ونحن نعيش أجواء الاحتفال بميلاد السيد المسيح، ونري مشاركة مختلف الفئات للإخوة الأقباط في الاحتفالات قولا وفعلاً، نتأكد عاماً بعد آخر من متانة الروابط الوطنية للنسيج المجتمعي، وأن مصر بمسلميها وأقباطها دائما وعلى مر العصور يد واحدة في مواجهة التحديات التي تمر بها الدولة المصرية.

إن ميلاد السيد المسيح دعوة للتسامح والتعايش ونبذ العنف بين الجميع ، وعيد الميلاد المجيد في مصر له طابعه الخاص حيث يستقبله المسلمون قبل الأقباط بالاحتفاء، والمعايدة، والتهنئة لبعضهم البعض؛ فالجميع يستشعر مناخ الوحدة الوطنية، التي تأسست على المساواة، والعدل المطلق خاصة في عهد الرئيس  عبدالفتاح السيسي الذي  لم يسبق أن تأخر عن أقباط مصر الأحباء شركاء الوطن والمحبة  ، كي يقدم لهم التهنئة، ويشد على أيديهم، ويؤكد على رباط المحبة، والشراكة في بناء الوطن، ونهضته للجميع ، فمصر نسكن فيها، وتسكن هي في قلوبنا.

 

إن الاحتفاء، والاحتفال بميلاد السيد المسيح في مصرنا الحبيبة له مظاهر حميدة، تؤكد في مجملها على قيمة المواطنة الصالحة التي يبدو من خلالها أن المصريين متحابون، محافظون على مقدرات وطنهم الغالي، حامين له، لا يقبلون، ولا يتقبلون كل من يحاول فك الرباط والنيل من نسيج المحبة، والوفاق ، فما على أرض مصر من مقدرات ، ومقدسات محفوظة في عيون المصريين أقباطا، ومسلمين دون استثناء ، ان ميلاد السيد المسيح - عليه السلام- يذكرنا جميعاً برسالته السامية، التي تحمل في طياتها المحبة، وتحض على التسامح، وترغب على فعل الخيرات، وترك المنكرات، وهجرانها، وتدعو للسلام، وتنهى عن العنف، وسفك الدماء، والجور ، والظلم، ولا تسمح بالتعدي المادي، أو المعنى ، إن ما تحمله من تعاليم، وتعليمات، ومنهج للحياة يصعب حصره ، لكن ما نؤكد عليه اتباع طريق الهداية، والبعد عن مداخل، وطرائق الشيطان ، كي يفوز الإنسان برضا ربه ، ويسكن جناته.

ولابد أن نشير هنا  البابا تواضروس الثاني لعب دوراً عظيماً في تدعيم النسيج الوطني وتقوية الوحدة الوطنية في أوقات الأزمات، ووقف بالمرصاد أمام محاولات إشعال الفتنة في مصر ، حيث أن قوة النسيج الوطني المصري متميزة ومتفردة عن باقي دول العالم التي اشتعلت بالصراعات الطائفية بين المذاهب والأديان فيها، على عكس ما تعيشه مصر من حالة تماسك ووحدة وطنية بين المسلمين والأقباط، حيث إن الوحدة الوطنية هى إحدى أبرز الركائز الوطنية وأحد أهم دعائمه ومقوماته التي تجمع بين أبناء الوطن الواحد وتربط بينهم، إذ تقوم بشكل أساسى على حبهم لهذا الوطن وانتمائهم له ودفاعهم عنه ضد أي قوة خارجية تحاول إيذاءه أو السيطرة عليه بأى شكل من الأشكال وتوحدهم على نفس المبادئ والعادات والتقاليد، أينما تحل الوحدة الوطنية تختفى كل الشرور والخلافات والأحقاد والعنف والعنصرية وتسود أجواء المحبة والتسامح والتكاتف والتآخي والتعايش .
إن وحدتنا الوطنية هى صمام أماننا نحن المصريين، وأن شعار الدين لله والوطن للجميع وعاش الهلال مع الصليب سيظل شعاراً لكل أبناء الشعب المصرى الواحد، نحن المصريين في مصر نعيش وتظللنا سماء واحدة وأرض واحدة ونشرب من ماء نهر واحد.

حينما دخل الإسلام إلى مصر على أيدى عمرو بن العاص لم يهدم كنيسة أو يعامل مسيحياً معاملة تمييزية تؤدى إلى بذر بذور الشقاق، بل جاء الفتح الإسلامي إلى مصر ليقول للجميع إنكم أصحاب أرض واحدة لا فرق بين مسلم أو مسيحي ، بل ووضع الإسلام عندما جاء إلى مصر المحروسة أسسا راسخة لعلاقة قوية يمكن أن تعيش بل وتتطور وتزداد قوة.
المصريون نسيج واحد امتزجت دماؤهم في ميدان المعارك والملاحم الوطنية مثلما حدث في ثورة 1919، حيث كان شعارها الأساسى (عاش الهلال مع الصليب) ثم جاءت حرب الكرامة في 6 أكتوبر1973، ليسجل التاريخ أروع الملاحم بين المسلمين والمسيحيين، سعيا لتحرير الأرض والحفاظ على العرض فكانت وحدة سطرت حروفها بالدماء الطاهرة وشهداء نصرة الحق ورد الظلم والعدوان من أجل الدفاع وتحرير أرض الوطن.

في أحداث ثورة 30 يونيو اتخذت ملامح الوحدة بين عنصرى الامة طابعا خاصا اعادت للاذهان ذكريات الوحدة الوطنية لثورة 1919 فقد خرج إمام المسجد بجواره القسيس ليقولا (لا لحكم الجماعة الإرهابية) حتى نجحت الثورة بفضل التلاحم ومشاعر الوحدة الوطنية، وحاولت الجماعات الإرهابية وأعوانها الخونة معاقبة الأقباط بإشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين بحرق بعض الكنائس في الصعيد وفي أماكن أخرى ولكن تصدى المسلمون للدفاع عن إخوانهم المسيحيين وحماية ممتلكاتهم من الجماعات الإرهابية، وكان للجيش المصرى العظيم دور كبير في ترميم الكنائس.

لا يمكن لأحد أن يزايد على الوحدة الوطنية في مصر فهى متأصلة في جذور التاريخ المصرى، فالعلاقة بين الأقباط والمسلمين في مصر لها ما يميزها وتعد بالفعل مثالا يحتذى به في العلاقة بين الأديان السماوية المختلفة، كما أن التفاهم المتبادل بين المسيحيين والمسلمين في مصر ليس مجرد أقوال، بل بالفعل أثبتت العديد من الأحداث التى مرت بها مصر أنه حقيقة واقعة مهما كثرت الأقاويل في ذلك التفاهم.

أن المسلم والقبطى إخوة بوحدة الدم والأرض والتاريخ تتأصل في نفوسهم نفس العقيدة وهى الإيمان بالله ونبذ الحروب ويتنفسون نفس المفاهيم السمحة التي تحض على الكراهية والتناحر، فالإسلام دين السلام والمسيحية دين المحبة، وعلى الأرض نحيا بالمحبة والسلام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عيد الميلاد المجيد ميلاد السيد المسيح الروابط الوطنية المزيد الوحدة الوطنیة السید المسیح فی مصر

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: مصر وفرنسا.. شراكة استراتيجية بين الحاضر والمستقبل

في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة كخطوة هامة نحو تعزيز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة. إن العلاقات بين مصر وفرنسا لم تكن مجرد علاقات دبلوماسية فحسب، بل هي شراكة استراتيجية تتسم بالاستمرارية والتطور في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

مصر قلب المنطقة ومفتاح الاستقرار

تعد مصر، بقيادتها الحكيمة، القوة المركزية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا يمكن تجاهل دورها المحوري في السعي لتحقيق الاستقرار الإقليمي. فمنذ سنوات، أصبحت مصر عنصر استقرار رئيسي في ظل التقلبات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة. إن موقفها الثابت في مواجهة الإرهاب والتطرف، إضافة إلى دورها القيادي في القضايا العربية والإفريقية، يجعل منها حليفًا استراتيجيًا بالغ الأهمية بالنسبة لفرنسا وأوروبا بشكل عام.

مصر، وهي عضو مؤسس في العديد من المنظمات الدولية والإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، قد استطاعت أن تظل ركيزة أساسية في تحقيق الاستقرار في المنطقة العربية والإفريقية. كما أن دورها الفعال في الأزمة الليبية يُظهر بوضوح مدى تأثيرها في تحقيق التسويات السلمية والمساعدة في بناء مستقبل مستقر في الجوار القريب. لذا، تمثل مصر بالنسبة لفرنسا جزءًا حيويًا من استراتيجياتها السياسية والأمنية في المنطقة.

إن التحديات التي تواجهها المنطقة، مثل النزاعات المسلحة في الدول المجاورة، وموجات الهجرة غير الشرعية، وأزمة اللاجئين، لا يمكن حلها دون التنسيق الوثيق بين القوى الإقليمية والدولية. في هذا السياق، تُعتبر مصر عنصرًا أساسيًا في تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف الفاعلة، وهو ما يعزز قيم السلام والاستقرار في المنطقة.

ماكرون السياسة الواقعية والتعاون الثنائي

زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لمصر، التي تعد واحدة من أبرز الشركاء في شمال إفريقيا، تحمل في طياتها الكثير من الرسائل السياسية والاقتصادية. يولي ماكرون اهتمامًا بالغًا بتعزيز التعاون مع مصر، وهو ما تجلى في توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. من خلال هذه الزيارة، يسعى ماكرون إلى تعزيز الاستثمارات الفرنسية في مصر، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والنقل، والبنية التحتية.

ماكرون، الذي يتسم بالواقعية في سياسته الخارجية، يدرك أن التعاون مع مصر يتجاوز المصالح الاقتصادية البحتة ليشمل أيضًا التعاون الأمني والتكنولوجي. في مواجهة تهديدات الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والعالمي، يعتبر ماكرون أن تعزيز الشراكة مع مصر في مجالات الاستخبارات، مكافحة الإرهاب، وتبادل الخبرات العسكرية يمثل حجر الزاوية في الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي.

