المستقبل العربي بين الواقع والمشهد السطحي
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
في ظل الأحداث المتسارعة على سطح المشهد العربي اليوم، لا يمكن تقبل حديث يعبر عن الأمل بمستقبل عربي أفضل، لأن الوقائع الظاهرة على السطح مؤلمة وقاسية بل ومدمرة لأي أمل أو مستقبل. ولكن من يستعين بالتاريخ والعقل والمنطق يجد العديد من المؤشرات على أن المستقبل العربي ليس بتلك السوداوية التي تبرز على السطح، كون تلك السوداوية أصلًا جزءًا من معركة الوجود التي تخوضها الأمة ضد المحتل الغربي والمتمثل اليوم في الكيان الصهيوني الموقت.
منذ فجر السابع من أكتوبر 2023م المجيد، والأمة تحقق انتصارات يومية متتالية وغير مسبوقة على العدو ورعاته في ميدان المعركة وعلى جميع الجبهات، وفي المقابل يشهد الكيان الموقت انتكاسات يومية كبيرة على جميع الصُعد، العسكرية والأمنية والاقتصادية، وأصبح الكيان الغاصب في حالة مثالية من انعدام التوازن والجاذبية، حيث انهارت سردياته التي ظلل بها العرب والعالم طيلة سبعة عقود، وانكشف زيفه وكذبه وهشاشته في غضون أشهر قليلة.
فجأة تنهار جبهة دمشق وتنهار معها (ظاهريًا) الكثير من تلك الانتصارات، وينكشف الأمن القومي العربي برمته بصورة غير مسبوقة، ويظهر النتن ياهو بصورة المُنتصر الوحيد، وبصفة من يقرر مصير الأمة العربية ومستقبلها.
في حقيقة الأمر أن خسائر الكيان استراتيجية، بينما خسائر المقاومة تكتيكية، ويعزز العدو من "ضخامة" منجزه، ويقلل من انتصارات المقاومة ويواري خسائره.
كل العمليات التي قام بها العدو ورعاته لغاية اليوم ليست سوى انتصارات تكتيكية لا تخلق واقعًا مغايراً لما كان عليه الحال قبل السابع من أكتوبر. فلو كان العدو منتصرًا لما احتاج إلى مفاوضات واتفاقات لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، ولما احتاج إلى مغازلة إيران وأنصار الله في اليمن.
الصورة المتجسدة اليوم على سطح الأحداث هي استراحة محارب لا أكثر، والمشهد القادم سيكون بلا شك أكثر دموية وعنفًا، فقد استوعب كل طرف قوة الآخر ومواطن ضعفه، وتبقى نكبة العدو أكبر لأنه مهزوم استراتيجيًا لا محالة.
العدو ورعاته يعلمون بأن الكيان الغاصب أصبح بلا مستقبل، حيث تهشمت الجبهة الداخلية وانكشفت هشاشتها، وتحطمت المؤسسة العسكرية أكثر من السابق وفقدت الثقة بالقيادة السياسية، وانهار الوضع الاقتصادي الى درجة مرعبة، وفقد الصهاينة الثقة بقادتهم وبشعار الكيان الآمن بعد يوميات مريرة مع الصواريخ والمسيرات من الجغرافيات الأربع، غزة ولبنان واليمن والعراق.
الذاكرة الصهيونية لن تنسى وعود الساسة لها بالأمن والاستقرار والقوة، طيلة سبعة عقود، وفي كل عقد من الزمان ينبري لهم منغص في حياتهم يفقدهم عنصر الأمان والاستقرار، وفي كل زمن يأتي معه أسلوب جديد في المقاومة يبرهن لهم أنهم إلى زوال.
الخيار اليوم لم يعد قضية فلسطين وتحريرها، فقد فرط النظام الرسمي العربي في مساندة فلسطين ولم يستوعب أهمية طوفان الأقصى لتحررهم من الكيان الصهيوني ورعاته والتبعية للغرب، واليوم وبسقوط دمشق تكشف العرب وأصبح خيارهم مقاومة الكيان أو زوال أوطان ونُظم من الوجود.
لم يستوعب عرب زماننا أنَّ فلسطين خندقهم الأول والأخير، وأن التخاذل عنها يعني السقوط العربي التدريجي أمام الكيان والصهيونية العالمية، وهو ما نرى ملامحه اليوم.
تبقى للعرب اليوم خيار واحد فقط وهو المقاومة بما تبقى لهم من قوة للبقاء، أو التسليم والاستسلام ليصبحوا مجرد أرقام في أوراق الكيان ورعاته.
قبل اللقاء: تحقيق الأهداف لا يعني السيطرة على النتائج.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
العمليات اليمنية في المرحلة الخامسة من التصعيد.. لا هوادةَ في ضرب الكيان
يمانيون../
تواصلُ القواتُ المسلحة اليمنية، عملياتِها العسكرية النوعية ضد العدوّ الصهيوني في مرحلتها التصعيدية الخامسة؛ إسنادًا لغزة وانتصارًا لمظلوميتها.
وتشهدُ المرحلةُ الخامسة من التصعيد العسكري ذروة في المواجهات، حَيثُ تشهد المستوطنات الصهيونية سقوطاً شبه يومي للصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيَّرة اليمنية دون أن تحَرّك الدفاعات الجوية بمختلف منظوماتها أي ساكن، في مؤشر واضح على عجز منظومات الدفاع الصهيونية والغربية التي كانت تفاخر بها أمريكا وربيبتها “إسرائيل”.
وفي الوقت الذي فرض اليمن فيه معادلة توازن الردع والتعامل مع العدوّ الصهيوني وحلفائه من الأمريكيين والبريطانيين بمبدأ السن بالسن والعين بالعين، يكرس الجيش اليمني معادلة كسر الردع الصهيوني من خلال العمليات العسكرية اليومية في العمق الصهيوني، والتي لن تتوقف إلا بتوقف العدوان الصهيوني الغاشم على غزة ورفع الحصار.
معادلة السن بالسن:
وفي هذا السياق يؤكّـد الخبير في الشؤون العسكرية العميد عبد الغني الزبيدي، أن “اليمن يمتلك بنك أهداف واسعًا وحساسًا لدى العدوّ الصهيوني”.
ويبين في تصريح لـ “المسيرة”، أن القوات المسلحة اليمنية ستستمر في استهداف العمق الصهيوني ولن تتوقف إلا بتوقف العدوان ورفع الحصار على قطاع غزة، مُشيرًا إلى أن الجيش اليمني استطاع -بفضل الله تعالى- وتمكينه وتأييده فرض معادلة توازن الردع، حَيثُ يقابل المطار بالمطار، والمحطة بالمحطة، والوزارة بالوازرة، إضافة إلى تمكّنه القوي في تحييد كافة الدفاعات الصهيونية بمختلف أنواعها.
ويلفت إلى أن إعلان بيان القوات المسلحة اليمينة عن استهداف محطة الكهرباء التابعة للعدو الإسرائيلي جنوبي منطقة حيفا المحتلّة “أوروت رابين” دليل على امتلاك معلومات دقيقة وواضحة حول نوعية الأهداف مع مسمياتها، مُشيرًا إلى أن الاعتداءات الصهيونية والأمريكية والبريطانية على البلد “ستجعل الأعداء يدفعون الثمن باهظًا”.
ويرى الزبيدي أن تكرار العمليات العسكرية في العمق الصهيوني يؤدي إلى إحباط العدوّ الصهيوني على المستوى المادي والمعنوي، مؤكّـدًا أن العمليات العسكرية اليمنية تثبت زيفَ ادِّعاءات الأمريكيين والبريطانيين بشأن استهدافهم للقدرات العسكرية اليمنية والحد منها.
ويوضح أن تنامي القدرات العسكرية اليمنية وتطويرها بشكل مُستمرّ يوحي بمدى الإرادَة الصادقة للقيادة الثورية وقيادة القوات المسلحة اليمنية في الارتقاء بالجانب العسكري للبلد، والذي أصبح -بفضل الله- وتمكينه وتوفيقه متطورًا جِـدًّا ومناوئ للقدرات العسكرية الغربية المهيمنة على دول العالم.
ويوضح أن منظومات الدفاع الصهيونية لا تزال حتى اللحظة عاجزة تمامًا عن التصدي للصواريخ البالستية والفرط صوتية، وكذا الطائرات المسيَّرة اليمنية، مبينًا أن القدرات العسكرية اليمنية، باتت تمثل تحديًا كَبيرًا للعدو الصهيوني والأمريكي، وحلفائهم من الدول الغربية والأُورُوبية.
