مع قرب تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، رئاسة الولايات المتحدة الأميركية المقررة في 20 كانون الثاني/ يناير الجاري، يواجه العراق أزمة كبيرة تتعلق بالطاقة الكهربائية، وذلك بسبب إلغاء محتمل للإعفاءات التي كانت تمنحها واشنطن إلى بغداد لاستيراد الغاز الإيراني.

منذ عام 2017 يعتمد العراق في توليد الطاقة الكهربائية على الغاز الإيراني، إذ وقعت وزارة الكهرباء عقدا مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية في آذار/ مارس 2024، يقضي بتوريد الجانب العراقي يوميا كمية من الغاز تصل إلى 50 مليون متر مكعب، ولمدة خمس سنوات.



وفي عام 2018 قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية على طهران، كان من ضمنها منع تصدير الغاز والنفط، إضافة إلى تحذير الدول من أن التعامل تجاريا مع إيران سيعرضهم إلى عقوبات أيضا.


أزمة محتملة
وعن موضوع إيقاف الاعفاءات، استبعد الخبير العراقي، عبد الرحمن المشهداني، إيقاف الولايات المتحدة إيقافها، بالقول إن "ترامب هو أول من بدأ باستثناء العراق من العقوبات في ولايته الأولى، لأنه مهم بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، لذلك ليس لديها استعداد لمعاقبته".

وأوضح المشهداني لـ"عربي21" أن "المشكلة ليست في الاعفاءات، وإنما العراق يسعى جاهدا للتخلص من تبعية الغاز الإيراني، والآن مشكلة قلة الشحنات التي تصلنا من إيران ليست جراء الصيانة كما يتحدثون".

وتابع: "سبب توقف الغاز الإيراني هو نقص في الإنتاج عندهم نتيجة عدم التطوير وضعف الاستثمار التي جرت خلال السنوات العشر الأخيرة، وهذا أدى إلى تراجع انتاج الغاز بشكل كبير، والآن متوقفة محطات كاملة في إيران، وأحدث لديهم مشكلة داخلية".

وأشار المشهداني إلى أن "تركمانستان بعيدة، وأن الاتفاق أن تزود شمال إيران بالغاز، وأن الأخيرة تزود العراق بغازها، وبالتالي تحصل هناك مقاصّة، ونحن ندفع الأجور إلى تركمانستان".

وزاد الخبير الاقتصادي، قائلا: "ثمة مشكلة أخرى تتعلق بالغاز من تركمانستان، هي أنه غير مطابق للمواصفات التي يسعى إليها العراق في حال أوصل إلينا بشكل مباشر".

ونوه المشهداني إلى أن "العراق كانت لديه نية لاستيراد الغاز من قطر، لكنه لم يكمل بناء المنصة على ميناء الفاو في البصرة جنوب البلاد، لاستلام الغاز السائل القطري، والتي كان يفترض أن تنجز منذ عام 2020، لكن الجانب العراقي تماهل في ذلك".

وأشار إلى أن "الربط الشبكي الكهربائي مع دول الخليج أيضا لن يكون كافيا لسد حاجة العراق، لأن الغاز الإيراني الذي يشغل المحطات العراقية، تنتج 8 آلاف ميغاواط، وما يتوقع وصوله من السعودية أو الكويت يصل في أقصاه إلى 1500 ميغاواط فقط، وهذا لا يسد جزء من محافظة".


وتوقع المشهداني أن "يجري العراق حركة سريعة لاستثمار الغاز في حقل المنصورية المحلي، والذي لا يحتاج إلى معالجة كبيرة، فهو من الغاز الحر، وهذا أفضل من الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط كونه يُعد حامضيا ويتسبب بتآكل في أجزاء من محطات التوليد".

ولفت إلى أن "حقل المنصورية في مدينة ديالى، قادر على تغذية أربعة محطات تنتج لوحدها 8 آلاف ميغاواط، بالتالي لا يوجد خيارات إلا بالاعتماد على الامكانات المحلية، أو أن يمرر الغاز المصاحب بشكل مباشر دون معالجته حتى يحلّ الأزمة كما فعل قبل سنوات".

وبيّن المشهداني أن "الجزء الأكبر من الغاز الإيراني يغذي المنطقة الوسطى من العراق ومنها العاصمة بغداد، وإذا توقف الغاز بشكل كامل- فهو يغذي حاليا مناطق جنوب البلاد-، فإن انقطاع التيار الكهربائي ستكون ساعاته أطول مما هي عليه اليوم".

"مناورة للعقوبات"
وعلى الصعيد ذاته، قال الخبير الاقتصادي العراقي، زياد الهاشمي، لـ"عربي21" إن "عقد الغاز التركمانستاني لن يحقق نقلة نوعية أو علامة فارقة في قطاع واردات الغاز للعراق، لأسباب منها أن هذا العقد لن يحقق زيادة في مشتريات هذا الغاز".

