الأمن الغذائي| أزمة جديدة تؤرق السودانيين .. ومناطق واسعة مهددة بالمجاعة
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
يواجه السودان أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد المسجلة حيث من المتوقع أن يواجه أكثر من نصف السكان أي 25.6 مليون شخص الأزمة أو ظروفا أسوأ وفق الأمم المتحدة.
وتتوالى تحذيرات المنظمات والوكالات الإنسانية الدولية من انزلاق السودان إلى أتون أزمة غذاء حادة يصل توصيفها في بعض الأحيان إلى "المجاعة"، إذ تقول وكالات الأمم المتحدة إن ملايين السودانيين يواجهون مستويات متدنية من انعدام الأمن الغذائي.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الإثنين جلسة إحاطة حول انعدام الأمن الغذائي في السودان، في إطار بند جدول الأعمال المعنون حماية المدنيين في الصراعات المسلحة، في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد بسبب الحرب السودانية.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع المتمردة في 15 أبريل 2023 أودت الحرب بحياة أكثر من 20 ألف شخص وفق احصائية أعلنتها منظمة الصحة العالمية أكتوبر الماضي.
ويأتي اجتماع مجلس الأمن بسبب نقص الغذاء في السودان بعد تقرير نشره مرصد عالمي للجوع يؤكد أن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو المقبل.
تزايد مناطق المجاعة في السودانوحددت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي و هيئة مستقلة تموّلها دول غربية وتشرف عليها 19 من المنظمات الإنسانية الكبرى والمؤسسات الحكومية الدولية 17 منطقة أخرى في أنحاء السودان معرَّضة لخطر المجاعة.
وذكر مجلس الأمن الدولي في بيان اليوم أن جلسته حول السودان تشهد تقديم إحاطة من جانب مديرة شعبة العمليات والدعوة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إديم ووسورنو، ونائب المدير العام في منظمة الأغذية والزراعة، بيث بيشدول، ومن المتوقع أن يشارك السودان، في الجلسة.
وتركز جلسة مجلس الأمن على استعراض الأمن الغذائي المتكامل، والذي يقدم تحليلاً متعمقًا لمستويات انعدام الأمن الغذائي في البلاد، لاسيما في المخيمات التي تضم الفارين من الصراع في السودان.
وأظهر تقرير أصدره باحثون في بريطانيا والسودان أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 61 ألفا قتلوا في ولاية الخرطوم خلال أول 14 شهرا من الحرب في السودان، مع وجود أدلة تشير إلى أن العدد الكلي أعلى بكثير مما سجل من قبل، وشملت التقديرات مقتل نحو 26 ألفا بعد إصابتهم بجروح خطرة، وهو رقم أعلى من الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.
26 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائيوكان تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكد أن نحو نصف سكان السودان، أي حوالي 26 مليون شخص، يواجهون انعدام الأمن الغذائي، مع تزايد مخاطر المجاعة في مختلف أنحاء البلاد، وأن الصراع الدائر منذ 19 شهرا أدى إلى تدهور شديد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وتتزايد المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية أكثر، مع استمرار القتال وتحول الحرب إلى حرب دموية وتعثر جهود وقف إطلاق النار، وهيمنة الأزمات في أماكن أخرى على اهتمام العالم.
وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قبل أيام عن المعاناة في السودان والتي تزداد يوما تلو الأخر، وأن 25 مليون شخص يحتاجون المساعدة "شعب السودان يعيش في كابوس من العنف، فقد قُتل آلاف المدنيين ويواجه عدد لا يحصى فظائع لا يمكن وصفها، بما فيها الاغتصاب والاعتداء الجنسي على نطاق واسع".
وأضاف الأمين العام، في كلمته أمام مجلس الأمن أن الشعب السوداني يواجه أيضا كابوس الجوع، حيث يعاني أكثر من 750 ألف شخص من انعدام كارثي للأمن الغذائي مع ترسخ ظروف المجاعة في مواقع النزوح شمال دارفور فيما يكافح الملايين كل يوم لإطعام أنفسهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السودان مجلس الأمن الدولي الحرب في السودان المزيد انعدام الأمن الغذائی الأمم المتحدة مجلس الأمن فی السودان المجاعة فی أکثر من
إقرأ أيضاً:
السودان.. هل تقود الأزمة المتفاقمة إلى تدخل إنساني وشيك؟
حذر مراقبون من أن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان بدأت تخرج عن السيطرة بعد 21 شهرا من القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورأوا أن كافة المؤشرات المتوافرة تؤكد أن الخيار الممكن، بات محصورا في اتخاذ قرار دولي بتدخل إنساني وشيك لإنقاذ السودانيين.
ويعقد مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين، إحاطة بشأن إنعدام الأمن الغذائي في السودان بطلب من بريطانيا. ويناقش المجلس الأزمة الإنسانية في البلاد تحت بند جدول الأعمال "حماية المدنيين في النزاعات المسلحة".
وتوقع تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن تفرد مساحة واسعة خلال النقاشات للتوصيات الواردة في تقرير "مجلس الإغاثة الإنسانية" الصادر في الرابع والعشرين من ديسمبر والتي شددت على الحاجة الملحة إلى اتخاذ "إجراءات سياسية" من المجتمع الدولي لتأمين وقف إطلاق نار مستدام، والقيام بتدخل دولي إنساني شامل لدعم المتضررين وإيصال المساعدات الغذائية لنحو 25 مليون سوداني يواجهون خطر الجوع، ووقف الخسائر الواسعة النطاق في الأرواح، وسط تقارير تشير إلى مقتل نحو 150 ألف منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023 وحتى الآن بسبب القتال المباشر أو العوامل المرتبطة به مثل انعدام الغذاء والعلاج.
ويأتي هذا في ظل جدل كبير أثاره تقرير صدر مؤخرا عن لجنة مراجعة المجاعة التابعة لتصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل، والذي رصد المجاعة في 5 مناطق، وحدد 17 منطقة أخرى كمناطق محتملة.
وتوقع المراقبون أن يدفع المستوى المتدهور الذي وصلت إليه الأزمة الإنسانية في السودان، مجلس الأمن لاتخاذ خطوة ملموسة لمعالجة العوامل الأساسية وراء انعدام الأمن الغذائي في السودان، بما في ذلك الصراع والنزوح.
مخاطر الإنكار
مع تفاقم الأزمة الإنسانية، والانتشار السريع الجوع، يرى مراقبون أن الخطر الحقيقي يكمن في الإنكار الحكومي والعراقيل التي توضع أمام منظمات العمل الإنساني.
ورغم أن التقرير الذي صدر مؤخرا اعتبر أن مناطق في شمال دارفور، وجبال النوبة الغربية في ولاية جنوب كردفان، دخلت بالفعل مرحلة المجاعة، وأن بعض المناطق المتضررة من الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد قد تشهد ظروفا مماثلة للمناطق المصنفة على أنها تواجه مجاعة فعلية، إلا أن السلطات في بورتسودان تنتقد تلك التقارير وتشكك في مصداقيتها.
وفي ظل هذه الوضعية، تتوقع الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن أن يركز أعضاء مجلس الأمن الضوء على العوائق التي تحول دون تسليم المساعدات والتأكيد على أهمية ضمان الوصول الإنساني الكامل والسريع من خلال جميع الوسائل، وهو ما يتطلب فتح مسارات إنسانية آمنة.
ولخص تقرير مجلس الإغاثة الإنسانية، القيود التي تعيق الوصول الإنساني في الحواجز الإدارية وسوء حالة الطرق، والمتطلبات البيروقراطية وتأخير عمليات الموافقة التي فرضتها أطراف النزاع.
