خبراء من طهران وبيروت يحللون حادثة تفتيش الطائرة الإيرانية بلبنان
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
بيروت وطهران- عاد مطار بيروت الدولي إلى دائرة الأضواء مجددا إثر حادثة وقعت بعد منتصف ليل الخميس الماضي، حين خضعت طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية "ماهان إير" التابعة للحرس الثوري الإيراني لإجراءات تفتيش مشددة فور وصولها إلى المطار، وكان على متنها دبلوماسي إيراني.
وأثار مرور الحقيبتين الدبلوماسيتين في مطار رفيق الحريري ببيروت جدلا واسعا على خلفية حديث إعلامي عن شبهات تتعلق بهما، وتساؤلات أخرى عن سبب تغير طريقة التعامل مع إيران وربط الأمر بالحرب الإسرائيلية الأخيرة مع حزب الله.
وفي أعقاب الحادثة، أصدرت السلطات اللبنانية توضيحا أكدت فيه أن تفتيش الطائرة وركابها يأتي ضمن الإجراءات الروتينية التي تنطبق على جميع الرحلات الجوية دون استثناء، وأوضح وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي أن هذه الإجراءات تأتي في إطار الحفاظ على أمن لبنان، وتنفذ وفقا للقوانين المعمول بها لضمان سلامة المطار وحماية البلاد من أي مخاطر محتملة".
وكشفت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية عن تلقيها مذكرة توضيحية من السفارة الإيرانية حول محتويات حقيبتين دبلوماسيتين كانتا بحوزة الدبلوماسي الإيراني على متن الرحلة المذكورة، وأوضحت أنهما تحتويان على وثائق ومستندات وأموال نقدية لتغطية النفقات التشغيلية للسفارة، مؤكدة التزامها باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تكفل حماية المراسلات والحقائب الدبلوماسية.
إعلان قانونية الإجراءويقول فارس الجميل المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة اللبنانية، إن إجراءات التفتيش في مطار بيروت الدولي بدأت منذ فترة العدوان الإسرائيلي على لبنان، بهدف ضمان استمرارية عمل المطار "وهي ليست أمرا جديدا" حسب قوله.
وأوضح الجميل للجزيرة نت، أن ما حدث مع الطائرة الإيرانية "كان مجرد إجراءات طبيعية تتخذ في المطار، وقد أُثيرت حولها ضجة غير مبررة"، وأكد أن هذه الإجراءات تطبق بشكل شامل دون استثناء، بما في ذلك الطائرات الخاصة اللبنانية، لحماية وضمان سلامة المطار والبلد ككل، نافيا صحة ما يشاع عن استهداف جهة معينة بهذه الإجراءات.
من جهته، يرى الكاتب والباحث السياسي اللبناني الدكتور علي أحمد أن عمليات التفتيش التي جرت "تخالف بنود اتفاقية فيينا التي تؤكد على حرية العمل الدبلوماسي"، ويوضح في حديثه للجزيرة نت أن "الحقائب الدبلوماسية تعتبر محصنة من التفتيش وفقا للقوانين الدولية، ولا يجوز بأي حال إخضاعها لذلك، وهذه القواعد يجب أن تطبق بالتساوي على جميع السفارات".
ويشير الباحث إلى أن التفتيش المكثف "يستهدف بشكل خاص الرحلات القادمة من إيران، في سياق سياسي يبدو مرتبطا بضغوط أميركية، ما يعد انتقاصا من السيادة اللبنانية"، وشدد على ضرورة أن تتحمل الدولة اللبنانية مسؤوليتها في الحفاظ على سيادتها وضمان تطبيق مبدأ المساواة والمعاملة بالمثل في جميع الإجراءات".
كما يشير إلى أنه في الفترة الأخيرة شهد الركاب القادمون من إيران تأخيرات متكررة لحقائبهم نتيجة عمليات تفتيش دقيقة قبل وصولها إلى منطقة الاستلام، مما أثار استياء الركاب بشكل كبير، ويضيف "تفاقمت الأزمة بشكل خاص مع الحقيبة الدبلوماسية الإيرانية، ورغم أن المشكلة حُلّت دبلوماسيا بالتنسيق مع وزارة الخارجية إلا أن هذا السلوك يتطلب وقفة جادة لمعالجته".
