الجزيرة:
2025-01-07@21:48:25 GMT

لماذا أراد صدام حسين قتل حافظ الأسد؟

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

لماذا أراد صدام حسين قتل حافظ الأسد؟

في أواخر ستينيات القرن الماضي، سأل الرئيس المصري جمال عبد الناصر المقربين منه مندهشا؛ لماذا لم يتمكَّن البعثيون من الوحدة عندما حكموا بغداد ودمشق؟ وهو سؤال محوري اختزل العلاقة بين سوريا والعراق؛ فقد حكم حزب البعث العربي الاشتراكي كلًّا من العراق وسوريا، وعلى مستوى الأفكار والمنطلقات الفكرية، كان يأمل البعث في نهضة عربية قومية اشتراكية، ولكن على مستوى السلوك السياسي بين بغداد ودمشق، كان الفريقان متصارعين.

وكان من عجائب الأقدار أن كلًّا من صدام حسين وحافظ الأسد قد جاءا إلى سُدّة الحكم من بيئة ريفية هامشية بعيدة عن العاصمة، وأن كليهما استطاع الوصول إلى الرئاسة وقيادة رئاسة الحزب والسلطة بعد انقلابات عسكرية، والقضاء على الخصوم بدموية كبيرة، ولعل هذه السلطوية والمركزية في الحكم هي التي جعلت الصراع بين الرجلين على أشدّه طوال عقدين كاملين فيما بعد، وفوق ذلك الطبيعة الدينية لكلٍّ منهما، فهذا سُني بعثي، وذلك علوي بعثي، هذه الخلفية الدينية كانت مؤثرة في سلوك الإخوة الأعداء ولا شك!

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سوريا من أكثر البلدان قابلية للانقلابات العسكرية فلماذا؟list 2 of 2يوم اتحد السُّنة والشيعة في العراق لقتال الإنجليزend of list صراع البعثينِ

كان كلٌّ من العراق وسوريا تحت حكم فصائل بعثية متصارعة، فقد اعتنق العديد من المدنيين والعسكريين في البلدين أفكار حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أنشأه ميشيل عفلق وصلاح البيطار منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين، ورأوا في أفكاره أملهم للغد.

إعلان

ورغم نجاح انقلاب البعث السوري عام 1963 ووصوله إلى سُدّة الحكم، وفي العراق عام 1968، فإن انقلاب البعث السوري الثاني بقيادة العلويين وعلى رأسهم حافظ الأسد، ومطاردتهم لرفاقهم القدامى، بل ومنهم مؤسسو الحزب نفسه وعلى رأسهم ميشيل عفلق، جعل الصراع بين بعث سوريا وبعث العراق يشتد ويشتعل.

ورغم محاولات المصالحة بين البعثينِ الحاكمين للعراق وسوريا في عامَيْ 1969 و1972، ودعم العراق لسوريا ضد إسرائيل خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، فإن العلاقات الثنائية تدهورت مجددا منذ عام 1975 بسبب انعدام الثقة بين الجانبين.

ولكن بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، رأى حافظ الأسد أن التقارب مع العراق هو الملجأ الوحيد له لإعادة التوازن الإستراتيجي في المنطقة، وفي خلال زيارة دولة قام بها إلى بغداد في أكتوبر/تشرين الأول 1978، وقّع الرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس العراقي أحمد حسن البكر بشكل مفاجئ على "ميثاق العمل الوطني المشترك"، الذي شمل بشكل رئيسي أهداف التعاون والتكامل الاقتصادي والعسكري بين البلدين.

كان البكر ينقم على رفيقه ونائبه صدام حسين، ويبحث عن وسيلة للتخلص منه، فلم يجد إلا مشروع الوحدة مع سوريا، ومع هذا المشروع كان ستُرفَع متطلبات جواز السفر والتأشيرات بين الدولتين، وتُفتح الحدود التي كانت مغلقة منذ سنوات، وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1978، أعلن الطرفان أنه ستُتخد إجراءات فورية نحو التوحيد الكامل بين البلدين الشقيقين.

