لماذا ينبغي على السودانيين دعم المبادرة التركية و الترحيب بها
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
يوسف عيسى عبدالكريم
في اليومين الماضيين، زار بورتسودان نائب وزير الخارجية التركي بصفته مبعوثًا رسميًا للرئيس رجب طيب أردوغان، في محاولة لإحداث تقدم وتحريك المياه في جهود إحلال السلام وإنهاء الحرب السودانية التي تدخل عامها الثالث بحلول أبريل المقبل .تُعتبر تركيا واحدة من الدول الإقليمية التي تتمتع بخبرة واسعة في حل النزاعات بين الدول، ويظهر ذلك جليًا من خلال دورها البارز في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا بهدف احتواء الحرب المستمرة بينهما.
إن المتابع لعملية التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023 يلاحظ أن الإرادة لحل النزاع والتوصل إلى اتفاق يوقف القتال كانت شبه معدومة لدى الطرفين. ويتجلى ذلك في عدم التزامهما بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الجولات التفاوضية السابقة، بالإضافة إلى عدم اتخاذ أي من الطرفين تدابير فعالة لحماية المدنيين من تداعيات الحرب المستمرة، خاصة في المناطق التي تشهد قتالًا، مما عرض حياة العديد من المدنيين للخطر والموت، وأدى إلى فقدان ممتلكاتهم وتعرضها للتلف. والمدقق في سير الاحداث يجد أن الجيش السوداني في كل جولة من جولات المفاوضات السابقة كان يتردد كثيرًا أو يتأخر في التعاطي معها، مما أدى إلى الى تحقيقه نتائج سلبية اثرت على مصالحه. فعلى سبيل المثال، عندما اندلعت الحرب في 15 أبريل 2023 وبدأت معها مفاوضات جدة مباشرة، كانت قوات الدعم السريع محصورة في نطاق ضيق، من ولاية الخرطوم ، بينما كانت بقية ولايات السودان تُعتبر مناطق آمنة عمليًا. و كان من الممكن المحافظة على تلك الوضعية و تحقيق نتائج كبيرة من خلال التفاوض مع قوات الدعم السريع وتقليل الأضرار التي تفاقمت لاحقًا، و وصلت الى ما هو عليه الحال الان .و عندما قام الاتحاد الإفريقي برعاية المفاوضات والدعوة إليها في أديس أبابا، كان من الممكن تحقيق تقدم ملحوظ وتقليل الأضرار، بالإضافة إلى الحفاظ على ما تبقى من المناطق الآمنة. حيث لم تكن مدني، ولا سنجة، ولا سنار، ولا الجنينة، ولا نيالا، ولا النيل الأبيض، ولا حتى الفاشر المحاصرة تحت سلطة الدولة. تتطلب الحكمة النظر بموضوعية ودون انفعال أو حماس إلى تطورات سير الحرب، واستخلاص النتائج منها، ومن ثم اتخاذ القرارات بناءً على المصلحة العامة. في الخامس عشر من أبريل، لم تكن البلاد تعاني من انتشار المليشيات التي تتواجد في جميع أنحاء الوطن الان كالأورام السرطانية،. كما أن ثقافة انتشار السلاح بين الناس لم تكن كما هي عليه اليوم، حيث كان السلاح محصورًا في يد الدولة وتحت سيطرة القوات النظامية. وكانت سلطة الدولة تمتد على كامل أراضي الوطن. لإن المراقب يدرك تمامًا واقع الدولة وما تواجهه من أزمات، مما يستدعي اتخاذ قرارات سريعة لوقف التدهور المتسارع وتجنب الانهيار المحتمل. ففي شرق البلاد، ظهرت عدة حركات مسلحة ذات خلفيات إثنية، تشكل تهديدًا مستقبليًا للأمن القومي للدولة السودانية . بالإضافة إلى تكاثر حركات أبناء دارفور و انقسامها إلى عدة مجموعات صغيرة، مما زاد من تعقيد أزمة الإقليم. أما في الشمال، فقد وصلت الأمور إلى حد مطالبة البعض بالانفصال والانضمام إلى دولة مجاورة، مما يعكس تطورًا خطيرا في رؤية انسان الشمال للازمة ، وهو ما يمثل خطرًا كبيرًا على مستقبل الدولة القومية في السودان. كما يجب أن نأخذ في الاعتبار التطور النوعي في الأسلحة التي يستخدمها الطرفان، حيث شهدت إفريقيا لأول مرة استخدام الطائرات المسيرة بصورة مكثفة في الحرب الداخلية ، وأصبح السودان ساحة لاستخدام أنواع متعددة من الأسلحة، مما قد يشكل تهديدًا لاستقرار الإقليم . نظرًا لغياب الاهتمام الدولي الملحوظ تجاه الأزمة السودانية، تُعتبر هذه المبادرة التركية وما سيتبعها من جولة مفاوضات فرصة ينبغي على جميع السودانيين الراغبين في إنهاء هذه الحرب المدمرة استغلالها. يجب دعم هذه الجهود والترويج لنجاحها، والعمل على تشجيع الطرفين على المشاركة فيها والالتزام بالنتائج المتفق عليها. إن فقدان هذه الفرصة وعدم الاستفادة منها سيؤدي إلى عواقب وخيمة، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والإنساني في البلاد. فقد بدأت تقارير بعض المنظمات العاملة في المنطقة تشير إلى انتشار حالات المجاعة، بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في الأسعار ونقص السلع الذي أصبح واضحًا في المناطق الآمنة التي تخضع لسيطرة الجيش. نأمل جميعًا أن يعم السلام في أرجاء البلاد، وأن تتوقف أصوات الرصاص والمدافع، ليعود الجميع إلى منازلهم التي يشتاقون إليها، و ما ذلك على الله بعزيز.
yousufeissa79@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش السودانی بالإضافة إلى الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الدفاع التركية : نعمل على إعداد خارطة طريق لتطوير قدرات الجيش السوري
أكدت وزارة الدفاع التركية سيتم العمل على إعداد خارطة طريق مشتركة لتطوير قدرات الجيش السوري واتخاذ خطوات ملموسة بهذا الصدد وذلك تماشيا مع مطالب الحكومة السورية الجديدة .
وفي سياق أخر ، ذكرت وزارة الدفاع التركية في بيان لها ان إسرائيل تجبر الفلسطينيين على الهجرة من ديارهم بانتهاجها سياسات ضم أراضيهم إليها كما أنها في نفس الوقت تحرم اللاجئين الفلسطينيين أيضًا من حق العودة.
وأتمت وزارة الدفاع التركية بيانها قائلة : نعارض كليا نفي أو تهجير أو إرسال الشعب الفلسطيني من غزة إلى دول أخرى.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال إن زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى تركيا تعد تاريخية، معربًا عن رغبة بلاده في تطوير التعاون مع سوريا ورفع العلاقات إلى مستوى استراتيجي.
وأكد أردوغان، خلال مؤتمر صحفي في أنقرة مع الرئيس السوري الانتقالي، أن فصلًا جديدًا قد بدأ في المنطقة، وليس في سوريا وحدها، مشددًا على أن تركيا ستواصل دعم الشعب السوري في المرحلة الجديدة.
وأضاف الرئيس التركي أن تركيا ستقدم الدعم اللازم لسوريا في مواجهة التنظيمات الإرهابية بكافة أشكالها، مشيرًا إلى أن الموقف التركي ثابت من احترام وحدة أراضي سوريا وسيادتها.
كما شدد أردوغان على ضرورة وجود إدارة سورية تعكس إرادة الشعب السوري، مؤكدًا دعم تركيا للجهود الرامية إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا.