يوم حاسم لمفاوضات غزة وأجهزة أمنية إسرائيلية تحذر من صفقة جزئية
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
حذرت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية اليوم نقلا عن مصادر أمنية رفيعة إسرائيلية من أن سعي حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعقد صفقة تبادل يتم فيها إطلاق عدد محدود من الأسرى الإسرائيليين، ولمرة واحدة فقط سيعرض بقية الأسرى المتبقين بحوزة المقاومة الفلسطينية إلى الخطر.
وكشفت الصحيفة أيضا أن رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع سيسافر إلى الدوحة غدا الاثنين لعقد جولة مفاوضات حاسمة بوجود مبعوث الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن إلى الشرق الأوسط، بريت ماكغورك هناك.
ونقل تقرير للصحيفة لمراسلها السياسي إيتمار آيخنر والكاتبة عيناف حلبي أن الوسطاء أكدوا أن صفقة التبادل المرتقبة تمر بيوم حاسم بعد يوم من نشر كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) شريط فيديو للأسيرة الإسرائيلية لديها ليري ألباج (19 عاما)، والتي وجهت فيها انتقادات لاذعة للحكومة الإسرائيلية، متهمة إياها بالتقصير في السعي لتحرير الأسرى، كما وصفت الظروف الصعبة التي تعيشها.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو الذي دعا أعضاء الحكومة المصغرة، بالإضافة إلى رئيس حزب شاس أرييه درعي لاجتماع أمني مساء اليوم، قال عن هذا الاجتماع إنه لن يناقش قضية الصفقة.
إعلانولكن تقريرا آخر للمراسل العسكري للصحيفة والصحفي الاستقصائي رونين بيرغمان سلط الضوء على تقديرات أمنية، تؤكد أن "صفقة التبادل قد تكون الوحيدة وتستمر لفترة طويلة دون التوصل لاتفاق شامل، وهو ما من شأنه أن يعرض أولئك الذين تركوا وراءهم للخطر".
وأورد الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي، ما قاله المقدم (احتياط) الدكتور أمير بلومنفيلد، الرئيس السابق لفرع الصدمات في مقر المؤسسة الطبية العسكرية الإسرائيلية من أن "وضع المختطفين حرج ومهدد للحياة. كل يوم يمر يؤدي إلى تفاقم معاناتهم ويزيد من خطر التعرض لضرر أو وفاة لا رجعة فيه، ويزيد معدلات الاعتلال والوفيات".
وأضاف أن "الأسر المطول والظروف التي يعاني منها المختطفون ليست أزمة إنسانية فحسب، بل هي أيضا حالة طوارئ صحية حرجة تتطلب اتخاذ إجراءات فورية"، على حد قوله.
هوة واسعةوقال بلومنفيلد في خلاصة دراسة مفصلة عن وضع المحتجزين "علينا أن نخرج مصطلح الاتفاق الإنساني من رؤوسنا، وهو ما ربما كان مناسبا منذ عدة أشهر، ولكنه الآن أصبح قضية إنسانية، وكل يوم يمر يشكل خطرا واضحا ومباشرا على حياته".
غير أن أهم ما لفت إليه التقرير، هو ما قاله مسؤولان رفيعان مطلعان على عمل فريق التفاوض، ومصادر في مكتب نتنياهو تتعامل مع القضية، إن "الهوة بين الطرفين لا تزال واسعة وعميقة بين طرفي التفاوض، وحتى فيما يتعلق بما يسمى بالاتفاق "الإنساني" الأول، الذي يبدو أن معظم تفاصيله قد تم الاتفاق عليها خلال العام الماضي، اتضح أنه لم يتم الاتفاق على أي شيء تقريبا".
كما نقل عن مصدر رفيع في الجيش الإسرائيلي قوله: "لذلك، يجب أن يكون واضحا للجمهور وللعائلات، أنه عندما نتحدث عن صفقة الآن، فهي صفقة صغيرة جدا، وليست صفقة شاملة، كما أنها ليست خطوة واحدة من عدة خطوات مخطط لها".
