6 يناير، 2025

بغداد/المسلة: نشرت صحيفة كيهان الايرانية:

مخاضات الوضع في سوريا تنبئ بولادة جديدة انيقة في الظاهر ولكنها شوهاء في حقيقتها. والذي نعني من الولادة الشوهاء ان تستقر مجموعة خارج النسيج الواقعي لجسم الوطن، حتى وان كانت مزروعة منذ وقت طويل، وهذا ما عشناه في فلسطين كوطن لشعب عربي مسلم مع شتات من اليهود لا يحسب لهم حساب الا ان الارادة الغربية جعلت من اليهود اصحاب البلد كغدة سرطانية خبيثة تفتك باستمرار بالجسد الاصلي.

ولا علاج لهذه الغدة سوى القلع الكامل، اذ لا تفهم لغة التجانس والمواطنة واحترام الآخر، بل ادواتها التمدد والقضم وبالتالي اهلاك من حولها.

ويبدو ان العالم الغربي قد خطط لزرع غدة ثانية تكون معززة للغدة الاولى وربما اداتها التي تبطش بها. فاهتمام الغرب بارض فلسطين منذ اواخر القرن التاسع عشر لغناها بالخيرات، حيث بدأ البارون الالماني موريس دي هيرش بتأسيس جمعية الاستعمار اليهودية عام 1891في لندن لمساعدة الاستيطان اليهودي في فلسطين، وهذا المشروع بحاجة الى اداة قانونية وكانت عملية الانتداب البريطاني الذي دخل حيز التنفيذ رسمياً في 29 سبتمبر عام 1923، وعندما تم الاعلان عن دولة اسرائيل في 14 ما يو 1948 اعترف الرئيس الاميركي ترومان بها في اليوم نفسه، وانهت بريطانيا انتدابها.

وما يجري الى اليوم هو تنفيذ نفس المشروع. ومع تزايد لهف وعطش الغرب لخيرات المنطقة ولا يجد اي رادع يبدأ في تنفيذ الخطوات الواحدة تلو الاخرى للهيمنة على اجزاء اخرى ذات تربة خصبة وتجري من تحتها الانهار، فوقع الاختيار على الشام. فكان لابد من انشاء عصابات ارهابية ذات ظاهر عقائدي، كما حصل في فلسطين حين اسس الصهاينة منظمة “هاغاناه” عام 1921 في مدينة القدس كتكتل عسكري وله جهاز امني مركزي وذو تجهيز جيد. ولكن حين ازدادت الاعتراضات بين الاوساط العربية والاقليمية ولاجل امتصاص الغضب عُمل على فكرة الانشقاق عن “هاغاناه” في منظمة تسمى ارجون عام 1937، وهي في الواقع من نفس العناصر وبنفس الهدف.

هذا السيناريو تم تفعيله في تأسيس “الدولة الاسلامية في الشام والعراق”. وبعد ان ارتكبت افظع الجرائم عُمل على تزويق صورتها بانشاء “جبهة النصرة” المنشقة منها.

وهي كذلك تلوثت صورتها امام الجمهور الاقليمي والدولي، فغيرت اسمها الى “هيئة تحرير الشام” لتكون مقبولة للمرحلة القادمة. وها هي قد بلغت مرحلة السيطرة على دمشق لتسارع القوى الغربية لتأييدها وطمأنتها ان المسيرة في خير وان الانتداب التركي سينتهي لتبني اميركا قواعدها على عجل بالاعتماد على الآلية الفرنسية والالمانية والبريطانية.

وبالطبع لا حيلة للدول في الخليج سوى الاعراب عن حسن سلوكها بتقديم المساعدات السخية، بينما الدول التي تمتاز بثقل عربي مثل مصر بادرت بالتواصل عن طريق اتصال لوزير الخارجية المصري “بدر عبدالعاطي” لتخرج من دورها كمراقب وتنظم الى سائر الدول التي سارعت بارسال وفودها، لا سيما وان هنالك مقاتلين مصريين ضمن هيئة تحرير الشام.

اذن ستكون الصورة اكثر وضوحاً بعد الكشف عن الجهات التي ستشارك في ما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني السوري في 15 من الشهر الجاري والتي تشارك بصفة شخصية لترشح عنها قيادة لحكومة مؤقتة. والى ان يتم اشغال المواطن السوري وطمأنة دول الجوار تكون عملية نقل عناصر من تنظيم داعش التي تقيم في ستة معتقلات تابعة لقسد وما رشح عن نقلهم الى صحراء العراق والذين يقدر عددهم بعشرين الف مقاتل ليرتبطوا بمن هم في العراق اصلاً ويقدر عددهم بخمسة آلاف عنصر حسب الخبير العراقي للشؤون الامنية “صفاء الاعسم” ويستقرون في سلسلة جبال حمرين شرقي العراق وبعض المناطق الصحراوية غربي العراق حيث يسعى داعش لاستغلالها كملاذات آمنة، املاً باعادة تنظيمه، بالرغم من عمليات جهاز مكافحة الارهاب الذي قام العام الماضي 2024 بـ341 عملية امنية اسفرت عن مقتل 147 عنصراً من داعش وتدمير 260 مقراً ومضافة.

اذن فالغدة السرطانية الجديدة هي عصابات ارهابية تسيطر على الحكم في سوريا مدعومة بالتواجد الاميركي والرعاية التركية الاسرائيلية، وتشكل رأس حربة لنشر الفوضى في العراق وتهديد الاردن ولبنان واجبار دول الخليج الفارسي لاقامة علاقات مباشرة مع الكيان الصهيوني.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

ما حقيقة “فيروس الصين الجديد” الذي يثير مخاوف العالم ؟

#سواليف

تشهد #الصين مؤخرا ارتفاعا كبير في حالات الإصابة بفيروس HMPV ما أدى إلى اكتظاظ #المستشفيات واتخاذ تدابير طارئة، وسط مخاوف عالمية من تكرار سيناريو ” #كوفيد_19″.

وتأتي أنباء تفشي ” #فيروس_الالتهاب_الرئوي_البشري ” بعد 5 سنوات من ظهور فيروس “كوفيد 19” في مدينة #ووهان الصينية، الذي تحول لاحقا بعد إلى وباء عالمي أسفر عن وفاة 7 ملايين شخص.

لكن الفرق الأكثر أهمية بين “Covid-19″ و”HMPV” هو أن الأخير معروف منذ ما يقرب من 25 عاما، وهو بالفعل منتشر في العالم، فهو مرض موسمي يحدث عادة في الشتاء وأوائل الربيع، وتتراوح فترة حضانة الجسم له من 3 إلى 6 أيام.

مقالات ذات صلة ينتشر عبر الملابس.. خبراء يحذرون من فيروس “نورو” / أعراض المرض 2025/01/06

كما أنه في الواقع لا يأتي من الصين على الإطلاق، حيث تم اكتشافه وإثباته لأول مرة في أوروبا عام 2001. وهو فيروس يصيب الجهاز التنفسي ويعتبر السبب الثاني الأكثر شيوعا لالتهاب الشعب الهوائية لدى الأطفال.

يسبب فيروس “HMPV” أعراضا مشابهة للأنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي أو “كوفيد 19″، تشمل الحمى والصداع والسعال وسيلان الأنف. ومعظم حالات العدوى تكون خفيفة. ومع ذلك، غالبا ما يتعين علاج الأطفال والأشخاص المصابين بالمرض سابقا أو ضعف المناعة في المستشفى.

ويشتبه الخبراء في أن انتشاره بشكل متزايد في الصين حاليا يعود لمناعة السكان التي ربما أصبحت أضعفت بسبب جائحة كورونا، لذلك يوجد عدد كبير بشكل خاص من الحالات.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تبدأ في فك القيود على أموال “الإدارة السورية الجديدة”
  • النائب الحميدي .. تجاوزات وتلاعبات “بالفوسفات” ويطالب الحكومة بحلّ مجلس الادارة محاسبة الذنيبات
  • بشأن اليمن.. ما الذي تريده “إسرائيل” من “ترامب” فور وصوله الى السلطة..!
  • لجان المقاومة في فلسطين تبارك عملية “كدوميم” النوعية
  • ما حقيقة “فيروس الصين الجديد” الذي يثير مخاوف العالم ؟
  • “إسرائيل” تشرع بهدم المبنى الذي أصابه صاروخ يمني في “رمات غان”
  • “مفتي الديار” يستنكر مواقف الكثير من الشعوب الإسلامية المتخاذلة عن نصرة فلسطين
  • أردوغان: تمكنا من إبعاد وحدات “حماية الشعب” الكردية
  •  “قوانين الثورات” العدالة التي لا تُهزم