يحيى صالح الحَمامي
الأرض والإنسان في اليمن يحمل سر الله الأكبر في هذه الأرض، ومن خلال الصمود والثبات، وما نشاهده من العجز في البحرية الأمريكية في البحر الأحمر والعربي، وتفوق القوات المسلحة اليمنية رغم سلاحها وإمْكَانياتها البسيطة، وما نجد من التأثير البالغ على القوات الأمريكية، كما وقد سقطت عدة دول وجيوش عربية أمامها، نحن نجد القوة الإيمانية في جيش وسلاح اليمن، والتي تترجم تأييد ربنا في ثبات اليمن في أداء واجبها، رأينا تمكين ربنا بالنصر الإلهي، والذي قد جعله الله حقًا عليه للمؤمنين.
سلاح الإيمان ومن ثبات القوات المسلحة اليمنية في مواجهة أهل الكفر والشرك فَــإنَّ الله يتولى عاقبة أمر اليمنيين، تفشل أمامه إمبراطورية العصر وتنهزم أقوى الجيوش في هذه الأرض، قال تعالى: “قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ” {249} سورة البقرة.
اليمن وأبناؤها سر الله الأكبر في هذه الأرض، ومن اليمن يظهر للعالم ما معنى العدل والأمن والسلام الحقيقي، وكأن اليمن تتولى مسؤولية، بل وتبعث للعالم رسائل الواجب التي تعكس عن فيض من كرم الأخلاق، وتعبر عن الإنسانية بالفطرة، ليس بغريب أبناء اليمن هم “أرق قلوبًا وألين أفئدة” تميز اليمنيون عن سائر الخلق، كما لا يزال اليمن ثابتاً مع “غزة” ولم تستسلم صنعاء أمام المغريات وهذه أخلاق اليمنيين، لا تتنازل عن حقوق العرب عندما تتحقّق مصالحها ولا تتنازل على دماء العرب عندما تصل إلى بغيتها، ترخص كُـلّ المصالح ما دام وهناك مظلوم يحتاج المساعدة والوقوف معه.
وهذا ما نراه في ثبات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- والثبات في مناصرة أبناء فلسطين في غزة، وكذلك الشعب اليمني العظيم يؤيد موقف السيد القائد ويفوض القوات المسلحة اليمنية بالخروج الأسبوعي في الساحات، وهذا يترجم واجب المسلم نحو أخيه، ويجب الوقوف مع الشعب الفلسطيني، وما يعانيه من الاحتلال الذي يحظى بدعم من قبل قوى الاستكبار العالمية.
اليمنيون شعبًا وجيشًا وقائدًا يوضحون للعالم ما معنى الإسلام ومجابهة الطغاة والمجرمين وما يجب على العالم هو الوقوف مع المظلوم بدلًا من الصمت على عبث المجرمين والمفسدين.
وما نراه نحن والعالم أجمع من جرائم حرب وإبادات جماعية من قبل سلاح جو الكيان الصهيوني بحق أبناء غزة، لقد فشلت القوانين التي ترعى أمن وسلام وحقوق وحريات الإنسان في هذه الأرض، جرائم وحشية يقابلها الصمت والخذلان من قبل الأمم المتحدة، الهيئة الدولية هي بحاجة لمن يحمي قوانينها وينفذ قراراتها، عجز وفشل وخيبة أمل لدى الشعب الفلسطيني والذي يعاني الاحتلال.
زيف الولايات المتحدة مُجَـرّد تسويق سياسات من احترام القوانين وحماية الحقوق والحريات، تبخر كُـلّ شيء أمام جرائم “إسرائيل” بحق أبناء غزة، حاميها حراميها فالسلاح والمال الأمريكي سباق في تنفيذ تلك المجازر، جميع ما تغنت به الولايات المتحدة الأمريكية كاذب، والنهاية غير قادرة على حماية المدنيين في مدينة غزة؛ فالطفل والمرأة الفلسطينية أصبحوا أهدافاً عسكرية مشروعة لدى الكيان الصهيوني، ما لكم كيف تحكمون!
أبناء اليمن وما حمله الإنسان في أرضه من إيمان ومن عنفوان وقوة وبأس في مواجهة الطُّغاة، ومن فضل الله أنه سخر في اليمن قائدًا حيدريًّا ومن خلفه شعب وجيش، كما نعتز ونفتخر بما نرى من عمليات أبطال القوات المسلحة في البحرين العربي والأحمر والتي فرضت الحصار البحري على سفن “إسرائيل” وقد تحَرّكت أمريكا بقوات بحرية جبارة لإفشال عمليات الجيش اليمني، مما أصبحت تحت مرمى صواريخ ومسيّرات القوات المسلحة اليمنية.
تحية إعزاز وإكبار للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- والذي وجدنا منه دائمًا الشجاعة في اتِّخاذ قرارات إيمانية عربية قومية، لا يخشى إلَّا الله سبحانه وتعالى.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة فی هذه الأرض
إقرأ أيضاً:
تاح تاح تاح تحسك بالسلاح”: الأغنية السياسية في الحرب (2-2)
ملخص
جاء الغناء عن حب الوطن في السودان مدراراً ومن بابين، الأول هو حب مطلق مثل “أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العتيق”، أما الثاني فهو ما نعى فيه المغنيون غربتهم عن الوطن في المهاجر وذاع ذيوعاً كبيراً خلال أيامنا في واقع النزوح الاستثنائي المأسوي بعد الحرب.
أما سيدة الأغنية السياسية ليومنا للقوات المسلحة فهي الفنانة ندى القلعة. فلا يمر يوم إلا ولها عبارة عن طبيعة الجيش من جهة خوضه الحرب العادلة ومؤسسيته مقارنة بـ”الدعم السريع”، أو جغرافيا المعارك وانتصارات الجيش. فميزت القوات المسلحة بميلادها في شرعية الدولة وتخرج ضباطها في الكلية الحربية “مصنع الرجال” في قولهم، واستحقوا صفة “جنابو” بخلاف ضباط “الدعم السريع” الذين نالوا رتبهم كفاحاً بما عرف بـ”رتب الخلاء”:
حبابو
القالو ليهو جنابو
حباب القوة الجايا بالشرعية
حباب الكاكي الدخلو ليه الكلية
وتطرق الفنانة ندى باب التاريخ الوطني لتضع انتصارات القوات المسلحة في سياقها، بل لترد على مزاعم “الدعم السريع” مثل أنه خرج ليقضي على دولة 56 التي ظلمت هامش السودان ظلماً كثيراً، فقالت:
ستة وخمسين دحرنا ظلم وحقب
العلم رفرف وأزهرينا خطب
و”أزهرينا” هو الزعيم إسماعيل الأزهري أول رئيس لوزراء السودان خلال الفترة الانتقالية 1954-1956، والذي اشتهر بأنه رافع علم استقلال السودان. ثم جاءت بواقعتين من نضال السودانيين ضد القوى الأجنبية، فكانت الأولى هي اغتيال المك نمر زعيم شعب الجعليين على النيل الأوسط، لإسماعيل باشا نجل الخديوي محمد علي باشا في 1822. فكان إسماعيل بعد غزو السودان التقى بالمك وطالبه بضرائب أثقلت عليه، ولما احتج رمى إسماعيل بغليونه على وجه المك فأضمرها المك وقبل بدفع ما عليه. وليرضى عنه إسماعيل دعاه لتناول العشاء بداره، وأحسن الطعام لهم والشراب، وكان قومه يزربون ديوانه بالحطب في هذا الأثناء، وبإشارة منه أشعلوا النار فيها لتحرق إسماعيل ومن معه. فقالت ندى “حرقناه فحم”.
أما إشارتها الثانية فكانت إلى مستر هارولد ماكمايكل مفتش شمال مديرية كردفان خلال العشرينيات والسكرتير الإداري للحاكم العام الإنجليزي لاحقاً، الذي أمضى أمراً أغضب الناظر عبدالله وجاد الله، زعيم شعب الكواهلة والمقاتل تحت راية مهدي السودان، فنزع قلم المفتش من يده وكسره. وصار الناظر يعرف بـ”كسار قلم مكميك” (ماكمايكل). وفي فروسيته نظمت مستورة بت كوكو أغنية لا تزال موضع إعجاب كثير. وقالت ندى القلعة عنه “رايو مكملو كسار قلم مكميك”. وللأغنية مطلع:
احترامو وجب
دا شعب صعب
رغم أنو عظيم إلا غضبو كعب (كأب، قبيح).
