مفاوضات الإدارة السورية الجديدة وقسد.. بحث عن حلول أم كسب للوقت؟
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
بعد سقوط نظام بشار الأسد دخلت القوات التابعة للإدارة السورية الجديدة -التي تأسست من الفصائل التي شاركت في عملية التحرير- لمساحات واسعة من البلاد، باستثناء مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحت غطاء من القوات الأميركية.
ومنذ أن انهارت قوات النظام السابق أمام فصائل المعارضة المسلحة، حاولت قسد التمدد لتوسع سيطرتها في ريف حلب ودير الزور، لكنها تراجعت لاحقا بعد أن دارت مواجهات بينها وبين فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا.
كما أرسلت فصائل ردع العدوان قوات إلى دير الزور، وانتهى الأمر لتدخل من الولايات المتحدة التي فتحت قنوات اتصال مع الجانب التركي وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، مع إلزام قسد بالانسحاب من المناطق التي دخلتها في مدينة دير الزور.
وتركز الإدارة الجديدة حاليا على استكمال عملية هيكلة وزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية، وبناء عليه تجري مشاورات مكثفة مع باقي فصائل المعارضة بما فيها الفصائل التابعة للجيش الوطني من أجل وضع اللبنات الأولى لجيش سوريا، وهذا من وجهة نظرها سيجعلها تدخل المفاوضات مع الأكراد والدروز بموقف أكبر، وتضع جميع المكونات أمام استحقاق الاندماج ضمن الجيش الموحد، على عكس الوضع الراهن.
فضلت الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع فتح مسار تفاوضي مع قسد من أجل إيجاد حل لمناطق شمال شرق سوريا الإستراتيجية التي تنتج القمح، وفيها العديد من آبار وحقول النفط أهمها حقول رميلان والعمر والجفرة.
إعلانمصادر مقربة من الإدارة الجديدة أكدت لموقع الجزيرة نت أن تفضيل المسار التفاوضي سببه الرغبة بعدم استفزاز الموقف الأميركي في وقت تسعى فيه الإدارة والمكون الأبرز فيها هيئة تحرير الشام لرفع العقوبات عن سوريا، وإزالة الهيئة من قائمة المنظمات الإرهابية.
وبحسب المصدر، فإن نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024 شهدت انعقاد لقاء تفاوضي بين الإدارة الجديدة وقسد، وبحث الجانبان البنود التي يمكن التوافق عليها من أجل تسهيل اندماج قوات سوريا الديمقراطية بالإدارة الجديدة.
لكن الأخيرة تمسكت بمسألة انضمامها إلى القوات السورية الجديدة على أساس كتلة موحدة، مع المطالبة بالحصول على الحصة الكبرى من عائدات النفط لصالح إدارة مستقلة أشبه بالفدرالية تضم المناطق ذات الغالبية الكردية.
في حين وافقت الإدارة السورية على نوع من اللامركزية الإدارية، وحصول الأكراد على قسم من عائدات النفط متناسب مع الحجم والمساحة الجغرافية، لكنها اشترطت أن يكون الانضمام للجيش السوري ضمن وزارة الدفاع الجديدة فرادى، بالإضافة إلى استعدادها للاعتراف بالحقوق الثقافية للأكراد وعلى رأسها تدريس اللغة الكردية في المدارس، وانتهت النقاشات دون إبرام اتفاق محدد.
وبدى لافتا أن الطيران الحربي التركي عاد لتنفيذ هجمات ضد مواقع تتبع قسد بعد أيام فقط من الجلسة التفاوضية، حيث تركزت الغارات التركية على منطقة شرق حلب، مما يعكس عدم وجود نتائج ملموسة للمسار التفاوضي.
ووفقا للمصادر، فإن الإدارة السورية تفضل التريث لحين تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمهامه رسميا أواخر شهر يناير/كانون الثاني الجاري، ومعرفة توجهات سياسته الخارجية وما إذا كان سيخفض تركيزه على الملف السوري، وبناء عليه يمكن أن تتجدد المباحثات وفق الظروف السياسية المستجدة.
قسد توسع خيارات دعمها الدوليمن الواضح أن قسد تعيش حالة من الشك تجاه المستقبل، في ظل التصريحات التي تصدر عن مرشحين لمناصب حساسة ضمن إدارة ترامب تشير إلى نيتهم سحب القوات الأميركية من سوريا.
إعلانوفي 3 يناير/كانون الثاني الجاري نفت وزارة الدفاع الأميركية الأنباء المتداولة عن نيتها تأسيس قاعدة عسكرية جديدة في منطقة عين العرب (كوباني) التي تضعها فصائل الجيش الوطني السوري ضمن قائمة المناطق التي تنوي دخولها.
وأكدت مصادر أمنية لموقع الجزيرة نت أن قسد اتجهت مؤخرا للاعتماد على كل من فرنسا وإيران من أجل توفير الدعم السياسي والعسكري والأمني.
وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية عن تنفيذ القوات الجوية لضربات صاروخية ضد تنظيم الدولة في سوريا، مؤكدة أن هذه المرة الأولى التي تشن مثل هذه الهجمات في سوريا منذ عامين، مما يعطي مؤشرا واضحا على عودة النشاط الفرنسي في الملف السوري من بوابة مكافحة عودة التنظيم، حيث تشكل هذه الورقة عاملا مهما في تحصيل قسد للدعم الغربي.
وتفيد المعلومات أن فرنسا وبتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية تشرف على تسهيل مفاوضات بين قسد والمجلس الوطني الكردي من أجل توحيد وجهة النظر الكردية وبالتالي تحصيل مكاسب أعلى من دمشق بدلا من الدخول في المفاوضات مع الأخيرة بشكل متفرق.
من جهة أخرى، أفادت مصادر إعلامية تركية بأن قسد أسقطت مطلع الشهر الجاري طائرة مسيرة تركية من طراز بيرقدار باستخدام منظومة دفاع جوي إيراني من طراز 358.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن قسد وإيران كثفتا اللقاءات منذ سقوط نظام بشار الأسد، حيث تجري اللقاءات ضمن الأراضي العراقية ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ويبحث الجانبان سبل التعاون في سوريا، ويبدو أن طهران تبحث عن أطراف تبقي من خلالها على نفوذها في سوريا.
وكشفت صحيفة إسرائيل اليوم في بداية الشهر الحالي عن إجراء وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اتصالا هاتفيا مع القيادية في قسد إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في ما تسمى الإدارة الذاتية، وقد سبق ذلك تكرار الوزير الإسرائيلي تصريحات تؤكد توجههم لدعم الأكراد في سوريا وزيادة دور الأقليات.
إعلانوفي ظل المعطيات السابقة، تبدو المفاوضات الحالية أقرب إلى استكشاف المواقف وكسب الوقت بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع لا سيما مع مباشرة ترامب لصلاحياته، واتضاح معالم التعاطي الدولي مع الوضع في سوريا بشكل أفضل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة الجدیدة السوریة الجدیدة الإدارة السوریة وزارة الدفاع فی سوریا من أجل
إقرأ أيضاً:
الحوثي يهاجم الإدارة السورية بشدة.. ونعيم قاسم: مؤشرات التقسم موجودة (شاهد)
شن زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، هجوما شديدا على الإدارة السورية الجديدة، بعد أحداث الساحل، ضد فلول النظام، وما تخللها من انتهاكات بحق المدنيين.
وقال الحوثي في محاضرة رمضانية جديدة له الأحد، إن "الجماعات التكفيرية تقوم بارتكاب جرائم إبادةٍ جماعية، للمئات من المواطنين السوريين المدنيين، المسالمين".
وأضاف "ما يرتكبونه من إجرامٍ هو مدان، ويجب أن يستنكره الجميع، وأن يسعى كل من بقي له ضميرٌ إنسانيٌ لوقف تلك الجرائم".
وتابع "يشاركهم في المسؤولية عن تلك الجرائم رُعاتهم، الداعمون لهُمْ بالمال، والدعم السياسي، والدعم العسكري، ولـذلك عواقبه السيئة عليهم جميعاً؛ لأنهم يعتبرون أنهم قد أمَّنُوا نفسهم لدى أمريكا ولدى أوروبا".
وانتقد الحوثي عدم مواجهة الإدارة السورية الجديدة للاحتلال الإسرائيلي الذي توغل داخل الأراضي السورية، وهدد بالتدخل في حال حدث أي أمر للدروز.
وأضاف "الإسرائيلي أعلن حمايته للدروز في (السويداء)، وفعلاً لأنه قد أعلن ذلك؛ لم تجرؤ تلك الجماعات التكفيرية على أن تَمَسَّهُم بسوء، بل هي تحترمهم، وتتفاهم معهم، وتتعامل بتواضع كبير معهم، لماذا؟ لأن الإسرائيلي قد أعلن حمايته لهم، وهدد إن مَسُّوهُم بسوء".
وزاد الحوثي بأن الإدارة السورية الجديدة هي نتاج صنيعة الولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب زعمه.
هذا بلاغاً للناس ولينذروا به
تعليق السيد عبدالملك الحوثي حول الأحداث الجارية في #سوريا.
سيد الأمة العربية والإسلامية pic.twitter.com/nveU1lQk1z
وفي سياق متصل، علق الأمين العام الجديد لحزب الله نعيم قاسم على أحداث الساحل السوري، لكن دون التطرق لها بشكل مباشر بخلاف الحوثي.
وقال في مقابلة مع قناة "المنار": "من المبكر أن نقيّم ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا، حيث الأوضاع غير مستقرة وهناك مشاكل داخلية عديدة، لذلك لا أقول نجحت أو فشلت سوريا”.
وتمنى لسوريا "الاستقرار للتفاهم على إقامة دولة قوية ووضع حد للتوسع الإسرائيلي".
كما حذر من أن "مؤشرات التقسيم (في سوريا) موجودة، ولكن هل يتم إيجاد حلول لها أم لا؟ سننتظر لنرى".
وأكد قاسم أنه "لا يوجد أي تدخل لحزب الله في سوريا، ولكن لا أستبعد نشوء مقاومة سورية ضد إسرائيل".
ليس لنا تدخل في سوريا ولا استبعد نشوء مقاومة ضد "إسرائيل"..
الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم #حوار_الأمين #بانوراما_اليوم pic.twitter.com/nnfhqO53ci
تحذير من التضليل
في سياق متصل، حذّرت وزارة الإعلام السورية، الأحد، من حملات تحريضية، بهدف إثارة الفوضى ونشر التضليل.
وقالت الوزارة البيان: "تكثف جهات معادية (لم تحددها) حملاتها التحريضية، عبر وسائل الإعلام، بهدف إثارة الفوضى ونشر التضليل".
وبينت الوزارة السورية أنها "رصدت خلال اليومين الماضيين، محاولات ممنهجة لإعادة تداول صور ومقاطع مصورة قديمة، يعود بعضها إلى سنوات سابقة وأخرى مأخوذة من خارج البلاد".
وأردفت أن ذلك "بهدف التلاعب بالرأي العام، وتقديمها على أنها أحداث جارية في الساحل السوري، في محاولة واضحة لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار".
وفي الأيام الأخيرة، شهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس الساحليتان توترا أمنيا على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية ومستشفيات، ما أوقع قتلى وجرحى.
وفي كلمة متلفزة حول الأحداث في الساحل، قال الرئيس السوري أحمد الشرع: "لقد سعى بعض فلول النظام الساقط لاختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها". وتوجه الشرع برسالة لفلول النظام السابق، قائلًا: "في معركة التحرير قاتلناكم قتال الحريص على حياتكم رغم حرصكم على مماتنا، فنحن قوم نريد صلاح البلاد، التي هدمتموها ولا غاية لنا بدماء أحد".
وبارك الشرع للجيش والأمن "التزامهم بحماية المدنيين وتأمينهم أثناء ملاحقتهم لفلول النظام الساقط وسرعتهم في الأداء"، مؤكدًا ضرورة "ألا يسمحوا لأحد بالتجاوز والمبالغة في رد الفعل، وأن يعملوا على منع ذلك".