وأضاف المصدر أن "مثل هذه الصفقة يمكن أن تضع الجميع في مسار أحادي الاتجاه، وإذا تم تحقيقها، ستكون الوحيدة لفترة طويلة جدا من الزمن، وبعد ذلك ليس من المؤكد أنه سيكون هناك أي شخص سيتبقى للإفراج عنه".
إعلانكما أكد من خلال ما سمعه عن مشاركين في المفاوضات وجمع المعلومات الاستخباراتية حول الأسرى الإسرائيليين قولهم، على أن "هناك إجماع واسع يتقاسمه كبار المسؤولين (ويبدو أنه ليس من قبل الأشخاص الذين عينهم نتنياهو للمفاوضات)، بأنه من الأفضل السعي فورا من أجل صفقة واحدة شاملة، الكل مقابل الكل، حتى لو تضمن ذلك إنهاء الحرب ولو من ناحية إعلامية فقط".
ونقل عن مسؤولين في جيش الاحتلال أن إسرائيل لن تواجه بعد ذلك مشكلة في العودة إلى العمل في قطاع غزة.
التأجيل يعقد القضاياواعتبر المسؤولون العسكريون الذين التقاهم زيتون أن تأجيل مناقشة القضايا الرئيسية، لا يقرب من حلها، بل قد يكون العكس هو الصحيح، مشيرا إلى أن إطلاق سراح عدد قليل من المحتجزين سيخفف الضغط الشعبي والدولي على حكومة نتنياهو، ولكن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ذوي المكانة العليا في حماس، إلى جانب وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، سيمنح حماس استراحة تجعلها قادرة على استئناف القتال، وفقا للمسؤولين.
وأكدوا كذلك أن حماس لن توافق على أي اتفاق ما لم يشمل انسحابا إسرائيليا من قطاع غزة أو معظمه، وإنهاء الحرب والإفراج الجماعي عن الأسرى.
كما أشاروا أيضا إلى أن "التوصل لصفقة صغيرة سيؤدي إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق معينة وتخفيف الضغوط على حماس، وسيجعل قابليتها لتقديم التنازلات أقل في المفاوضات اللاحقة"، بحسب قولهم.
ولفت التقرير إلى أن تكتيك نتنياهو بالإصرار على عدم مناقشة الجزء الثاني من الصفقة التي تتضمن الانسحاب وإنهاء الحرب، إلا في منتصف المرحلة الأولى فقط، سيمكنه من إخبار شركائه في أقصى اليمين بأنه لا ينوي تجاوز المرحلة الأولى.
ولذلك فإن التقرير يرى أن إرفاق فريق نتنياهو التفاوضي لقائمة كبيرة بأسماء الذين تطالب إسرائيل بالإفراج عنهم كجزء من الاتفاق الإنساني، هي لإدراكه بأنه لن تكون هناك مرحلة ثانية من الصفقة.
إعلانوختم المراسل العسكري تقريره نقلا عن مصدر عسكري رفيع قوله "أولئك الذين يتعاملون مع القضية سيواجهون مشكلة كبيرة، سواء مع الرأي العام أو مع العائلات، وهذا الصراع الرهيب، نتيجة لاعتبارات سياسية ضيقة، يقسم العائلات ويضعفها أيضا".
وعلق على ذلك قائلا "أصبح من الواضح، أن الأزمة التي كانت عالقة بالفعل في نفس المكان العام الماضي، لا زالت تراوح في مكانها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
الأسرى الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية.. دورهم بقيادة النهضة الفكرية
بم تمتاز هذه الشريحة من الناس؟ نفروا في سبيل الله ثم خاضوا غمار السجون لسنوات طويلة قضوها في القراءة والبحث والتربية والتزكية النفسية والخبرات الأمنية والبصيرة السياسية والتبحّر في معرفة العدوّ لغة وسياسة واقتصادا وأمنا وثقافة، وأهم من هذا كلّه أنّهم فقهوا الدين على محك التجربة والعمل فوصلوا إلى ما لا يصل إليه النظريون، الذين تفقهوا بعيدا عن ساحات العمل والمواجهة.