ولكن رغم الأهمية الكبرى للتعاون العسكري بالنسبة لسوريا، فقد فشلت اللجنة الفرعية المعنية في البداية بسبب الاختلافات وانعدام الثقة المتبادل، إذ لم تكن سوريا راغبة في أن تتمركز القوات العراقية دائما على أراضيها، ولم تكن مستعدة لحل كتائب النخبة التي كانت مخصصة لحماية نظام البعث السوري، كما اختلفت وجهات النظر بشأن شكل الوحدة المنشودة؛ حيث فضَّلت سوريا تحالفا أو كونفدرالية فضفاضة، بينما دفع العراق نحو اتحاد أو تكامل كامل بين البلدين.

إعلان

وفي 15 يناير/كانون الثاني 1979، وافقت سوريا والعراق رسميا على تأسيس اتحاد مشترك، وكان من المقرر أن يكون لهذا الاتحاد اسم علم مشترك، ورئيس مشترك أو مجلس رئاسي، وحكومة اتحادية مشتركة. كما اتُّفِق على أن يتناوب العراقيون والسوريون على منصب الرئيس، حيث تولى البكر منصب الرئيس في البداية، بينما تولى الأسد منصب قائد الحزب في القُطرين ونائب الرئيس.

وكانت الحكومة الفيدرالية ستتولى مسؤولية السياسة الخارجية، والدفاع، والثقافة المشتركة، وكان من المتوقع أن يتكوّن الجيش المشترك للدولتين من 380,000 جندي، و4300 دبابة، و730 مقاتلة، ومع ذلك، ظهرت خلافات بشأن توجهات السياسة الخارجية لهذا الجيش، حيث سعت سوريا لتحقيق توازن عسكري مع إسرائيل ومصر، بينما كان يطمح العراق لرد الثورة الإيرانية وزيادة نفوذها في الخليج العربي.

كان أحمد حسن البكر قد وافق على رئاسة حافظ الأسد للاتحاد الجديد، ويبدو أن هذا السبب هو الذي سرّع من الانقلاب الأبيض الذي قام به نائبه صدام حسين الذي كان يسيطر عمليا على الجيش وقتها، حيث ضغط على البكر لتقديم استقالته بحجة كبر سِنّه في يوليو/تموز 1979.

الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر (يسار) والرئيس العراقي صدام حسين (الصحافة العراقية) عشرون عاما من الصراع

ورغم ذلك، في البداية تمسّك صدام حسين بفكرة التكامل التدريجي، ولكن في 28 يوليو/تموز، كشف عن مؤامرة مزعومة للإطاحة بالحكومة العراقية، متهما "قوة أجنبية" بالتورط، ورغم أن سوريا لم تكن متهمة مباشرة، فإن عملية التطهير داخل حزب البعث العراقي أسفرت عن إعدام العديد من الأعضاء الداعمين للوحدة مع سوريا.

لقد رأى صدام حسين وحافظ الأسد أن كلًّا منهما الأحق بالزعامة في الوطن العربي، ولم يكن يقبل أحدهما أن يكون الآخر زعيما عليه، ولهذا السبب خرج صدام حسين في خطاب تلفزيوني يقول: "هل مسموح لصدام حسين وحافظ الأسد التنازل عن الرئاسة أمام الشعبين العراقي والسوري، ويجرون انتخابات ديمقراطية لمَن هو مرشّح بإشراف ممثلين عن العرب ككل، ومن يمثل صدام حسين وحافظ الأسد، يفرزون صناديق الاقتراع ككل، هذا أكثر ديمقراطية".

إعلان

وبسبب الاختلاف دخل العراق وسوريا في مشكلات أخرى فوق الانشقاقات الحزبية، والمنافسة السياسية الجغرافية، فقد وقع الشجار بين الرجلين على مسائل اقتصادية، وحصص كلٍّ منهما في مياه الفرات، وحول أنابيب النفط التي كان كل واحد منها يمر عبر الأراضي السورية ويسيطر عليه الأسد، الأمر الذي أثار حفيظة صدام، وكان العراق قد بنى أنبوبا آخر عبر تركيا مما أثار غضب الأسد.

