الهُـوِيَّة الإيمانية في جمعة رجب.. تاريخٌ وحضارة وعقيدة
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
فتحي الذاري
تُعتبر الهُـوِيَّة اليمنية رمزًا من رموز التاريخ والحضارة؛ إذ عُرفت البلاد بتنوع ثقافتها وعاداتها وتقاليدها فضلاً عن إيمان شعبها العميق.
في جمعة رجب تُبرز هذه الهُـوِيَّة من خلال الاحتفالات والعادات التي تؤكّـد الروح اليمنية الأصيلة، خُصُوصًا عبر الإحياء بأنوار تاريخها الديني الغني والذي يتجسد في حياة الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- ويعود تأصيل الهُـوِيَّة اليمنية إلى عصور ما قبل الإسلام فقد عُرفت اليمن بممالكها القديمة مثل “سبأ” و”حمير”، التي كانت محطات مهمة في التاريخ العربي والإسلامي.
ومع مجيء الإسلام، كان لليمن دورٌ بارز، حَيثُ أسلم أهلها في وقت مبكر، وكان للإمام علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، دورٌ قاطع في نشر الإسلام وتعاليمه، الإمام علي -عليه السلام- يُعتبر رمزًا للإيمان والعدل والشجاعة، تجسيدًا لقيمه السامية أصبح التاريخ اليمني مترسخًا بصورة عميقة في الوعي الجمعي للشعب مما يجعل ذكرى جمعة رجب مناسبةً احتفاليةً ترتبط بروح الإيمان والولاء، وتُعتبر الاحتفالات في جمعة رجب جزءًا عزيزًا من الثقافة اليمنية، حَيثُ يجتمع الأهل والأصدقاء لإحياء هذه المناسبة.
تتضمن العادات تقاسم الطعام وإقامة الصلوات والدعوات وتلاوة القرآن، يُعتبر إحياء ذكرى الإمام علي -عليه السلام- وسيلةً لتعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء اليمن، من العادات التقليدية أَيْـضًا تزيين المنازل وإعداد الأطباق الخَاصَّة، مثل الحلويات والعصائر وأكلات الولائم مثل السبايا وبنت الصحن والسوسي والكعك والجعالة (الشكليات) وقهوة البن اليمني الأصيل التي تُعتبر جزءًا من التراث اليمني، وتُساهم هذه التقاليد في تعزيز الشعور بالانتماء والهُـوِيَّة الوطنية وزيارة الأرحام والأقارب والمعايدة ولبس الأطفال الكسوة الجديدة.
وتتجلى الروحانية اليمنية في إيمان الشعب اليمني، حَيثُ يعتبرون الإمام علي -عليه السلام- مثالًا يُحتذى به في الحياة اليومية، يتمسك اليمنيون بقيمهم الدينية والاجتماعية، ويمثل الإيمان بالله تعالى ورسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- ركيزة أَسَاسية في حياتهم، في جمعة رجب يتوجّـه الكثيرون إلى المساجد لأداء الصلوات والدعوات مستذكرين مآثر الإمام على عليه السلام، وأخلاقه.
حيثُ إن تاريخ اليمن الإسلامي يرتبط بشكل وثيق بشخصية الإمام علي -عليه السلام- فقد كان له دور محوري في دعم الرسالة الإسلامية، ونشر المعرفة والعدل بين الناس.
يُعتبَرُ الإمام علي رمزًا للحكمة والبلاغة، ويشهد التاريخ على مواقفه في الدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة والمظلومين، ويُعتبر دعم القضية الفلسطينية جزءًا من العقيدة اليمنية، حَيثُ يرى اليمنيون في نصرة المستضعفين فريضة دينية ووطنية.
يُظهر السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله ورعاه- الذي يُعتبر رمزًا للقيادة الحكيمة، الالتزام بمفهوم الولاء للحق، من خلال إسناد غزة ودعم حقوق الشعب الفلسطيني، وهذا يدعم الفهم العميق لدى اليمنيين بأن نصرة القضايا العادلة هي جزء من الولاء للإسلام ومبادئه السامية، وتُعتبر جمعة رجب فرصة لتعزيز القيم التي دافع عنها الإمام علي -عليه السلام- مثل الشجاعة، والإيثار، والعدالة، مما يساهم في بناء مجتمع متماسك ويحمل قيمًا نبيلة.
إن الهُـوِيَّة اليمنية الوطنية والإيمانية تتميز بتاريخها العريق وثقافتها الغنية، حَيثُ تُعبر جمعة رجب عن تعلق اليمنيين بإيمانهم وقيمهم وتراثهم.
إن الاحتفالات والعادات المرتبطة بهذا اليوم تُعزز الوحدة الاجتماعية وتحث على تعزيز الروابط الوطنية؛ مما يجعلها مناسبةً للإحياء والتأمل في التاريخ الديني والسياسي للبلاد، وتجديد العهد بالقيم الأصيلة التي تمثل جوهر الهُـوِيَّة الإيمانية اليمنية.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: علیه السلام فی جمعة رجب الإمام علی ة الیمنیة اله ـو ی ی عتبر ت عتبر
إقرأ أيضاً:
سر في الدين.. يسهل عليك العبادة والإلتزام بها
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، على أن التيسير في تطبيق الدين هو الأساس، مُشددًا على أهمية الابتعاد عن الغلو والتشدد.
واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ"، مشيرًا إلى أن هذا الحديث يوضح أن الدين لا ينبغي أن يكون عبئًا أو مصدرًا للضيق، بل يجب أن يُمارس بسهولة ويسر.
الرحمة والتيسير: كيفية تحقيقهما في الحياة اليومية
أوضح جمعة أن الرحمة تكمن في التيسير، فالتشدد في الدين لا يؤدي إلا إلى التنفير منه.
وقال إن النبي ﷺ فرض فرائض يجب على المسلم الالتزام بها، وحدّ حدودًا يجب احترامها، كما حرم أشياء يجب الابتعاد عنها، ولكن هناك أيضًا أمور سكت عنها الشريعة رحمةً بنا. لذا، فإن التشدد والتعسير على النفس يُعدان من الأخطاء التي يجب تجنبها في التعامل مع الدين.
التوازن في العبادة: لا غلو ولا تساهل
أشار جمعة إلى أنه يجب على المسلم أن يتحلى بالتوازن في عباداته، وألا يُفرط في التشدد أو التساهل. ولفت إلى أن النبي ﷺ قال: "إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ"، أي أنه يجب على المسلم أن يعكف على العبادة برفق، وأن يتجنب التشدد الذي يؤدي إلى النفور.
التشدد يثقل القلب: احذر من الغلو
في هذا السياق، أوضح جمعة أن التشدد في الدين يمكن أن يؤدي إلى حالة من النفور والملل من العبادة.
كما حذر من أن من يتشدد على نفسه قد يترك العبادة في النهاية لأنها تصبح عبئًا عليه، مثلما يُقال عن "المنبت" الذي لا يقطع أرضًا ولا يثبت على ظهر.
وأكد أن الدين يجب أن يُمارس بسهولة وراحة، ويجب أن يكون بمثابة مصدر للاطمئنان وليس للثقل.
التيسير والرحمة في القرآن الكريم
اختتم جمعة حديثه بتذكير المسلمين بآية الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، مشيرًا إلى أن هذه الآية تؤكد على أن الله تعالى يُيسر لعباده في الأوقات الصعبة، ولا ينبغي للمسلم أن يكون مصدرًا للعسر على نفسه أو على الآخرين.