كل شيء هادئ على الجبهة الغربية !….. سينما
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
All Quiet On The Western Front
كل شيء هادئ على الجبهة الغربية !..... سينما
1
في هذا العام و الحرب في السودان تلقى بظلالها الكئيبة على كل الأشياء، قررت ان يكون احتفائي و احتفالي بالعام الجديد و عيد الاستقلال في المنزل مع الأسرة، و ذلك بمشاهدة فيلم يرفع الروح المعنوية قليلا . و نحن نحرك مؤشر البحث في قناة ( نفليكس ) و قع اختيارنا و بالصدفة المحضة على فيلم باسم ( كل شيء هادئ في الجبهة الغربية) !
كنت قد سمعت من قبل عن الفيلم و حصده كفيلم أجنبي على عدد كبير من جوائز الأوسكار في العام 2023 ، فقد نال جائزة أفضل فيلم أجنبي ( المانى )، أفضل سيناريو مقتبس، أفضل تصوير سينمائي، أفضل مؤثرات صوتية بالإضافة الى أفضل موسيقى تصويرية.
2
احداث الفيلم بشكل مختصر تبدأ بتطوع أربع من الأصدقاء الألمان للحرب مع الجيش الألماني بعد أن تمت تعبئتهم في المدارس بالتطرف الوطني و كان ذلك في العام 1918 و الحرب تشرف على نهايتها، من ضمن هؤلاء ( بول بولمر ) الذى لم يتجاوز عمره السابع عشر. كانوا منشرحين و فخورين و هم يستلمون ملابس الجيش التي كانت من قبل لجنود قتلوا في نفس هذه الحرب، نزعت منها الأسماء و تم غسلها و إعادة تدويرها ! ثم تم شحنهم فى عربات ضخمة و ارسالهم الى الجبهة الغربية في فرنسا، عندما دخلوا الخنادق الفاصلة بيت القوتيين الفرنسية و الألمانية قال لهم قائدهم المباشر ( سيكون هذا منزلكم حتى نهاية الحرب... أو الموت ) !
اشتهرت الحرب العالمية الأولى بانها حرب ( الخنادق ) ، و الوحشية فاقت حد التصور و وصل ضحاياها 16 مليون شخص ....7 مليون من هؤلاء مدنيين، كما يمكن لأى مشاهد للفيلم أن يطلق عليه باختصار تسمية ( الحروب البشعة و العبثية ) . يتقاتل هؤلاء الجنود على شبر من الأرض يموت جراءه الالاف، ليستعيد الطرف الآخر في اليوم التالي هذه الأمتار التي كانت قد استلمت في اليوم السابق مع موت الالاف أيضا ! الأصدقاء الأربعة المتطوعون يموتون الواحد تلو الآخر، و لم يتبقى غير ( بول ) الذى تضاعف عمره في هذه الشهور عشرات الأعوام، و أصبح يقاتل فقط من اجل حياته و تبخرت كل أحلامه السابقة عن حماية الوطن الأم . و عندما يواجه في الخندق احد الجنود الفرنسيين يقتله ببشاعة ، و عندما يصدر من الفرنسي حشرجات من الألم و هو يحتضر، يبكى ( بول ) بحرقة و يحاول إنقاذه و لا يستطيع !!
من الجانب الآخر يستعرض الفيلم حياة القادة العسكريين في مكاتبهم الفخمة و هم يأكلون في ( الكافيار ) و يحتسون الكونياك المعتق و من ثم يرفضون أى تسوية لإيقاف الحرب ،لأن الحرب كما يقولون مرتبطة بمجد المانيا ، و الجنود في الخنادق يموتون من الجوع و تردى ظروفهم التي تدفعهم أحيانا للسرقة لإطعام أنفسهم. بالطبع هذا الكلام الذى يقومون بتسويقه محض هراء ،لأن أحدهم يقول لزميله و هم يواصلون المسامرة ( كيف تصبح قائدا مجيدا من غير حروب ) !! و من ثم هم يتناقشون كيف يبدأون حياتهم بعد انتهاء الحرب بممارسة ( البيزنس ) ؟!!!