مين بيقدرنا، “أفارقة زنج عرب”
وتعقد ندى القلعة فتوح القوات المسلحة عقداً في غنائها. فلها أغنية تبدأ بـ”العصا” (أي المطلع) التقليدي لأغنية الفروسية:
أنا يا ليل هوي الليلة
وهي التي يرقص الرجال “العرضة” على وحي حماستها رقصة يبدون فيها على مشية الصقر الفخور.
وتحصي في أغنياتها المدن التي استردها الجيش من “الدعم السريع” كل بصفتها، فأم درمان مثلاً “بناسها مركز الفراسة”. وقالت عن مدينة مدني، خشو (أي “الدعم السريع”) مدني غلطة وكانت أكبر ورطة.
وتعود في أخرى لتطلع فيها بـ”عزة تفخر بأولادها”، و”عزة” هذه عائدة إلى شاعر الحركة الوطنية خليل فرح الذي تقدم ذكره، فـ”عزة” عنده هي الوطن. ومضت ندى القلعة تعدد متحركات القوات المسلحة الأخيرة التي فكت الحصار عن معسكرات القوات المسلحة، فتذكر أنه بفضل هذه المتحركات “الإشارة (سلاح) قالدت القيادة”. ونوهت بتسلم الجيش لمصفى الجيلي. وتذكر أسلحة الجيش واحداً بعد واحد، المدفعية والعمل الخاص وأمن يا جن (هكذا يصف أفراد جهاز الأمن والاستخبارات مؤسستهم). ووثقت لاندياح الجيش شمال مدينة الخرطوم بحري:
شرق النيل دي بجيها جية
بخش الشمس حية
دي بحري بجيها جية
شمبات دي بجيها جية
وللدعامة غرزة وكية
وتتسرب عبارات القوات المسلحة إلى غنائها، فذاع في أوقات حصول الجيش على تسليح أحدث جاء في وقته عرف بـ”العدة الجديدة”، فقالت ندى:
أديك النجيضة
وكلو بالعدة الجديدة
بل وتتوقف عند لحظات درامية في المعركة. فكان الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقف في فيديو راج عند كبري بيكة بمدينة مدني، وقال إنه قال للطيار إن كان بوسعه أن يرسل صاروخاً يدخل في فجوة في الجسر اختفى فيها جماعة من “الدعم السريع”، ففعل. فقالت ندى:
طيارنا سويت البدع
صاروخك بالملي بيقع
سوخوينا (السوخوي) والميج الطلع
الدعامي من صوتو اتخلع
لا أعتقد أن مساعي المجتمع الدولي لإيقاف الحرب في السودان عدت هذه الأغاني السياسية التي تغذي الحرب باستنفار بوسيط الإبداع لقيم الفروسية في المحاربين وغير المحاربين. وليست هذه التعبئة قاصرة على القوات المسلحة. فبين قوات “الدعم السريع” جنس من غناء الفروسية تضطلع بها نساء عرفن بـ”الحكامات” (مفردها حكامة). بل ذاع قبل مدة أن واحدة منهن خلعت لباسها وقالت إنها لن ترتديه إلا حين يأتي لها فرسانها وعليهم غار النصر. بل كان أول الالتفات لدور هؤلاء الحكامات خلال نزاع دارفور في العقد الأول من هذا القرن. فعادة ما حملت مقررات مجالس الصلح التي سعت إلى طي الخلاف توصية بإقناعهن بالتوقف عن تلك الحماسة الضارة للرجال. فالحرب لا تخاض في ميدانها، إنها تخاض غناء كذلك. فلهؤلاء الفنانات قول حتى في أدق دقائق الحرب. فلما حمل المجتمع الدولي على القوات المسلحة لتفاوض خرجت الفنانة ميادة قمر الدين بأغنية “ملوك القل”:
تاح تاح تاح تحسم بالسلاح
ما في مفاوضات ودا الكلام الصاح
للحرب القائمة في السودان ثقافة، وهي ثقافة للحماسة واستحقار الموت للقضية. فترى جنود القوات المسلحة والمستنفرين والجمهور “يعرضون” على وقعها متشربين معانيها ريثما يعودون للميدان من جديد. وهي ثقافة محجوبة عن “المبعوث الخاص” الذي يعتقد أنه يعرف كيف يطوي صفحة حربنا بأمر تكليفه العالي.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب