مودرن دبلوماسي: روسيا تواجه انهيارا اقتصاديا وشيكا
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
زادت الشكوك بشأن الأوضاع في روسيا مع دخول الحرب في أوكرانيا مرحلة الجمود. وأدى تقلص حجم العرض العسكري في الساحة الحمراء بالإضافة إلى التهديدات الأمنية الداخلية إلى تفاقم الأزمة التي تمر بها البلاد. كما يواجه الاقتصاد الروسي تحديات كبيرة مع بقاء أسعار الفائدة مرتفعة، مما يدل على أن الاقتصاد يعاني من ضغوط تضخمية وسط استمرار النقاشات عن إمكانية رفع نسب الفائدة أكثر.
وفي هذا التقرير، الذي نشره موقع "مودرن دبلوماسي"، تحدث الكاتب هاويو هنري هوانغ بالتفصيل عن تأثيرات السلبية للحرب على الاقتصاد الروسي بوجود العديد من المؤشرات التي تنذر باحتمال وقوع انهيار اقتصادي وشيك.
وقد جعلت العيوب الهيكلية، التي يعاني منها الاقتصاد الروسي، إلى جانب العقوبات، موسكو غير قادرة على تحمل تكاليف الحرب منذ بدايتها. كما تشكل تداعيات الحرب، مثل الإنفاق الحكومي غير المسؤول ونقص القوى العاملة، تهديدا كبيرا لمستقبل الاقتصاد.
ورغم النمو الاقتصادي الظاهري، فإن الاقتصاد الروسي يعاني من مشكلات هيكلية عميقة تجعله غير قادر على تحمل حروب طويلة الأمد. وقبل الحرب، اعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على صادرات الطاقة والمواد الخام كمصدر رئيسي للدخل.
إعلانوعلى الرغم من تحقيق فائض تجاري على مر السنين، فإن تقلبات أسعار الطاقة العالمية أثرت بشكل كبير على الدخل السنوي. فعلى سبيل المثال، أثبت انخفاض أسعار النفط في عام 2014 وما تبعه من ركود اقتصادي هشاشة مصادر الدخل الروسية. كما يعكس اعتماد روسيا الكبير على استيراد السلع المصنعة منذ الحقبة السوفياتية اختلالا في توزيع الصناعات مما يجعل الهيكل الاقتصادي غير ملائم لحرب طويلة الأمد.
فضلا عن ذلك، كانت تكلفة الحروب الحديثة عبئا لا تستطيع موسكو تحمله، ومثال ذلك العمليات العسكرية الروسية في سوريا لعام 2015، التي استنزفت بسرعة مخزون روسيا من الذخائر، وبلغت تكلفتها 4 ملايين دولار يوميا للعمليات الجوية وحدها. أما الحرب الحالية في أوكرانيا، فإن تكاليفها أعلى بكثير نظرا لحجم العمليات وعدد القوات المطلوبة.
تداعيات الحرب على النفقات
تعكس هشاشة الاقتصاد الروسي تأثيرها المباشر على النفقات العسكرية. وقد ظلت النفقات العسكرية منخفضة حتى عام 2022، مما حال دون تنفيذ العديد من التحديثات الأساسية. فعلى سبيل المثال، لم يتم التفكير جديا في نشر الدبابات المتقدمة مثل "تي 14" إلا بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
كما تأخرت البحرية والقوات الجوية الروسية في تحديث معداتها. وبالنظر إلى عروض يوم النصر في السنوات الأخيرة، يتضح أن روسيا تفتقر إلى القدرة على تخزين وإنتاج المعدات العسكرية بكميات كبيرة وهو ما يعكس عيوبا هيكلية متأصلة منذ عقود.
كذلك ثبت أن العقوبات المفروضة على روسيا لها تأثير طويل الأمد. فعلى الرغم من استقرار المؤشرات الاقتصادية في البداية، فإن الآثار السلبية للعقوبات ظهرت بشكل تدريجي. وقد انخفضت صادرات روسيا بشكل كبير وأصبحت مضطرة لبيع النفط والموارد الطبيعية بأسعار أقل من أسعار السوق.
هذا الوضع أضعف قدرة روسيا على توليد الإيرادات. علاوة على ذلك، تم تقييد وصول روسيا إلى العملات الأجنبية مع فرض العقوبات مما أجبر بورصة موسكو على تعليق التداول باليورو والدولار. وقد حدّت هذه الإجراءات من قدرة روسيا على تعبئة الموارد المالية اللازمة لدعم الحرب.
تهديدات العقوبات الثانوية أدت إلى تقليص العلاقات التجارية لروسيا بدول العالم (غيتي) عقوبات ثانويةأدت تهديدات العقوبات الثانوية إلى تقليص العلاقات التجارية لروسيا. فعلى سبيل المثال، توقفت البنوك الصينية عن إصدار خطابات اعتماد بالدولار للروس منذ بداية الحرب. كما توقفت البنوك الصينية الصغيرة عن قبول المعاملات القائمة على اليوان الصيني مع روسيا بسبب الخوف من العقوبات الأميركية.
إعلانوفي آسيا الوسطى، تعرضت شركات كازاخستانية وأوزبكية لعقوبات مرتبطة بروسيا، مما جعل الروس يواجهون صعوبات أكبر في استخدام البنوك الإقليمية لإجراء معاملاتهم. ومع تعاون المزيد من الأطراف الدولية مع العقوبات، تتقلص القنوات التجارية الدولية لروسيا بشكل ملحوظ.
وتتسبب الحرب أيضا في استنزاف الموارد الاقتصادية الروسية المحدودة، بسبب نقص القوى العاملة والإنفاق الحكومي غير المنضبط. وتشير التقارير إلى أن 73% من الشركات الروسية تعاني نقصا في العمالة، مما يثير تساؤلات عن مستقبل القدرة الإنتاجية والنمو. ومنذ بداية الحرب، غادر ما يقارب من مليون روسي البلاد، معظمهم من ذوي الشهادات العليا والمهارات اللازمة لدعم الاقتصاد، مما يزيد من حدة الأزمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاقتصاد الروسی
إقرأ أيضاً:
من تكساس إلى دونباس.. قصة مقاتل أميركي في خنادق الحرب الروسية
ويحكي راسل بنتلي، المعروف أيضا باسمه الحركي "تكساس" في برنامج "يوميات مقاتل" رحلته من حياة الرفاهية في الولايات المتحدة إلى ميادين القتال، حيث وجد في المعركة قضيته الخاصة.
ويتتبع الفيلم حياة "تكساس" الصاخبة، منذ ولادته ونشأته وأثر التطورات التي مرت بها البلاد كحرب فيتنام واغتيال جون كينيدي، ثم قتاله مع الجيش الأميركي، وبعد ذلك سجنه 5 سنوات إثر عمله مروج مخدرات، وأخيرا وصوله إلى روسيا.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4"الجزيرة 360" تروي قصة اختفاء أميركي يقاتل مع الروس في دونيتسكlist 2 of 4لماذا لم تنتصر روسيا ولماذا لم تُهزم أوكرانيا؟list 3 of 4"الجزيرة 360" التقته قبيل اختفائه.. الغموض يلف مصير الأميركي "تكساس" في دونباسlist 4 of 4خطط ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانياend of listويستعيد بنتلي ذكرياته عن نشأته في تكساس وسط عائلة ميسورة، حيث كان مولعا بالأدب والشعر، لكنه كان مختلفا عن بيئته حيث انجذب في شبابه إلى النضال ضد الظلم، متأثرا بأحداث مثل حرب فيتنام وحركات الحقوق المدنية، لكنه لم يجد طريقه السياسي حتى اندلاع النزاع في أوكرانيا عام 2014.
وبعد مشاهدة صور مروعة عن قصف المدنيين في لوغانسك وأوديسا، قرر بنتلي أن عليه التحرك، فجمع مدخراته وغادر الولايات المتحدة إلى روسيا، حيث حصل على تأشيرة دخول لمرة واحدة، واضعا نصب عينيه هدفا واحدا، وهو الانضمام إلى القوات التي تدافع عن دونباس.
دون سابق خبرةوفي ديسمبر/كانون الأول 2014، عبر بنتلي الحدود نحو دونيتسك شرقي أوكرانيا، ليجد نفسه على مشارف حرب شرسة، يتذكر لحظة وصوله عندما كان يسمع دوي المدفعية، مدركا أنه أصبح جزءا من معركة لم يكن له سابق خبرة مباشرة بها.
