نساء سوريا بعد الأسد.. تفاؤل بالمستقبل وتطلع للمشاركة في البناء
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، وتشكيل حكومة مؤقتة، أصبحت النساء في سوريا أكثر تفاؤلا بمستقبل بلادهن، ويتطلعن للمساهمة بإعادة البناء والمشاركة في الإدارة الجديدة للبلاد.
أنجيلا السحوي (24 عاما)، قالت إنها استعادت حريتها بعد سقوط نظام البعث في سوريا.
وأضافت: "الآن يمكنني التعبير عن نفسي من خلال الفن، يمكنني قول كل ما كان يجوب في داخلي منذ سنوات الطفولة، وكذلك قول كل ما أراد والديّ قوله".
وأوضحت السحوي التي تقيم في العاصمة دمشق، أنها كانت في الـ11 من عمرها عند بدء الثورة ضد نظام الأسد في مارس/آذار 2011، إلا أنها كانت تدرك أن هناك "خطبا ما" في البلاد.
وأضافت: "لم يكن بإمكان عائلتي التحدث عن أي شيء. لم نكن نستطيع البوح بمشكلاتنا. كنا نسمع يوميا أصوات القصف وإطلاق النار. كنا نعرف الأشخاص المفقودين، لكن لم نستطع التحدث عنهم. ولم نستطع عيش حياة طبيعية".
"أموات فوق الأرض"وأشارت السحوي التي تدرس حاليا بكلية الفنون الجميلة وتتلقى تعليما في الصحافة عبر التعليم المفتوح، إلى أنها التحقت بالجامعة لتصبح رسامة، لكنها وجدت أن الفنانين أيضا كانوا محرومين من الحرية.
إعلانوقالت: "كنا نواجه صعوبات كبيرة في التعبير عما نفكر فيه وما نريد قوله حقا. كنا نخشى دائما من التغييب القسري والإخفاء في معتقلات الأسد".
وأكدت السحوي أنها لم تشعر يوما بأنها مواطنة حقيقية، ووصفت ذلك الشعور بأنه "من أكثر الأمور إذلالا".
الشابة السورية أنجيلا السحوي (24 عاما) قالت إنها استعادت حريتها بعد سقوط نظام الأسد في سوريا (الأناضول)وتابعت: "لم نكن نستطيع التصويت في الانتخابات، لم نكن قادرين على اتخاذ قرارات بشأن مستقبلنا، وكنا مضطرين للسير كالأموات في المدينة التي نعشقها".
المشاركة في إعادة البناءالشابة السورية شددت أيضا على أن نساء بلادها يدركن حاليا حجم المسؤوليات على عاتقهن، ويتطلعن للمشاركة بفعالية من أجل إعادة بناء البلاد من الصفر، معتبرة تلك المشاركة "مصدر فخر كبير".
وأوضحت السحوي أن "الشعب السوري يمتلك اليوم حق التظاهر للتعبير عن مطالبه، ويمتلك فرصة مهمة لاختيار ممثليه في مؤسسات السلطتين التشريعية والتنفيذية" في البلاد، الأمر الذي يجعلها "متفائلة بالمستقبل".
وقالت: "السوريون قادرون على إدارة المرحلة الانتقالية في البلاد، ولسنا بحاجة إلى موافقة الغرب. نحن نعرف ما يجب علينا فعله. قبل نظام الأسد، كانت سوريا دولة متقدمة للغاية".
ورأت أن السوريين يدركون مسؤوليتهم تجاه وطنهم ويحبونه، مؤكدة، "حتى لو لم يؤمن بنا العالم كله، سنعمل من أجل سوريا".
كما أعربت السحوي أيضا عن ثقتها بأن المجتمعات ذات أنماط الحياة المختلفة في سوريا يمكنها العيش معا، "جرى إسكاتنا 15 عاما، لم نتحدث مع بعضنا البعض. كنا نخاف من بعضنا. آلية عمل النظام كانت تركز على إسكات الجميع، لكن حاليا يمكننا العيش معا".