ويواصل: “مراكز البحوث والدراسات العسكرية في العديد من الدول تقيم المعركة التي يخوضها اليمن ضد العدوّ الصهيوني وضد العدوّ الأمريكي والبريطاني، مؤكّـدًا أن تلك المراكز والبحوث الدراسية العسكرية وكذا الخبراء والمحللين العسكريين اكتشفوا عيوبًا كثيرة في منظومات الدفاع الصهيونية والغربية التي كان يفاخر بها الأمريكيون والإسرائيليون بصفتها أسلحة استراتيجية نوعية كفيلة بإسقاط التحديات والمخاطر التي تواجهها البلدان أثناء الحروب.
ويلفت إلى أن الصواريخ اليمنية والطائرات المسيَّرة أسقطت النظرية الأمريكية والصهيونية حول منظومات الدفاع، والتي تتمثل في أنها توفر الأمن المطلق والكامل.
ويختتم الزبيدي حديثه بالقول: “قدراتنا العسكرية ستواصل استهدافها للعمق الصهيوني في مختلف بقاع الأراضي المحتلّة ولن تتوقف العمليات العسكرية اليمنية إلا بتوقف العدوان ورفع الحصار على قطاع غزة وأي تصعيد ستنعكس آثاره السلبية جدًّا على الأعداء”.
اليمن يسقط هيبة الكيان:
بدوره يرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور جلال جراغي، أن “اليمن اليوم سجّل نوعًا جديدًا من التكتيكات الحربية يجب أن تُسجل في تاريخ الحروب والصراعات الإقليمية”، مؤكّـدًا أن اليمن أسقط هيبة الكيان الصهيوني وهيبة المنظومات الدفاعية والجوية والصاروخية للكيان الصهيوني، بالإضافة إلى هيبة منظومات الدفاع الصاروخي للولايات المتحدة الأمريكية.
ويوضح أن الكيان الصهيوني اليوم منهَك ومرتبك تجاه اليمن، لا يعرف ماذا يفعل؛ كون المواجهة مع اليمن خارج الحسابات الحربية القديمة المعروفة.
ويوضح أن سيناريوهات المواجهة الصهيونية والأمريكية مع اليمن غير مجدية ولن تؤدي لأية نتيجة؛ كون اليمن يملك تجربة كبيرة وطويلة في ميدان الحروب والمعارك أهّلته لأن يكون حقاً مقبرةَ الغزاة والمعتدين، مُشيرًا إلى أن اليمن نجح في كسر هيبة العدوّ الصهيوني، وكذا الهيمنة الغربية الأمريكية وحلفائها، لافتًا إلى أن اليمن ترجم عمليًّا أن الكيان الصهيوني كما وصفه شهيد الإنسانية سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أوهن من بيت العنكبوت.
ويتطرق جراغي إلى أن القوات المسلحة اليمنية “ألحقت هزيمةً مدويةً وكبرى بالكيان الصهيوني وحلفائه من الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين والأُورُوبيين وجعلت سُمعتهم في الحضيض”.
اليمن يفاجئ العالم:
من جهته يقول الناشط الإعلامي عدنان غملوش: “أحَيي الموقفَ اليمني الثابت على عقيدته الدينية والسياسية رغم الغارات التي تشن عليه من قبل العدوّ الصهيوني والأمريكي وحلفائهم”.
ويضيف في تصريح لـ “المسيرة”: “حسابات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكيان العدوّ الإسرائيلي حسابات خاطئة، ظنوا أن اليمن ربما يكون النقطة الأضعف في محور المقاومة لاعتبارات عديدة تتعلق بالقدرات وبُعد المسافة عن الكيان”.
ويواصل: “فتفاجؤوا بحجم ونوعية الصواريخ التي تطال المدن في الكيان والتي باتت تشكل عبئًا كَبيرًا على حكومة نتنياهو والمغتصبين الإسرائيليين”.
ويؤكّـد غملوش أن اليمنَ أصبحت المفاجأةَ الكبرى للأعداء وللعالم أجمع بصفته البلدَ الوحيدَ الذي تصدَّى للهيمنة الغربية وحطَّم غرورَها وكبرياءَها في المنطقة.
المسيرة: محمد حتروش