إعلانومع ذلك، سرعان ما تأقلم مع الحياة العسكرية، وانضم بنتلي إلى وحدات المقاتلين الذين كانوا يدافعون عن المدينة، ويصف معارك دامية خاضها، أبرزها "معركة مطار دونيتسك الثانية"، التي شهد فيها فقدان العديد من رفاقه، لكنه يؤكد أن تلك الخسائر زادته إصرارا على مواصلة القتال.
ويقول بنتلي "حين ترى الظلم، لا يمكنك الوقوف مكتوف الأيدي" مشيرا إلى أن الدافع وراء نضاله هو الدفاع عن المدنيين الذين يتعرضون للقصف المستمر.
وعلى مدى سنوات الحرب، تحول بنتلي من مجرد مقاتل إلى شخصية بارزة في دونباس، حيث لم يقتصر دوره على حمل السلاح، بل أصبح أيضا صوتا إعلاميا ينقل رواية سكان المنطقة إلى العالم.
ويرى بنتلي أن الولايات المتحدة اليوم "محكومة بمجموعة من الفاشيين الأصليين والشركات الأوليغاركية، أعداء روسيا والإنسانية ككل"، ولذا كرس حياته للقتال ضدهم خصوصا بعد الغزو الأميركي في أفغانستان والعراق "بناء على كذبات، وارتكابهم جرائم ضد الإنسانية هناك"، بحسب تعبيره.
لقاء زوجته لودميلاوضمن ما ورد في حلقة "يوميات مقاتل" تحكي لودميلا بنتلي زوجة راسل التي تنحدر من دونيتسك، كيف قابلته لأول مرة عبر الإنترنت عندما كانت تعمل في الترجمة.
وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية بينهما، وجدت فيه شخصا ملتزما بقضية آمن بها حتى النهاية، وتعترف بأن العيش مع شخصية مشهورة في منطقة نزاع لم يكن سهلا، لكن إيمانها بمسيرته جعلها تدعمه بلا تردد.
ويروي بنتلي تفاصيل المعارك الطاحنة التي خاضها، وكيف واجه الموت أكثر من مرة، مؤكدا أنه لا يخشى المصير المحتوم، وفي هذا السياق يقول "أعرف أني سأموت.. لكنني أفضل أن أموت وأنا أدافع عن قضية أؤمن بها، بدلا من أن أعيش حياة فارغة بلا معنى".
ويربط بنتلي بين نضال سكان دونباس والقضية الفلسطينية، معتبرا أن المعركة التي يخوضها ليست محلية فحسب، بل هي جزء من صراع عالمي على الحرية والعدالة.
إعلانويرى أن القوى التي تحارب شعبه هي نفسها التي تستهدف شعوبا أخرى حول العالم، مؤكدا أن من يدافع عن دونباس، يدافع عن مستقبل البشرية.
الانتقال للعمل الصحفيوكان راسل الذي يعد نفسه شيوعيا قد انضم لجانب القوات الروسية لقتال أوكرانيا عام 2014، إلا أنه بعد ذلك قرر الانتقال للعمل الصحفي، وعمل مع وكالة "سبوتنيك" الرسمية وحصل على الجنسية الروسية.
وكانت رئيسة تلفزيون "روسيا اليوم" التابع للكرملين مارغريتا سيمونيان قالت في أبريل/نيسان الماضي عقب اختفائه إن "راسل بنتلي، قد قتل في دونيتسك وهو يقاتل مع رجالنا"، دون أن تقدم أي معلومات إضافية حول تفاصيل مقتله.
كما أكدت كتيبة "فوستوك" التي كان راسل يقاتل في صفوفها مقتل راسل، داعية "للانتقام من أولئك الذين قتلوه"، في إشارة إلى أنهم لم يكونوا من القوات الأوكرانية الذين كان "تكساس" يقاتلهم.
وبينما يستمر الصراع في أوكرانيا، تبقى قصة راسل بنتلي شاهدا على تقاطع المصائر، حيث يختار بعض الأفراد ترك حياتهم خلفهم والانضمام إلى قضايا يرونها حسب تصوراتهم أكبر من ذواتهم، في رحلة تتحدى كل التوقعات.
9/2/2025