تحصيل فواتير المياه في خضم أزمة السودان: بين الضرورة والغضب
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
في وقت تعصف بالسودان أزمة اقتصادية خانقة جراء الحرب، أثار منشور هيئة مياه الخرطوم موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. المنشور، الذي دعا المواطنين إلى تسديد فواتير المياه، وُصف بأنه “غير مبرر” بسبب توقيته وسط معاناة السكان اليومية لتأمين الأساسيات.
التغيير: الخرطوم
أكد المدير العام لهيئة مياه الخرطوم، محمد علي العجب، أن التزام المواطنين بدفع الفواتير هو السبيل الوحيد لضمان استمرار الخدمة وتحسينها.
وأضاف، في بيان صحافي الجمعة، أن نسبة التحصيل الحالية لا تناسب الكثافة السكانية للعاصمة، مشيراً إلى تحديات كبيرة أبرزها ارتفاع تكاليف الطاقة وصيانة المعدات.
ووصف العجب إنتاج المياه في السودان بأنه “صناعة باهظة التكاليف”، مؤكداً أن استمرار الخدمة يتطلب موارد مالية ضخمة. لكنه لم يغفل الإشادة بالعاملين في محطات المياه، الذين يعملون بلا كلل لضمان الإمدادات.
ورغم دفاع الهيئة عن ضرورة تحصيل الفواتير، أعرب مواطنون عن استيائهم، معتبرين القرار عبئاً إضافياً. تساءل أحدهم: “كيف يُتخذ قرار كهذا في ظل معاناة الناس من الفقر والتهجير؟”. وأضاف آخر: “في بلد أغلب سكانه نازحون، مياه الشرب المجانية أصبحت حقاً بديهياً، أين المسؤولية؟”.
تحوّل الإعلان عن تحصيل الفواتير إلى قضية شائكة تسلط الضوء على أولويات الحكومة وسط أزمة إنسانية خانقة.
فهل يمكن تحميل المواطنين عبئاً إضافياً؟ أم أن الوقت حان لإعادة التفكير في حلول مبتكرة لتخفيف معاناة السودانيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية؟
الوسومالإزمة الإنسانية السودان حرب الجيش والدعم السريع هيئة مياه الخرطومالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإزمة الإنسانية السودان حرب الجيش والدعم السريع هيئة مياه الخرطوم
إقرأ أيضاً:
أزمة في جنوب السودان واتفاق السلام مهدد بالانهيار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يشهد جنوب السودان مرحلة من التوتر المتزايد نتيجة استمرار الخلافات السياسية بين الرئيس سيلفا كير ميارديت ونائبه رياك مشار، مما يضع البلاد أمام تحدٍ مصيري يهدد استقرارها السياسي ومسارها نحو الانتخابات المقررة في ديسمبر 2026.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتنشيط اتفاق السلام المبرم عام 2018، فإن الاتهامات المتبادلة بخرق بنوده، إلى جانب سلسلة من الاعتقالات السياسية الأخيرة، أدت إلى تفاقم الأوضاع بشكل متسارع.
وتصاعدت حدة الأزمة مؤخرًا بعد اعتقال شخصيات بارزة، منها وزير السلام ستيفن بار كول، ووزير النفط فوت كانج شول، ونائب قائد الجيش جابرييل دوب لام، إلى جانب فرض الإقامة الجبرية على قيادات عسكرية أخرى مقربة من رياك مشار. في المقابل، وجهت الحكومة اتهامات لقوات المعارضة بالتعاون مع جماعة "الجيش الأبيض" المسلحة لتنفيذ هجوم على قاعدة عسكرية في ولاية أعالي النيل، وهو ما زاد من حالة التوتر وأعاد للأذهان مخاطر الانزلاق نحو مواجهات عسكرية مفتوحة.
وسط تصاعد الأزمة، تسعى الهيئة الحكومية للتنمية "إيقاد" إلى تهدئة الأوضاع عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية بين الفرقاء في جوبا، في محاولة للحفاظ على الاتفاق السياسي ومنع انهياره. إلا أن استمرار الاشتباكات بين الجيش الحكومي والمجموعات المسلحة يزيد من تعقيد المشهد، مما يعزز المخاوف من تأجيل الانتخابات أو حتى اندلاع نزاع جديد قد يعرقل عملية السلام الهشة.
تمثل الانتخابات المقررة في ديسمبر 2026 أول استحقاق ديمقراطي منذ استقلال جنوب السودان عام 2011، إلا أن الطريق نحوها لا يزال محفوفًا بالتحديات السياسية والأمنية. ويشير المراقبون إلى أن تجاوز هذه العقبات يتطلب التزامًا بإصلاحات جوهرية تشمل إعادة هيكلة القوانين الدستورية، ودمج القوات المسلحة في مؤسسة واحدة، وتعزيز المصالحة الوطنية بين الفصائل المتنافسة، وهي مهام لم تحرز تقدمًا ملموسًا حتى الآن.
يأتي هذا التصعيد في وقت تعاني فيه منطقة القرن الإفريقي من أزمات متشابكة، أبرزها النزاع في السودان المجاور، مما يجعل أي توتر جديد في جنوب السودان عبئًا إضافيًا على استقرار المنطقة. ويرى الخبراء أن اندلاع مواجهة مسلحة جديدة في جوبا قد يؤدي إلى موجة نزوح جماعي جديدة، ويخلق تهديدات أمنية عابرة للحدود، قد تؤثر على الدول المجاورة، خاصة السودان وأوغندا وإثيوبيا.
وفي ظل استمرار الاعتقالات السياسية، والاشتباكات المسلحة، وتبادل الاتهامات بين الطرفين، يواجه جنوب السودان لحظة حاسمة في مستقبله السياسي. فإما أن تنجح الجهود الإقليمية والدولية في احتواء الأزمة، وتهيئة البلاد لخوض انتخابات حرة ونزيهة، أو أن تؤدي التوترات المتفاقمة إلى انهيار اتفاق السلام، وعودة البلاد إلى دوامة الصراع المسلح، وهو سيناريو كارثي قد يمتد تأثيره إلى الإقليم بأسره.