التكامل الثنائي بين الاقتصاد البرتقالي وريادة الأعمال الاجتماعية (1 - 4)
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
عبيدلي العبيدلي **
في عصر اتسم بالتفاعل بين الابتكار والمسؤولية الاجتماعية، برزت قوتان ديناميكيتان كركيزتين أساسيتين للتنمية المستدامة: الاقتصاد البرتقالي وريادة الأعمال الاجتماعية. فالاقتصاد البرتقالي، الذي غالبا ما يتم تعريفه باسم "الاقتصاد الإبداعي"، يدافع عن الإبداع الثقافي والفكري كمحركات اقتصادية.
يشترك هذان النموذجان في خيط مشترك، يقوم على الالتزام بتعزيز النمو الشامل والمرونة في مشهد عالمي سريع التطور.
يولد دمج الاقتصاد البرتقالي مع ريادة الأعمال الاجتماعية تآزرًا قويًا قادرًا على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية المعقدة. وتوفر هذه المبادرات معًا إطارًا متكاملًا للحفاظ على التراث الثقافي، ودفع الابتكار، وتمكين المجتمعات المهمشة، لا سيما في المناطق ذات الإمكانات الإبداعية غير المستغلة مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تستكشف هذه المقالة ذلك الترابط القائم على علاقة التأثير المتبادل بين الابتكار والمسؤولية الاجتماعية، وتدرس خصائصها، والتحديات التي تواجهها وفرص النجاح التي تنجم عنها، مع اقتراح توصيات قابلة للتنفيذ لتعزيز تأثيرها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الاقتصاد البرتقالي
يشمل الاقتصاد البرتقالي، المعروف أيضاً باسم الاقتصاد الإبداعي، الصناعات التي تعتمد على الإبداع الفردي، والتراث الثقافي والملكية الفكرية. وتشمل هذه قطاعات مثل الفنون، والترفيه، والتصميم، والإعلام والحفاظ على التراث الفني. ويربط الاقتصاد البرتقالي بشكل مبدع بين الثقافة والتكنولوجيا والابتكار في جوهره، ويحول الإبداع إلى قيمة اقتصادية ملموسة.
مراحل الظهور والنمو
تطور الاقتصاد البرتقالي في ثلاث مراحل رئيسية، مفصلية هي:
1- مرحلة الاعتراف: الاعتراف المبكر بالصناعات الثقافية والإبداعية كمساهم في الناتج المحلي الإجمالي.
2- مرحلة التطوير: تنفيذ السياسات والاستثمارات لرعاية الصناعات الإبداعية.
3- مرحلة التكامل: اندماج مكونات الاقتصاد الإبداعي بشكل كامل في أطر اقتصادية أوسع، مع الاستفادة المميزة من التقدم التكنولوجي لتوسيع نطاق انتشاره وتأثيره.
الخصائص الفريدة للاقتصاد البرتقالي
يبرز الاقتصاد البرتقالي بسبب الالتفات، من زاوية إبداعية اقتصادية نحو:
الحفاظ على الهوية الثقافية: قادرة على أن تحافظ على التراث الثقافي وتعزز مكوناته مع التشديد على عناصر الابتكار. الاعتماد الكبير على رأس المال الفكري: المرتكز على الإبداع والابتكار، المدافع عن حقوق الملكية الفكرية، وحمايتها. المرونة: بخلاف الاقتصادات التقليدية، يتميز الاقتصاد البرتقالي بقدرة متنامية على التكيف مع التغيرات التكنولوجية والتحولات العالمية. النمو الشامل: يفتح الاقتصاد البرتقالي فرصًا ملموسة مشجعة للفئات المهمشة، بما في ذلك النساء والشباب، وبما يتماشى مع قيم ريادة الأعمال الاجتماعية.ريادة الأعمال الاجتماعية
ريادة الأعمال الاجتماعية هي ممارسة معالجة المشكلات الاجتماعية من خلال نماذج أعمال مبتكرة ومستدامة وقابلة للتطوير. تعطي هذه المشاريع الأولوية للتأثير الإيجابي الاجتماعي على الربح، بهدف إحداث تغيير دائم في المجتمعات مع الحفاظ على الاستقرار المالي.
