قبل ثلاثة ايام على موعد جلسة انتخاب الرئيس في التاسع من الشهر الجاري، وجهت الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم كتابا مفتوحا الى نواب الامة حددت فيه مواصفات رئيس  الجمهورية الذي تريده برزها التحلي بصفة "الزعامة" لا بصفة "القيادة"، ولا يستجدي السلطة من أحد. ولن يقف فوق الطوائف ليكون رمزاً حقيقيّاً لوحدة لبنان ولا يسفح الدستور كُرمى لأحد، وليس لديه حسابات يصفيها مع أحد، ولا فاسداً عُضواً في نادي الفاسدين ولا يرضخ لنفوذ الدول، بل يرمم صداقاتِ لبنان، ويبني صداقاتٍ جديدةً قائمةً على مصالحِ لبنان.


وقالت الجامعة في كتابها:
إنَّ الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم، وبعد التشاور مع مسؤوليها في الانتشار، وبعد استطلاع آراء المنظمات الاغترابية المتحالفة معها، والشخصيات الفاعلة في اللوبي اللبناني في دول القرار، وعشِيَّةَ الانتخاباتِ الرئاسيةِ التي تأخرت لسنتين، وبعدَ حربِ إسنادِ الآخرين، وقد دُمِّرَ فيها البشر والحجر، وفي ظِلِّ الاحتلال الإسرائيلي للقرى المُدمَّرة، وفي ظِلِّ الدولةِ التي كان العالم على وشكِ إعلانها دولةً فاشلة، حيث دُمِّر الاقتصاد، وسُرِقت أموال لبنان، وودائع اللبنانيين، مقيمين ومنتشرين، ومستثمرين، وعلى وقع انهيار الإقليم وسقوط الطاغة الذين جثموا، وبأيادٍ لبنانية، على صدر الوطن، وفي ظلِّ المُتغيِّرات، السلبية والإيجابية، التي تلف المنطقة الشرق أوسطية، وإذ يُفتَح مجلس النواب، ربما مُرغَماً، وأخيراً، لانتخاب رئيس للجمهورية، ولمّا كان الانتشار اللبناني، ولمّا يزل، وحدَهُ الأملَ المتبقي لإنهاء الأزمة المالية والاقتصادية، لا أموال صندوق النقد والبنك الدولي ومؤتمرات الدول المانحة المُترجمة كلها ديوناً أو نفوذاً، تعلن باسم، الانتشار هذا، شروطه، غير المتسامحة، لما نريده في الرئيس العتيد:
لا نريد رئيساً يتكنّى بصفة "الزعامة"، بل يتحلى بصفة "القيادة"، فلا يضع شخصَه على قمة الهرم، بل الوطن.
 لا نريد رئيساً يستجدي السلطة من أحد، بل رئيساً يفرضها على الجميع.
 لا نريد رئيساً تحت الطوائف، بل رئيساً فوق الطوائف ورمزاً حقيقيّاً لوحدة لبنان بحسب الدستور.
 لا نريد رئيساً طَرفاً يسفح الدستور كُرمى لأحد، أو خوفاً من أحد، بل رئيساً، ليس حَكماً فقط بين اللبنانيين، بل حاكماً عادلاً مؤتمناً على تطبيق دستور الطائف نصاً وروحاً.
لا نريد رئيساً لديه حسابات يصفيها مع أحد، ولا فواتير يدفعها لأحد، بل رئيساً يصفي حسابات الوطن مع المتآمرين، والفاسدين، والمرتهنين، ويدفع فواتير الوطن للمظلومين من شعبه.
لا نريد رئيساً فاسداً عُضواً في نادي الفاسدين، بل رئيساً نزيهاً يُوقِّع، وبجرأة، على الطلب من الأمم المتحدة تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد التي وقّع عليها لبنان سنة ٢٠٠٩، لاستعادة أموال لبنان واللبنانيين المنهوبة.
لا نريد رئيساً يرضخ لنفوذ الدول، بل يرمم صداقاتِ لبنان، ويبني صداقاتٍ جديدةً قائمةً على مصالحِ لبنانَ أولاً، وذلك لتحصينهِ، فيستعيد لبنان دوره العربي والعالمي.
لا نريد رئيساً يجعل من لبنان ساحةً لأحد، بل واحةَ سلامٍ وفكرٍ مستنيرٍ بذاتِهِ، مُضيءٍ على الإنسانية.
