بعد سقوط نظام بشار الأسد دخلت القوات التابعة للإدارة السورية الجديدة -التي تأسست من الفصائل التي شاركت في عملية التحرير- لمساحات واسعة من البلاد، باستثناء مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحت غطاء من القوات الأميركية.

ومنذ أن انهارت قوات النظام السابق أمام فصائل المعارضة المسلحة، حاولت قسد التمدد لتوسع سيطرتها في ريف حلب ودير الزور، لكنها تراجعت لاحقا بعد أن دارت مواجهات بينها وبين فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا.

كما أرسلت فصائل ردع العدوان قوات إلى دير الزور، وانتهى الأمر لتدخل من الولايات المتحدة التي فتحت قنوات اتصال مع الجانب التركي وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، مع إلزام قسد بالانسحاب من المناطق التي دخلتها في مدينة دير الزور.

وتركز الإدارة الجديدة حاليا على استكمال عملية هيكلة وزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية، وبناء عليه تجري مشاورات مكثفة مع باقي فصائل المعارضة بما فيها الفصائل التابعة للجيش الوطني من أجل وضع اللبنات الأولى لجيش سوريا، وهذا من وجهة نظرها سيجعلها تدخل المفاوضات مع الأكراد والدروز بموقف أكبر، وتضع جميع المكونات أمام استحقاق الاندماج ضمن الجيش الموحد، على عكس الوضع الراهن.

الإدارة الجديدة تجري مشاورات مكثفة مع باقي فصائل المعارضة من أجل وضع اللبنات الأولى لجيش سوريا (رويترز) جلسات تفاوضية

فضلت الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع فتح مسار تفاوضي مع قسد من أجل إيجاد حل لمناطق شمال شرق سوريا الإستراتيجية التي تنتج القمح، وفيها العديد من آبار وحقول النفط أهمها حقول رميلان والعمر والجفرة.

إعلان

مصادر مقربة من الإدارة الجديدة أكدت لموقع الجزيرة نت أن تفضيل المسار التفاوضي سببه الرغبة بعدم استفزاز الموقف الأميركي في وقت تسعى فيه الإدارة والمكون الأبرز فيها هيئة تحرير الشام لرفع العقوبات عن سوريا، وإزالة الهيئة من قائمة المنظمات الإرهابية.

وبحسب المصدر، فإن نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024 شهدت انعقاد لقاء تفاوضي بين الإدارة الجديدة وقسد، وبحث الجانبان البنود التي يمكن التوافق عليها من أجل تسهيل اندماج قوات سوريا الديمقراطية بالإدارة الجديدة.

لكن الأخيرة تمسكت بمسألة انضمامها إلى القوات السورية الجديدة على أساس كتلة موحدة، مع المطالبة بالحصول على الحصة الكبرى من عائدات النفط لصالح إدارة مستقلة أشبه بالفدرالية تضم المناطق ذات الغالبية الكردية.

في حين وافقت الإدارة السورية على نوع من اللامركزية الإدارية، وحصول الأكراد على قسم من عائدات النفط متناسب مع الحجم والمساحة الجغرافية، لكنها اشترطت أن يكون الانضمام للجيش السوري ضمن وزارة الدفاع الجديدة فرادى، بالإضافة إلى استعدادها للاعتراف بالحقوق الثقافية للأكراد وعلى رأسها تدريس اللغة الكردية في المدارس، وانتهت النقاشات دون إبرام اتفاق محدد.

وبدى لافتا أن الطيران الحربي التركي عاد لتنفيذ هجمات ضد مواقع تتبع قسد بعد أيام فقط من الجلسة التفاوضية، حيث تركزت الغارات التركية على منطقة شرق حلب، مما يعكس عدم وجود نتائج ملموسة للمسار التفاوضي.

ووفقا للمصادر، فإن الإدارة السورية تفضل التريث لحين تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمهامه رسميا أواخر شهر يناير/كانون الثاني الجاري، ومعرفة توجهات سياسته الخارجية وما إذا كان سيخفض تركيزه على الملف السوري، وبناء عليه يمكن أن تتجدد المباحثات وفق الظروف السياسية المستجدة.

قسد توسع خيارات دعمها الدولي

من الواضح أن قسد تعيش حالة من الشك تجاه المستقبل، في ظل التصريحات التي تصدر عن مرشحين لمناصب حساسة ضمن إدارة ترامب تشير إلى نيتهم سحب القوات الأميركية من سوريا.

إعلان

وفي 3 يناير/كانون الثاني الجاري نفت وزارة الدفاع الأميركية الأنباء المتداولة عن نيتها تأسيس قاعدة عسكرية جديدة في منطقة عين العرب (كوباني) التي تضعها فصائل الجيش الوطني السوري ضمن قائمة المناطق التي تنوي دخولها.

وأكدت مصادر أمنية لموقع الجزيرة نت أن قسد اتجهت مؤخرا للاعتماد على كل من فرنسا وإيران من أجل توفير الدعم السياسي والعسكري والأمني.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية عن تنفيذ القوات الجوية لضربات صاروخية ضد تنظيم الدولة في سوريا، مؤكدة أن هذه المرة الأولى التي تشن مثل هذه الهجمات في سوريا منذ عامين، مما يعطي مؤشرا واضحا على عودة النشاط الفرنسي في الملف السوري من بوابة مكافحة عودة التنظيم، حيث تشكل هذه الورقة عاملا مهما في تحصيل قسد للدعم الغربي.