كما أن تعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر يعد خطوة أساسية لتحقيق مصالح فرنسا على المدى الطويل. تعتبر مصر بوابة هامة للنفاذ إلى أسواق إفريقيا الكبرى، وتظل واحدة من الأسواق الواعدة للاستثمارات الأجنبية. من هنا، يعد تعزيز العلاقات الاقتصادية مع مصر وسيلة رئيسية لتحفيز النمو الاقتصادي لفرنسا ودعم الشركات الفرنسية العاملة في المنطقة.

دور مصر في دعم الاستقرار الأوروبي

مصر تلعب دورًا كبيرًا في ضمان الاستقرار في البحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها شريكًا رئيسيًا لفرنسا في التعامل مع قضايا الهجرة غير الشرعية، ومكافحة شبكات التهريب. كما تعد مصر حلقة وصل مهمة بين أوروبا وإفريقيا، مما يسهل التعاون في مجالات متعددة، مثل التنمية المستدامة، والبحث العلمي، والابتكار. هذه الجهود المشتركة تهدف إلى إيجاد حلول مستدامة للتحديات العديدة التي تواجهها المنطقة، من خلال التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي.

فيما يتعلق بقضايا الهجرة، تتعاون مصر مع فرنسا والاتحاد الأوروبي بشكل مستمر من خلال تعزيز برامج التدريب، وتوفير الدعم للحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط. كما تساهم مصر في تحسين الوضع الأمني على حدودها، مما يسهم في الحد من نشاطات المهربين والعصابات.

التعاون الثقافي والتعليمي فتح آفاق جديدة

لا تقتصر العلاقات بين مصر وفرنسا على الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضًا التعاون الثقافي والعلمي. من خلال الزيارة، يمكن أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من التعاون في مجالات التعليم، والبحث العلمي، والثقافة. فرنسا، بفضل معاهدها التعليمية والثقافية العريقة، تسعى إلى تعزيز التعاون مع مصر في هذه المجالات، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية والعلمية المستمرة التي تشهدها مصر في العقود الأخيرة. كما يمكن أن تفتح هذه الشراكات أفقًا جديدًا للشباب المصري، وتتيح لهم فرصًا تعليمية متميزة في فرنسا.

تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية لهذا التعاون الثقافي في تبادل المعرفة والخبرات بين الجامعات والمعاهد العلمية في البلدين. فرنسا لديها تاريخ طويل في مجال التعليم والبحث العلمي، ويمكن لمصر الاستفادة من هذا الرصيد الكبير من خلال التعاون المشترك في مجالات مثل الهندسة، الطب، والابتكار التكنولوجي. كما أن البرامج الثقافية المشتركة ستعزز من فهم ثقافات البلدين، مما يعزز من العلاقات الشعبية بين الشعبين المصري والفرنسي.

أري أن زيارة الرئيس ماكرون لمصر تعكس تقدير فرنسا الكبير لدور مصر المحوري في المنطقة، واعترافًا بأهمية هذه العلاقة الاستراتيجية التي تتجاوز الأبعاد السياسية إلى التعاون الاقتصادي والأمني. وبالرغم من التحديات العالمية والإقليمية التي تواجهها الدول الكبرى، تظل مصر دائمًا عنصر استقرار وقوة مؤثرة في عالم اليوم، وهو ما يعزز مكانتها كداعم رئيسي للاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا.

هذه الزيارة تشكل نقطة انطلاق جديدة نحو تعزيز العلاقات بين مصر وفرنسا، بما يعود بالفائدة على الشعبين في المستقبل. من خلال تعزيز التعاون في مجالات مختلفة، يظل هذا التحالف قويًا وداعمًا للمصالح المشتركة، ويعكس التزام الطرفين بتطوير شراكة استراتيجية تعود بالنفع على الأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • وزير التسامح: تعزيز الهوية الوطنية إحدى ركائز نمو المجتمع وازدهاره
  • صندوق الوطن يطلق قوافل الهوية الوطنية بمنطقة مصفوت الجمعة
  • السامعي يدعو إلى تغليب لغة الحوار والمصالحة الوطنية بين كافة الفرقاء السياسيين
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: مصر وفرنسا.. شراكة استراتيجية بين الحاضر والمستقبل
  • منال الشرقاوي تكتب: ضحكنا فجرحناهم
  • الدبيبة: حكومة الوحدة الوطنية لم تحمل أيّ دين عام طوال فترة عملها
  • «أحد السعف».. الأقباط يحيون ذكرى دخول المسيح إلى أورشليم
  • هند عصام تكتب: الملكة مر نيث
  • متحف سوهاج القومى يحتفل بعيد القيامة في حضارة الأقباط.. الأربعاء
  • تعاون بين فرع جامعة الأزهر بطنطا والكنيسة الكاثوليكية لدعم مفاهيم الوحدة الوطنية