دعوة للتحقيق في المقابر الجماعيةودعت السحوي المجتمع الدولي إلى الوفاء بوعوده والعثور على السوريين المفقودين، قائلة إن "هناك مقابر جماعية ينبغي على المجتمع الدولي التحقيق فيها. النظام سقط. ماذا تنتظرون؟ نريد من الخبراء أن يأتوا ويحققوا في تلك الجرائم".
إعلانوتابعت: "نحن بحاجة إلى العثور على جثث الأشخاص الذين قتلهم النظام. يجب أن نعرف مصيرهم. نحتاج إلى فرصة للحزن عليهم، والبكاء من أجلهم، ومعرفة أسماء من قتل على يد النظام".
وأشارت الشابة السورية إلى أن "الجميع في سوريا كان لهم دور في إسقاط النظام".
وأردفت: "قدمنا دماءنا وجهدنا لجعل هذا البلد مكانا أفضل؛ قدمنا أطفالنا وإخوتنا وأصدقاءنا على مذبح الحرية. لذلك، لدينا الحق اليوم أن نكون أصحاب قرار".
وختمت: "أنا سعيدة، لكن يجب أن نجلب الأسد إلى هنا ونحاسبه على ما اقترف من جرائم".
"لم نُعامَل كبشر"من جانبها، أشارت الناشطة السورية سيلين قاسم إلى أن "عدد الأقليات العرقية والدينية والطائفية في سوريا لا يُحصى… لكن علينا اليوم تجاوز كل ذلك، لأننا جميعا في النهاية سوريون، ونؤمن بأن واجبنا هو الاتحاد لإعادة بناء البلد من الصفر بعد ما مر به من أحداث ومآس".
وقالت: "أعتقد أن أسوأ ما مر به السوريون خلال السنوات الـ14 الماضية هو تجريدهم من إنسانيتهم؛ فلم نُعامَل كبشر، بل تحولنا إلى أرقام وإحصائيات وإلى مواضيع لقصص يكتبها الآخرون، أو مشاهد تُعرض للمتفرجين".
وعبّرت القاسم عن تفاؤلها بالوضع الجديد في سوريا قائلة: "لا أعرف ما الذي يمكن أن يكون أسوأ من الأسد. لا أعتقد أن هناك شيئا أو شخصا أسوأ من نظام الأسد، الذي حكمنا بالحديد والنار وأساليب تعذيب لم تُسمع حتى في العصور الوسطى".
وأوضحت الناشطة أن نساء سوريا يتطلعن للمشاركة في إعادة بناء بلدهن الذي لم يشهد تطورا منذ سنوات طويلة، والمشاركة في الحكم وكتابة دستور البلاد.
الناشطة السورية سيلين قاسم دعت مواطنيها إلى تجاوز الجراح وإعادة بناء البلد من الصفر (الأناضول)وقالت: "مهمتنا اليوم هي بناء وطننا الذي نفخر بالانتماء إليه، ونسعد بالعودة إليه من جميع أنحاء العالم".
وأكدت القاسم أن الشعب السوري عاش أسوأ 14 عاما في حياته، مضيفة: "نتطلع جميعا إلى حياة مدنية توفر احتياجاتنا الإنسانية الأساسية مثل المياه والكهرباء والبنية التحتية".
إعلانوتابعت: "علينا أن نبني كل شيء من الصفر. أي تقدم أو تحسين يُنجز في هذه الأرض وهذا البلد هو خطوة إلى الأمام وحجر على طريق هدفنا التالي".
وأشارت الناشطة قاسم إلى أن "الجميع متفائل وسعيد بسقوط أسوأ دكتاتور في التاريخ… أنا شركسية. جاء أجدادي من القوقاز إلى سوريا واستقروا هنا في مرتفعات الجولان، ثم جرى تهجيرهم إلى دمشق عام 1967".
دعم دوليكما أعربت القاسم عن أملها في أن يقدم المجتمع الدولي الدعم لتوفير الاحتياجات الأساسية والبنية التحتية لإعادة بناء سوريا، مشيرةً إلى أن العديد من السوريين الذين يعيشون في الخيام بحاجة إلى منازل مزودة بالكهرباء والمياه ليعودوا إليها.
وقالت: "لن تنتهي أزمة اللاجئين بين ليلة وضحاها. نحن بحاجة إلى دعم مؤسسي ودولي لتوفير أماكن يمكن للناس العودة إليها، لأنه حاليا لا يوجد فعليا مكان للعودة. هذه هي الأولوية الأولى".
ولفتت إلى أن العديد من الأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة ويُجبرون على العمل، داعية الأمم المتحدة وجميع المؤسسات والدول إلى تقديم الدعم لسوريا.
فترة انتقالية سلسةكما أشادت الناشطة السورية بأداء الإدارة السورية الجديدة برئاسة رئيس الحكومة محمد البشير منذ توليها المهام.
وقالت: "لقد أظهروا حتى الآن أداء جيدا، وعندما لا تسير الأمور على ما يرام، سنعبر عن ذلك، لأن هذا بلدنا، الذي نطمح لأن يكون مكانا يمكننا جميعا العيش فيه".
وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، بسطت إدارة العمليات العسكرية سيطرتها على العاصمة دمشق عقب السيطرة على حلب وحماة وحمص، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير منطقة إدلب (شمال) منذ سنوات، بتشكيل حكومة لإدارة المرحلة الانتقالية.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات نظام الأسد بحاجة إلى فی سوریا من الصفر إلى أن
إقرأ أيضاً:
مستقبل سوريا والدور العربي المطلوب
د. عبدالله الأشعل
هناك حقائق يجب أخذها في الاعتبار واهمها هى:
أولاً: أن سوريا تاريخيا في مركز العالم العربي والإسلامي، وهناك فرق بين الدولة السورية والحكم الذى يتولى الإدارة. لقد كانت دمشق عاصمة الأمويين لثمانية عقود وأعقبها الدولة العباسية وكان مركز الخلافة بغداد فلم تكن العراق أو إيران بعيدة عن سوريا في العصور الوسطى.
ولاتزال سوريا في مركز السياسة في المنطقة فكانت مع مصر منذ العصور الوسطى محكومة بحكومة مقرها اما في دمشق أو القاهرة. هي الوحدة التي قامت مع مصر هي الجمهورية العربية.
وسوريا عانت طويلاً من نظام كشف عن أنه قمع الشعب السوري بطريقة لا إنسانية.
ثانياً: أن نظام الأسد كان يُساند المقاومة ولذلك فإنَّ القوى التي أزاحته لغرض أساسي وهو تحويل سوريا عن مساندة المقاومة.
وليس الهدف مصلحة الشعب السوري أو إنقاذ السوريين من توحش النظام. خاصة وأن واشنطن تعتبر أن إزاحة نظام الأسد كسبا كبيرا لجهودها وهو تحويل سوريا للعمل ضد المقاومة بدليل أن واشنطن اشترطت على القيادة الجديدة إبعاد إيران وروسيا عن سوريا وهو هدف سعت واشنطن وإسرائيل وحلفاؤهما من العرب إلى فصل إيران عن سوريا لسبب بسيط وهو أن الثورة الإسلامية في إيران قامت منذ اليوم الأول معادية لأمريكا وإسرائيل.
أما التقارب الإيراني السوري فكان لأهداف كثيرة يهمني منها دعم المقاومة التي أسمتها واشنطن أذرع إيران في المنطقة. ويبدو أنَّ الأسد اعتقد أن توجهه القومي المعادي لإسرائيل والداعم للمقاومة يُبرر له أن يرتكب الجرائم علما بأنَّ حلفاءه إيران وروسيا وحزب الله لا علاقة لهم بجرائمه ولا يُمكن أن يتدخلوا في المساحة بينه وبين شعبه. فهم يساندون الدولة السورية وليس بالضرورة النظام السوري لكن من الصعب الفصل بين الدولة والنظام.
ثالثاً: الانطباع العام بأن النظام الجديد يحول سوريا عن المقاومة ولكن وزير خارجية الكويت وضع النقاط على الحروف فطالب النظام الجديد أن يحافظ على وحدة الأراضي السورية ويتصدى للتجاوزات الإسرائيلية. وقد صدرت تصريحات في هذا الموضوع من القيادة الجديدة لا تطمئن على علاقته بإسرائيل. وكل الشواهد تشير إلى أنَّ النظام الجديد يتمتع برضى واشنطن وإسرائيل لدرجة أنَّ كثيرا من التحليلات في هذا المجال تقول إن إسرائيل نجحت في إزالة الأسد المناوئ لإسرائيل حتى في الحد الأدنى خاصة وأن إسرائيل اعترفت رسمياً بأنها انتصرت على المقاومة عن طريق إزالة نظام الأسد واستبداله بنظام ترضى عنه. كما أن واشنطن والاتحاد الأوروبي وعدوا برفع العقوبات عن سوريا ورفع الحركة من قوائم الإرهاب.
رابعاً: إذا كان العالم العربي خاصة مصر التي ساندت نظام الأسد رحب بالنظام الجديد، فإنِّه ترحيب دبلوماسي وليس سياسياً، وكان الاتحاد الأوروبي قد تحفظ بحذر بأنَّ العبرة ليست بالأقوال وإنما بالأفعال. والمهم الآن المحافظة على الدولة السورية والترحيب بأي نظام يحافظ على أراضي سوريا ولا يعادي المقاومة وليس بالضرورة في صراع مع إسرائيل وهو بالضرورة إذ دعم المقاومة يكون ضد إسرائيل.
خامساً: يجب على النظام الجديد ألا يقبل الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية بمعاداة روسيا وإيران وحزب الله. ليس بالضرورة أن تكون سوريا حلقة الصلة كالسابق بين إيران والمقاومة بشكل كامل.
سادساً: غض الطرف عن حلفاء النظام السابق وأعدائه وإنما يختار النظام الجديد ما يصلح للمصالح السورية خاصة إذا نجح النظام في نقل السلطة بطريقة سلسة وسلمية ويجب على العالم العربي أن يساند النظام الجديد لما هو في مصلحة سوريا الدولة وآمل أن يتمكن النظام الجديد من استيعاب كل مكونات الشعب السوري.
سابعاً: يجب على كل الأطراف أن تدرك أنها تجربة فريدة. معظم الشعب السوري ابتهج لزوال نظام الأسد بسبب الجرائم التي تم الكشف عنها.
لكن هذا الموقف لا يعني بشكل تلقائي الترحيب بالنظام الجديد ومطلوب من النظام الجديد أن يلتزم بأعلى درجات التجرد والبعد عن الانتقام أو التطرف من أي نوع وأن يُركز على مصلحة سوريا الدولة. وليعلم النظام الجديد بأنَّ الذي تغير هو النظام وليس الدولة. صحيح أن نظام الأسد كان يلزم الدولة بمفهومه. ويجب إغلاق صفحة النظام السابق.
ثامنا: يجب على النظام الجديد أن يدرك أنَّه في مرحلة الاختبار ويجب على العرب دعمه لمصلحة سوريا وليس لمصالح كل دولة عربية.
تاسعا: ما حدث في سوريا فريد لا يقاس عليه وله ظروفه الخاصة.
فلا يعني إمكانية نجاح الثورات العربية الأخرى. كما إن النموذج السوري في يقيني يبعث برسالة واضحة مؤداها هو أن من تسانده إيران وروسيا ويساند المقاومة يمكن إزالته بخلاف النظم المدعومة من المعسكر الآخر.