وأوضح الهاشمي أن "العقد سيعتمد على طريق المقايضة (SWAP) بمعنى أن ايران ستستلم غاز تركمانستان من خلال منظومتها الشمالية وتسلم العراق ما يقابل هذا الغاز من خلال المنظومة نفسها، ومن الأنبوب الغازي نفسه الرابط بين إيران والعراق، والذي لم يحدث له أي تطوير أو توسيع".

وتابع: "هذا يعني أن مشاكل انقطاع أو تخفيض تدفقات الغاز الإيراني نحو العراق ستبقى كما هي من دون حل، مما يجعل الأخير عرضة لانقطاعات مستمرة في الطاقة الكهربائية وبنفس الكيفية التي كانت تحدث سابقا".

المسألة الفارقة في العقد التركمانستاني، بحسب الهاشمي، هو أنه "سيوفر طريقة للمناورة على العقوبات الأمريكية التي تمنع إجراء عمليات دفع عراقية لقيمة الغاز الإيراني بشكل مباشر إلى طهران".

وأوضح الهامشي أن "الدفع سيتم في هذا العقد من خلال التسديد مباشرة إلى تركمانستان وترك عمليات التسوية المالية تتم بين إيران وتركمانستان من دون أن يحقق هذ العقد أي قيمة مضافة من ناحية زيادة التدفقات الغازية من الجانب الإيراني إلى العراق".

وعن خيارات العراق المتاحة، اقترح الهاشمي "ربط أنبوب غازي يرتبط مع محطة الزور في الكويت، والتي تعتبر أكبر محطة معالجة غاز مسال في الشرق الأوسط لغرض استيراد العراق الغاز المسال القطري وتغويزه في محطة الزور ونقله من خلال الأنبوب نحو محطات الكهرباء العراقية".

ورأى الهاشمي أن "ذلك يضمن العراق تدفقات مستمرة وغير منقطعة من الغاز تخلصه كذلك من حالة الاعتمادية الأحادية على مصدر غازي خارجي واحد وتحوله إلى مستورد غازي من مناشئ متعددة".


رسائل أمريكية
وفي نقطة الاعفاءات، كشف القيادي في الإطار التنسيقي (الشيعي)، عمار الحكيم، إن "الإدارة الأمريكية الحالية أبلغت العراق أن حكومة ترامب القادمة لن تمنح استثناءات من العقوبات، لذلك عليكم الذهاب وإيجاد مصادر غاز من جهات أخرى غير إيران".

وأوضح الحكيم خلال مقابلة تلفزيونية، الخميس، أن "الولايات المتحدة نصحتنا بشراء الغاز من دولة تركمانستان أو غيرها من الدول، لكن الأخيرة أنابيبها متصلة بالأنابيب الإيرانية التي تصل إلى أراضينا، وأن الجانب الأمريكي يتفهم دفع ترانزيت فقط لإيران".

وأكد الحكيم أن "الولايات المتحدة الأمريكية تسعى من خلال ذلك بالضغط على طهران حتى تجلس إلى طاولة الحوار مع الدول الغربية والتوصل إلى اتفاق معهم، خصوصا وأن العراق يمثل رئة إيران الاقتصادية".

وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وقعت وزارة الكهرباء العراقية، اتفاقية مع تركمانستان لاستيراد الغاز بكميات تصل إلى 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، وأن شركة "لوكستون إنرجي" السويسرية ستنقل ذلك عبر شبكة خطوط الأنابيب الإيرانية باستخدام آلية المبادلة لتيسير النقل.

وبحسب وزير الكهرباء العراقي، زياد علي فاضل، فإن "هذا الاتفاق سيسهم بشكل ملموس في ضمان تزويد المحطات الغازية بالوقود اللازم، وتساهم حاليا بنحو 60 بالمئة من إجمالي إنتاج الكهرباء في العراق".

لكن وزارة الكهرباء، أكدت عدم دخول الاتفاق حيز التنفيذ حتى الآن، لأسباب تتعلق بإجراءات المصرف العراقي للتجارة (TBI)، لافتة إلى أن إيران سوف تستفيد من 30 بالمئة من الكميات المصدرة بدل أجور "ترانزيت" مرور على أراضيها.

ونقلت صحيفة "الصباح الجديد" العراقية عن المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، الأحد، قوله أن "تركمانستان لم تباشر بتصدير الغاز للعراق حتى الآن رغم توقيع الاتفاق بين البلدين، وأنها ستبدأ بذلك يوم استلامها الدفعة الأولى من الأموال".

وتوقفت إمدادات الغاز الإيراني للعراق في شهر كانون الأول الماضي، وذلك  نتيجة أعمال الصيانة في الأنابيب الناقلة، الأمر الذي أثر سلبا على تجهيز الطاقة في العراق، وأن عودة الطاقة لوضعها الطبيعي مرتبط بعودة إطلاقات الغاز الإيراني، حسبما أكد موسى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ترامب العراق الغاز الإيراني العراق أزمة الكهرباء الغاز الإيراني ترامب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الغاز الإیرانی وزارة الکهرباء من الغاز الغاز من من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: القنبلة التي هزت ميناء رجائي الإيراني جاءت من الصين

شددت صحيفة "معاريف" العبرية، على أن شحنة من بيركلورات الصوديوم وصلت إلى إيران قبل نحو شهر، كانت وراء الانفجار الذي وقع في ميناء "الشهيد رجائي" في بندر عباس، زاعمة أن ما وصفته بـ"القنبلة" جاء من الصين.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير أعدته مراسلتها السياسية آنا بارسكي، أن السفينة "جيران"، التي تحمل مواد كيميائية تُستخدم في إنتاج وقود الصواريخ، وصلت إلى الميناء الإيراني في شهر آذار /مارس الماضي.

وأشارت إلى أن التقديرات تفيد بأن حوالي ألفي طن من بيركلورات الصوديوم كانت مخزنة في الميناء الإيراني، على حد زعمها.


ولفتت إلى أن شركة "أمبري" الأمنية أكدت أن الشحنة، التي حملت وقودا للصواريخ من نوع بيركلورات الصوديوم، كان من المفترض أن تهدف إلى تجديد مخزون إيران من الصواريخ الباليستية.

كما أوضحت الصحيفة العبرية، أن بيركلورات الصوديوم تُعد مكونًا رئيسيًا في الوقود الصلب الذي يستخدم في هذه الصواريخ بسبب قدرته العالية على إطلاق الأكسجين وبالتالي تحقيق احتراق سريع وقوي.

وأضاف التقرير أن المادة، رغم سهولة تخزينها ونقلها بسبب جفافها النسبي، إلا أنها قد تصبح متفجرة للغاية إذا تعرضت للحرارة أو الاحتكاك، مما يجعلها خاضعة لرقابة دولية مشددة.

ولفتت "معاريف" إلى أن استيراد إيران لكميات كبيرة من بيركلورات الصوديوم أثار مخاوف متزايدة في الغرب، مشيرا إلى أن ذلك يعد انتهاكا للقيود الدولية المفروضة على برنامج طهران الصاروخي، وتهديدا إضافيا للأمن الإقليمي.

وقالت شركة "أمبري" إن الحريق الذي اندلع في الميناء نجم على ما يبدو عن الإهمال في التعامل مع شحنة الوقود الصلب، مشيرة إلى بيانات تتبع السفن التي أظهرت وجود إحدى السفن المحملة بالمواد في الميناء خلال آذار /مارس الماضي. في المقابل، رفضت السلطات الإيرانية تأكيد استلام الشحنة.


ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن مديرية الجمارك المحلية تحميلها المسؤولية لـ"التخزين غير السليم للمواد الخطرة في منطقة الميناء"، دون تقديم تفاصيل إضافية.

وأشارت الصور التي التُقطت من موقع الحادث إلى وقوع أضرار واسعة النطاق في عدة مواقع داخل الميناء، بينما حذرت السلطات من "تلوث جوي شديد" بسبب انبعاث مواد كيميائية خطرة مثل الأمونيا وثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد النيتروجين، ما دفع إلى إغلاق المدارس مؤقتا في مدينة بندر عباس.

ويُعد ميناء رجائي مركزا تجاريا استراتيجيا في محافظة هرمزجان جنوب إيران، وقد سبق أن تعرض لهجوم إلكتروني عام 2020 نسبته تقارير إلى "إسرائيل"، في إطار صراع متواصل بين الجانبين في الفضاء الإلكتروني.

مقالات مشابهة

  • البصرة تبدأ أول خطوة للاستغناء عن الغاز الإيراني (صور وفيديو)
  • السوداني حزين جداً بانفجار ميناء رجائي الإيراني ويتبرع بما لا يملك لها
  • فؤاد حسين: بغداد تتفاوض مع دول أخرى لتأمين إمدادات الغاز
  • الحكومة المصرية: لن نقطع الكهرباء خلال فصل الصيف
  • عاجل | شركة كهرباء برتغالية لـ«رويترز»: انقطاع الكهرباء امتد لإسبانيا وأجزاء من فرنسا
  • وزير الخارجية ونظيره الإيراني يستعرضان مستجدات المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان
  • مفاوضات عراقية-أمريكية لحماية الأموال وحسم ملف المصارف
  • الطاقة الشمسية.. الشمالية: المساحات التي تضررت بسبب إستهداف المليشيا للكهرباء غير كبيرة
  • صحيفة عبرية: القنبلة التي هزت ميناء رجائي الإيراني جاءت من الصين
  • خبير: التعامل مع “شات جي بي تي” يستهلك كمية كبيرة من الكهرباء.. فيديو