مفاوضات غزة.. مصر تُسرع جهودها ونتنياهو «يفخخ» الوساطة
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
تراوح مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة مكانها بسبب تعنت رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وذرائعه المتكررة، في ظل مخاوفه من الإدانة بجرائم فساد تؤثر على مستقبله السياسي، ورغم تقدم المفاوضات بفضل جهود مصر، وخبرتها في الوساطة، إلا أن طلب نتنياهو إعداد قوائم بالمحتجزين الأحياء عرقل التقدم، وفي المقابل، تقترح المقاومة الفلسطينية هدنة قصيرة لتجهيز القوائم، بينما طرحت إسرائيل قائمة بأسماء 34 محتجزًا للمبادلة، ومن ثم، لا تزال المفاوضات مستمرة وسط فجوات كبيرة، أبرزها عدد المحتجزين المطلق سراحهم وشروط انسحاب جيش الاحتلال، مع دور مصري محوري لتنسيق إدارة معبر رفح بما يضمن تدفق المساعدات لسكان القطاع.
تمكنت القاهرة، بفضل خبراتها الممتدة في التفاوض مع إسرائيل على مدار أكثر من أربعين عامًا، من تقديم مبادرات مبتكرة وحلول فعّالة للتعامل مع حالة الجمود التي يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف إلى ترسيخها، ورغم إحراز المفاوضات تقدمًا ملحوظًا خلال الأسبوعين الماضيين، بادر نتنياهو بافتعال عقبة جديدة لإيقاف هذا التقدم، حيث طالب فصائل المقاومة بإعداد قوائم دقيقة للمحتجزين الأحياء قبل إتمام صفقة التبادل، فقد أعلنت المقاومة صعوبة الاستجابة لهذا الطلب في ظل ظروف الحرب القائمة، مشيرةً إلى أن الأسرى موزعون جغرافيًا بين مجموعات صغيرة تحت سيطرة فصائل مختلفة، ما يجعل إعداد هذه القوائم تحديًا كبيرًا في الوقت الحالي.
لتجنب مزيد من الذرائع التي قد يستخدمها نتنياهو لتبرير تعطيل مفاوضات وقف إطلاق النار وتحميل المقاومة المسئولية، تقدمت فصائل المقاومة بطلب لهدنة مؤقتة مدتها أسبوع، بهدف إتاحة الوقت اللازم لإعداد قوائم بالمحتجزين الأحياء، واستجابت الأطراف الوسيطة لاستئناف المفاوضات، ما دفع نتنياهو إلى إرسال وفد تفاوضي إسرائيلي، يضم قيادات من الموساد والأجهزة الأمنية، يوم الجمعة الماضي لكسر حالة الجمود، وأعلنت تل أبيب في اليوم ذاته أنها سلمت حركة حماس قائمة تضم أسماء 34 محتجزًا تطالب بالإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة، فيما أشارت مصادر إسرائيلية إلى احتمال أن بعض المدرجين في القائمة قد يكونون متوفين، مؤكدين أن الهدف الأساسي لإسرائيل هو إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المحتجزين الأحياء.
ذكرت وسائل إعلام عبرية أن المفاوضات تشهد تقدمًا بطيئًا، مع توقعات بإمكانية سد الفجوات القائمة خلال الأيام المقبلة. وأشارت إلى أن أبرز العقبات التي يعمل الوسطاء على تذليلها تتعلق بعدد المختطفين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وأن التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي يبدو كافيًا للتوصل إلى اتفاق، غير أن المفاوضات المتكررة تفرض الحذر من التصريحات والمصطلحات المستخدمة، إذ قد يكون التفويض المعلن مجرد وسيلة لشراء الوقت والتأثير على الرأي العام، دون التوصل إلى حل ينهي الحرب فعليًا.
وقال منسق السياسات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إن إسرائيل ألحقت أضرارًا كبيرة بالقدرات العسكرية للمقاومة، لكنه أكد أنها مازالت تشكل تهديدًا حقيقيًا، وزعم كيربي أن المقاومة أمامها فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق جديد يضمن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أنها كانت الطرف الذي بدأ الحرب، ولديها القدرة على إنهائها عبر التوقيع على هذا الاتفاق.
أعلنت حركة حماس أن المفاوضات التي استؤنفت في الدوحة يوم الجمعة الماضي تركز على تحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وعودة النازحين، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. وأكدت الحركة جديتها في التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت، مشيرة إلى إدخال تعديلات جديدة على المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، وطلبت الفصائل مهلة إضافية لمدة عشرة أيام لإعداد قوائم مفصلة بالمحتجزين الأحياء منذ 7 أكتوبر 2023، حيث تحتجز فصائل المقاومة حوالي 100 شخص إسرائيلي، بينما تستمر إسرائيل في اعتقال أكثر من 10 آلاف فلسطيني في سجونها.
أشارت تقارير إعلامية غربية إلى أن الصفقة الجديدة الجاري التفاوض حولها تحمل تشابهًا كبيرًا مع مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي أعلنها في 31 مايو الماضي، وكانت المبادرة تتألف من ثلاث مراحل تهدف إلى تبادل الأسرى بين الجانبين يليها وقف تام لإطلاق النار، تضمنت المرحلة الأولى من المبادرة انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في قطاع غزة خلال فترة تستمر ستة أسابيع، إلى جانب إطلاق سراح عدد من الأسرى، بمن فيهم النساء وكبار السن والجرحى، مقابل الإفراج عن مئات الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
أفادت المعلومات أن الاتفاق الجاري إعداده قبل تسلّم الرئيس المنتخب، دونالد ترامب السلطة بعد أسبوعين يتضمن تغييرات رئيسية، أبرزها بقاء قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بشكل مؤقت خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة. وستتمركز هذه القوات في محور نتساريم، الذي يقسم القطاع إلى نصفين، ومحور فيلادلفيا القريب من الحدود المصرية. هذه الترتيبات كانت تمثل عقبة رئيسية أمام المفاوضات السابقة، حيث أصرت حماس على انسحاب الجيش الإسرائيلي من معبر فيلادلفيا وتسليمه لقوات تابعة لها، وهو ما رفضته إسرائيل.
ولتجنب تعطيل الصفقة بسبب الخلاف على إدارة معبر رفح، نجحت القاهرة خلال الأشهر الماضية في صياغة توافق بين فصائل المقاومة والسلطة الفلسطينية، تتيح إدارة مدنية للمعبر بعد انسحاب الاحتلال. هذه الصيغة تهدف إلى ضمان أمن المعبر وتخفيف التوتر بين الأطراف، مع تسهيل تدفق المساعدات والبضائع الحيوية لسكان القطاع المحاصرين الذين يواجهون معاناة يومية بسبب الحصار الإسرائيلي.
تقدمت حركة حماس بطلب هدنة قصيرة مدتها عشرة أيام، تهدف لإعداد قوائم بأسماء المحتجزين الأحياء لدى فصائل المقاومة المختلفة. تضمنت شروط الهدنة ألا يتم الإفراج عن أي محتجز خلال هذه الفترة، وأن تُسلم القوائم في اليوم الرابع من الهدنة. في المقابل، لن يُجري الجانب الإسرائيلي أي تغييرات ميدانية، حيث سيبقى جيش الاحتلال في أماكن تمركزه داخل القطاع، ولن يعود النازحون إلى منازلهم في شمال غزة خلال هذه الفترة، وفيما يتعلق بتفاصيل الصفقة قيد التفاوض، عرضت حماس في المرحلة الأولى الإفراج عن 22 رهينة على قيد الحياة بالإضافة إلى تسليم 12 جثة. في المقابل، يطالب نتنياهو بالإفراج عن 34 رهينة على قيد الحياة كشرط للموافقة على وقف إطلاق النار، وهو ما لا يزال محل تفاوض بين الأطراف عبر الوسطاء.
اقرأ أيضاً«الصحة الفلسطينية» تعلن ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي بغزة لـ45854 شهيدا
بسبب سوء الأحوال الجوية.. «الأونروا» تعلن ارتفاع وفيات الأطفال في غزة إلى 7
«صعب ومأساوي».. الدفاع المدني الفلسطيني يوضح تطورات الوضع في غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار فصائل المقاومة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفاوضات أمريكا وإيران.. محادثات إيجابية بين "عراقجي" و"ويتكوف"
قال أحد أعضاء فريق التفاوض بين إيران والولايات المتحدة: "إن أجواء المحادثات بين إيران والولايات المتحدة إيجابية".
وأكد فريق التفاوض بين إيران والولايات المتحدة لوكالة تسنيم للأنباء، أن تبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة لا يزال مستمرا".
وأضاف: "رغم أن المفاوضات لم تنته بعد وأن المناقشات مستمرة، إلا أنني أعتقد أنه من غير المرجح أن يتم تمديد المفاوضات إلى يوم غد".
بدوره صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بأن أهداف إيران من هذه المفاوضات واضحة، وتتمثل في تحقيق المصالح الوطنية، مؤكداً أن إيران تمنح فرصة حقيقية وصادقة للدبلوماسية بهدف معالجة الملف النووي من جهة، والأهم بالنسبة لإيران، رفع العقوبات من جهة أخرى.
وأكد المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي، في تصريحات أدلى بها على هامش المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا الجارية في سلطنة عمان، أن هذه الجولة من المفاوضات بدأت، برئاسة عباس عراقجي من الجانب الإيراني وستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، وبوساطة من وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي.
وفي ما يخص أهداف إيران من هذه الجولة، أوضح بقائي أن الهدف الأساسي هو تحقيق المصالح الوطنية، مشددًا على أن إيران تمنح فرصة واقعية وصادقة للدبلوماسية، من أجل المضي قدمًا في حل الملف النووي، والأهم من ذلك رفع العقوبات المفروضة على البلاد.
وأكد أن إيران أثبتت خلال العقود الماضية التزامها العملي بالدبلوماسية، لا سيما في موضوع الملف النووي، حيث قال: "لقد أثبتنا على مدى العقدين الماضيين التزامنا الواضح والفعلي بهذا النهج."
وأضاف: "هذه المفاوضات تؤكد عزم إيران الصادق على تحقيق مصالح الشعب الإيراني عبر أدوات دبلوماسية. وهي اختبار للطرف المقابل لإظهار مدى جديته ونواياه. إن هذا اليوم يمثل محطة حاسمة لتقدير الموقف البناء والمسؤول الذي تتبناه إيران."
وقالت مصادر لوكالة أنباء (تسنيم) الإيرانية إن طهران حددت عددًا من الخطوط الحمراء للمحادثات.. وأفادت تقارير بأن إيران أكدت أن الوفد الأمريكي يجب أن يتجنب استخدام لغة التهديد أو تقديم مطالب مفرطة بشأن برنامج إيران النووي.
وأضافت المصادر أن إيران مستعدة دائما لبناء الثقة بشأن سلمية برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات، موضحة "أن الكرة الآن في ملعب واشنطن، لأن الجانب الأمريكي لن يكون لديه طريق صعب في المحادثات إذا كان قلقًا بشأن قنبلة نووية".. وتابعت: "إذا دخل الأمريكيون المحادثات بنفاق، وقدموا مطالب مفرطة فسيتعين عليهم تحمل المسؤولية الدولية لعرقلة المفاوضات".