لا نريد رئيساً يُفرِّط قَيدَ أُنمُلة بالسيادة، مهما عَظُمت الضُغوط، والتهديدات، أو المُغريات، فلا "اتفاق قاهرة" جديداً، ولا معادلات "ذهبيَّة" أو "خشبيَّة" بعد اليوم، بل رئيساً يعتبر تطبيق الدستور أساساً، والجيش حامياً، وتطبيق القرارات الدولية، بدءاً من اتفاقية الهدنة، مروراً بالقرارات ٤٢٥، ١٥٥٩، ١٦٨٠ و١٧٠١ التزاماً لا مهادنة ولا لُبسَ فيه، أساسه وضع السلاح الفلسطيني وسلاح حزب الله، وأي سلاح غير شرعي تابع لأحزاب ومنظمات وسرايا، خاصةً ما ظهر منه خلال الحرب الأخيرة، بيد الجيش اللبناني وحده، فيصبح تطبيق هذه القرارات حامياً من أطماع الدول، ومُلزماً للدول الإقليمية وعلى رأسها إيران وإسرائيل.
لا نريد رئيساً يُوقِّع على حكومةِ مُحاصصة "توافقيّة"  يُمثِّلُ فيها الوزراء أحزابهم، وتنتهج أساليب القرارات والصفقات بالتراضي، بل رئيساً يفرض حكومةً تمثل فريق الأكثرية الحاكمة، يقابلها فريق الأقلية المعارضة، وإنهاء حالة الثلث المعطِّل المنافي للدستور ولمنطق دور الحكومة، فيستعيد المجلس النيابي دوره الأساسي في التشريع والمحاسبة.
لا نريد رئيساً تشلُّهُ الإدارةُ العامةُ "العثمانية" المترهلة، بل رئيساً يُعيد لمجلس الخدمة المدنيّةِ والتفتيش المركزي مَجدهما، يُنَظِّف دَرَجَ الإدارة من فوق إلى تحت، يفرض المكننة، فلا تعود الإدارة عِبئاً، ومغارةَ فساد، بل وسيلةَ خِدمةٍ سريعةٍ ونظيفةٍ للمواطن، وأساسَ تمويلٍ عادلٍ للدولة، وعاملَ نُمو.
 لا نريد رئيساً يُلزِّمُ إعادةَ الإعمار لصناديقَ ومجالسَ اشتهرت بالفساد، كمجلس الجنوب، والهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الإنماء والإعمار، بل رئيساً مُنزَّهاً يُشرف بشخصه على مؤسسةٍ وطنيَّةٍ جديدةٍ للإعمار، عمادها تِقنِيات الجيش وَخُبُراتِهِ في الإحصاء والمسح والتقييم والتعويض، بمشاركة الدول المانحة عبر مندوبيها، كي تذهب التعويضات لمستحقيها.
 لا نريد رئيساً يجعل من الإصلاح شعاراً، بل رئيساً يجعلُ الإصلاحَ سلوكاً شخصيّاً بالممارسة، فينعكس سلوكُهُ تطويراً للقوانين مَرجُوّاً منذ عُقود، ويحرص على فصل السلطات كي تنتظم. ولإحلال العدل والثقة بالدولة يَجعلُ تطهير وإصلاح القضاء بدايةَ هذا الإصلاح.
نريد رئيساً مؤمناً بالمنتشرين وقدراتهم، وبشبابِ لبنان وقُدُراتِه، وبِقدرةِ شعبِهِ على النهوض، نريد رئيساً يضع لبنان مُجدَّداً على طريقِ الحداثة، ويُحصِّنه من الإيديولوجيات المُميتة والبائدة، نريد رئيساً يؤمن بأننا نستطيع أن نُنافسَ الآخرين بالعلمِ والتقدُّمِ والمعرفة، وأن نكون شُركاء في التنمية وفي الرؤيا المتقدمة الناشئة في العالم العربي، وأن نعود مستشفى العرب، وجامعة العرب، لا أن نكون مصدر تصدير الثورات، وتدريب المقاتلين، ومصنعاً للمخدرات التي تُهدِّدُ أجيالنا الناشئة وشعوبَ المنطقة.
نريد رئيساً يُرسِّم حُدود الوطن، ويعرف حجمَ المسؤولية الاستثنائية المُلقاة على عاتقهِ، فهو الذي سيرسم اليوم خَطَّ لبنان الجديد، وَيَعمل على قِيامتِهِ كطائرِ الفينيق من الرماد، وتَحصينِهِ من القوى الإقليميّة، وإعادته رَقماً صعباً، بقدرِ ما هو حِياديٌّ في الصراعات الإقليمية والدولية، بقدر ما هو مُنغَمِسٌ،  مُتشبِّثٌ بعروبته، وعالميته، وحريته، وسيادته.
نهيب بنواب الأمة عدم "التذاكي"، وانتهاز الفرصة عبر جعل "اللعبة البرلمانية" تصب في مصلحة من يتمتع بالصفات التي ذكرنا، فلعلها الفرصة الأخيرة للإنقاذ، ونعد اللبنانيين أنَّ الانتشار سيكون المُساند، والمُراقب في آن!
الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم
المكتب الإعلامي
6 كانون الثاني 2025

