مع كل المآسي والكوارث والجِراح التي خلّفتها حرب المليشيا على الدولة السُّودانيَّة ومؤسساتها، ومع مُرور الأيام، وتعاقُب الأشهر، والاقتراب من بلوغ العامين، يثبت واقع الحال أنّ كثيراً من هذه المؤسسات الحكوميّة والخاصّة لا تزال قادرةً على القيام بدورها وتأدية مهامها بكل تجرُّدٍ وتفانٍ.

تفعل تلك الجهات كل ذلك، رغم صُعوبة الأوضاع الأمنية، وتعقيدات الحالة السِّياسيَّة، وتدهور الاقتصاد، وفي مُقدِّمة هذه المؤسسات، مستشفيات وجامعات ومدارس وإدارات تعليميّة وشركات خدمية وبنوك ومؤسسات حكوميّة وخاصّة، قالت بكل شجاعة وجسارة:
(لا لتوقُّف عَجَلَة الحَيَاة السُّودانيَّة).

ويُعتبر إجراء امتحانات الشهادة الثانوية أمْيَز انتصار في هذه المسيرة الظافرة، والقاهرة للصِّعاب، والمُتجاوزة لكل العقبات.

وما يلفت النظر ويستحق الاهتمام والإعجاب كذلك، المجهود الكبير الذي بذلته جامعة مثل جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا بقيادة ربانها الماهر البروفيسور مامون حمّيدة وكريماته الأفاضل دكتورة سوزان ودكتورة سحر وشقيقه العالم الجليل بروفيسور حافظ حمّيدة والأساتذة الأفاضل والعاملين في الجامعة بفروعها المختلفة في روندا وتنزانيا وزنجبار.

ولقد استطاعت هذه الجامعة للعام الثاني على التوالي، تحقيق إنجازٍ مُهمٍ يُضاف إلى رصيد إنجازاتها السّابقة، بحصولها على المركز الأول بين الجامعات الخاصة السُّودانيَّة بحسب تصنيف (AD SCIENTIFIC INDEX 2025) في مجال البحث العلمي للعام 2024.
وعقب اندلاع الحرب، حَرصت إدارة الجامعة على ترتيب أوضاعها بسرعة فائقة حتى تُجنِّب طلابها ضياع سنتهم الدراسيّة.

فقد استباحت المليشيا، مباني الجامعة وجعلتها مقرّاً لعملياتها، ونهبت السّيّارات، وخربت المعامل، وبعثرت الكُتب والمراجع، كما فعلت بكل الجامعات ولم يبق من الجامعة سوى اسمها فقط.
ومع ذلك، مضى بروفيسور مامون حمّيدة واثق الخُطى، في إعادة تأسيس كل كليات الجامعة من صفر العدم إلى مراقي التّميُّـز.
وظلّ بكل نشاطٍ وحيويةٍ، وبإرادة فولاذية رغم عامل العُمر وثقل المهام، يُشارك في التدريس والمُراقبة والتّصحيح، ويتنقّل بين المطارات ليل نهار حتى يزيل كل العقبات التي تُعيق استمرار الدراسة بجامعته.
بكل تأكيد، هذه التجربة وغيرها من النماذج المُشرقة في كل المجالات
المدنية والعسكرية تستحق الاحتفاء والتقدير من كل أبناء الشعب السُّوداني.

هؤلاء هم الأبطال الذين سيهزمون سيناريوهات الشر ومُخطّطات الأعداء السّاعية لإيقاف عجلة الحياة، وتدمير مُجتمعنا، وتهجير شعبنا لتسكن في مبانينا القطط الضالّـة، وفي جامعاتنا الذئاب البشريّة التي جعلت من العمارات منصّات لمرتزقة القنص..!

‎بروف مامون عالمٌ عنيدٌ وشجاعٌ، لا يحني رأسه للرياح، توقّفت الجامعات لسنواتٍ، مع استمرار التظاهرات وإغلاق الطرقات، فلم تتوقّف جامعته ليومٍ واحدٍ..!