وتفيد المعلومات أن فرنسا وبتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية تشرف على تسهيل مفاوضات بين قسد والمجلس الوطني الكردي من أجل توحيد وجهة النظر الكردية وبالتالي تحصيل مكاسب أعلى من دمشق بدلا من الدخول في المفاوضات مع الأخيرة بشكل متفرق.

من جهة أخرى، أفادت مصادر إعلامية تركية بأن قسد أسقطت مطلع الشهر الجاري طائرة مسيرة تركية من طراز بيرقدار باستخدام منظومة دفاع جوي إيراني من طراز 358.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن قسد وإيران كثفتا اللقاءات منذ سقوط نظام بشار الأسد، حيث تجري اللقاءات ضمن الأراضي العراقية ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ويبحث الجانبان سبل التعاون في سوريا، ويبدو أن طهران تبحث عن أطراف تبقي من خلالها على نفوذها في سوريا.

وكشفت صحيفة إسرائيل اليوم في بداية الشهر الحالي عن إجراء وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اتصالا هاتفيا مع القيادية في قسد إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في ما تسمى الإدارة الذاتية، وقد سبق ذلك تكرار الوزير الإسرائيلي تصريحات تؤكد توجههم لدعم الأكراد في سوريا وزيادة دور الأقليات.

إعلان

وفي ظل المعطيات السابقة، تبدو المفاوضات الحالية أقرب إلى استكشاف المواقف وكسب الوقت بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع لا سيما مع مباشرة ترامب لصلاحياته، واتضاح معالم التعاطي الدولي مع الوضع في سوريا بشكل أفضل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الإدارة الجدیدة السوریة الجدیدة الإدارة السوریة وزارة الدفاع فی سوریا من أجل

إقرأ أيضاً:

ورشة علمية طبية في جامعة حلب للجمعية السورية الألمانية، بهدف تعزيز التعاون بين الكوادر الطبية في الخارج والأطباء داخل سوريا

الجمعية السورية الألمانية ورشة علمية طبية في جامعة حلب 2025-04-08Belalسابق إصابة أربعة أشخاص جراء حادث سير على طريق عام حمص حماةآخر الأخبار 2025-04-08إصابة أربعة أشخاص جراء حادث سير على طريق عام حمص حماة 2025-04-08وزير الخارجية أسعد الشيباني: بتوجيهات من السيد الرئيس أحمد الشرع، شرعنا في إعادة هيكلة سفاراتنا وبعثاتنا الدبلوماسية بما يضمن تمثيلاً مشرفاً للجمهورية العربية السورية وتقديم خدمات متميزة للمواطنين السوريين في الخارج. (تغريدة عبر X) 2025-04-08التعليم العالي تمدد التسجيل لمفاضلة الدراسات العليا ودبلومات ‏وماجستيرات ‏التأهيل ‏والتخصص 2025-04-08بدء تنفيذ أول تقاطع مروري ذكي لتخفيف الازدحام المروري في مدينة حماة 2025-04-08نبيل الشحمة… بين الرياضة والثورة على النظام البائد مسيرة طويلة تكللت بالإنجاز والنصر 2025-04-08العقاري يرفع سقف السحب لبطاقات الصراف عن طريق أجهزة (ATM) و(POS) 2025-04-08أولويات المرحلة وخططها المستقبلية… الرئيس الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة الجديدة 2025-04-08بمشاركة عربية ودولية… تنطلق غداً فعاليات معرض سوريا الدولي “آغـرو ‏سيريا 2025” 2025-04-08الدفاع المدني يستجيب لـ 2261 حريقاً منذ بداية العام حتى نهاية آذار ‏الماضي 2025-04-08بخبرات وطنية… عودة معمل الدوير لتصنيع وصيانة خطوط إنتاج ‏المخابز ‏إلى العمل

صور من سورية منوعات أول دراسة سريرية بالعالم… زراعة الخلايا الجذعية تحسن الوظائف الحركية لمرضى الشلل 2025-03-26 جامعة ناغازاكي تطور “مرضى افتراضيين” لتدريب طلاب كلية الطب 2025-03-24فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • ورشة علمية طبية في جامعة حلب للجمعية السورية الألمانية، بهدف تعزيز التعاون بين الكوادر الطبية في الخارج والأطباء داخل سوريا
  • المتحدث باسم الأمم المتحدة: سوريا لا تزال دولة عضواً في المنظمة وقرار تغيير تأشيرات أعضاء البعثة السورية لا يؤثر على ذلك
  • مصدر مسؤول في الخارجية: قرار بنقل سفيري سوريا في روسيا والسعودية إلى الإدارة المركزية
  • الشرع يناقش تفاصيل المرحلة المقبلة في أول اجتماع للحكومة السورية الجديدة
  • أحمد الشرع يترأس أول اجتماع للحكومة السورية الجديدة
  • زرموح: قرار المركزي يناقض تصريحات الإدارة الجديدة في بداية عملها
  • كم دولة في العالم تتواصل مع الإدارة الأمريكية بشأن رسوم ترامب الجمركية؟.. البيت الأبيض يجيب
  • الجالية السورية في ألمانيا تنظم مظاهرة في برلين تنديداً باستمرار العقوبات الظالمة على سوريا
  • الجالية السورية في هولندا تنظم مظاهرة وسط أمستردام للمطالبة برفع العقوبات عن سوريا
  • الجالية السورية في ألمانيا تنظم مظاهرة أمام السفارة الأمريكية في برلين تنديداً باستمرار العقوبات الظالمة على سوريا