وفي هذا السياق، تقول الحسن لموقع "سكاي نيوز عربية": "حالة النفي المستمر والخطابات التي يسوّق لها وزراء الحكومة في بورتسودان هذه الأيام لتشويه سمعة المنظمات تؤكد المخاوف من ردة الفعل الدولية المتوقعة نتيجة إخفاء أثر المجاعة ووضع المتاريس امام المساعدات الإنسانية".
وتضيف: "أدخلت الأزمة الإنسانية المتفاقمة حكومة بورتسودان في ورطة جديدة تضعها في مواجهة محتملة مع العالم حول الوضع الإنساني بالبلاد".
وبينما استمرت العمليات الإنسانية عبر الحدود في تشاد وجنوب السودان، يقول التقرير إنه لا توجد طرق قابلة للتطبيق من المناطق الشرقية والوسطى التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية إلى الولايات الغربية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، مما يعيق توزيع المساعدات الإنسانية.
وفي تصريحات سابقة، وصف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التقارير التي تشير إلى حدوث مجاعة في السودان بأنها "ذريعة للتدخل في الشأن الداخلي"، وزار عدد من معسكرات النازحين نافيا وجود مجاعة او أزمة إنسانية. لكن الحسن ترى أن البرهان اختار توجيه "رسالة خطأ للمجتمع الدولي، حيث أنه كان يتحدث من معسكر داخل مدينة بورتسودان - العاصمة الإدارية المؤقتة، مما يجعل ذلك المعسكر ليس وحدة قياس للجوع والمعاناة، ولو خرج إلى المعسكرات في الولايات الأخرى لوجد المواطنين ينامون تحت خيم بالية ويحتاجون إلى الغذاء والكساء والغطاء والأدوية وشراء بطانية تقي أطفالهم شر البرد القارص".
وتشير الحسن إلى أن عدم الاعتراف بوجود المجاعة وعرقلة عمل عدد من المنظمات الدولية التي تعمل في مجال العمل الإنساني سيكون البوابة التي تدخل منها القرارات الدولية.
خروج عن السيطرة
وفقا لعدد من المراقبين، فإن التزايد المستمر في أعداد النازحين مع تمدد الحرب في أكثر من ثلثي ولايات السودان البالغ عددها 18 ولاية يفاقم من الأزمة الإنسانية بشكل كبير، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية.
ووفقا للأمم المتحدة، فقد ارتفع عدد النازحين داخليًا في السودان بنحو 27 في المئة خلال 2024، من 9 ملايين نازح في ديسمبر 2023 إلى 11.5 مليون نازحا في ديسمبر 2024.
وكانت الولايات التي شهدت أكبر زيادة في أعداد النازحين خلال العام هي القضارف، وشمال دارفور، ونهر النيل، وجنوب دارفور، والنيل الأزرق.
ويشير الأكاديمي والباحث السياسي الأمين مختار إن الحرب تسببت في أسوأ موجة نزوح وعطلت الموارد البشرية والمادية للبلاد حيث فقد أكثر من 60 في المئة من السكان مصادر دخلهم. ويضيف أن الحالة السودانية تعيش عجزا في ميزان المدفوعات وتضخم وبطالة وركود اقتصادي كبير انعكس مباشرة على أوضاع النازحين والعالقين في مناطق القتال.
ويقول مختار: "مالم تتوقف الحرب سيكون فعلا السودان في وضع كارثي يتطلب التدخل العاجل من أجل توفير الحماية اللازمة للمدنيين".
أرقام مخيفة
389 حادثة تسببت في نزوح مفاجئ في السودان خلال عام 2024، وفقًا لما أوردته تنبيهات الإنذار المبكر من مصفوفة تتبع النزوح. وشملت هذه 226 حادثة ناجمة عن الهجمات والصراع و130 حادثة بسبب الفيضانات. تسعى خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 للسودان إلى جمع 4.2 مليار دولار لتقديم مساعدات منقذة للحياة لنحو 21 مليون شخص معرضين للخطر، واستعادة الخدمات الأساسية، وتوسيع نطاق الحماية.