زهير عثمان

مشهد عبثي قادم وقربيا جدا مجلس وزراء الحيوانات
في نظام لا يخضع للقانون، تتولى فئران المعامل دور القضاء. يراقبون المشهد من زوايا مظلمة، ويمضغون أوراق القوانين حتى تصبح غير قابلة للتنفيذ.
الحصان وزيراً وبفضل أصالته ومظهره الفخم، أصبح الحصان وزيراً للشؤون الرمزية. يركض في اجتماعات المجلس دون أن يترك أثراً حقيقياً، لكن الجميع يشيدون بسرعته في الهروب من الأسئلة الصعبة.


النعامة وكيلاً للوزارة -تقضي وقتها في دفن رأسها في الرمال كلما اشتعلت أزمة، بينما تُلقي تصريحات دبلوماسية مثل: "نحن في الطريق الصحيح... نرجو الصبر."
رئيس الوزراء تور له قرون -رمز القوة الوهمية، يثير الرعب بقرونه التي يستخدمها للدفاع عن سياساته العبثية. التور لا يفهم شيئاً عن الاقتصاد أو السياسة، لكنه يهوى نطح كل من يعارضه.
فئران المعامل قضاة المستقبل - في نظام لا يخضع للقانون، تتولى فئران المعامل دور القضاء. يراقبون المشهد من زوايا مظلمة، ويمضغون أوراق القوانين حتى تصبح غير قابلة للتنفيذ.

في عالم الألعاب الإلكترونية، حيث تنتصر الجيوش بضغطة زر، وتُصنع القرارات على وقع أصوات المدافع الافتراضية، ظهرت فكرة مبتكرة: تصميم مشهد سياسي يحاكي الواقع، لكنه يزخر بشخوص كرتونية مصنوعة من الورق المقوى، بلا ملامح حقيقية أو أدوار جوهرية. الهدف؟ إعادة إنتاج البؤس السياسي بطريقة أقل كآبة وأكثر عبثية.
الشخوص الكرتونية: النشأة والتكوين
هؤلاء "القادة" الجدد ليسوا سوى تجسيد رقمي لنماذج بشرية فشلت في الحياة السياسية الواقعية، فتم ترقيتهم بقرار افتراضي إلى مصاف الأبطال الوطنيين. بعضهم كان يقف على هامش الأحزاب، مجرد ديكور حزبي يؤدي مهام البروتوكول. لكن، في اللعبة الجديدة، وجدوا أنفسهم فجأةً في واجهة المشهد، محاطين بهالات البطولة الزائفة.
هذه الشخوص تعاني من أمراض اجتماعية مزمنة، لا علاج لها سوى إعادة البرمجة الافتراضية. النفاق؟ سمة أساسية في برمجتهم. الكذب؟ لغة التعامل الوحيدة. أما ادعاء البطولة، فهو هواية يمارسونها بشغف، إذ يحاكون قادة التاريخ العظام في هيئة مثيرة للشفقة.
رجال التصوف على طراز "الشحدة الدولية"
إذا أردت أن تضحك وتبكي في آنٍ واحد، عليك مشاهدة هذه الشخوص وهي ترتدي عباءات التصوف. يتقمصون دور الحكماء، يطلقون التصريحات الجوفاء، ويصلّون من أجل "الوطن"، لكنهم في الواقع يشاركون في سباق عالمي للشحدة الدولية. يتقنون فنون الاستجداء، يتسولون المساعدات والقروض، ثم ينفقونها ببذخ على "البسطاء" في احتفالات تتخللها خطب تمجد إنجازاتهم الوهمية.
عبثية المسرح السياسي و القرف الممتد
المسرح السياسي في هذه اللعبة أشبه بمسرحية عبثية لا نهاية لها. يُعاد تدوير نفس الوجوه، نفس الشعارات، ونفس الكوارث. القائد الكرتوني يتخذ قرارات مصيرية وهو يحتسي الخمر في مكتبه الافتراضي، أو يتناول المهدئات التي تساعده على النوم بعيدًا عن صرخات الشعب الغاضب.
كل شيء هنا مثير للقرف. من الخطط التنموية التي تنتهي في ملفات مهملة، إلى الاجتماعات "الطارئة" التي تناقش ضرورة تغيير اسم الحزب بدلاً من مواجهة الأزمة الاقتصادية. المسرح مليء بالجنون، لدرجة تجعلك تشعر أنك تعيش في عالم موازي حيث جنون البقر أهون الخيارات.
إدمان قراءة التاريخ والهروب من الحاضر
الشخصيات الكرتونية مدمنة على قراءة التاريخ. ليس بهدف التعلم أو الاستفادة، بل للبحث عن لحظات تمجيد ذاتية. يجلسون في زوايا مظلمة، يقلّبون صفحات كتب صفراء، ويحاولون إقناع أنفسهم أنهم امتداد طبيعي لعصور العظمة الغابرة. وفي لحظات الهروب من الواقع، يتخيلون أنفسهم ملوكًا ومحاربين وأبطالًا، بينما يغرق وطنهم في العدم والسراب.
السوداني بين الفوضى والاستياء
في هذا الواقع العبثي، يظل المواطن السوداني عالقًا في دائرة الفوضى المستمرة. يحاول التعايش مع القهر اليومي، لكنه يواجه مسرحيات سياسية تجعله يتساءل: هل هذه هي القيادات التي يُعوَّل عليها؟ بين الإنفاق البذخي على اللامعنى، والتصريحات الجوفاء التي تتحدث عن "النهضة"، يعيش المواطن على هامش الحاضر، متسائلًا عما إذا كان هناك أمل في المستقبل.
لعبة بلا فائزين
إذا كان الهدف من اللعبة السياسية الجديدة هو البقاء على قيد الحياة، فإنها لعبة بلا فائزين. الجميع خاسرون , القادة الكرتونيون الذين يدورون في حلقة مفرغة، والمواطنون الذين يراقبون هذا العبث بشعور مختلط من الغضب والاستسلام. في النهاية، ربما الحل الوحيد هو إطفاء الجهاز، وإعادة تشغيل اللعبة من جديد، على أمل أن تكون النسخة القادمة أقل عبثية.
*في هذاالوطن الجريح ، يُدار المستقبل بواسطة "حيوانات" لا ترى أبعد من حوافرها أو مخالبها. المواطن البائس ينظر إلى هذا المشهد السياسي العبثي ويتساءل "هل نحن حقاً جزء من هذه اللعبة، أم مجرد جمهور يشاهد فصولها الكوميدية؟"

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف: الإسلام يتفاعل مع الواقع والمستجدات عبر 3 آليات

شارك الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف - رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في ندوة بجناح دار الإفتاء المصرية في معرض القاهرة الدولي للكتاب تحت عنوان “الفتوى والشأن العام”، بدعوة كريمة من الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ونخبة من المفكرين والعلماء، من بينهم: الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي؛ والدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية.

هدفت الندوة إلى مناقشة أهمية الفتوى في ضبط مسار المجتمع، والحفاظ على التوازن الفكري والديني، وضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية في تناولها إعلاميًا، واستشراف مستقبل الفتوى في ظل التطورات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية.

وقد استهل الدكتور أسامة الأزهري كلمته بتأكيد  أن الانتماء الوطني يأتي في مقدمة دوائر الانتماء، يليه الانتماء إلى العروبة، ثم إلى الإسلام، مشيرًا إلى أن هذا الترتيب هو المدخل الصحيح لخدمة الإسلام، إذ لا يمكن أن تُخدم الشريعة على أنقاض أوطان منهارة.

هل يجوز للزوجة أن تتجسس على هاتف زوجها.. احذرنه لـ5 أسبابهل يجوز إعادة صلاة الوتر مرة أخرى في آخر الليل؟ ..الإفتاء ترد

وأشار إلى أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يُعد ملتقىً للعقول والمفكرين من مختلف أنحاء العالم، إذ تقوم مصر من خلاله برسالتها العلمية والمعرفية.

وأوضح أن الإسلام يتفاعل مع الواقع والمستجدات عبر آليات ثلاث:
١. التجديد: الذي تُبعث به روح الإسلام وفق متطلبات العصر، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها".

٢. الاجتهاد الفقهي: وهو استنباط الأحكام الفقهية وفق معطيات الواقع.

٣. الفتوى: التي توجه الأفراد والمجتمعات وفق الضوابط الشرعية.

وأكد وزير الأوقاف أن التجديد هو أوسع هذه الدوائر، بينما يركز الاجتهاد على القضايا الفقهية، والفتوى تعد حلقة الوصل بينهما لتلبية احتياجات المسلمين المعاصرين، مشددًا على أن العالِم بحق هو الذي يدرك طبيعة العصر وتحدياته وتعقيداته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ليصدر الفتوى بمنهج علمي يحقق التوازن، ويحفظ الأوطان، ويضيء العقول.

كما أكد الوزير أن الفتوى التي تتعلق بالشأن العام يجب أن تقتصر على المؤسسات العلمية المعتمدة، نظرًا لتشابكها مع قضايا الدولة والمجتمع، مشددًا على ضرورة إصدار تشريع قانوني يحدد الجهات المخولة بإصدار الفتاوى العامة، حفاظًا على استقرار المجتمعات وصيانة الشريعة.


وفي كلمته، أشار الأستاذ الدكتور أشار نظير عياد  إلى أن الفتوى المتعلقة بالشأن العام تختلف عن الفتاوى الشخصية، إذ يجب مراعاة المصلحة العامة، واستحضار التنوع الفكري والديني والاجتماعي عند إصدار الفتوى.

كما أكد أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح في القضايا الكبرى، وأن على المؤسسات الدينية أن تتعاون مع الجهات التنفيذية والتشريعية لضمان صدور الفتاوى في إطار يحافظ على الاستقرار المجتمعي.

وفي كلمته، أشاد الأستاذ الدكتور مصطفى الفقي  بموسوعة الدكتور أسامة الأزهري، مؤكدًا أنها وثقت سير علماء الأزهر في مصر وخارجها بدقة؛ ما يؤكد دوره الفكري والمعرفي الرائد. كما شدد على خطورة الفتوى العشوائية وأثرها السلبي على المجتمعات، داعيًا إلى ضرورة وجود مؤسسات قوية قادرة على ضبط الخطاب الديني وحماية المجتمعات من الفوضى الفكرية.

من جانبه، أكد الدكتور عبد الله النجار أن الوطن جزء لا يتجزأ من الحكم الشرعي، وأن استقرار الدين مرتبط بوجود أرض آمنة مطمئنة بشعبها وجيشها. وأوضح أن الفتاوى التي تتعلق بالشأن العام يجب أن تراعي المصلحة العامة، وتقدم حق الله على حقوق الأفراد إذا تعارض الأمر بينهما، فالدين لا يمكن أن يستقيم في بيئة مضطربة.


اختُتمت الندوة بتأكيد المشاركين أن التجديد الفقهي ضرورة لضمان استمرارية الشريعة في مواكبة العصر، وأن ضبط الفتوى وفق أسس علمية رصينة يسهم في حفظ الأمن الفكري والمجتمعي، كما شددوا على أهمية التعاون بين المؤسسات الدينية والإعلامية لضمان تقديم الفتاوى بطرق دقيقة ومتزنة، تحافظ على مقاصد الشريعة، وتخدم قضايا المجتمع المعاصر.

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء لبنان المكلف: أسعى لتشكيل حكومة إصلاح تضم كفاءات عالية
  • أبو الغيط ورئيس وزراء فلسطين: إجماع عربي على رفض المساس بثوابت القضية
  • وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الفيوم يتابعان مسابقة الأزهر للقرآن الكريم
  • وكيل الأزهر ورئيس الشؤون الإسلامية الإماراتي يبحثان تعزيز التعاون وتبادل الخبرات
  • أحمد الحريري من دار الفتوى: لتشكيل حكومة بالممكن وليس بالمستحيل
  • خبير جيولوجيّ لبنانيّ ينشر خريطة للزلازل التي ضربت شرق المتوسط عبر التاريخ... هكذا علّق عليها
  • مصدر محلي: الخراب السياسي لنينوى من وراء أحزاب الحشد الشعبي
  • القيادة تهنئ رئيس سريلانكا ورئيس وزراء بلجيكا
  • وزير الأوقاف: الإسلام يتفاعل مع الواقع والمستجدات عبر 3 آليات
  • استطلاع: حزب يميني يتصدر المشهد السياسي في بريطانيا لأول مرة