحات الدبلوماسي البريطاني بالقول إنه معروف بتصريحاته القوية والصريحة تجاه المليشيا الحوثية حتى منذ ما قبل هجماتها الأخيرة على السفن التجارية، بخلاف الكثير من الدبلوماسيين الغربيين الذين يؤثرون الصمت، بل وأحياناً كانوا يخدمون المليشيا الحوثية ويبررون لأفعالها أمام المجتمع الدولي.

ويقول الكاتب الصحفي صادق الوصابي، إن تصريحات إدموند براون الأخيرة دليل على تململ المجتمع الدولي تجاه جماعة الحوثي وفقدانهم الورقة التي كانوا يستخدمونها لاستعطاف المجتمع الدولي وإنقاذهم من الكثير من المآزق، مشيرا إلى أن الكثير من النشطاء والمحللين اليمنيين سبق أن انتقدوا التهاون الدولي تجاه جماعة الحوثي خلال السنوات الماضية، معتبرين أن اتفاق ستوكهولم بالسويد وفشل محادثات الكويت أكبر دليل على ذلك.

ويبدي الوصابي أسفه كون المجتمع الدولي أيقن متأخرا بخطورة هذه الجماعة الإرهابية بعد أن كان يظن أنه بالإمكان ترويضها ودفعها لعملية سلام، غير مكترثين بتحذيرات الكثير من الناشطين والحقوقيين اليمنيين الذين حذروا مبكراً من طبيعة هذه الجماعة العنصرية والإرهابية التي لا تؤمن بالسلام مطلقاً. لافتا إلى ما وصفه بالتغيير في الموقف البريطاني والغربي بشكل عام تجاه مليشيا الحوثي على كافة المستويات، وذلك بعد سنوات من إساءة تقدير دول الغرب لخطورة الجماعة، بل واستخدامها كورقة ضغط وابتزاز في المنطقة لتمرير سياسات معينة على دول الإقليم قبل أن تتفاجأ هذه الدول بأن هذه الجماعة تشكل تهديدا فعليا لمصالح الدول الكبرى وللأمن الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • نيبينزيا: العملية العسكرية الروسية تحدد موقف الغرب من التسوية في أوكرانيا
  • موسكو: موقف الغرب من التسوية في أوكرانيا سيتغير استنادا لسير العملية العسكرية الروسية
  • عاجل.. رئيس حزب الإصلاح ”اليدومي” في تصريح صادم: مفاوضات مسقط يمثل مليشيات الحوثي ولا يوجد من يمثل الشرعية!
  • وضع السياسي محمد قحطان يثير ردود فعل واسعة عقب مباحثات مسقط
  • مسؤول كبير في الشرعية يزور مناطق تحت سيطرة الحوثي لقضاء إجازة العيد ويعود بسلام!
  • سفير بريطانيا الأسبق يصف المليشيا: طغاة ولصوص وخططوا طويلاً لقتل صالح
  • لليوم الخامس.. مقتل وإصابة ثلاثة مُسلّحين في اشتباكات قبلية يدفع بها الحوثيون بحزم الجوف
  • مليشيا الحوثي تختطف وكيلا في وزارة التربية والتعليم عقب مداهمة منزله وسط صنعاء
  • هيومن رايتس: مليشيا الحوثي تستخدم القمع لإخضاع المجتمع
  • تعز..مليشيا الحوثي تُصفّي أحد المختطفين من أبناء إب في سجن الصالح بالحوبان