السفارة الإيرانية في بيروت أعربت عن استيائها من التفتيش المبالغ فيه للطائرة (وسائل التواصل) رسالة إلى طهرانمن جانبه، اعتبر الباحث السياسي والصحفي الإيراني رضا غبيشاوي حادثه مطار بيروت بمثابة إشارة إلى "بداية حقبة ما بعد الأسد في المنطقة"، موضحا في حديثه للجزيرة نت أنه "لطالما كانت العلاقة بين إيران ولبنان متأثرة بسوريا، والآن، مع تغير النظام في دمشق، من المؤكد أن العلاقة بين طهران وبيروت ستشهد تغييرات أيضا" وفق رأيه.
إعلانكما رأى أن ما حدث يعد رسالة من الحكومة اللبنانية إلى إيران، وكذلك إلى الدول العربية والولايات المتحدة والدول الغربية، ومضمون الرسالة هو -وعلى عكس ما يُقال أو يُدعى في الإعلام والمنصات السياسية- أن "لبنان ليس تابعا لإيران"، معتبرا أن الحكومة اللبنانية تسعى للحفاظ على استقلالها، والحفاظ على مسافة بينها وبين إيران، وأن العلاقة بين الطرفين ليست غير عادية، والهدف من ذلك هو تقليل الضغوط الغربية والعربية على بيروت.
كما أن بعض الأطراف الإقليمية والدولية قد تسعى إلى الانتقام من إيران، عن طريق إضعاف لبنان أو جعله ضحية، أو قد ترى أن "ما حدث في سوريا بسقوط نظام بشار الأسد، وضعف النفوذ الإيراني يجب أن يمتد إلى لبنان، وبالتالي تحدث أحداث مشابهة فيه"، وفقا لما يعتقد غبيشاوي.
وتابع قائلا إنه "من المهم الإشارة إلى أن الحادثة ليست جديدة أو غريبة، وهي أكثر ما تكون نتيجة نوع من الاستعراض الإعلامي والسياسي أكثر من أن تكون قائمة على أسباب حقيقية".
وأوضح أنه بسبب العقوبات الدولية، أصبح من المعتاد أن يتم نقل الأموال النقدية عبر الرحلات الجوية للطائرات الإيرانية، وأشار -على سبيل المثال- إلى أن في رحلات الطائرات الإيرانية إلى أوروبا سابقا، كانت بعض النفقات -بما في ذلك الوقود ورسوم المطارات- تُدفع نقدا، كما أن العديد من السفارات في طهران تقوم بنقل العملات الأجنبية نقدا عبر الرحلات الجوية إلى طهران لتودعها في البنوك الإيرانية.
وأضاف غبيشاوي أنه من المعروف أن تمويل حزب الله يتم من قبل إيران، وقد أعلن ذلك بوضوح كل من الأمين العام الراحل حسن نصر الله والحالي نعيم قاسم "ولكن، لا تُستخدم دائما الطرق المباشرة لنقل الأموال، فبدلا من ذلك، يعتمد حزب الله على وسائل غير مباشرة ومتنوعة للتمويل، وهذه الطريقة كانت دائما موجودة".
إعلانوخلص بالإشارة إلى أنه في الأشهر الأخيرة، ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على لبنان، نُظمت في إيران حملات لجمع التبرعات المالية من الشعب لدعم ضحايا الحرب والمتضررين في لبنان، حيث تم جمع مبالغ كبيرة من المال والذهب، ومن المحتمل أن يتم نقل هذه الأموال إلى لبنان بطرق لا تنتهك قوانين الدول المستقبلة.
اختبار ردود الفعلومن جانب آخر، رأى أستاذ العلاقات الدولية عباس أصلاني أن ما حدث في المطار "له أسباب كالوضع السياسي في لبنان وغياب رئيس للجمهورية، وهو ما يخلق حالة من الفوضى وعدم التنسيق تؤدي إلى أحداث من هذا النوع"، واعتبر أن بيئة ما بعد الحرب مع إسرائيل وعمليات تل أبيب ضد حزب الله خلقت ظروفا تستوجب المراجعة، وهو قد يكون السبب الرئيس فيما حدث.