‎سعت لجنة التمكين سيئة الذكر، والمُمارسة لتحطيم مُؤسّساته وتشويه سُمعته، فلم تجد قضيةً واحدةً لإدانته.. وحينما استلم مامون إدارة المستشفى الأكاديمي بقرار قضائي، وجدها قد دُمِّرت وخُرِّبت وسُرق الكثير من أجهزتها الطبية (قلعوا حتى البلاط.. وقطعوا الأشجار لتُباع خشباً في السوق)..!

‎فإذا ببروف حمّيدة يُعيد المستشفى لسيرتها الأولى خلال أشهر معدودة. هكذا هُم العُظماء في بلادي، يقهرون الموت حياة ومصائر، ويكسرون حاجز الخَوْف يقينًا وثباتًا، ويرفعون رايات العلم والتعلُّم ناصعة بيضاء من بين رُكام التّخريب والتّدمير المُمنهج.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

جامعات الاحتلال مختبر للحروب.. كيف يساهم الطلاب في الإبادة بتمويل أوروبي؟

تواجه الجامعات الإسرائيلية اتهامات متزايدة بالتورط في دعم الحروب التي dخوضها الاحتلال الإسرائيلي، مستفيدة من تمويل أوروبي ضخم يمر عبر برامج بحثية تدعم الصناعات العسكرية بشكل مباشر.

وتعد "إسرائيل" شريكا في برامج البحث والتطوير الأوروبية منذ عام 1996، حيث حصلت على منح مالية ضخمة ضمن برامج مثل: "هورايزون 2020" و"هورايزون يوروب".

وخلال الفترة من 2014 إلى 2020، تلقى الاحتلال الإسرائيلي 1.28 مليار يورو ضمن برنامج "هورايزون 2020"، فيما حصل على أكثر من 747 مليون يورو منذ انطلاق "هورايزون يوروب" في عام 2021، وهذه البرامج، التي تعنى بتطوير الابتكار العلمي والتقني، أصبحت وفقًا لخبراء وسيلة لدعم الصناعات العسكرية الإسرائيلية.

وتشير التقارير إلى أن الجامعات الإسرائيلية الكبرى، مثل "جامعة تل أبيب" و"الجامعة العبرية" في القدس ومعهد "التخنيون"، تستفيد بشكل مباشر من هذه الأموال لتطوير تقنيات عسكرية متقدمة، وتتراوح هذه التقنيات بين الطائرات المسيّرة والصواريخ وأنظمة المراقبة، التي تُختبر غالبًا في الأراضي الفلسطينية قبل استخدامها أو تسويقها عالميًا.

علاقة وثيقة بين الجامعات والجيش
يصف المحاضر الفرنسي إيفار إيكلاند العلاقة بين الجامعات الإسرائيلية والجيش بأنها وثيقة وغير مسبوقة، حيث تأسست الصناعة العسكرية الإسرائيلية تحت مظلة أقسام البحث في الجامعات.


وأوضح إيكلاند أن جميع الجامعات الحكومية السبع الكبرى في "إسرائيل" أنشأت شركات تجارية تشكل شراكات طويلة الأمد مع الصناعات العسكرية والأمنية، ما يعكس مدى الترابط بين النظام الأكاديمي والصناعات الحربية.

التكنولوجيا العسكرية وتجريبها في غزة
لا تقتصر أدوار الجامعات الإسرائيلية على البحث والتطوير، بل تمتد إلى اختبار التكنولوجيا العسكرية على الأرض وتحديدا في غزة، وتعد الأراضي الفلسطينية مختبرا مفتوحا لهذه التقنيات، حيث تجرب الأسلحة وأنظمة المراقبة ضد السكان الفلسطينيين، على سبيل المثال، تُختبر الطائرات المسيّرة المستخدمة في الاستهداف والهجمات الجوية في عمليات عسكرية ضد قطاع غزة.

