خليل المعلمي

غادر دنيانا الشاعر الكبير والسياسي المخضرم الدكتور سلطان الصريمي الاثنين الماضي 29 جمادى الآخرة 1446هـ الموافق 30 ديسمبر 2024م، بعد حياة حافلة بالإبداع والتميز والكفاح والعمل الوطني في مختلف المجالات السياسية والتنموية والإبداعية، عن عمر ناهز الـ76عاماً تنقل خلالها بين كثير من المناطق داخل اليمن وخارجها، وشغل العديد من المناصب السياسية والإدارية وكان أهمها فوزه بعضوية مجلس النواب خلال الدورة (93 – 1997م).

وقد نعته كل من وزارة الثقافة والسياحة وكذا اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، (الأمانة العامة وفرع صنعاء) وأشاروا في بيانات النعي إلى أن اليمن فقد برحيله واحدا من رموز المشهد الثقافي والأدبي والإبداعي.

ومما جاء في بيانات النعي: «إن فقدان الأديب والمثقف والشاعر الكبير سلطان الصريمي سيترك أثرا كبيراً في الساحة الثقافية اليمنية والعربية».. منوهة بما تميزت به تجربته وما مثلته من إضافة كبيرة للشعر اليمني إلى جانب ما تركه من بصمات وحضور فاعل في المشهد الثقافي اليمني طيلة العقود الماضية.

وأكدوا أن الشاعر الصريمي بتجربته الشعرية المتميزة وقصائده الزاخرة بالتنوع سيبقى مدرسة للأجيال اليمنية.

وتطرقا إلى خصوصية التجربة الشعرية في قصيدة سلطان الصريمي، التي ظلت على مدى أكثر من خمسة عقود تقدم إضافات نوعية لتجربة الشعر اليمني، منوهًا بعلاقة الشاعر الإبداعية بالفنان عبدالباسط عبسي اللذين مثلا معا ثنائيا إبداعيا في تجربتهما الشعرية والغنائية على مدى عقود.

ونوهوا بقرب قصيدة الصريمي من تفاصيل الحياة اليومية لليمنيين حتى برز كشاعر مختلف في علاقته بالهم العام في اليمن، مؤكدا أن الصريمي كان أحد الأسماء التي فتحت آفاقا جديدة للقصيدة الشعبية الحديثة في اليمن علاوة على تجربته ضمن مؤسسي الاتحاد الذين كان لهم الدور الفاعل والمؤثر في إرساء مداميك مؤسسة الاتحاد كمؤسسة وحدودية.

وأعربوا عن خالص العزاء وصادق المواساة لكافة أفراد أسرته.. سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

وقد حفل تاريخ الشاعر الدكتور سلطان الصريمي بالعطاءات الإبداعية الفذة، وبالمواقف المنحازة دائماً للكلمة والإبداع انحيازها للقضايا التي ترفع راية الوطن ومجده، وشعارات الذود عن الإنسان وحقوقه، فوق كل الرايات الأخرى، التي كثر ما كانت تأتي دوناً من ذلك في مسيرة الفقيد، سواء على الصعيد الثقافي والأدبي أو على صعيد العمل الوطني والسياسي..

عاش لسنوات صراعاً مريراً مع المرض، وتاركاً وراءه طيفاً واسعاً من الإنتاج الثقافي والإبداعي ورصيداً كبيراً يشار إليه من النضال في سبيل الكلمة والوطن، والدفاع عن الحريات، بالإضافة إلى كمٍ هائلٍ من الذكريات والمواقف التي تستحق التوقف عندها، وتدوينها لتكون مساراً مكتوباً وضوءاً منيراً لمن يليه من أدباء ومثقفي الساحة اليمنية على امتدادها..

