قبل ميلاد السيد المسيح له المجد كانت توجد خصومة بين الله والناس، وأيضاً خصومة بين السماء والأرض، أى مقاطعة بين السمائيين والأرضيين، خطايا الناس حجبت وجه الله عنهم واشتد غضب الله عليهم، فجاء السيد المسيح لكى نصطلح معه هو لأن البشر لم يبدءوا بالتصالح مع الله، فصنع الله صلحاً وسلاماً بين السماء والأرض، لذلك يقول القديس بولس الرسول «ولكن الكل من الله الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمه المصالحة» (2ك18:5).
السيد المسيح قد بدأ عصراً جديداً وأصبح هذا الميلاد المجيد فاصلاً بين زمنين ماقبل الميلاد وما بعد الميلاد، لقد قدم السيد المسيح مفهوماً جديداً للحياة وجاء لينشر الحب بين الشعوب وأدخل فى تعاليمه تعليماً جديداً هو محبة الأعداء والمسيئين، وأرسى قاعدة مهمة أن رد الإساءة بالإساءة، والاعتداء بالاعتداء معناه أن الشر قد انتصر، بينما تعليم الكتاب هو «لا يغلبك الشر بل أغلب الشر بالخير» (رو 21:12)، «فإن جاء عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه» (رو 20:12) ويجب أن تنتصر المحبة لأن المحبة لا تسقط أبداً، جاء المسيح ببشارة سلام وأقام صلحاً بين السمائيين والأرضيين، لقد جاء المسيح ليحررنا من عبودية الذات وعبودية الشهوات ليجعل نفوسنا حرة فى السماء كالنسور تعلوا فوق مستوى العروش.
وشعر الإنسان بهذه الهبة المجيدة فأخذ يناجى الله قائلاً: يارب تجعل لنا سلاماً لأنك كل أعمالنا صنعتها لنا. وبميلاد ملك السلام بدأت رحلة استعادة ذلك السلام الحقيقى المفقود حسب قول معلمنا القديس بولس الرسول «فجاء وبشركم بسلام وأنتم البعيدين والقريبين»، فى ميلادك يا رب نمجد محبتك واتضاعك ونزولك لنا، وما هذا المجد الذى مجد به الملائكة يوم ميلادك العجيب، كما ظهر هذا المجد للمذود بزيارة أشراف القوم الملوك المجوس الذين أتوا من بلاد المشرق مع أحناء المهمة، وليست هؤلاء فقط هى التى تمجد، بل هناك سحابة الشهود من القديسين والشهداء.. هذه السحابة المجيدة تمجد القدير وتزيده علو إلى الأعالى وقد صارت هذه السحابة هى نفسها تصبح جزءًا من ذلك المجد العظيم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السماء والأرض السيد المسيح السید المسیح
إقرأ أيضاً:
وحوش الشر والظلام..؟
بات الكثير من الناس يؤمنون اليوم بأن لا طمأنينة ولا استقرار فى العالم اليوم بعد أن تبدد الشعور بذلك وسط أحداث جسام سادت العالم عامة ومنطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة. غابت الطمأنينة والاستقرار بعد أن باتت الأوطان مهددة من جديد من وحوش الشر والظلام، فلقد أهدرت الحريات وضاعت الأحلام بعد أن تسيدت إسرائيل فى المنطقة، وبدأت تعيث فسادا فى أرجائها من جديد. ساد عدم الاستقرار فى أكثر من دولة فى الشرق الأوسط، غزة وسوريا والعراق واليمن وليبيا، فباتوا مهددين من محتل غاصب شرع فى القتل واستباحة الأرض. جرى كل ذلك أمام العالم الذى اكتفى بالمشاهدة دون أن يحرك ساكنا.
اجتاح الدمار الأرض العربية بعد أن استباحها الكيان الصهيونى المحتل الغاصب الذى انغمس فى ارتكاب جرائم حرب، وتمادى فى ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، ومارس القتل واستباحة الأرض العربية، ولوث مقدساتها، وشجعه على الإمعان فى ذلك دعم الغرب المريض له. ولهذا بات الكثير فى الأمة العربية يعانون الجوع والموت، وباتت الشعوب مشردة وهدمت بيوتها، وقتل أطفالها أمام عدو غاصب لا يرحم، عدو أدمن القتل والدمار والتخريب والتدمير. وجرى كل ذلك على مرأى من العالم كله. وللأسف جرى كل ذلك أمام عصر افتقد معايير العدل والحكمة وكل المشاعر وتحول إلى ساحة للظلم والطغيان.
ولا شك أن من حق الشعوب العربية أن تتنفس الصعداء وتعيش فى ازدهار وحياة كريمة، وأن يتم نقل السلطة من مربع الصراع والحروب والتناحر إلى مربع السلام والطمأنينة والازدهار والتنمية. ولهذا بدا من الضرورى إنهاء الحروب الداخلية المفتوحة فى بعض الدول العربية، وإعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية، وإنهاء نظام الميليشيات والتنظيمات المسلحة، والانخراط بعد ذلك فى عملية تنمية شاملة، وبناء نظام سياسى ديمقراطى يرتكز على مفهوم المواطنة الذى يساوى بين الجميع فى الحقوق والواجبات، ويرتكز أيضا على وجوب العمل على وقف كل أشكال التدخلات الخارجية فى شؤون الدول العربية ورفع اليد عنها، ووقف منطق الوصاية الذى تنتهجه بعض القوى الإقليمية والدولية.
كما يجب أن ترتكز العلاقات بين القوى الإقليمية والدول العربية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية. كما بات من الأهمية بمكان أن تؤخذ فى الاعتبار ضرورة تغليب منطق التعاون على منطق الصراع، وهنا لا بد من تعزيز المناعة الداخلية، والذى من شأنه أن يمثل حائط صد ضد كل التدخلات الخارجية. وما من شك فى أن العامل الرئيسى هنا والذى يجب تفعيله كأولوية هو التركيز على ضرورة إنهاء الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وإعطاء الأولوية لاقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 بما فيها القدس الشرقية. ولا شك أنه فيما إذا تم الأخذ بذلك فإن منطقة الشرق الأوسط ستعيش عندئذ فى فيض زاخر من السلام والطمأنينة بعيدا عن النزاعات والحروب والصراعات. وهذا ما يتمنى المرء رؤيته على أرض الواقع.