تشهد السوق العالمية للسكر، التي تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، نموًا مستمرًا على الرغم من التحذيرات الصحية المتزايدة بشأن مخاطر الإفراط في استهلاكه. فمبيعات الحلويات لا تزال قوية، بينما ترتفع معدلات السمنة عالميًا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لأدوية إنقاص الوزن أن تحقق ما عجزت عنه الحكومات والعلماء والأطباء، وهو الحد من الطلب على السكر؟

تُعد محفزات مستقبلات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 (GLP-1s)، الموجودة في أدوية مثل ويجوفي ومونجارو وأوزمبيك، تقدمًا ثوريًا في علاج السمنة، وربما حالات أخرى مثل السكري والإدمان، بفضل قدرتها على تقليل الشهية.

وقد يؤدي هذا إلى تغييرات كبيرة في أسواق السكر.

بدأت الشركات والمستثمرون بالفعل يشعرون بالقلق، إذ أشار الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت، جون فورنير، إلى أن العملاء الذين يتناولون GLP-1s يشترون كميات أقل من البقالة. كما تراجعت أسهم شركات كبرى مثل مونديليز وبيبسيكو، واعترفت شركة هيرشي بتأثر مبيعاتها بشكل طفيف نتيجة زيادة استخدام هذه الأدوية.

ومع ذلك، يبدو أن تجار السكر لا يبدون قلقًا كبيرًا حيال هذا التهديد المحتمل. فهم يعتمدون على تاريخ طويل من حملات التحذير من أضرار السكر، التي لم تؤثر بشكل ملموس على الاستهلاك العالمي، والذي تضاعف أربع مرات خلال الستين عامًا الماضية وفقًا للبروفيسور بول بيرنز من الأكاديمية البريطانية. علاوة على ذلك، تستمر الحلويات في تحقيق مبيعات قوية، وكانت أسعار السكر مرتفعة مؤخرًا بسبب مشكلات الطقس وارتفاع تكاليف الإنتاج.

من جهة أخرى، يرى البعض أن تأثير أدوية GLP-1 على السوق قد يكون محدودًا في الوقت الحالي، نظرًا لارتفاع تكاليفها وتوفرها فقط لشريحة صغيرة من المستهلكين في الدول المتقدمة. وحتى إذا بدأ تأثيرها يظهر، يُعتقد أنه سيكون تدريجيًا، مما يمنح السوق وقتًا كافيًا للتأقلم.

لكن السؤال الأهم: هل هذا الاطمئنان في محله؟ فأدوية إنقاص الوزن تعمل بالفعل على تقليل الشهية، مما يجعلها قادرة على إعادة تشكيل عادات استهلاك السكر، وبالتالي إحداث تحول محتمل في سوق السكر العالمي.

يعتقد ستيفن جيلدارت، من شركة تجارة السكر Czarnikow ومقرها لندن، أن أدوية GLP-1 تسير بالفعل على الطريق الصحيح لتعطيل الطلب، بدءاً من الدول الغنية. وقال «أعتقد أننا في المراحل الأولى من ذلك، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن هذه الأدوية لا تزال باهظة الثمن». «لذلك فهي ليست منتشرة – حتى الآن».

وكلمة «حتى الآن» تلقي بظلالها بقوة. ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تخطط الحكومة لطرح دواء مونجارو عبر هيئة الخدمات الصحية الوطنية، ومن المرجح أن تنخفض الأسعار في أماكن أخرى أيضاً، خصوصاً مع تسابق شركات الأدوية لبيع نسخ مركبة من الأدوية، والتحايل على براءات الاختراع.

وإذا انخفضت الأسعار واتسع نطاق الوصول، فقد تصل التأثيرات المتتالية إلى الأسواق ذات الدخل المتوسط وحتى الأسواق النامية. ووباء السمنة وسلسلة الظروف الصحية المصاحبة له لا تقتصر على الدول الغربية الغنية. ففي الهند، أكبر مستهلك للسكر في العالم، ترتفع معدلات الإصابة بمرض السكري والسمنة.

ويستهلك الهنود 29 مليون طن من السكر سنوياً، أو ما يعادل 15 % من الطلب العالمي. حتى الإقبال المتواضع على GLP-1s هناك يمكن أن يزعزع السوق بطرق قد يجد التجار صعوبة في تجاهلها.

ويسلط جيلدارت الضوء على ظاهرة أخرى يجب أن تثير انتباه المشاركين في سوق السكر: يشكل المشترون الرئيسيون للمنتجات ذات مستويات السكر العالية مثل الآيس كريم والبسكويت والشوكولاتة نسبة كبيرة من المبيعات. وإذا قلل هؤلاء المستخدمون من استهلاكهم، فقد يكون هناك تأثير كبير.