وعلى عكس ريادة الأعمال التقليدية، التي تركز بشكل أساسي على الربح، نجد أن ريادة الأعمال الاجتماعية تعطي الأولوية في نشاطها إلى:
التركيز على إيجاد الحلول المجزية لمعالجة القضايا المجتمعية مثل الفقر والتعليم والصحة. تكثيف أولوية الأهداف على النتائج الاجتماعية القابلة للقياس جنبًا إلى جنب مع الاستدامة المالية، والقدرة على النمو. إعطاء الأولوية في الأنشطة المرافقة على إعادة استثمار الأرباح في مشروعات تركز على تعزيز الأهداف الاجتماعية.وتتقاطع أولويات ريادة الأعمال الاجتماعية مع مرتكزات الاقتصاد البرتقالي لتوليد حلول مستدامة وشاملة بشكل مبدع. ويمكن تلمس ذلك من خلال الأمثلة التالية:
استخدام التراث الثقافي للترويج للسياحة وتمكين الحرفيين المحليين. الاستفادة من الصناعات الإبداعية لمعالجة القضايا الاجتماعية مثل البطالة وعدم المساواة. توظيف المنصات الرقمية لتضخيم أصوات المجتمعات المهمشة.المساحات المتكاملة وتوقعات النمو العالمي
تشير الدراسات إلى أن المساحات المتكاملة؛ حيث تتقاطع أنشطة ريادة الأعمال الاجتماعية مع مكونات الاقتصاد البرتقالي بشكل متكامل لتشكل ما يقرب من 15% من الاقتصاد العالمي، وتساهم بما يقدر بنحو 10 تريليونات دولار سنويًا. وعلى مدى السنوات الخمسين القادمة، من المتوقع أن تنمو هذه النسبة كي تبلغ 25%. يعزز هذه النسب، ويدفعها نحو النمو عموديًا، والاتساع أفقيًا مجموعة متكاملة من العوامل، الأبرز بينها:
زيادة الاعتراف بالقيمة الاقتصادية للإبداع والابتكار الاجتماعي. التقدم التكنولوجي الذي يسهل التحول الواثق، نحو المشاريع الإبداعية والاجتماعية. أطر السياسات التي تدعم ريادة الأعمال الإبداعية والاجتماعية.** خبير إعلامي
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دعوة الى ضرورة التكامل في اقتصادات رابطة جنوب شرق آسيا
عواصم "وكالات": في وقت تتزايد فيه التوترات الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي بسبب الحرب التجارية، أكد كاو كيم هورن، الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أن على آسيان «التصرف بشجاعة» لتسريع التكامل الاقتصادي الإقليمي في وقت باتت معظم بلدان العالم عالقة في حرب تجارية مدمّرة بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية.
حيث كانت بلدان آسيان التي تضم 10 دول وتعتمد على الولايات المتحدة على اعتبار أنها سوق التصدير الرئيسي بالنسبة إليها، من بين الدول التي استهدفتها رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأكثر تشددا.
وقال كاو في مؤتمر استثماري: «علينا التحرّك بشجاعة وحسم ومعا لتأكيد التزام آسيان بيئة مستقرة ويمكن توقعها ومواتية للأعمال التجارية».
وجاءت تصريحاته عشية اجتماع لوزراء المال والاقتصاد في آسيان يضم أيضا حكام المصارف المركزية في كوالالمبور لبحث طريقة الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية.
اختارت حكومات آسيان عدم الرد على واشنطن، مفضلة الحوار.
لكن اقتصاداتها المعتمدة على التصدير تخاطر بالتضرر من الحرب التجارية العالمية بعدما فرضت الصين التي تعد سوقا رئيسيا أيضا، رسوما جمركية من جانبها على الولايات المتحدة.
وقال كاو: «من دون تحرّك عاجل وجماعي لتسريع التكامل الاقتصادي داخل آسيان وتنويع أسواقنا وشراكاتنا، نخاطر بالتخلي عن مكاننا ضمن اقتصاد منقسم وسريع التطور».
وفُرضت على فيتنام المنضوية في آسيان التي تعد قوة في مجال التصنيع رسوما جمركية بنسبة 46 في المائة على الصادرات إلى الولايات المتحدة، بينما فُرضت على كمبوديا المجاورة، وهي منتج رئيسي للملابس منخفضة الكلفة لكبرى العلامات التجارية الغربية، رسوما نسبتها 49 في المائة.
وتشمل بلدان آسيان الأخرى التي فرضت عليها رسوم باهظة لاوس (48 في المائة) وبورما (44 في المائة) وتايلاند (36 في المائة) وإندونيسيا (32 في المائة).
وفُرضت رسوم أقل نسبتها 24 في المائة على ماليزيا، ثالث أكبر قوة اقتصادية في جنوب شرق آسيا.
وتواجه بروناي أيضا رسوما نسبتها 24 في المائة بينما فرضت الولايات الولايات المتحدة رسوما نسبتها 17 في المائة على الفلبين و10 في المائة على سنغافورة.
ويعد التكتل بأكمله أكثر من 650 مليون نسمة لكن الدول المنضوية فيه في مراحل متباينة من التطور الاقتصادي فهناك بلدان أفقر مثل لاوس وكمبوديا وأخرى أكثر ثراء مثل سنغافورة التي تعد مركزا ماليا.
من جانبها توعدت الصين الأربعاء باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" دفاعا عن مصالحها بعد دخول رسوم جمركية أمريكية جديدة حيز التنفيذ ما يرفع التعرفة الإجمالية على منتجات بكين إلى 104%.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان خلال مؤتمر صحافي روتيني: إن "حق الشعب الصيني المشروع في التنمية غير قابل للتصرف وسيادة الصين وأمنها ومصالحها الإنمائية لا يمكن المساس بها".
وتعهدت الصين، في تقرير مطول، "بالنضال حتى النهاية" ضد رسوم دونالد ترامب الجمركية، مؤكدة أن التجارة بين البلدين متوازنة مع دخول رسوم جمركية بنسبة 104% على صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة حيز التنفيذ، اذ رفضت الحكومة الصينية الإفصاح عما إذا كانت ستتفاوض مع البيت الأبيض، فيما بدأت العديد من الدول الأخرى في التفاوض.
وقالت وزارة التجارة الصينية، في بيان قدمت فيه التقرير: "إذا أصرت الولايات المتحدة على زيادة تصعيد قيودها الاقتصادية والتجارية، فإن الصين لديها الإرادة القوية والوسائل الوفيرة لاتخاذ التدابير المضادة اللازمة والنضال حتى النهاية".
وأعلنت الصين الجمعة الماضي فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على جميع الواردات من الولايات المتحدة، وضوابط تصدير على المعادن الأرضية النادرة، ومجموعة من التدابير الأخرى، ردا على رسوم ترامب الجمركية في "يوم التحرير". ثم أضاف ترامب المزيد من الرسوم الجمركية بنسبة 50% على البضائع القادمة من الصين، حيث أعلن أن المفاوضات مع الصينيين قد انتهت.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، الأربعاء، "إذا أرادت الولايات المتحدة حقا حل القضايا من خلال الحوار والمفاوضات، فعليها تبني موقف المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة".
ومن جهته كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء أن إدارته تقوم بإبرام "اتفاقات خاصة" مع دول العالم والشركاء التجاريين بشأن الرسوم الجمركية العقابية التي تم فرضها على واردات هذه الدول لتصحيح اختلالات الميزان التجاري معها.
وقال ترامب خلال مناسبة لتوقيع أوامر تنفيذية متعلقة بقطاع الطاقة الأمريكي "نقوم بعمل جيد جدا، ونُبرم ما أسميه اتفاقات خاصة وليست جاهزة، أي أن هذه اتفاقات مصممة خصيصا وعلى مستوى عال وبدقة".
وأضاف "حاليا، اليابان متوجهة إلى هنا لإبرام اتفاق. كوريا الجنوبية متوجهة إلى هنا لإبرام اتفاق. وآخرون متوجهون إلى هنا أيضا".