ولد الدكتور سلطان في الحجرية بمحافظة تعز في العام 1948م وتلقى هنالك تعليمه الأولي، ثم انتقل مع والده إلى جيبوتي حيث واصل تعليمه هناك، وبعد عودته مباشرة إلى أرض الوطن حلق مجدداً في العام 1980م إلى روسيا لإكمال تعليمه العالي، ليحصد هناك درجة الماجستير في الأدب الشعبي، ثم الدكتوراه في فلسفة العلوم الاجتماعية.

شغل الفقيد الصريمي مكانه الدائم في عضوية وقيادات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، متنقلاً بين المجلس التنفيذي والأمانة العامة، وكان عضواً في اتحاد الأدباء والكتاب العرب.. كما كان عضواً برلمانياً وقيادياً فاعلاً في الحزب الاشتراكي اليمني، على الصعيد السياسي، وشغل مناصب حزبية وصحفية، إذ كان عضواً في المكتب السياسي للحزب وترأس تحرير صحيفة الثوري الصادرة عنه..

وقد ترك في إثر مساره الأدبي الكبير الكثير من الإنتاج والإنجاز الشعري المتميز، خصوصاً في مجال الشعر الشعبي والغنائي، ومن أبرز عناوين إصداراته الشعرية: «أبجدية البحر والثورة»، «نشوان وأحزان الشمس»، «قال الصريمي»، «هموم إيقاعية»، «أربع وردات وقصيدة»، «الهواجس»، «زهرة المرجان».

وبهذا المصاب الجلل، تكون الساحتان الثقافية والوطنية قد خسرتا علماً إبداعياً ووطنياً بارزا، وهي خسارة موجعة وباعثة على الحزن والأسى.

كان له كتابات متنوعة في الأدب وعلم الاجتماع وبحوث أدبية واجتماعية وسياسية، نشر له في معظم الصحف والمجلات العربية واليمنية الشهرية واليومية والدورية.

وغنى له عدد من الفنانين اليمنيين وفي مقدمتهم الفنان محمد مرشد ناجي، أيوب طارش عبسي، عبدالباسط عبسي، أحمد فتحي، محمد صالح شوقي، نجيب سعيد ثابت، عبدالجليل العسبي، جابر علي أحمد، عبداللطيف يعقوب، ومن العرب فرقة الطريق العراقية، حميد البصري، فرقة محمد حسين منذر السورية، شوقية العطار، قيس العراقي.

ومن أشهر قصائده المغناة «تليم الحب»، لحن وغناء الفنان الكبير أيوب طارش عبسي، وكذا قصيدة «نشوان» والتي غناها الفنان الكبير محمد مرشد ناجي وقد أحدثت جدلاً كبيراً ولاتزال خلال فترة حساسة من تاريخ بلدنا المعاصر.

وقد شكّل الشاعر الدكتور سلطان الصريمي مع الفنان الكبير عبدالباسط عبسي ثنائياً راقياً من خلال عشرات الأغاني التي لا يزال صداها في ذاكرة الأجيال.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

صالون معرض الكتاب يناقش العلاقات الثقافية بين مصر ولبنان وفلسطين

في إطار محور «أيام عربية»، استضاف الصالون الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 ندوة بعنوان ثقافتنا في فلسطين ولبنان، بحضور نخبة من الأدباء والمفكرين، لمناقشة أوجه التفاعل الثقافي بين الدول الثلاث، وأثر المتغيرات السياسية على المشهد الثقافي.

استهل الإعلامي فتحي محمود الندوة بالإشادة بعمق العلاقات الثقافية بين مصر ولبنان، والتي انعكست في مجالات الغناء، السينما، المسرح، الأدب، والصحافة.

دور مصر في نشر الأغنية اللبنانية

وأكد أن مصر لعبت دورًا محوريًا في نشر الأغنية اللبنانية عربيًا، حيث احتضنت فنانين مثل فيروز، وديع الصافي، وصباح، بينما تأثر الفن المصري باللون اللبناني في بعض الأعمال.

كما شهدت السينما والمسرح تبادلًا فنيًا واسعًا بين البلدين، حيث تأثر المسرح المصري بالمدارس اللبنانية، وساهمت الصحافة اللبنانية في نشر الأدب المصري، والعكس.

التغيرات الثقافية في لبنان

وقدّم فتحي محمود الكاتب والشاعر اللبناني عباس بيضون، الذي تحدث عن التغيرات الثقافية في لبنان خلال العقود الأخيرة، مشيرًا إلى أن الثقافة اللبنانية كانت دائمًا متأثرة بالظرف السياسي، بدءًا من الحرب الأهلية التي حولت المجتمع اللبناني من ريفي إلى مديني، وصولًا إلى التحولات الحديثة.

وأكد بيضون أن الأدب اللبناني الحديث يعكس المأساة اللبنانية، مستشهدًا بأعمال أدباء مثل إلياس خوري، التي توثق التداعيات الاجتماعية والسياسية للصراعات في لبنان.

ردًا على سؤال حول أدباء المهجر اللبنانيين، أشار بيضون إلى أن الأدب المهجري التقليدي قد انتهى، حيث لم يعد الأدباء اللبنانيون في الخارج يكتبون بالعربية، بل بلغات جديدة مثل الفرنسية والإنجليزية، كما هو الحال مع أمين معلوف.

وأوضح أن هذا التحول يعكس طبيعة التغير الثقافي، حيث لم يعد الأدب المهجري مجرد حنين للوطن، بل أصبح جزءًا من ثقافات جديدة.

تحدث الكاتب والروائي الفلسطيني ناجي الناجي عن دور معرض القاهرة الدولي للكتاب في دعم الثقافة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الأدب الفلسطيني مر بتحولات كبرى، حيث كان قبل عام 1948 أداة للدفاع عن الهوية الوطنية، بينما أصبح بعد النكبة يعكس معاناة الشتات والاحتلال الإسرائيلي.

وشدد الناجي على ضرورة الترويج للأدب الفلسطيني عبر الإبداع، وليس فقط عبر التعاطف، مؤكدًا أن هناك محاولات لطمس الرواية الفلسطينية، ما يستدعي وجود جبهة ثقافية مشتركة بين مصر ولبنان وفلسطين لمواجهتها.

القضية الفلسطينية محور اهتمام المثقفين العرب

في ختام الندوة، أكد عباس بيضون أن القضية الفلسطينية كانت دائمًا محور اهتمام المثقفين العرب، وأن دعم مصر ولبنان لها لم يقتصر على السياسة، بل امتد إلى الثقافة والأدب والفن.

ودعا إلى استمرار هذا الدعم لمواجهة محاولات تزوير التاريخ الفلسطيني، مشددًا على أن الثقافة أداة أساسية للحفاظ على الهوية الفلسطينية والعربية.

مقالات مشابهة

  • البرازيلي مارسيلو يعتزل كرة القدم بعد مسار حافل
  • نقاش حول مصادر الأدب الشعبي والأمثال
  • في عيد ميلاده الـ 40.. رونالدو أسطورة لا تقهر وسجل حافل بالأرقام القياسية والإنجازات
  • مدام دي سيفينيه.. أيقونة الأدب الفرنسي الخالدة في فن الرسائل
  • برنامج ثقافي حافل لمكتبة محمد بن راشد في فبراير
  • صالون معرض الكتاب يناقش العلاقات الثقافية بين مصر ولبنان وفلسطين
  • استقبال شعبي حافل للوفد الطبي السعودي عند وصوله للعاصمة السورية ⁧‫دمشق‬⁩ .. فيديو
  • صلاح عيسى بين التاريخ والصحافة والأدب والسياسة فى ندوة بالجمعية المصرية للدراسات التاريخية
  • سلطان القاسمي يفتتح "الشارقة للشعر النبطي"
  • نائب بالشيوخ: الأمن القومي والسياسة الخارجية يكتسبان أهمية كبيرة بالحوار الوطني