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجامعة اللبنانی ة فی العالم

إقرأ أيضاً:

الصحة اللبنانية: استشهاد جندي وإصابة شخصين في اعتداء إسرائيلي بكفركلا

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن استشهاد جندي وإصابة شخصين خلال اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في كفركلا جنوبي لبنان، حسبما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية».

إسرائيل تخرق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

وفي وقت سابق، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات جوية مكثفة على عدة مناطق، وتحديدا في قضائي صور والنبطية جنوب لبنان، بشكل مفاجئ، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ 27 نوفمبر الماضي.

وكان من المفترض أن تتوقف قوات الاحتلال عن أي استهداف للجنوب اللبناني، وتنسحب من معظم مناطق الجنوب بحلول 18 فبراير الجاري، باستثناء بعض النقاط التي لا يزال يجري التفاوض بشأنها.

ولكن قوات الاحتلال لم تخرج من بلدات القطاع الشرقي للجنوب اللبناني، حتى بعد انتهاء المهلة الزمنية المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان لانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من البلدات الجنوبية اللبنانية.

كما أقدم عدد من سكان البلدات الجنوبية على العودة إلى منازلهم، متحدين تحذيرات الاحتلال الإسرائيلي.

وفوجئ سكان الجنوب اللبناني بسلسلة غارات جوية نفذها طيران الاحتلال الإسرائيلي، مستهدفا عدة أودية في قضائي صور والنبطية، وذلك بالتزامن مع الحشود الشعبية التي خرجت من الجنوب اللبناني إلى العاصمة بيروت للمشاركة في تشييع جثمان الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، ورئيس المكتب التنفيذي السابق للحزب، هاشم صفي الدين.

اقرأ أيضاًالصحة اللبنانية: شهيد جراء غارة إسرائيلية على مدينة صيدا جنوبي البلاد

الصحة اللبنانية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 3961 شهيدا و16520 جريحا

الصحة اللبنانية: 5 شهداء و3 مصابين جراء غارات الاحتلال على بلدة رومين

مقالات مشابهة

  • الصحة اللبنانية: استشهاد جندي وإصابة شخصين في اعتداء إسرائيلي بكفركلا
  • قبلان: نريد سلطة تحكم باسم المصالح الوطنية لا مصالح الآخرين
  • زيارة قبر الحاخام آشي ذريعة دينيّة تؤدّي الى دخول المتشدّدين الى العمق اللبناني
  • الحريري: من حق المرأة اللبنانية أن تكون في مقدمة الاهتمامات
  • الصحة اللبنانية: مقتل مواطن وإصابة آخر في غارة إسرائيلية على خربة سلم
  • السيدة عون: سنفّعل قرار جعل 4 تشرين الثاني يوم المرأة اللبنانية
  • رئيس الوزراء اللبناني: مشروع الحكومة استعادة المؤسسات وتحقيق التنمية المستدامة
  • الجيش اللبناني: الاحتلال الإسرائيلي أدخل مستوطنين للأراضي اللبنانية في انتهاك سافر للسيادة
  • النائب اللبناني عن كتلة حزب الله الدكتور علي فياض: انتقلنا أكثر نحو قيادة مؤسسية جماعية تتخذ القرارات
  • مستوطنون يزورون مقاما دينيا في جنوب لبنان.. والجيش اللبناني يعلّق (شاهد)