وأضاف للجزيرة نت أنه على الرغم من أنه تم حل الموضوع وتفادي المشكلات بعد توضيح وزارة الخارجية الإيرانية، فإن السفارة الإيرانية في بيروت أعربت عن استيائها مما حدث، من حيث الإجراءات الأمنية والتفتيش المبالغ فيه.
ويعتقد أصلاني أن "بعض المسؤولين اللبنانيين متأثرون بدول أخرى، وطهران تعتقد أن واشنطن هي التي لها التأثير الأكبر على هؤلاء اللبنانيين، وتجعلهم يقومون بخطوات مشابهة"، معتبرا أن الفراغ السياسي في بيروت يجعل دولا أخرى تتدخل وتحاول أن تملأه بما يخدم مصالحها، وهذه الدول تخلق مواقف لاختبار ردة فعل الأطراف المعنية -أي إيران وحزب الله- والبناء عليها في سياسات قادمة.
كما اعتبر أصلاني أن قضية المطار "لا تقدم صورة واضحة بشأن مستقبل الوضع السياسي في لبنان، ويجب النظر بشكل أوسع، وكذلك الصبر لمعرفة المسار الذي تتجه نحوه الأمور في لبنان لمعرفة ملامح المرحلة الجديدة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت فی لبنان حزب الله إلى أن ما حدث
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: القيادة السياسية أعلنت رغبتها في البقاء بلبنان
عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن إعلام إسرائيلي، قال إن إسرائيل ترغب في البقاء ببعض المواقع خارج الحدود الشمالية في لبنان إلى أجل غير مسمى، وأن القيادة السياسية أعلنت في اجتماع عقده نتنياهو رغبتها بالإبقاء على وجود إسرائيلي في مواقع بجنوب لبنان.
أفادت وسائل إعلام لبنانية، اليوم الأحد، بأن الاحتلال الإسرائيلي نفذ تفجيرات في الضهيرة وطيرحرفا.
ووفقا لـ الوكالة الوطنية للاعلام، فإن جرافات معادية قامت بأعمال هندسية داخل الاراضي اللبنانية عند اطراف بلدة الضهيرة الحدودية، ونفذ العدو تفجيرات في الضهيرة وطيرحرفا، بعد تفجير صباحي عند مثلث طيرحرفا.
كمادوت أصوات انفجارات في القطاع الشرقي، تبين أنها ناجمة عن قيام العدو الاسرائيلي بعمليات نسف في بلدة الطيبة قضاء مرجعيون.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد حذر حزب الله من انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار إذا لم ينسحب الحزب إلى شمال نهر الليطاني. وجاء ذلك خلال زيارة كاتس مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، حيث قام بجولة في عرض الأسلحة التي جمعتها قوات الاحتلال من جنوب لبنان.
وقد أفادت القناة الـ14 الإسرائيلية، الأحد، بأن تل أبيب تدرس البدء في سحب جزئي لقواتها من جنوب لبنان.
ووفقا لـ موقع 'والا' الإسرائيلي، فإن الجيش الإسرائيلي سينسحب بشكل كامل خلال الأيام المقبلة من قرية الناقورة الحدودية في جنوب لبنان، وتسليم المسؤولية للجيش اللبناني تحت إشراف أمريكي.
وأوضح جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه باستثناء هذه المنطقة، لن تنسحب إسرائيل بالضرورة من الأراضي اللبنانية في نهاية فترة الستين يوما.
وحذرت مصادر أمنية إسرائيلية من أنه "إذا فشل الجيش اللبناني في القيام بواجباته في الجنوب وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، فإن الجيش الإسرائيلي لن يسارع إلى الانسحاب".
ومن المقرر أن ينتهي اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا بين لبنان وإسرائيل في 27 يناير، وسط حالة من عدم اليقين المحيط بانسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة التي يتعين عليها إخلاؤها بموجب الاتفاق، مما يمهد الطريق لنشر الجيش اللبناني.