الفرق بين هؤلاء وهؤلاء ما بين السماء والأرض، وهذا ما علينا أن ننتبه له جيدا وأن نعلي من شأن من فقهوا في الميدان وأن نأخذ ما وصلوا إليه. وسأضرب لذلك أمثلة، ولكن قبل ذلك أودّ أن نعرّج على قول الله تعالى: "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"، وهنا نقف عند استخدام كلمة نفروا حيث إنّها تستخدم لمن خرج للجهاد، فهذا الفهم الذي وصل إليه المجاهدون من أحكام من عمق تجربتهم ومن صميم خبرتهم في الميدان، هو الفقه العملي الذي وصلوا إليه في جهادهم ولو لم يخرجوا لما وصلوا إليه أو لبقي فهمهم نظريا بعيدا عن الاستفادة من واقع تجربتهم وجهادهم.
لذلك فإن واجب هؤلاء المفكرين والفقهاء أن يُعلّموا من لم يخرجوا في سبيل الله ولم تتغبّر أقدامهم ولم تكتو أمعاؤهم الخاوية ولم يشتبكوا مع ألدّ أعداء الله، ولم يدركوا كيف تتنزّل آيات آل عمران والتوبة والأنفال والأحزاب ومحمد على قلوب الرجال وعند اشتداد الالتحام مع صفوف الأعداء. عسكريا وسياسيا وأمنيا وثقافيا، هناك مسائل كثيرة لا تتضح أمورها إلا في ميادين العمل والمواجهة.
إذا هناك فقه لا يصل إليه القاعدون بينما يصل إليه المجاهدون فيسبرون غوره ويستنبطون منه الأحكام، هناك مستجدّات تواجههم فيجتهدون وغالبا ما يكون ذلك بشكل جماعي ليصلوا إلى ترجيح ما يرون فيه صوابا، فالفقيه هنا ليس الذي يميّز بين المصلحة والمفسدة، وإنما قد يوضع في مواقف ليرجح أقلّ المفسدتين ضررا أو ليرجح بين مصلحة ومصلحة ليصل إلى أفضل المصلحتين. كثير من أهل الفقه لا يفقهون السياسة ولا يسبرون غورها، فإذا تحدّثوا في السياسة ظهر ضعفهم وجمودهم الذي لا يصيب الدين ولا السياسة، وهم يعتقدون أنّهم خير من يجسّد المبادئ والعقائد والأصول الدينيّة الثابتة، بينما الأمر يتطلّب الحنكة السياسيّة والمرونة التي تتعامل مع معطيات المسائل المطروحة بما يصل إلى الصوابية والرشد والوصول إلى الأهداف المطلوبة.
وهناك أيضا "ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون" يصلون إلى القدرة العالية على تحسّس المخاطر التي تتعرض اليها شعوبهم وأمتهم خاصّة الأمنية والسياسية، ويعرفون كيف توظّف الإمكانات المحدودة في لتجنّب هذه المخاطر.
"لعلّهم يحذرون" يُحذّرون قومهم بعد أن درسوا تفاصيل المعركة المحتدمة في ميادين السياسة والأمن والثقافة، ومن خلال معرفتهم التفصيلية والعميقة لعقل عدوّهم وطريقة تفكيره السياسية والأمنية ومعرفة ثقافته بكلّ أبعادها من باب "من عرف لغة قوم أمن شرّهم". هم بذلك الانخراط في معركة الوعي يملكون قدرات عالية على أن يحذّروا أمّتهم بعد هذا الرجوع العظيم من تلك الرحلة الطويلة في ميدان الفقه العملي ومعركة الوعي مع هذا العدو الذي اشتبكوا معه من خنادق متقدّمة عمرا مديدا هو فترة وجودهم في السجن.
