أنا أعرف المكان، أنا أفهم المكان
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
(الجزء الأول)
1- المعرفة المكانية ليست شيئاً عابراً في عبارة "آه، عرفت". فتكون معرفتك وفق تجريد دون تعامل. ولكن حين يكون التفوُّه بجملة "أنا أعرف"، فإن المعرفة التي تتعامل معها هي معرفة تضعك مع مفردة مركبة من مفردات أشياء المكان: أعرف (كذا) وفي معرفة (كذا) يتطلب منك أن تعرف (كذا وكذا) إلى آخر أشياء المكان.
2- كلمة ’شيء‘ – كلمة صغيرة من ثلاثة أحرف – لا تنحصر في الجمادات فقط، كما يتبادر إلى الذهن في تعاملنا في حياتنا اليومية. وإنما تعني كل ما هو قد تـجمَّعَ بصورة خاصة لأحوال وملامح وملابسات. فمثلاً جملة ’في الغرفة أشياء كثيرة‘ تختلف شيء كجماد ملموس هنا من جملة ’أشياء كثيرة لم أفهمها منه‘ حيث شيء لا تعني أي جماد ملموس، بل قد تعني رأياً، أو فكرةً، أو موقفاً، أو تصرُّفاً إلخ. فكلمة شيء أقرب معنىً لقولٍ موازٍ هو: الأشياء لا تأتي فُرَادى. لذلك "أنا أعرف كذا‘ لا تعني ’كذا‘ في حَدِّ ذاتها، وإنما تعني ما هو مُسبق، وما هو مُلحَق؛ أي السابق واللاحق. فمثلاً ’أنا أعرف قيادة السيارة‘ لا تعني القيادة في حَدِّ ذاتها. وإنما ’أنا أعرف قوانين الطريق‘، ’أنا أعرف صب الوقود فيها‘، ’أنا أعرف تبديل الإطار‘، "أنا أعرف أن أقرأ بيانات السيارة على الواجهة" وهلم جرَّا. هذا ما تعنيه مَقُوْلة الأشياء لا تأتي فُرادى. مما يؤدي إلى ’أنا أعرف‘ لا تأتي فُرادى.
3- وفي هذه المعرفة لأشياء المكان تضع جملتنا "أنا أعرف" مفردات الأشياء خارج الالتباس والتغبيش والخداع. وداخل إما نعم/ أو لا. أختا "أنا أعرف" وهما إما/أو أختان في هذه الـحِدَّة من الثنائية الضدية لانعدام التوسط بينهما. وظيفة انعدام التوسط هذا هي لتوفير إمكانية تشغيل مفردات أشياء المكان. فإذا قلت ’أنا أعرف قيادة السيارة‘ أو قلت ’أنا لا أعرف قيادة السيارة‘ ففي كلتا الحالتين: حالة أعرف وحالة لا أعرف قد تم توفير إمكانية تشغيل مفردات أشياء المكان. لأن أي نوع من الالتباس، أو التغبيش، أو الخداع يسد ويُعيق ويحجز تشغيل "أنا أعرف" الأشياء في المكان.
4- تأويل ’أنا أعرف‘ حتى الآن – كما أشرنا في الفِقرات الثلاث أعلاه – يرتبط بمفردات أشياء المكان. وهذا الارتباط يجعل دائماً معرفة الشيء معرفةً ليست مفردةً، بل هي تجمُّع لأحوال وملامح وملابسات. بمعنى أن ارتباطها لا يأتي فُرادى. إنه ارتباط خارج أي التباس، أو تغبيش، أو خداع. لأنه مرتبط بـ(إما/أو) إما أعرف أو لا أعرف. ولا توسُّط بينهما. فهي حرفية جداً. لذلك جملة ’سآتيك بين الخامسة والسادسة مساء‘ جملة خارج "أنا أعرف". لأنها هي جملة خارج ’إما آتي/أو لا آتي‘. لذلك سقطت من أن تنجح في تشغيل أشياء المكان. بل بالعكس، هي عطلت تشغيل أشياء المكان مُـدَّة ساعة.
5- بهذا، نأتي الآن إلى أصعب ما في ’أنا أعرف‘ وهي ترتبط بمفردات أشياء المكان. أصعب مفردة من مفردات أشياء المكان هي ’أنا أعرف سياسة‘. لا يرجع ذلك إلى أن السياسة شيئاً صعباً عسير المنال. لا. وإنما يرجع الأمر إلى أن السياسة لا يستنطقها إلا المكان. المكانُ وحده ونفسُه وعينُهُ وذاتُه، كشاهد عِيان، هو الذي يستنطق السياسة. وليس العكس في أن السياسة هي التي تستنطق المكان استنطاقاً كما اتفق من حيث يريد المتكلم. لذلك هذا الشيء المكاني الذي تسميه اللغة السياسة لا يصلح مع ’أنا أعرف‘. وإنما مع ’أنا أفهم‘. (نقف هنا حتى الجزء الثاني)
abdelatifelfaki56@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أنا أعرف
إقرأ أيضاً:
فيديو .. قائد لواء البراء يرد على البرهان .. بعد معركة تحرير الخرطوم سنحرر أشياء أخرى
متابعات – تاق برس- قال قائد لواء البراء بن مالك المصباح أبوزيد طلحة، إنهم يقاتلون من أجل الدين والوطن والمواطن، ولا ينتظرون شكر او تقييم من أي شخص.
وقال المصباح وهو يخاطب مجموعة من المقاتلين: انتم تقاتلون من أجل الشعب السوداني واصبروا على أذى القريب وأذى البعيد.
وأضاف قائد لواء البراء “عملنا هذا لا ننتظر من بشر ان يقيمه لينا ونسال الله ان يتقبل من الناس، ولا نقاتل من أجل منصب ولا كرسي بل من أجل تراب هذه البلاد”.
وتابع “تنتهي المعركة سنضع السلاح، ونحن قوة عمل عدائي، لا نلتفت لقضايا إنصرافية، بعد ما ننتهي من معركة تحرير الخرطوم سنحرر أشياء أخرى”
وجاءت تصريحات قائد لواء البراء ردا على حديث قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أمس لحزب المؤتمر الوطني وهو حزب الرئيس السابق عمر البشير وقولهس” لن يعود للحكم مجدداً، ووجه خطابه لمسؤولي الحزب قائلاً: “ابعدوا من المزايدات لو كنتم وطنيين.. لن تجدوا فرصة لحكم البلاد على دماء واشلاء السودانيين”. وتابع: “المؤتمر الوطني وغيره من يريدون الحكم عليهم الاحتكام للانتخابات مستقبلاً”.
https://www.tagpress.net/wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1739104309552.mp4 البرهان حزب المؤتمر الوطنيالمصباح أبوزيد