البحث عن العدالة في سوريا...أمل حقيقي رغم المصاعب
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
يبحث معظم السوريون في عهد الإدارة الجديدة الحاكمة للبلاد عن نوع من العدالة، لتعويضهم عن سنين الظلم والحرمان في ظل حكم الأسد، ورغم ما تلقوه من وعود يبقى الأمر صعباً للغاية، بسبب ما عانوه من خسائر فادحة في الأموال والأرواح والممتلكات.
والتقى فريق من بي بي سي بعدد من السوريين في عدة مدن عانت أكثر من غيرها في عهد الأسد المخلوع في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وخلال اللقاء روى هؤلاء ما كابدوه من مآس وآلام، فتقول السيدة المدعوة أم مازن، إنها عاشت 12 عاماً مرعباً، سعت خلالهم بشكل يائس، إلى معرفة أخبار اثنين من أبنائها الذين اعتقلا من قبل قوات النظام، في السنوات الأولى من أحداث 2011، وبعد بحث مضن عثرت على شهادة وفاة لأحد ولديها، لكن مصير الثاني ظل متكوماً للآن.
وعن نوع العدالة التي تسعى أم مازن إلى تحقيقها، فتقول السيدة المكلومة، "يجب أن تكون هناك عدالة إلهية، قادمة من الله".
وتضيف، "أدعو الله أن يبقى بشار الأسد في زنزانة تحت الأرض وأن لا تستطيع روسيا، التي كانت تحميه، مساعدته".
يقول المحامي حسين عيسى الذي كان يسعى دائماً إلى تحقيق العدالة لعشرات الأشخاص المتهمين بجرائم سياسية في عهد الأسد، إنه قد واجه ضغوطاً مستمرة من السلطات بسبب دفاعه عن حقوقهم، ولكنه أصر وتمكن من إنقاذ بعض موكليه من السحق تحت عجلات نظام الأمن، لكن بالنسبة لأولئك الذين واجهوا محاكم الإرهاب الخاصة، فلم يكن هناك عادة ما يمكن القيام به لمساعدتهم.
والآن، وفي ظل الإدارة الجديدة، يقول المحامي البالغ من العمر 54 عاماً، إنه يعتقد أن العديد من القضاة المتواطئين مع نظام الأسد يجب طردهم واتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.
ويضيف، أن آخرين من تلك الحقبة، لا يزالون قادرين على لعب دور في القضاء الجديد داخل سوريا.
أما فيما يتصل بالتحدي الهائل المتمثل في محاولة تحقيق العدالة بأثر رجعي عن أهوال السنوات الـ50 الماضية، فيقول السيد عيسى إن إنشاء نظام قضائي قادر على ذلك هو المهمة الأكثر أهمية بالنسبة للسلطات السورية الجديدة.
ويتابع، "إذا لم يكن هذا النظام جيداً، فإن مستقبل الدولة الجديدة سيكون قاتماً".
تأجيل ومماطلةولقاء تلك المطالبات، تعد نائبة وزير العدل، ختام حداد المعينة في منصبها عام 2023، بمعاجلة القضايا الجنائية والمدنية، لكن مهمة التعامل مع الجرائم المرتكبة في ظل النظام السابق لن تتم معالجتها الآن.
وتقول حداد، "من الضروري أن يستمر العمل، وأن يعود القضاة إلى عملهم وأن تعود المحاكم، لأنني كمواطن سوري أريد أن يستمر عملي وأريد أن يستمر هذا النصر، حتى لا يخشى الناس شيئاً".
قلقورغم ما تعد به الإدارة الجديدة، إلا أن بعض المحامين يشعرون بالقلق بالفعل إزاء تحرك السلطات الانتقالية لإنشاء مجلس للإشراف على نقابة المحامين دون طرحه للتصويت. وقالوا في عريضة، إن مثل هذا النهج من شأنه أن يحل محل شكل من أشكال الاستبداد بآخر.
ومن التحديات الأخرى الواقفة في طريق تحقيق العدالة، القوانين والبنية القضائية لعهد الأسد التي ما تزال قائمة، بما في ذلك قانون الإرهاب.
وقد يمر وقت طويل قبل أن يتم تقديم قضايا أي من المتهمين بارتكاب جرائم في ظل النظام المخلوع للمحاكمة.
وسبق أن حذرت السلطات الجديدة السوريين من أن يأخذوا حقوقهم بأيديهم، حيث انتشرت مقاطع فيديو تظهر تطبيق العدالة السريعة الوحشية على بعض المسؤولين السابقين.
ولكن لا يزال هناك سؤال كبير حول ما إذا كان نظام العدالة - الذي كان لفترة طويلة أداة للقمع - قادراً على إعادة تشكيله لتحمل هذا التحدي الأخلاقي واللوجستي الهائل.
وبعد رحيل الأسد تنفس السوريون الحرية، وأصبح بإمكانهم على سبيل الذكر لا الحصر، أن يتنفسوا الهواء بحرية على أعلى قمة جبل قاسبون الذي مُنعوا من دخوله من قبل قوات الأمن لأكثر من عقد من الزمان.
