عاصفة حزم رئاسية سعودية: المواصفات تسبق الأسماء
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
كتب الان سركيس في" نداء الوطن": انتظرت القوى السياسية اللبنانية وصول الفرحان لمعرفة الاتجاه السعودي، مع أن البوصلة أكثر من واضحة، ومعروف لماذا "شطّبت" الرياض على لبنان، وسبب عودتها.
وإذا كان افتتاح اللقاءات السعودية كان قد بدأ من عين التينة التي تعتبر المفاوضة باسم "الثنائي الشيعي" ومن معراب التي تشكّل الركن الأول للمعارضة اللبنانية، إلا أن باقي اللقاءات لم تخلُ من توجيه الرسائل.
اللقاء الأبرز كان مع تكتّلي "الاعتدال الوطني" و"لبنان الجديد"، الذي يضمّ 8 نواب سنّة إضافة إلى ثلاثة نواب مسيحيين ونائب علويّ. وإن اتّسم الحديث بدبلوماسية، إلا أنه تميّز بالصراحة. أثنى النواب على الدور السعودي وشدّدوا على دور لبنان وحاجته للعباءة العربية، وخصوصاً السعودية، محاولين استمزاج رأي المملكة العربية السعودية بالمرشّحين ومن تفضّل.
رفض الفرحان الدخول في لعبة الأسماء، لكنه رفع السقف متوجّهاً إلى النواب قائلاً: "لا ندخل في الأسماء، لكن لدينا مواصفات للرئيس، وهذه المواصفات كانت موجودة سابقاً وفي هذه المرحلة نريد مواصفات أعلى، ندعم أيّ رئيس سيادي وإصلاحي يلتزم بتطبيق "اتفاق الطائف" وكل القرارات الدولية، بدءاً من الـ 1701 وصولاً إلى الـ 1559، وما وافقت عليه الحكومة اللبنانية عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار. الزمن السابق قد تغيّر، ولا نؤيّد أيّ رئيس ليس ضمن هذه المواصفات. تعرّضنا سابقاً من بعض الجهات اللبنانية للأذى لكننا لا نشمت بل نريد مساعدة الدولة والشعب فقط".
أكد الفرحان أنّ "ما حصل في الأشهر الماضية في لبنان والمنطقة بدّل كل التوازنات، لذلك ندعم أيّ رئيس يأتي من ضمن هذا السياق، فلا عودة إلى الوراء ولا يمكن لأحد أن يوقف عقارب التغيير الحاصل، فالأسماء المرشحة التي لا تدور في هذا الفلك غير مرحّب بها، وإذا أردتم انتخابها فانتخبوها، لكن عليكم تحمّل النتائج".
المحصلة أن انتخاب رئيس يتماشى مع المواصفات التي توضع سيؤدّي إلى تعاون مع لبنان، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار ودعم خطة التعافي الاقتصادي. أمّا العودة إلى رئيس من الزمن السابق، فيعني استمرار الغرق في المستنقع نفسه.
أنهى الموفد السعودي اللقاء مع النواب، مشيراً إلى أن السفير السعودي وليد البخاري سيتواصل معهم بعد استكمال المشاورات وزيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين، موضحاً أن الأولوية الآن لاختيار رئيس من ضمن المواصفات المطروحة، رافضاً فتح استحقاق رئاسة الحكومة والحكومة في هذا الوقت، باعتباره أن لكل استحقاق خريطة طريق خاصة.
وصلت الرسالة السعودية الحازمة إلى النواب السنّة، أكّدت الرياض مرجعيتها وتأثيرها على الساحة السنيّة، واضعةً "فيتو" على أيّ مرشح لا ترضى عنه وتطرحه أي دولة حتى لو كانت من "اللجنة الخماسية"، سينصرف "الاعتدال" إلى تكثيف اللقاءات اليوم، حيث من المقرّر لقاء الموفد القطري أبو فهد بن جاسم ومن ثم يليه اجتماع مع كتلتي "التوافق الوطني" و"اللقاء النيابي التشاوري المستقل" ومستقلين، لكن اللقاء الأبرز الذي سيجمعهم مع وفد من "تكتل الجمهورية القوية"، حيث ستتمّ مناقشة الأسماء المرشحة والحظوظ المتوافرة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تسلّق جبال وتهريب.. فوضى مخيفة على الحدود السورية اللبنانية
الإشتباكات الأخيرة التي شهدتها منطقة معربون في البقاع بين الجيش ومُهرّبين سوريين، كشفت عن واقع قديم – جديد وخطير في الوقت نفسه، فيما الأساس يشير إلى أنَّ الحدود اللبنانية – السورية ما زالت عنواناً للتهريب حتى إثر سقوط نظام الرئيس السوري السّابق بشار الأسد يوم 8 كانون الأوّل الماضي.
بعد التطورات التي شهدتها سوريا وانقلاب الحُكم فيها، دفعَت الحكومة اللبنانية بتعزيزاتٍ إلى الحدود مع سوريا باعتبار أن الحدود معها تُمثل "منطقة حمراء وساخنة" والسبب هو حالة الفوضى التي تسود تلك المناطق.
صحيحٌ أنّ التبدلات التي حصلت في سوريا كبيرة على الصعيد السياسيّ والأمني، إلا أنّ مسألة ضبط الحدود ما زالت غير مُكتملة العناصر، وما تبين من خلال الإشتباكات الأخيرة التي خاضها الجيش قبل أيام وأسفرت عن جرح عددٍ من العسكريين، أنَّ السيطرة الأمنية على تلك الحدود ليست قائمة بالشكل المطلوب وتحديداً من قبل "هيئة تحرير الشام".
"فوضى التهريب" التي تحصل استغلالاً للتبدلات السورية وبالإضافة إلى الإشتباكات التي حصلت، كانت محور اهتمام الدولة اللبنانية، وعليه، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مُبادراً في طرح هذه المسألة مع قائد العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع لمناقشة سُبل مكافحة التهريب وضبط الحدود ومنع التهريب.
السؤال الأبرز الذي يُطرح هنا هو التالي: ماذا حصل قبل أحداث معربون؟ ماذا كشفت المعلومات عن تحرُّكات السوريين هناك؟
تسلُّق على الجبال
مشاهد عديدة وثقتها تقارير ميدانية تُشير إلى أنّ العديد من السوريين الذين لا يمتلكون أوراقًا ثبوتية يضطرون لتسلق الجبال الوعرة بهدف الدخول إلى الأراضي اللبنانية، في ظل غياب البدائل القانونية لهم. هذه التحركات غير المنضبطة تطرح تحديات إضافية أمام السلطات اللبنانية، التي تسعى لضبط الحدود وتأمينها، وسط ضغط متزايد ناجم عن حركة النزوح غير الشرعية وعمليات التهريب التي تنقل المواد والبضائع بين البلدين.
مصدرٌ أمني مطّلع أكّد لـ"لبنان24" أنّ الأمور مضبوطة من الجهة اللبنانية على المعابر الشرعية، ومهما ارتفعت نسبة الإكتظاظ فإنّ الأمور تسير على ما يرام، إلا أنّ الخوف الأكبر هو التفلت الكبير الحاصل من الجهة السورية، إذ يؤكّد المصدر أنّه يمكن رصد المخالفات بشكل واضح عند الجهة السورية، وهذا ما يمهّد لارتفاع الرحلات غير الشرعية التي يتم تسييرها عند المناطق غير المأهولة.
ويلفت المصدر إلى أنّه من المتوقع أن ترتفع هذه العمليات خلال الأيام المقبلة رغم الإشتباكات التي حصلت، إذ يشير إلى أنّ الأهالي والافراد والعناصر الذين كانوا مرتبطين بالنظام (موظفون عاديون أو عناصر وجنود سابقون في الجيش) سيعملون قدر المستطاع على تأمين أي رحلة لهم إلى لبنان بغية الاستقرار بعيداً عن السلطة الجديدة التي ستحكم سوريا، خاصة بالنسبة إلى الشيعة والعلويين الذين غادروا منازلهم، إذ يشير إلى أنّ العدد الأكبر من هؤلاء هم الذين يمرون عند نقطة المصنع، أما بالنسبة إلى الاهالي الذين لا قدرة لهم على تخطي نقاط العبور الشرعية فإنّهم يحاولون الاستفادة من الفوضى الحاصلة عند النقاط السورية، ويعملون على تخطي هذه النقاط قبل أن يتم تعيين الأمنيين فيها، إذ ستصبح رحلة العبور إلى لبنان أصعب بكثير.
في السياق، حصل "لبنان24" على معلومات خاصة تفيد بأنّه رغم تعزيز انتشار الجيش على الحدود الشرقية والشمالية لاسيما بعد أحداث معربون، فإنّ حركة الدخول والخروج بين بلدة عرسال اللبنانية وبلدات قارة والجريجير السورية بقيت مستمرة بشكل متقطع، ما أثار استغراب الأهالي الذين تساءلوا عن غياب الرادع الفعلي لهذه التحركات. هذه الظاهرة، بحسب مصادر محلية، تأتي في ظل تنامي عمليات التهريب من عرسال باتجاه قرى القلمون السوري، ما يعكس تحدياً أمنياً واقتصادياً مزدوجاً.
وأشار أهالي البلدة، في تصريحاتهم لـ"لبنان24"، إلى أنّ عمليات التهريب أصبحت أكثر تنوعاً واتساعاً، حيث لا تقتصر على المواد التقليدية بل تشمل ألواح الطاقة الشمسية وأكسسواراتها، بالإضافة إلى معدات كهربائية متنوعة. كذلك، تشكّل المحروقات، بما فيها البنزين والمازوت والغاز، جزءاً كبيراً من المواد المهربة، خاصة وأن سوريا عانت من أزمة كبيرة على صعيد المحروقات منذ قصف إسرائيل للمعابر، ما ساهم في مضاعفة الاسعار خلال أيام قليلة.
من هنا، يؤكّد المصدر الأمني لـ"لبنان24" أنّه في ضوء الوضع في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، فان لبنان أمام تحديات جديدة تتجاوز مسألة ضبط الحدود. وعليه، فإن الفوضى التي تعيشها سوريا قد تساهم بشكل مباشر في تعميق الأزمات الأمنية والاقتصادية في لبنان، ما جعل الأوضاع على الحدود أكثر تعقيدًا.
هذا الوضع يخلق بيئة خصبة للأنشطة غير القانونية مثل التهريب والدخول غير الشرعي، مما يعرض لبنان لمخاطر أمنية متعددة، مثل تسلل عناصر متطرفة أو مجموعات مسلحة عبر الحدود، هذا عدا عن أزمة النزوح التي كانت بوادر حلّها قد ارتفعت قبل سقوط نظام الأسد.
وعلى هذا الأساس، فإن أحداث معربون وتحرك الحكومة اللبنانية لضبط التهريب ومنعه كلها عوامل تمثل "اللبنة" الأولى لوضع حدّ لتجاوزات الحدود.. فماذا سنشهد لاحقاً؟ وهل من الممكن أن تشهد المنطقة بين لبنان وسوريا انضباطاً فعلياً أم ستستمر العصابات الموزعة في مناطق مختلفة بإنشاء المعابر غير الشرعية والتحكم بها؟
المصدر: خاص "لبنان 24"