وأدت هذه الممارسات إلى انتقادات حادة من قبل منظمات حقوقية وأكاديمية، إذ يعتبرون أن هذه التجارب تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان.

قمع الفلسطينيين ودور الجامعات
من جهة أخرى، تُمارس الجامعات الإسرائيلية سياسات تمييزية ضد الفلسطينيين، حيث تُحرم الطلاب منهم من الوصول إلى الدراسات الممولة دوليًا، كما يتم قمع المعارضة الطلابية التي تُدين الاحتلال أو الحروب على غزة.

ووصفت الأكاديمية الإسرائيلية مايا ويند، الجامعات الإسرائيلية بأنها "العمود الفقري لنظام القمع الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن مختبرات الأبحاث الأكاديمية تخدم بشكل مباشر نظام الاحتلال والفصل العنصري.


وتدعم الجامعات الإسرائيلية مشاريع تُعنى بتطوير أنظمة مراقبة تستخدم في قمع المظاهرات الفلسطينية والسيطرة على السكان في الضفة الغربية.

دور الطلبة الإسرائيليين في الحروب
يلعب الطلاب الإسرائيليون أيضًا دورًا محوريًا في دعم الاحتلال، حيث يتحول الكثير منهم إلى جنود في الخدمة العسكرية بعد تدريب أكاديمي يشمل تطوير استراتيجيات عسكرية.

وتوجه الجامعات برامجها لإعداد طلابها للمشاركة في الأنشطة العسكرية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من آلة الحرب الإسرائيلية، وتتضمن بعض البرامج الأكاديمية مشاريع تطبيقية تُنفذ بالتعاون مع جيش الاحتلال، مما يجعل الحدود بين النظام الأكاديمي والجيش طمسا متعمدا.

كيف أسهمت الجامعات الإسرائيلية في حرب الإبادة ضد قطاع غزة؟ pic.twitter.com/ChoNgXjcU9 — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 11, 2024

أصوات أوروبية تطالب بالمقاطعة
أثارت هذه الممارسات ردود فعل غاضبة من الأوساط الأكاديمية الأوروبية، في تموز/ يوليو 2023 دعا أكثر من ألفي أكاديمي أوروبي و45 مؤسسة تعليمية إلى تعليق تمويل الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الإسرائيلية الضالعة في تطوير التكنولوجيا العسكرية.

وأكدت هؤلاء الرسالة التي وجهوها إلى الاتحاد الأوروبي أن برامج مثل "هورايزون يوروب" تسهم بشكل مباشر في تعزيز القدرات العسكرية لـ"إسرائيل"، ما يؤدي إلى تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت رسالة الأكاديميين إلى ضرورة تبني سياسات أكثر صرامة لضمان عدم استخدام أموال الاتحاد الأوروبي في تمويل مشاريع تُعزز الاحتلال الإسرائيلي وتُفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة.

الاحتجاجات الطلابية في أوروبا
على الجانب الآخر، شهدت الجامعات الأوروبية موجة من الاحتجاجات الطلابية رفضًا للتعاون مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، ونظم الطلاب في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وقفات احتجاجية وأطلقوا حملات توعية داخل الجامعات لتسليط الضوء على كيفية استخدام الأموال الأوروبية في دعم الاحتلال الإسرائيلي.

وفي بعض الجامعات، ضغطت اتحادات الطلاب على إداراتها لوقف الشراكات مع الجامعات الإسرائيلية المتورطة في الصناعات العسكرية، وأكد المتظاهرون أن تمويل الاحتلال من خلال الأبحاث الأكاديمية يجعل المؤسسات الأوروبية شريكًا غير مباشر في الانتهاكات ضد الفلسطينيين.

مستمر منذ 43 يومًا...
مخيم جامعة مكغيل الكندية الذي يطالب بسحب الاستثمارات وإنهاء العلاقات مع الجامعات "الإسرائيلية" #مجزره_النصيرات_امريكية pic.twitter.com/WsqQl17nWE — سالم ربيح ???? (@SalemRopp) June 9, 2024
برامج التمويل
برنامج "هورايزون 2020" هو برنامج تمويل الأبحاث والابتكار التابع للاتحاد الأوروبي بميزانية تقارب 80 مليار يورو للفترة من 2014 إلى 2020. أما "هورايزون يوروب" فهو البرنامج الرئيسي للاتحاد الأوروبي للفترة من 2021 إلى 2027 بميزانية تقارب 93.5 مليار يورو.

يُنظر إلى "إسرائيل" كدولة شريكة رئيسية في هذه البرامج، مما يتيح لها الوصول إلى تمويل كبير يُستخدم في تطوير مشاريع بحثية ذات أبعاد عسكرية.

ويُثير هذا الدعم الأوروبي تساؤلات حول مدى توافقه مع القيم التي يروج لها الاتحاد الأوروبي، خصوصًا في مجال حقوق الإنسان، كما يطالب ناشطون أوروبيون بإجراء تحقيقات مستقلة حول كيفية استغلال هذه الأموال في تطوير تقنيات عسكرية تُستخدم ضد الفلسطينيين.



شهادات أوروبية
أكدت البرلمانية الأوروبية السابقة إيدويا فيلانويفا رويز، أن الأنشطة البحثية التي تنفذها "جامعة تل أبيب" والجامعة العبرية ومعهد "التخنيون" تُمول بشكل مباشر مؤسسات تسهم في استراتيجية الحرب الإسرائيلية.

وأشارت رويز إلى أن هذه المؤسسات تتلقى تمويلًا من الاتحاد الأوروبي رغم دورها في تعزيز الصناعة العسكرية.


وأوضح تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية أن التكنولوجيا العسكرية المطورة في الجامعات الإسرائيلية تُستخدم في عمليات عسكرية تُصنف كجرائم حرب، مما يضع المسؤولية على عاتق الدول الممولة لهذه الجامعات.

الأطباء الأكاديميون ودورهم في تعزيز الفصل العنصري
يبرز دور الأطباء الأكاديميين في الجامعات الإسرائيلية كجزء من المنظومة التي تدعم الاحتلال. هؤلاء الأطباء يُستخدمون لتطوير برامج طبية تتماشى مع الاحتياجات العسكرية.

وعلى سبيل المثال، تُطوّر الجامعات الإسرائيلية برامج طبية تُعنى بعلاج الجنود المصابين في الحروب، في حين تُحرم المجتمعات الفلسطينية من خدمات صحية متكاملة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسات التمييزية ضد الطلاب الفلسطينيين تمتد إلى المجال الطبي، حيث يُحرم الكثيرون منهم من التدريب والبحث في الجامعات الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • ‏الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية يفتتح أعمال المؤتمر الدولي العربي الهندي
  • موعد فتح التقديم بالجامعات الخاصة والأهلية للتيرم الثاني
  • جامعات الاحتلال مختبر للحروب.. كيف يساهم الطلاب في الإبادة بتمويل أوروبي؟
  • ما هي موارد صندوق تطوير التعليم.. القانون يجيب
  • وزير التعليم العالى يشيد باستمرار تفوق جامعة المستقبل فى تصنيف «التايمز»
  • د. سماح رمضان خميس تكتب: الجامعات المصرية تحتضن ذوي الهمم وتُلبي احتياجاتهم
  • نائب رئيس مستقبل وطن: مشوارك علينا لتخفيف الأعباء عن الطلاب والشباب
  • توحيد التقويم الجامعي في الجامعات والكليات الأردنية الرسمية
  • خطأ الاعتماد على مؤشر اتش في الترقيات العلمية في الجامعات العراقية