فجأة و انا أشاهد الفيلم تجسدت أمامي حرب السودان..... المقاتلون المغيبون من الجنود و المستنفرون في الجيش السوداني و المرتزقة من الجنجويد .....و هم يقتلون....ينهبون و يغتصبون و يقصفون المدنيين في الأحياء الهادئة بالبراميل المتفجرة أو التدوين بالمدافع الضخمة باسم حماية الوطن، الدين و العقيدة، الديمقراطية و الحكم المدني ؟؟!
الصفوف المتكدسة امام " التكايا " لتناول كمشة من العدس أو الفول........هجرة 12 مليون شخص و موت 150 ألف خلال عامين و ملايين السودانيين المهددين بالموت جوعا في المعسكرات ، المدن والقرى ...ألخ......الأدهى و الامر انهم يريدون أن يحكموا السودان مرة أخرى ؟!......ارتسمت في ذهني بصورة مكبرة جنود الجيش و مرتزقة الجنجويد و كل منهما يهتف ( الله أكبر ) ! لقتل الطرف الآخر في تزييف و تزوير للدين و محاولة إعطاء ما يقومون بفعله من قتل مشروعية دينية و أخلاقية زائفة.
3
في نهاية الفيلم عندما يقبل الجنرالات المتغطرسون من الجانبين توقيع اتفاق بوقف الحرب في تمام الحادية عشر ظهرا بتاريخ 11-11- 1918 ، يستبق القائد الألماني المتعجرف اعلان وقف الحرب ويقوم بإرسال جنوده قبل الساعة الحادية عشر لمواصلة الحرب و مخاطبا لجنوده ان ذلك ( في سبيل مجد المانيا ) ! و كان من ضمن الجنود ( بول بولمر ). في تمام الساعة العاشرة و خمسة و أربعين دقيقة هجم الجنود الالمان على خنادق الجنود الفرنسين ( المندهشين ) ، و في خلال ربع ساعة مات كل المهاجمين الالمان و من ضمنهم ( بول ) بطعنه في ظهره و الميكرفونات تعلن وقف الطلاق النار .
وقعت معاهدة ( فرساي ) بين دول الحلفاء المنتصرين و المانيا ( دول المحور ) المهزومة في قصر فرساي بالقرب من باريس في 28 يوليو 1919 ، يقول المؤرخون و ناقدو أحداث التاريخ ان اتفاقية ( فرساي ) فرضت شروط قاسية و مهينه على دولة ألمانيا مما أعطى النازية سببا تتكئ عليه في شنها الحرب العالمية الثانية ، كما أن المعاهدة لم تهتم بإرساء قواعد ثابته للسلام و جنحت على معاقبة المهزومين.
- أعتقد أن الفيلم الذى كتبت قصته منذ قرن نجح في توصيل فكرته دون تعسف و المتمثلة، في عبث الحروب ثم عنجهية العسكر و تزمتهم، فعل ذلك من خلال احداث الفيلم المكثفة ، الموسيقى التصويرية..... و الصور المتناقضة....جمال الحياة من خلال الطبيعة الساحرة و " ثعلبه " و هي تقوم بإرضاع صغارها، و من بعدها صور الجنود المنتشرين موتى في الخنادق بأعضائهم المبتورة.... و من ثم رميه ببراءة في ذهن المشاهد..... السؤال التجريدي الذى يفتقد الإجابة ....الى متى تستمر الحروب ؟!
- هذا الفيلم هو النسخة الثالثة و المقتبسة من الفيلم الألماني الأول الذى عرض في العام 1930 و المسلسل التلفزيوني الإنجليزي في العام 1979
مخرج الفيلم الألماني : ادوارد بيرغر
كاتب الراوية الألمان : أريك ماريا ريماك
قام بدور شخصية بول بولمر الممثل النمساوي فيلكس كاميرر
- الفيلم جدير بالمشاهدة و التأمل
عدنان زاهر
1 يناير 2025
elsadati2008@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجبهة الغربیة فی العام
إقرأ أيضاً:
أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان… وتبرؤ حكومي .. «مفوضية العون»: تصرفات المواطنين لا تُحسب علينا… ونحقق بالأزمة
تبرَّأت «مفوضية العون الإنساني» التابعة للحكومة السودانية، من بيع المواد الإغاثية في الأسواق، مؤكدةً أنه «لا يوجد تسريب للمساعدات الإنسانية (من جهتها)، وأن تصرفات بعض المواطنين لا يمكن أن تُحسب عليها»
وتفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في الأسواق خلال الفترة الماضية، وأفاد سودانيون بأنهم شاهدوا في عدد من الولايات مواد غذائية مخصصة للمساعدات معروضة للبيع في الأسواق العامة، دون رقابة من السلطات.
لكنَّ مفوضة العون الإنساني، سلوى آدم بنيه، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بيع مواطن لحصته من الإغاثة في السوق ليست مسؤوليتنا»، مشيرةً إلى أن «بعض المتلقين للمساعدات يضطرون إلى بيعها لشراء معونات أخرى يحتاجون إليها مثل دقيق حبوب الذرة والدخن».
وتَسبب الصراع الدائر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» الذي تعدّه الأمم المتحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى إجبار نحو 11 مليون شخص على النزوح.
لجنة للمراجعة
وكشفت المسؤولة الحكومية عن «تشكيل لجنة مكونة من ممثلي عدد من المؤسسات ذات الصلة لمراجعة مخازن تابعة لبعض المنظمات لمعرفة ما يوجد بها من مواد إغاثة، ولماذا لم يتم توزيعها؟».
وأكدت أن «اللجنة ستقف على تنفيذ المشاريع الخاصة بالمنظمات، وسترفع تقريرها إلى المفوضية في غضون أسبوعين لاتخاذ الإجراءات تجاهها».
وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهراً من الحرب المدمرة.
ووجهت الأمم المتحدة نداءً لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات لـ20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة فيما سمتها «أزمة إنسانية غير مسبوقة».
وفي سبتمبر (أيلول ) 2023 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإقالة مفوض العون الإنساني، نجم الدين موسي، وكان ذلك بعد نشر تقارير إعلامية أشارت إلى «فساد كبير» في ملف الإغاثة.
وتفيد وسائل إعلام محلية سودانية برصد بيع مواد غذائية «بكميات كبيرة» في أسواق ولاية بورتسودان التي تعد العاصمة المؤقتة للبلاد، في حين يشكو ملايين النازحين في مراكز الإيواء بعدد من الولايات من نقص المساعدات.
ورغم وصول آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان أبريل (نيسان) 2023، فإن مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء بالولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني لم يتلقوا المعونات، ويعتمدون على توفير معاشهم من إمكانات ذاتية.
تسريب مُسبق
وقال ناشطون ومتطوعون في مجال العمل الإنساني لـ«الشرق الأوسط» إن «تسريب المساعدات الإنسانية قد يحدث مسبقاً قبل وصولها إلى مراكز الإيواء».
وشرح بعضهم أن «المواد الغذائية لا تصل إلى كل المحتاجين إليها بسبب تسريبها إلى الأسواق»، ورجحوا «تورط مسؤولين» في عملية التسريب تلك، من دون أن يحددوا أسماء.
لكن الناشطين أنفسهم أكدوا كذلك أن «بعض المواطنين يبيعون الفائض عن حاجتهم من المواد الغذائية في الأسواق»، وأفادوا بأنهم رصدوا «بعض تلك المواد في منازل لمواطنين».
وقال نشطاء آخرون في مدينة حلفا الجديدة شرق السودان، أنهم سألوا بعض أصحاب المحال التجارية عن مصدر البضائع (المصنَّفة مساعدات) التي تحصلوا عليها، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصلت أولى المساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».
وفي حين ترفض الحكومة السودانية الإقرار بحدوث مجاعة في البلاد، يشير أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إلى أن 24 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
ومنذ بداية الحرب، توجَّه اتهامات إلى طرفي الحرب بتعطيل المساعدات الإنسانية كجزء من استخدام «سلاح التجويع».
نيروبي: الشرق الأوسط: محمد أمين ياسين بورتسودان: وجدان طلحة