في انتظار اقتناع إيران بخسارة سوريا…
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
في انتظار تبلور الوضع الإقليمي الذي يمرّ في مرحلة مخاض من النوع العسير، يبدو مفيداً التساؤل متى تستوعب إيران حجم الخسائر التي أصيبت بها، خصوصاً في سوريا.
يوجد رفض واضح لدى كبار المسؤولين في "الجمهوريّة الإسلاميّة" للاعتراف بأنّ إيران خسرت سوريا التي كانت حليفاً لها منذ اليوم الأوّل لقيام النظام الجديد الذي أسسه آية الله الخميني في العام 1979.لم يمرّ وقت طويل على نجاح الثورة التي قام بها الخميني على نظام الشاه، حتّى سارت سوريا في ركاب إيران التي دخلت حرباً مع العراق.
استمرّت تلك الحرب 8 سنوات كاملة. انتهت بشبه انتصار عراقي لم يفهم الراحل صدّام حسين أبعاده أو معناه الحقيقي. حارب العراق طوال ثماني سنوات على جبهتين؛ جبهة إيران وجبهة سوريا. لم يتردّد حافظ الأسد، من منطلق مذهبي قبل أي شيء آخر، في دعم "الجمهوريّة الإسلاميّة". كان وراء حصولها على صواريخ من ليبيا.
استخدمت هذه الصواريخ في قصف بغداد ومدن عراقيّة أخرى.
لا يمكن حصر أحداث 2024 بخروج إيران من سوريا ولا بالهزيمة التي لحقت بـ"حزب الله" في لبنان. تصلح عناوين كثيرة لسنة استثنائية. على الصعيد العالمي يبرز عنوان عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والمخاوف الأوروبيّة المشروعة من تلك العودة، خصوصاً في ظلّ استعداد ترامب لعقد صفقة مع روسيا على حساب أوكرانيا. يتجاهل الرئيس الأمريكي القديم – الجديد ما يمكن أن تتركه مثل هذه الصفقة، التي ستكافئ فلاديمير بوتين على حرب شنها على دولة أوروبيّة مستقلة، من آثار على القارة العجوز وكلّ دولة من دولها.
الأهمّ من ذلك كلّه، انعكاسات مثل هذه الصفقة على الأمن الأوروبي وعلى مستقبل العلاقات الأوروبيّة – الأمريكيّة في وقت تمرّ دولتان أوروبيتان أساسيتان، هما ألمانيا وفرنسا في أزمتين داخليتين عميقتين. تكمن أزمة ألمانيا، المقبلة على انتخابات نيابية في شباط – فبراير المقبل، في صعود اليمين المتطرف بكلّ ما يمثله من مخاطر أوروبيًّا وألمانيّا. أمّا أزمة فرنسا، فإنّها تكمن في غياب قدرة مؤسسات الجمهوريّة الخامسة التي بناها الجنرال ديغول على التكيف مع واقع سياسي جديد تسبب به وجود إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه. تدور فرنسا في حلقة مقفلة ليس ما يشير إلى أنّها ستخرج منها قريبا في غياب تغيير كبير وإصلاحات في العمق على صعيد مؤسسات الجمهوريّة ذات النظام شبه الرئاسي الذي بناه ديغول.
على صعيد المنطقة التي نعيش فيها، كانت السنة 2024 سنة التغيير الكبير الذي تسبب به رجل اسمه يحيى السنوار كان وراء هجوم "طوفان الأقصى". لم يعش السنوار ما يكفي لرؤية ما فعله بالمنطقة بدءا بإزالة غزة من الوجود وانتهاء بالقضاء على النظام السوري الذي عمّر 54 عاما والذي جعل من سوريا دولة تدور في الفلك الإيراني، خصوصا منذ خلف بشّار الأسد حافظ الأسد في العام 2000. الأكيد أنّ الأسد الأب كان حليفا لـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران، لكنّه حافظ في كلّ وقت على هامش ضيّق كي يسهل عليه ابتزاز العرب عموما ودول الخليج العربيّة على وجه الخصوص.
قضى "طوفان الأقصى" أيضاً على "حزب الله" بعدما استسهل زعيمه الراحل حسن نصرالله فتح جبهة جنوب لبنان وخوض حرب "إسناد غزّة". لم يدرك النتائج التي ستترتب على مثل هذا القرار الذي في أساسه رغبة إيران في التأكيد للولايات المتحدة أنّ مفتاح توسيع حرب غزّة في يدها… وليس في يد إسرائيل وبنيامين نتنياهو وحكومته.
ارتدّت الحروب التي خاضتها "الجمهوريّة الإسلاميّة" على إيران نفسها. نرى إيران في حال ضياع. تدل على هذا الضياع التصريحات الأخيرة لـ"المرشد الأعلى" علي خامنئي الذي لا يزال يراهن على استعادة سوريا. هناك جهل إيراني واضح بأمور سوريا حيث يشعر الشعب بسعادة ليس بعدها سعادة بعد التخلّص من نظام آل الأسد ومن الوصاية الإيرانيّة.
أثبتت إسرائيل أنّ في استطاعتها خوض حروب عدّة في الوقت ذاته. ذهبت من القضاء على غزّة وتوجيه ضربة قويّة إلى "حزب الله"… إلى رفع الغطاء عن النظام العلوي في سوريا. من الواضح أنّ تركيا دخلت على خطّ الاستفادة إلى أبعد حدود من تراجع المشروع التوسّعي الإيراني.
ثمة واقع لم يعد في استطاعة أحد الهرب منه. حلّت تركيا مكان إيران في سوريا. ذلك هو العنوان الأبرز لأحداث 2024. سيكون ذلك العنوان الأبرز للسنة 2025 أيضا. ما الذي ستفعله تركيا بالورقة السوريّة؟ كيف سيستغلّ الرئيس رجب طيب أردوغان الفشل الإيراني؟ ليس مستبعدا أن تكون تركيا أكثر تعقلاً من "الجمهوريّة الإسلاميّة" التي لم تستوعب يوما أنّه لن يكون في استطاعتها إحداث تغيير ديموغرافي في سوريا عبر القضاء على الأكثريّة السنّية في هذا البلد.
ستكون السنة 2025 سنة الصعود التركي في المنطقة في مقابل التراجع الإيراني. سيعتمد نجاح تركيا، ذات الاقتصاد الضعيف، على مدى قدرتها على مد جسور مع القوى العربيّة الفاعلة أولا وعلى التخلي عن أيديولوجية الإخوان المسلمين ثانياً وأخيراً. هل يمتلك أردوغان ما يكفي من الحكمة بما يسمح له باستيعاب أن المشروع الإخواني لا يصلح لبناء دولة عصرية في سوريا تنقل هذا البلد المهم إلى مكان آخر بعد سنوات طويلة من التخلّف والقمع والظلم والقتل والمتاجرة بالشعارات الوطنية مارسها حافظ الأسد وورّثها إلى نجله؟
يظهر أنّ تركيا تحاول بالفعل تفادي تجربة إيران في سوريا. يشير إلى ذلك التحسّن الكبير في العلاقات السوريّة – السعودية. توجد قناعة تركية بوجوب الاستعانة بالعرب، خصوصاً بأهل الخليج ومصر في سوريا. المؤسف أنّه لا توجد قناعة لدى "الجمهوريّة الإسلاميّة" بأنّ ما حصل في سوريا طي لصفحة إيران في هذا البلد العربي. يكفي أنّه لم تعد سوريا مستعمرة إيرانيّة ولم تعد جسراً لنقل أسلحة وصواريخ لـ"حزب الله" في لبنان.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل الحرب في سوريا سقوط الأسد الجمهوری ة الإسلامی ة حزب الله إیران فی فی سوریا ة إیران ة التی
إقرأ أيضاً:
تركيا والسعودية تحذران من تصاعد التوترات بغرب سوريا
حذرت تركيا والسعودية، اليوم الجمعة، من تفاقم العنف في سوريا بعد اندلاع اشتباكات عنيفة في اللاذقية ومحيطها بين القوات الأمنية السورية ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد، مما أسفر عن سقوط أكثر من 70 قتيلا. وأكدت الدولتان دعمهما للحكومة السورية الانتقالية، مشددتين على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع أي تصعيد قد يهدد مستقبل البلاد.
وأعربت وزارة الخارجية التركية عن رفضها لأي عمل يستهدف حق السوريين في العيش بسلام، مشيرة إلى أن التوترات الأمنية في غرب سوريا قد تشكل تهديدا لمساعي تحقيق الاستقرار.
وأكد المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشيلي، أن استهداف القوات الأمنية وتقويض سلطة الدولة قد يقوض الجهود الهادفة إلى قيادة سوريا نحو "الوحدة والأخوّة"، محذرا من أن مثل هذه الاستفزازات قد تتحول إلى تهديد واسع للسلام في سوريا والمنطقة.
من جهتها، أدانت السعودية بشدة الهجمات المسلحة التي استهدفت قوات الأمن السورية، ووصفتها بأنها "جرائم ترتكبها مجموعات خارجة عن القانون".
وأكدت وزارة الخارجية السعودية دعم الرياض الكامل للحكومة السورية في جهودها لـ "حفظ الأمن والاستقرار والسلم الأهلي"، مشددة على أن هذه الأعمال قد تؤدي إلى تقويض العملية السياسية الجارية في البلاد.
إعلانوبدأت الهجمات، وفق مصادر أمنية، من بلدة بيت عانا في ريف اللاذقية، حيث قُتل عنصر أمني وأصيب آخرون، قبل أن يتعرض رتل أمني لكمين في مدينة جبلة أسفر عن مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية.
ويعد هذا التصعيد الأعنف منذ الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر/كانون الماضي، حيث يحاول فلول النظام السابق استغلال التوترات الأمنية لإعادة فرض سيطرتهم في بعض المناطق.