هذا التنافر الشخصي والفكري والطائفي بين الرجلين جعل كلًّا منهما عدوا للآخر، ومتوجِّسا منه، حتى قرر حافظ الأسد دعم إيران في أثناء الحرب الإيرانية العراقية بين عامي 1980-1988، وهو الأمر الذي يرصده باتريك سيل في كتابه "الأسد، الصراع على الشرق الأوسط"، ويعدّه الشيء الأكثر جرأة في سياسة الأسد الخارجية، فقد أدى وقوفه مع الثورة الإيرانية إلى إنشاء محور شيعي يمتد من طهران عبر دمشق إلى جنوب لبنان.

وكان الأغرب الذي يرصده سيل أيضا أن حافظ الأسد اعتبر مصادقة الخميني من مقتضيات المصلحة العربية العليا، بل حتى قبل قيام الثورة الإيرانية مدّ حافظ الأسد يد المساعدة إلى بعض مساعدي الخميني، مثل إبراهيم يزدي ومصطفى شمران وصادق قطب زاده، الذين قُدِّر لهم لاحقا أن يعملوا وزراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد أعطى لكلٍّ منهم جوازَ سفرٍ سوريًّا مَكَّنهم من القيام بنشاطهم بحرية ضد نظام الشاه.

وقد اعتبر صدام حسين مصادقة وتحالف الأسد ودعمه الكبير للخميني والثورة الإيرانية إعلانا للعداء بين سوريا والعراق، وحين انطلقت الحرب العراقية الإيرانية في سبتمبر/أيلول 1980، شجب الأسد حرب صدام واعتبرها خاطئة، بل وحماقة ستؤدي إلى تمزق العرب أمام إسرائيل، ولكن وفقا لبتريك سيل فإن "الهم الذي كان يُقلق الأسد في السر هو أن يحصل العراق على نصر سريع، فهذه نتيجة ستكون وخيمة وَبيلة".

إعلان

ولهذا السبب أسرع الأسد إلى السفر نحو موسكو، ومن هناك أعلن مع بريجنيف، زعيم الاتحاد السوفياتي وقتها، تأييد "حق إيران الثابت في أن تقرر مصيرها بنفسها بصورة مستقلة وبدون أي تأثير أجنبي". وأمام موقف الأسد العلني في تأييده لإيران في إبان الحرب مع العراق، أمرَ صدام باقتحام القوات العراقية السفارة السورية في بغداد في أغسطس/آب 1980، وطرد معظم موظفيها بتهمة تهريب بنادق ومتفجرات لأعداء صدام، وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه قطعت بغداد علاقتها مع دمشق وسط سيل من التهجّمات والشتائم.

وشرع صدام فيما اعتبره فضح ممارسات نظام حافظ الأسد على الملأ في الإعلام العراقي، حين قال إن الأسد طلب من العراق الذي كان يشارك في الجبهة السورية وقف إطلاق النار بـ"جُبنٍ" في اليوم الثاني من حرب أكتوبر/تشرين الأول سنة 1973، وإنه تدخّل في الحرب الأهلية اللبنانية سنة 1976، وكل ذلك بالتواطؤ والاتفاق مع واشنطن وإسرائيل، وإن حافظ الأسد هو المسؤول الأول عن مجزرة الفلسطينيين في تل الزعتر بلبنان، وإنه المتآمر الأول لتدمير مشروع الوحدة بين سوريا والعراق عام 1979.