باختصار، هم الأكثر كفاءة وقدرة على قيادة طوفان الوعي وهم المؤهّلون ليكونوا المرجعية العليا لمسائل كثيرة لن يفقهها على أصولها مثلهم خاصة ما لها علاقة في فقه الأولويات ومتطلبات المعركة، لأن هذه المعركة ليست معركة بين جماعة أو تنظيم صغير اشتبك مع المشروع الصهيوني المدعوم من كل طواغيت الشرّ في العالم، بل هي معركة الأمّة.
لقد وصلوا على سبيل المثال إلى القدرة العالية على بناء الذات بامتياز، وهم متفرغون لهذا الأمر في محاضن خاصة شكّلتها تجربتهم التربوية في السجون، بإمكانهم المساهمة تربويا في كيف يكون البناء للشخصية القادرة على مواجهة مخاطر المشروع الصهيوني العالمي.
وصلوا إلى الكفاءة العالية في معرفة تفاصيل العقل الصهيوني وثقافته وسرديّته، وكيفية الاشتباك مع هذه الثقافة بكفاءة عالية واقتدار يحسم الأمر لصالح هويتنا الثقافية ويحسن تحصينها ويعزّز من قدراتها على الاشتباك المنتصر.
وصلوا إلى الكفاءة السياسية العالية في الاستفادة من قدرات الأمّة، ومعالجة تراكمات سلبية جعلت من التناقضات المذهبية تطغى على المشتركات التي تصنع وحدة الأمة وتوظف قدراتها كافة؛ بدل تبديدها في حالة من التخلّف الفكري الذي يشتّت ويضعف بدل أن يجمع ويوحّد، إضافة إلى أنها تملأ مساحات واسعة من الفضاء المعرفي والفكري في نقاشات لا طائل منها سوى الشحن الطائفي والمذهبي المقيت.
وصلوا إلى فقه السياسات الاستعمارية والاستفادة من تجارب كثيرة من المجتمعات البشرية التي خضعت وتحرّرت، فساروا في الجغرافيا والتاريخ ليصلوا للاستفادة من كل التجارب وطرق توظيفها لصالح قضيتنا وأمتنا.
ميادين فكرية نهضوية كثيرة يستطيع هؤلاء الأسرى الفقهاء والمفكّرون أن يكونوا عناوين واضحة ومنارات فكرية تنشر ضوءها على مساحات الفكر الواسعة بما يحقّق النهضة الفكرية للأمّة، وبصراحة بما يقطع الطريق على الحالة الهلامية التي شكّلها كثيرون ممّن يتصدرون الخطاب الإسلامي بعيدا عن فقه الواقع وفقه السياسة، يظنهم الناس بقدراتهم العالية على الوعظ وحسن الخطابة والكلام في جوانب محددة من العلوم الدين أنهم المؤهّلون للحديث في شئون السياسة والأمن والاقتصاد والعلاقات والتحالفات الدولية، بينما هم في الحقيقة لا يحسنون صنعا ولا يملكون خبرة ولا تجربة ولا معرفة في هذه المجالات. الفقهاء والمفكرون المشتبكون في الميادين هم الذين يُستمع إليهم وهم المرشّحون لهذه النهضة الفكرية، وقد يكون ذلك بشكل جماعي كمؤسسات دراسية وهو الأفضل.
أذكر على سبيل المثال مركز حضارات الذي تشكّل من قبل مجموعة ممن تحدّثت عنهم، كان ذلك وهم في السجن قبل الحرب، الآن أُفرج عنهم بالتبادل وننتظر منهم أن يكملوا الطريق وأن يزوّدوا الناس بما وصلوا إليه: "ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون".