من الإليزيه إلى المحكمة.. كيف أوقعت أموال القذافي بساركوزي؟
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بدأت في العاصمة الفرنسية باريس، اليوم الاثنين، محاكمة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتهمة تلقي ملايين اليوروهات من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية الرئاسية في عام 2007. وتعتبر هذه القضية واحدة من أكثر القضايا السياسية تفجرًا في فرنسا، حيث تشمل لائحة الاتهام وزراء سابقين وعددًا من الشخصيات المقربة من ساركوزي.
تتهم النيابة العامة ساركوزي، البالغ من العمر 69 عامًا، بتلقي أموال نقدية من القذافي عبر وسيط، حيث زُعِم أنها نقلت داخل حقائب في سويسرا لدعم حملته الانتخابية. كما يواجه تهمًا بالتآمر مع حكومة أجنبية، وهي اتهامات قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة عشر سنوات إذا ثبتت إدانته.
سياق تاريخي ومعطيات جديدةتعود جذور القضية إلى عام 2012 عندما نشر موقع "ميديابارت" الاستقصائي وثائق تشير إلى أن نظام القذافي وافق على تقديم ما يصل إلى 50 مليون يورو لحملة ساركوزي. ويُزعم أن تلك الأموال دُفعت بعد وعد فرنسي بتسهيل عودة ليبيا إلى الساحة الدولية وإسقاط مذكرة فرنسية ضد مسؤولين ليبيين كبار، من بينهم عبد الله السنوسي، صهر القذافي.
ورغم أن تاجر الأسلحة الفرنسي اللبناني، زياد تقي الدين، كان شاهدًا رئيسيًا في القضية، إلا أنه تراجع في وقت لاحق عن أقواله، مما أضاف تعقيدًا جديدًا للمحاكمة.
الدفاع والردودساركوزي نفى جميع التهم ووصف القضية بأنها "خيال المدعي العام"، مؤكدًا أنه لم يتلقَّ أي أموال من القذافي. وقال محاميه كريستوف إنجرين إن موكله مستعد للدفاع عن نفسه بقوة أمام المحكمة، مشيرًا إلى أن الادعاءات بنيت على "أسس واهية".
المدانون المحتملون وشخصيات بارزةتشمل المحاكمة شخصيات مقربة من ساركوزي، منها كلود جيان، رئيس أركانه السابق، وبرايس هورتيفو، وزير داخليته الأسبق. كما يواجه عدد من المتهمين الآخرين اتهامات بمحاولة عرقلة سير العدالة في القضية.
أبعاد سياسية ودوليةتعد هذه المحاكمة الأولى من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية التي يُتهم فيها رئيس فرنسي سابق بالتآمر الجنائي مع حكومة أجنبية. وتأتي القضية وسط استدعاءات متكررة لساركوزي من قبل الرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، كمستشار في شؤون الدولة، مما يثير تساؤلات حول تأثير المحاكمة على الساحة السياسية الفرنسية.
ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة حتى أبريل المقبل، حيث ستعرض خلالها وثائق رفعت عنها السرية حول العلاقات بين أجهزة الاستخبارات الفرنسية ونظام القذافي. ويبقى السؤال: هل ستنهي هذه القضية حياة ساركوزي السياسية أم ستكون نقطة تحول جديدة في تاريخه؟
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
معاهدة العريش.. كيف حاول كليبر إنهاء الحملة الفرنسية على مصر؟
عندما تولى الجنرال كليبر ، الذي يصادف اليوم ذكرى ميلاده، قيادة الحملة الفرنسية في مصر بعد رحيل نابليون بونابرت عام 1799، وجد نفسه في موقف صعب، حيث كانت القوات الفرنسية تعاني من العزلة، وتهددها الأخطار من جميع الجهات.
ولم تكن ثورات المصريين وحدها هي التي تقلقه، بل ايضا الحصار البريطاني وقوات الدولة العثمانية التي كانت تسعى لاستعادة السيطرة على مصر، في ظل هذا الوضع، لجأ كليبر إلى التفاوض للخروج من المأزق، وكانت معاهدة العريش هي المحاولة الكبرى لإنهاء التواجد الفرنسي في مصر.
بدأت المفاوضات بين الفرنسيين والعثمانيين بوساطة بريطانية في أواخر عام 1799، حيث أدرك كليبر أن القوات الفرنسية غير قادرة على الاستمرار في مواجهة التمردات الشعبية من ناحية، والضغوط العسكرية الخارجية من ناحية أخرى.
نصت المعاهدة التي وُقعت في يناير 1800، على السماح للقوات الفرنسية بالخروج الآمن من مصر على متن سفن عثمانية، مع الاحتفاظ بأسلحتهم ومعداتهم العسكرية.
كان الهدف الرئيسي لكليبر هو إنقاذ ما تبقى من قواته والحفاظ على كرامة الجيش الفرنسي بدلاً من تكبد خسائر فادحة في حرب غير متكافئة.
لكن سرعان ما انهارت المعاهدة بسبب رفض بريطانيا الالتزام بها، فبينما وافق العثمانيون على شروطها، رفضت بريطانيا السماح للقوات الفرنسية بالمغادرة بسلام، وأصرت على استسلامهم دون قيد أو شرط، هذا الموقف أغضب كليبر، الذي شعر بالخداع والخيانة، ودفعه إلى التراجع عن الاتفاقية واتخاذ قرار بمواصلة القتال.
بعد فشل المعاهدة، شن كليبر هجومًا عنيفًا على القوات العثمانية التي كانت قد دخلت مصر بالفعل، وحقق انتصارًا ساحقًا في معركة هليوبوليس في مارس 1800، أعاد الفرنسيون سيطرتهم على أجزاء كبيرة من البلاد، لكن هذا النصر لم يكن كافيًا لضمان استقرارهم، حيث استمرت المقاومة الشعبية ضدهم، خاصة بعد أن زاد قمع كليبر للمصريين، وهو ما جعله هدفًا لاحقًا لعملية اغتيال على يد سليمان الحلبي.
لم تكن معاهدة العريش مجرد اتفاقية فاشلة، بل كانت مؤشرًا على المأزق الذي وصلت إليه الحملة الفرنسية، حيث أدركت فرنسا أن بقاءها في مصر لن يستمر طويلًا في ظل الرفض الشعبي والضغوط الخارجية.
ورغم انتصارات كليبر العسكرية، فإن موته بعد أشهر قليلة من فشل المعاهدة، ساهم في تسريع انهيار الاحتلال الفرنسي لمصر، الذي انتهى رسميًا عام 1801