وفي القمة العربية التي عُقدت في فاس بالمغرب في أواخر عام 1981، حدثت مناوشة بدأها صدام حسين حين عيَّر الأسد بوقوفه مع إيران ضد دولة عربية، بل وصل الأمر للسّباب العلني، وهو الأمر الذي شهده مصطفى الفقي، سكرتير الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وكادت الأمور تصل بين الرجلين إلى ما لا يُحمد عقباه لولا تدخل الملك الحسن الثاني ملك المغرب، الذي أصر على تهدئة الأمور بين الرجلين.

الرئيس العراقي السابق صدام حسين (رويترز)

ولهذا السبب في العام التالي 1982، قرر حافظ الأسد إغلاق حدود سوريا مع العراق، وكذلك -وهو الأشد- إغلاق الأنبوب الذي ينقل النفط العراقي عبر الأراضي السورية صوب البحر المتوسط، ومنع السوريين من السفر إلى العراق، بل كُتب على جواز السفر السوري ممنوع السفر إلى إسرائيل والعراق، وفي الوقت نفسه عقدَ مع إيران اتفاقا تجاريا واسعا كان يضمن لسوريا الحصول على النفط الإيراني طوال سنوات عديدة وبأسعار تفضيلية، وقد سهّلَ حافظ الأسد من استقبال الإيرانيين والإيرانيات لزيارة مقام السيدة زينب في دمشق، وزيادة التعاون الثقافي والسياسي والاقتصادي بين البلدين.

إعلان

في دراسة أعدّتها المخابرات الأميركية عام 1984 لفهم جذور الخلافات السورية العراقية، تناولت واشنطن التشابه الكبير في المسيرة السياسية لكلٍّ من حافظ الأسد وصدام حسين، خاصةً في نشأتهما الريفية المشتركة، حيث يعتقد الباحث والمؤرخ الأميركي توماس شوارتز أن "شخصية الرجلين كانت ذات تأثير كبير، حيث كان كلاهما قاسيا ويفتقر إلى الثقة في الآخرين". كما يشير شوارتز إلى أن "الأسد وصدام كانا يعشقان السيطرة والهيمنة، مما جعل أي تعاون بينهما أمرا مستحيلا".

ولكن في مسعى من الملك حسين، عاهل الأردن، لسد الفجوة بين الأسد وصدام، فقد أصر على إجراء لقاء سري يجمع بينهما في الأردن. ووفقا لمذكرات عبد الحليم خدام، نائب الأسد وقتها، اقترح صدام حسين على حافظ الأسد مناقشة عدة قضايا، شملت الموقف السياسي من اتفاقية كامب ديفيد، وفكرة الوحدة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، وإعطاء الطرفين حق التدخل العسكري إذا تعرض أيٌّ منهما لاحتلال، وأشار خدام إلى أن الأسد أبلغ الأردن بأن الاجتماع سيُعقد في موسكو يوم 21 فبراير/شباط 1987.

وبعد أيام، وافق صدام على عقد الاجتماع، لكنه طلب أن يُجري مندوبان من الجانبين السوري والعراقي لقاء تمهيديا لتحضير جدول الأعمال. وبالفعل، اجتمع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع مع نظيره العراقي طارق عزيز في مارس/آذار من العام نفسه لمناقشة التحضيرات لقمة تجمع صدام والأسد.

وقد جرى لقاء آخر عُقد في مايو/أيار من العام نفسه في الأردن بين صدام والأسد بحضور الملك حسين لمحاولة الصلح بين الطرفين، وإيجاد تفاهمات مشتركة بخصوص مصالح كل دولة، بل وعقد وَحدة مشتركة بين الدول الثلاثة بما فيها الأردن، حتى قال صدام قبل اللقاء: "ماكو مصافحة وأنا رئيس العراق وسوريا والأردن"، ولكن الاجتماع بين صدام والأسد باء بالفشل بسبب انعدام الثقة بينهما، وبسبب رفض الأسد إدانة الجانب الإيراني في الحرب العراقية الإيرانية الدائرة وقتها، واعتقاده أن صدام يبحث عن مصالح العراق فقط دون مصالح سوريا.

إعلان

الأمر اللافت أن رئيس أركان الجيش العراقي الأسبق، نزار الخزرجي، ذكر في شهادته لأحد البرامج الحوارية أن لقاء آخر كان يُرتَّب للجمع بين الرئيسين صدام والأسد على الحدود العراقية السورية في أواخر الثمانينيات لتقريب وجهات النظر، وطي خلافات الماضي بينهما، وقد حذَّر الخزرجي صدّام حسين بأن حافظ الأسد سليط اللسان وقد يتطاول أثناء كلامه، فما كان من صدام إلا أن وجّه أمره لأحد مرافقيه قائلا: "إذا تطاول حافظ الأسد فاعتقله على الفور، وإذا قاوم فأطلق عليه الرصاص"، الأمر الذي يكشف أن العلاقة بين الرجلين بلغت إلى حد الثأر الشخصي بينهما، وأن صدام كان مستعدا لقتل الأسد لمجرد التطاول عليه.

حافظ الأسد (يمين) وصدام حسين (غيتي) غزو الكويت والنهاية

استمر العداء كما هو حتى وقع زلزال كبير في المنطقة، ففي 2 أغسطس/آب 1990، استفاق العالم العربي على حدث ضخم، حين قرر صدام حسين غزو الكويت بعد سلسلة من الخلافات المتصاعدة، مما أدى إلى انهيار علاقاته مع دول الخليج وخسارة كل التعاطف الذي ناله أثناء الحرب مع إيران.

وفي الشهر نفسه، انطلق حافظ الأسد للقاء الرئيس الإيراني وقتها علي أكبر رافسنجاني، وبحسب كتاب عبد الحليم خدام نائب الأسد "التحالف السوري الإيراني والمنطقة"، فإن كلًّا من إيران وسوريا كانتا تستشعران القلق الشديد من هجوم صدام حسين على الكويت، ليس بسبب مناهضته للقانون الدولي، وتعدّيه على حقوق الغير فقط، بل وخوفا من زيادة سطوة صدام ونفوذه في المنطقة مع سيطرته على البترول الكويتي، وأيضا بسبب ردة فعل الدول الغربية التي ستأتي وتستقر في المنطقة مما يهدد كلًّا من إيران وسوريا.

ولكن حافظ الأسد، نكايةً في غريمه وعدوه اللدود صدام، قرر أن ينضم إلى التحالف الدولي الذي رعته واشنطن لطرد القوات العراقية من الكويت، فقد التقى الأسد مع جورج بوش في جنيف، ومن ثم قررت دمشق رسميا المشاركة في التحالف الدولي، وهُزم العراق في حرب الخليج في العام التالي، كما واجهت بغداد حصارا اقتصاديا وسياسيا مؤثرا في التسعينيات بسبب العقوبات الدولية، وهو الأمر الذي جعل الأسد يشعر بالراحة والطمأنينة من انكسار غريمه صدام.

إعلان

وبعد سنوات من الشكوك والمؤامرات والعداوة، شهد منتصف التسعينيات عودة التواصل بين الرجلين عبر قنوات غير علنية ولقاءات سرية على مستوى السفراء، حيث تبادلا رسائل سرية كشفت عن رغبة بغداد الشديدة في استعادة العلاقات بين البلدين.

لكن عودة العلاقات جاءت في الوقت بدل الضائع بعد وفاة حافظ سنة 2000، حيث كان نظام صدام حسين يوشك على السقوط، وهو ما حدث في عام 2003 حين انهار نظامه، وتَشكَّل نظام جديد كان لإيران فيه النفوذ الأكبر، الأمر الذي عزَّز من نفوذ وقوة محور طهران – دمشق – جنوب لبنان.

وذلك قبل أن تندلع الثورة السورية في عام 2011، التي أدت في نهاية المطاف بعد 13 عاما إلى سقوط نظام الأسد الابن، في إعادة لمشهد سقوط نظام صدام حسين، فكان من عجائب الأقدار أن يشهد صعود نظام صدام والأسد المقدمات نفسها، وأيضا يواجه النظامان النتائج عينها، وذلك السقوط والاندثار!

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أبعاد أکتوبر تشرین الأول الثورة الإیرانیة الرئیس العراقی العراق وسوریا سوریا والعراق بین الرجلین بین البلدین الأمر الذی حافظ الأسد فی المنطقة هذا السبب کان من

إقرأ أيضاً:

محمد خلدون.. حفيد عبد القادر الجزائري الذي أعدمه نظام الأسد بصيدنايا

طبيب أسنان سوري من أصول جزائرية، وهو باحث أكاديمي في العلوم الشرعية الإسلامية وفقيه مالكي جامع للقراءات القرآنية العشر، وباحث ذو خبرة في الراجح بأخبار الرجال وأحوالهم وفي تحقيق الآثار والأنساب والتاريخ، وخصوصا أنساب آل البيت، وهو أيضا باحث متخصص في تاريخ جده الأمير عبد القادر الجزائري.

عرف عنه انتقاده لنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، فمُنع من الخطابة والتدريس وحتى إقامة الدروس في منزله، واعتقل مرتين، قضت في الثانية محكمة عسكرية بإعدامه عام 2012.

المولد والنشأة

ولد أبو إدريس، واسمه الكامل محمد خلدون محمد مكي الحسني الجزائري، في دمشق في الثاني من يناير/كانون الثاني 1970. والده مكي الحسني عالم فيزيائي نووي ولغوي، ومن أوائل من حصلوا على دكتوراه في الفيزياء النووية في الوطن العربي، وأمين مجمع اللغة العربي في دمشق، وأمه هالة بن عبد الحميد بك المتولي العلمي، وله أخت وأخوان.

ويصل نسب الجزائري من طرف أبيه إلى عبد الباقي بن محمد السعيد الأخ الأكبر للأمير عبد القادر الجزائري، ومن طرف أمه إلى عبد المجيد ابن الأميرة كلثوم بنت الأمير عبد القادر الجزائري.

وحسب بعض المؤرخين، فإن عائلته تنتسب إلى الأدارسة الذين يمتد نسبهم إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتحديدا إلى إدريس الأكبر بن عبد الله المحصن بن حسن المثنى بن حسن السبط بن علي بن أبي طالب، وأم إدريس فاطمة الزهراء بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

زوجته بسمة بنت عماد الدين الرواسي المدني، وله 7 أبناء، من الأولاد عبد الله ومكي، ومن البنات فاطمة وصفية وزينب وميمونة وسمية.

من اليمين خلدون الحسني مع شيخ قراء الشام كريم راجح والكاتب أيمن أحمد ذو الغنى (مواقع التواصل) فكره وشخصيته

عرف عن الجزائري أنه شخصية دائمة البحث عن الحقيقة والدليل، وهذا ما ظهر في أبحاثه، مع التزامه بالمذاهب الأربعة دون تعصب لأي منها ولا لغيرها.

إعلان

اهتم بدراسة الحديث الشريف، وكان يتجنب الخوض في علم الكلام أو الاهتمام بكتبه وأبحاثه على منهج الإمامين مالك بن أنس وسفيان الثوري في الامتناع عن الخوض في المسائل غير المكلّف بها أو التي تتعلق بذات الله تعالى.

وقال عنه الباحث السوري الأصولي في الفقه الشافعي مصطفى الخن إن "دماثته وحسن خلقه لم تقف حاجزا له عن الصدع بالحق.. ثم إن نشأته العلمية وتلقيه العلم عن أكابر العلماء واستشارته إياهم فيما يعترضه، مع ما وهبه الله من جرأة في الحق وغيرة على شرع الله وسنة نبيه، إضافة إلى أنه سليل بيت النبوة، وحفيد أمير المجاهدين الأمير عبد القادر الجزائري، كل ذلك جعله أهلا ليكون من النَّصَحَة لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".

وقال عنه شيخ قرّاء الشام الأديب والفقيه اللغوي السوري محمد كريم راجح إنه "فقيه مالكي جيد، مطلع على كتب المالكية، ومستحضر للأحكام الفقهية فيها، ثم تفقَّه بعد ذلك وأطال النظر في مذهب الشافعي عليه رحمة الله، ثم له اطلاع جيد جدا على علم الحديث ورجاله وأسانيده، وهو جامع للقراءات العشر، ثم هو لا يكاد يقرأ المسألة إلا ويعود للأدلة، ذلك أنه مستمسك بالدليل، ولا يرى حكما إلا ودليله معه".

خلدون الجزائري في عيادته للأسنان بحي الميدان بدمشق (وسائل التواصل الاجتماعي) الدراسة والتكوين العلمي

بدأ الجزائري دراسة العلم الشرعي في وقت مبكر من عمره، فحفظ مختصر صحيح مسلم للمنذري وعمره آنذاك 14 عاما، وتتلمذ على عدد من العلماء والمشايخ في سوريا، أبرزهم عمه عبد الرحمن بن عبد المجيد الحسني، الذي تأثر به تأثرا شديدا وبقي ملازما له حتى وفاته، وتلقى منه علوم القرآن والفقه المالكي، وقرأ عليه القرآن بسنده إلى شيخ قرّاء الشام أحمد الحلواني ومحمد فايز الديرعطاني.

كما قرأ على عمه كتب الفقه المالكي (متنا وشرحا) وأجازه بها، وقرأ عليه كتاب الموطأ بإسناده للإمام مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي، ثم برواية أبي مُصعَب الزهري. ثم قرر الجزائري التعمق في دراسة المذهب حتى أجازه عمه بالفتوى على المذهب المالكي.

واستطاع الجزائري جمع القراءات القرآنية العشر على يد الفقيه الحنفي محمود بن جمعة عبيد إمام جامع الروضة بأسانيده، وتلقى منه رواية حفص بوجوهها الـ21، وبسنده إلى الشيخ عبد العزيز عيون السود. وبقي الشاب ملازما الشيخ عبيد سنوات.

إعلان

وإلى جانب الفقه المالكي، درس الفقه الشافعي على يد أبرز علمائه من أهل الشام، منهم صادق حبنّكة الذي لازمه 7 سنوات، ومصطفى البغا الذي لازمه 5 سنوات، ومحمد شقير.

وبرع الجزائري في دراسة علوم تفسير القرآن عن الشيخ محمد كريم راجح، من عام 1989 حتى اعتقاله، ودرس علوم الحديث ومصطلحه عند عبد القادر الأرناؤوط، وكان قريبا منه وحريصا على حضور خطبه لصلاة الجمعة في جامع المحمدي بحي المزة غربي دمشق.

وتلقى على يد الشيخ التونسي عبد المجيد بن سعد الأسود نزيل دمشق لسنوات عدة، وقرأ عليه المطولات والشروح، وكتبا في الفقه الشافعي وعلوم اللغة وقواعدها، وغيرها من الكتب في علوم الشريعة الأخرى.

وقرأ على والده بعضا من كتب الفيزياء والرياضيات والفلك، إضافة إلى بحوث أبيه ومؤلفاته في اللغة العربية، وحصل منه على إجازة عامَّة، وإجازات خاصة في كلّ ما قرأه عليه.

ودرس الجزائري طب الأسنان وجراحتها في جامعة دمشق وتخرج فيها حاصلا على شهادة الدكتوراه عام 1993.

أبرز المناصب والمسؤوليات

مثّل الجزائري أسرة الأمير عبد القادر في مناسبات عدة، أبرزها احتفالية مؤسسة البابطين التي عُقدت في الجزائر العاصمة بين 31 أكتوبر/تشرين الأول والثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2000، تحت عنوان "مؤتمر شعر أبي فراس الحمداني والأمير عبد القادر الجزائري".

وفي المؤتمر، قدّم بحثا في النقد الأدبي تناول فيه دراسة الدكتور وهب رومية بعنوان "اللغة والصورة في شعر الأمير عبد القادر الجزائري"، وحظي بإعجاب الأدباء والمتخصصين المشاركين في المؤتمر.

وفي مارس/آذار 2008، استضافته قناة "المستقلة" الفضائية في برنامج "ملفات مغاربية: سيرة الأمير عبد القادر الجزائري"، وشارك في 10 حلقات مع مجموعة من الباحثين والمتخصصين في تاريخ الجزائر.

وأسهمت مشاركته في توضيح حقائق تاريخية وعلمية عن الأمير عبد القادر وتصحيح كثير من المفاهيم، والرد على الشبهات المثارة حول سيرته.

المؤلفات

كتب الجزائري نحو 50 بحثا ورسالة علمية ركّز فيها على تحقيق المسائل المشكلة في معظم العلوم التي تلقاها، وكتبا منها:

"إلى أين أيها الحبيب الجفري"، وهو رد علمي على كتاب اليمني الحبيب علي الجفري "معالم السلوك للمرأة المسلمة". "البارق السَّني من حياة مكي الحسني" عن والده. "رجال من الأسرة الإدريسيّة الزكية والعِترَة الحسنيّة الشريفة". مخطوط عن جده الأمير عبد القادر الجزائري، فنّد فيه كثيرا من الشائعات الباطلة عنه. إعلان الاعتقال ثم الإعدام

اعتقل الجزائري للمرة الأولى أشهرا عدة من أمام منزله في دمشق يوم 26 أغسطس/آب 2008، وذكرت اللجنة السورية لحقوق الإنسان أن آراءه المضمنة في كتابه "إلى أين أيها الجفري" ربما كانت السبب وراء اعتقاله.

واعتقله النظام السوري السابق للمرة الثانية من أمام منزله بمشروع دمر بدمشق في السادس من يونيو/حزيران 2012، مع مصادرة سيارته، قبل أن تقتاده إلى مكان مجهول.

وناشدت عائلة الأمير عبد القادر الجزائري المقيمة في سوريا السلطات الجزائرية ورئيس البلاد آنذاك عبد العزيز بوتفليقة وجمعيات لحقوق الإنسان بالتدخل لإنقاذ حياة حفيد الجزائري.

وحاولت منظمات حقوقية سورية وجزائرية التدخل للمطالبة بالإفراج عنه، منها الحركة الحقوقية الجزائرية والرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، خاصة بعد حكم محكمة عسكرية سورية بإعدامه في أغسطس/آب 2012.

وعقب إسقاط نظام الأسد، وتمكن المعارضة من تحرير المساجين والحصول على أوراق ووثائق بعض أسماء المعدمين، تداول ناشطون خبر العثور على وثيقة من السجل المدني تذكر أن الجزائري كان معتقلا في سجن صيدنايا المركزي، وأن حكم الإعدام فيه طبق عام 2015.

مقالات مشابهة

  • رسالتي لبشار الأسد وصلت واشنطن.. هكذا تفاجأ وزير عراقي أسبق
  • رسالتي لبشار الأسد وصلت واشنطن.. هكذا تفاجئ وزير عراقي أسبق
  • محمد خلدون.. حفيد عبد القادر الجزائري الذي أعدمه نظام الأسد بصيدنايا
  • لماذا أراد صدام حسين قتل حافظ الأسد؟ لبنان ضمن القصّة المثيرة!
  • التغييرات قادمة لا محالة.. ما الذي ينتظر العراق بعد 20 كانون الثاني الجاري؟
  • من حافظ إلى بشار الأسد.. هكذا سقط النظام السوري في لبنان أيضا
  • سعدون جابر يكشف تفاصيل مقتل مطرب في منزل عدي صدام حسين
  • رغد صدام حسين توجه تهنئة إلى الجيش العراقي بمناسبة ذكرى تأسيسه
  • كان صرحا لطاغية فهوى.. سوريون يسقطون أكبر تمثال لحافظ الأسد في القلمون