وكذلك، ينظر السوريون في المقاهي والأكشاك التي ظهرت في الأسابيع التي أعقبت الإطاحة بالأسد، في العاصمة دمشق، الممتدة أمامهم إلى ذكرياتهم المظلمة، باحثين في نفس الوقت عن مستقبل مختلف محمي بالعدالة الحقيقية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بشار الأسد سوريا سقوط الأسد سوريا
إقرأ أيضاً:
دعوات حقوقية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المعتقلين في سوريا
أفادت الرئاسة السورية، الأربعاء، بأن رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عقد لقاء مع وفد من روابط الناجين والناجيات وعائلات المعتقلين والمعتقلات والمفقودين والمفقودات، بحضور ممثلين عن منظمات حقوقية وعدد من عائلات الضحايا.
وخلال الاجتماع، أكد المشاركون ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لكشف مصير المفقودين، وضمان معرفة الحقيقة حول ما جرى في المعتقلات وأماكن الاحتجاز، باعتبار ذلك خطوة أساسية لتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.
وذكرت "رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا"، في بيان لها، أن الروابط الحقوقية شددت على أن كشف الحقيقة حول عشرات الآلاف من المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات هو حق غير قابل للمساومة، مشيرة إلى أن العدالة الانتقالية لا تقتصر على المساءلة الجنائية فحسب، بل تشمل أيضاً إصلاح المؤسسات وضمان عدم تكرار الانتهاكات.
وطرحت الروابط خلال الاجتماع مجموعة من المطالب، من بينها ضمان عدم تكرار جرائم التعذيب والإخفاء القسري، وتأمين وصول العائلات إلى المعلومات المتوفرة حول المفقودين، والحفاظ على الأدلة في السجون ومقرات الأمن، وحماية المقابر الجماعية من أي محاولات للعبث بها، كما دعت إلى إشراك الضحايا وعائلاتهم في جميع جهود العدالة الانتقالية، والتعاون مع المؤسسات الأممية والدولية المختصة بملف المفقودين نظراً لحجم القضية وتعقيداتها.
من جانبه، أكد أحمد الشرع التزام الحكومة بإعطاء قضية المفقودين أولوية قصوى، والعمل على إنشاء هيئة متخصصة لمعالجة هذا الملف وضمان عدم تكرار الانتهاكات السابقة، وأشار إلى أهمية التواصل المستمر مع عائلات الضحايا والجهات الحقوقية المعنية، مؤكداً أن الحكومة لن تعتبر المخفيين قسراً في عداد المتوفين دون أدلة قاطعة.
وأوضحت "رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا" أن الروابط الحقوقية ستواصل متابعة تنفيذ هذه الالتزامات، وستمارس الضغوط اللازمة لضمان تحويل التعهدات إلى إجراءات ملموسة، كما شددت على أن العدالة لا يمكن أن تتحقق بالوعود، بل تتطلب خطوات عملية واضحة تضمن المساءلة والإنصاف.
وأكدت الروابط أن حل قضية المعتقلين والمفقودين يشكل عنصراً محورياً في أي عملية سياسية ذات مصداقية، مشيرة إلى أن تحقيق الاستقرار يتطلب معالجة هذا الملف بجدية وشفافية، بما يسهم في بناء الثقة بين السوريين ويمهد الطريق لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية.
الرئيس التركي: نواصل التعاون مع ألمانيا بشأن غزة وسوريا وأوكرانيا
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن هناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق الجميع في الحفاظ على وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده، الأربعاء، مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، حيث شدد على أن تركيا ستواصل التعاون مع ألمانيا بشأن الملفات الإقليمية، مثل التطورات في سوريا وقطاع غزة والحرب في أوكرانيا.
وقال أردوغان: "يقع على عاتق الجميع مسؤوليات كبيرة في الحفاظ على وقف إطلاق النار بغزة، وعلينا كمجتمع دولي مواصلة الجهود من أجل حل الدولتين"، وأضاف أن المشاورات بين تركيا وألمانيا اليوم "تحمل أهمية كبيرة من ناحية الجهود المشتركة لتحقيق السلام والاستقرار في المناطق المجاورة لنا".
وأكد الرئيس التركي أن تحقيق السلام الدائم والازدهار في سوريا يمثل رغبة مشتركة للجميع، معربًا عن ثقته في أن ألمانيا ستوفر الدعم اللازم لجهود تركيا في إعادة إعمار سوريا، كما أشار إلى أن بلاده أكدت منذ فترة طويلة على ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا بسلام عادل، مبينًا أنه ناقش هذه المسألة خلال لقائه مع نظيره الألماني.
وفي سياق آخر، حذر أردوغان من تصاعد الخطابات والأعمال المعادية للأجانب والعنصرية وكراهية الإسلام في أوروبا، معتبرًا أن هذه الظواهر تثير قلق المجتمع التركي أيضًا، وأوضح أن الزيارات والاجتماعات رفيعة المستوى الأخيرة بين البلدين تعكس الحوار الوثيق بينهما، لافتًا إلى أن العلاقات السياسية والاقتصادية والإنسانية والثقافية القوية تمنح الفرصة لمواصلة تطوير التعاون المشترك.
وأشار الرئيس التركي إلى أن مباحثاته مع شتاينماير تناولت التطورات الإقليمية والخطوات الممكن اتخاذها لتعزيز التعاون الثنائي، مشددًا على متانة العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وألمانيا.
وأضاف أن اللقاء ناقش أيضًا قضايا مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتأشيرات الدخول والصناعات الدفاعية، إلى جانب المسائل التي تهم الجالية التركية في ألمانيا، وأكد أن بلاده ستواصل العمل مع ألمانيا بشأن هذه القضايا، مشيرًا إلى أنه تم التطرق بشكل خاص إلى مكافحة التنظيمات الإرهابية وتعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.