ومع ذلك، يعتبر تتبع استهلاك السكر أمراً صعباً للغاية. لذلك، هناك خطر حقيقي من أن هذه الاتجاهات قد تتطور دون أن يكتشفها أحد قبل أن تستيقظ الصناعة على ما يحدث.

رغم ذلك، يمكن أن يتضخم الانخفاض الهادئ في الطلب بسبب ارتفاع العرض. فقد حفزت الأسعار المرتفعة خلال العام الماضي موجة من الاستثمارات في قصب السكر، خصوصاً في البرازيل. وإذا زاد الإنتاج مع تراجع الاستهلاك، فقد يواجه السوق فائضاً في العرض يؤدي إلى انخفاض الأسعار ليفرض تعديلاً مؤلماً. وبالفعل، تراجعت الأسعار أخيراً بسبب انخفاض المخاوف بشأن الإنتاج. وانخفضت العقود الآجلة للسكر الخام في نيويورك من ذروتها في نوفمبر 2023 البالغة 28 سنتاً للرطل، وانخفضت هذا الشهر إلى أقل من 19.50 سنتاً.

لكن لدى السكر قدرة على التكيف، حيث يمكن إعادة استخدامه في وقود الإيثانول أو البلاستيك الحيوي، خصوصاً مع تزايد الطلب على الوقود منخفض الكربون والمواد المتجددة. رغم ذلك، لن يحدث هذا التحول بين عشية وضحاها. وحتى الآن، لم يجذب سوق السكر كثيراً من اهتمام المضاربين. لكن متى ينتهز البائعون على المكشوف فرصة للحصول على جزء من «كعكة أوزمبيك؟».

صحيفة البيان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: سوق السکر

إقرأ أيضاً:

ارتفاع التكاليف والأسمدة والنقل أهم الأسباب.. تراجع زراعة قصب السكر وخروج 50 ألف فدان من الخدمة

أيام قليلة تفصلنا عن موسم حصاد قصب السكر والذي سوف يبدأ في 15 يناير الحالي ويتم الاستعداد من قبل شركات السكر والمزارعين للتجهيز للنقل عبر خطوط السكك الحديدية وعربات النقل وتوفير الأيدى العاملة.

وتواجه زراعة قصب السكر العديد من المشكلات التي أثرت سلبًا على حجم الإنتاج والتراجع في المساحات المخصصة له بعد عزوف الفلاحين عن زراعته بسبب ارتفاع تكاليفه والبعض الآخر فضّل توريد المحصول إلى العصارات ومصانع العسل وغيرها من الصناعات الغذائية المرتبطة بالقصب وتبلغ المساحة المزروعة نحو 332 ألف فدان وتنتج 900 ألف طن، بعد أن كانت 355 ألف فدان في 2015، حيث خرج نحو 50 ألف فدان خلال الفترة الماضية وذلك بسبب التوجه إلى التوسع في زراعة بنجر السكر لما له من مميزات أهمها أنه لا يحتاج إلى الرى بالغمر بالمياه وبلغت المساحة المزروعة به نحو 550 ألف فدان تنتج 1.8 مليون طن سنويا، وهذا ألقى بظلاله على مزارعي قصب السكر الذين يعانون من نقص المياه اللازمة لرى القصب وانقطاعها عن المصارف لمدة ثلاثة أسابيع وأحيانا شهر مما يؤدي إلى تلف المحصول وخسارة الوزن الذي يعول عليه الفلاح لتحقيق هامش ربح له ولأسرته، بالإضافة إلى عبء شراء الأسمدة الكيماوية التى أصبحت كابوسا مزعجا بسبب ارتفاع أسعارها لنحو 200% خلال الثلاثة أعوام الماضية، حيث قفزت شكارة الأسمدة من 150 جنيها إلى 500 جنيه و600 جنيه في السوق السوداء.

وهذا ما أكده أيمن العش مدير معهد المحاصيل السكرية لـ "الأسبوع" قائلا إن أزمة قصب السكر تفاقمت في الآونة الأخيرة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج بنسبة تفوق 200% وهذه الارتفاعات غير ثابتة بل تزيد كل عام فى مقابل زيادة سعر طن القصب التي لا تتعدى30% وتظل ثابتة لمدة طويلة، هذا بالإضافة إلى تكلفة النقل وخدمة المحصول وارتفاع تكلفة الرى بعد ارتفاع أسعار السولار.. كل هذا أدى لانعدام الرغبة لدى المزارعين في توريد المحصول إلى شركات السكر التى سجل فيها سعر الطن 2000 جنيه واتجه إلى مصانع العسل والعصارات التي سجل سعر الطن الواحد 4000 جنيه وهذه أسعار جيدة تشعر الفلاح بالرضا وتكفى سد احتياجاته.

وهذا ما أدى إلى إغلاق مصنع أبوقرقاص بالمنيا كما أن الدولة تعطي اهتماما كبيرا للبنجر على حساب قصب السكر وهذا أدى إلى تراجع إنتاجية السكر حيث قدر حجم المحصول في عام 2023 بـ2.93 مليون فدان بينما بلغ حجم الاستهلاك المحلي 3.68 مليون فدان.

وعلق محمد القاضي أحد أصحاب مزارع قصب السكر بمحافظة قنا قائلا إن المزارعين أصبحوا فى مفترق طرق خاصة بعد الارتفاعات الخيالية في أسعار السولار ونقص مياه الري وارتفاع تكلفة النقل والأيدي العاملة رغم ذلك مازالت أسعار شركات السكر ضئيلة ولا تتناسب مع تكلفة الإنتاج ولا تؤمّن وسيلة نقل بدون تكاليف إضافية على المزارع كما يفعل أصحاب مصانع العسل والعصارات، حيث يلتزمون بتسديد نفقات النقل فالعديد من المزارعين في نجع حمادي ومحافظة قنا وهى المُنتِج الرئيسي لقصب السكر أصبحوا يفضلون توريد محاصيلهم لها على سبيل المثال الفدان إجمالي قيمة سعره لدى شركات السكر لا تتعدى 150 ألفا هذا إذا كانت الإنتاجية عالية، أما سعر نفس المساحة فتقدر بمليون جنيه في مصانع العسل والعصارات.

يحيى حامد أحد المزارعين يقول كان من المفترض أن يتم افتتاح موسم حصاد قصب السكر في نهاية شهر ديسمبر إلا أن الشركة أخرته حتى 15 يناير من أجل تفويت الفرصة على المزارعين في اللحاق بموسم زراعة القمح، لأن معظم الفلاحين عزفوا عن زراعة القصب بسبب خسائرهم وارتفاع التكلفة عن إمكانياتهم المادية ومعظمهم عليه ديون متراكمة نتيجة السلف في صورة قروض من البنك الزراعي بعد ما يتم تحصيل أقساط القروض بعد توريد المحصول الذي لا يكفى لتلبية الاحتياجات الأساسية للمزارع يعنى زراعة قصب السكر "ما بقشت تجيب همها".

أما جمال توفيق صاحب مزرعة لقصب السكر فيقول إن خدمة محصول القصب زادت بشكل خيالي فالفدان الواحد يحتاج من 50 إلى 100 عامل في المرة الواحدة لتنظيف الأرض من الحشائش والأعشاب الضارة بالمحصول، حيث يبدأ من الساعة الثامنة إلى الساعة 12 ظهرا مقابل 150 إلى 200 جنيه للعامل بينما يحتاج الفدان الواحد إلى 20 مرة تنظيف وتقليب الأرض.

وفى دراسة حديثة نشرت في معهد المحاصيل السكرية كشفت عن أن توجه الدولة للتوسع في زراعة بنجر السكر على حساب قصب السكر سوف يخل بالبيئة والمؤسسات كما حدث في مصنع أبو قرقاص بالمنيا وأن الازمات التي شهدتها الأسواق المحلية من نقص في المعروض هى نتيجة تراجع المساحات المزروعة بالقصب وخروج 50 ألف فدان من هذه المساحة.

وطالبت الدراسة بضرورة تحديث منظومة الرى وتقديم الدعم الفني والمادى للمزارعين على أن تقوم مصانع السكر بتحمل تكاليف النقل.

اقرأ أيضاًوزير الزراعة يبحث الموقف التنفيذي للمشروعات الممولة من الجهات الأجنبية المانحة

«الزراعة» تنفي وجود أصناف بطاطس أرجوانية بنفسجية مسجلة في مصر

مقالات مشابهة

  • بدء إنتاج السكر من القصب بعد انطلاق موسم التوريد بمصنع أبوقرقاص
  • مهنيو الدواجن يتهمون المحتكرين برفع الأسعار ويقدمون بمقترحاتهم لضمان تزويد السوق في رمضان
  • استقرار أسعار الكتاكيت في مصر وسط تغيرات محدودة وتأثيرات موسمية
  • نحافة المشاهير.. كيف يراها جراحو التجميل؟
  • إنقاص الوزن والسكر وطرد السموم.. فوائد غير متوقعة للكزبرة الخضراء
  • ارتفاع التكاليف والأسمدة والنقل أهم الأسباب.. تراجع زراعة قصب السكر وخروج 50 ألف فدان من الخدمة
  • سعر الذهب اليوم الإثنين 6 يناير 2025: استقرار في الأسعار محليًا وعالميًا
  • بعد نحافة النجمات.. أدوية التخسيس تهيمن على حفل غولدن غلوب 2025
  • على رأسها إنقاص الوزن.. 10 فوائد لتناول الفلفل الأسود