2025.. عام الباحثين عن عمل
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
د. عبدالله باحجاج
هناك عدة أسباب موضوعية تغلب عليها الصفة الوطنية، تجعلنا نُطلق على العام 2025 "عام الباحثين عن عمل"، ولن يختلف معنا أحدٌ بشأنها، ويستوجب أن نُركِّز عليها، ونُعلي من شأنها، بعد تلاقي مجموعة إرادات سياسية ومالية قبل ومع بداية العام 2025؛ فلم يبق إلّا التطبيق، والذي ينبغي أن يكون الشُغل الشاغل لكل السُلط التنفيذية والرقابية الحكومية والمستقلة؛ لأنَّ الحديث هنا عن ملف وطني حسَّاس جدًا في حقبة داخلية وخارجية غير مسبوقة تمامًا؛ مما يُحتِّم إدارة هذا الملف بصورة غير اعتيادية، في ضوء مُحدِّدات سياسية ومالية داخلية، ستُشكِّل مُنطلقنا المشروع في كتابة هذا المقال.
قضية الباحثين عن عمل لم تعُد شأن الباحثين حصريًا، وإنما مع أسرهم، وقد وجدنا في بعض الأسر "الثلاثية" التالية: "مُتقاعِد ومُسرَّح وباحث عن عمل"، ونجد هناك من الباحثين من بلغوا سن الأربعين، وربما أكبر، وهذا كله قد أصبح معلومًا.
ونبني رهاناتنا على هذا العام الجديد وفق المُعطيات التالية:
1- توجيهات سامية صريحة وقوية من عاهل البلاد- حفظه الله ورعاه- في أكتوبر الماضي لوزارة العمل باتخاذ الإجراءات اللازمة العاجلة لوضع حدٍ لتجاوزات الشركات الخاصة والحكومية في تطبيق سياسات تشغيل وإحلال المُواطنين العُمانيين.
2- تشكيل مجلس الشورى لجنةً لدراسة ملف الباحثين عن عمل، وقد أصدرت هذه اللجنة تقريرًا يتسم بالشفافية، أوضحت من خلاله حجم وطبيعة التجاوزات والاختلالات وأوجه القصور في تطبيق السياسات والبرامج من قبل الشركات، وضربت أمثلة استدلالية واضحة للتجاوزات والاختلالات، توضِّح بجلاء أن المشكلة ليست في ندرة فرص عمل، وإنما في تطبيق سياسات الإحلال والتعمين والتوظيف، ودور الشركات في هذه المشكلة، ودعت إلى تحفيز ريادة الأعمال وتطبيق "منفعة الباحثين عن عمل" ضمن منظومة الحماية الاجتماعية.
3- يوم الأربعاء الماضي صبيحة العام الجديد، شدد عاهل البلاد المُفدّى- حفظه الله- أثناء ترؤس جلالته أول اجتماع لمجلس الوزراء في العام الجديد، على تكامل جهود الجهات المعنية لوضع خطط وآليات للإحلال والتوطين بهدف تسريع تشغيل القوى الوطنية خاصة الباحثين عن عمل.
4- في اليوم الثاني من العام الجديد تمَّ الكشف عن تفاصيل "ميزانية 2025"، والتي تضمنت تخصيص 73 مليون ريال لدعم برامج التدريب والتشغيل، وكُنَّا نتمنى أن يتم تحديد عدد فرص العمل الناجمة عن هذا المبلغ، فيما كشف معالي وزير المالية عن 4
آلاف فرصة عمل للمواطنين في قطاع التربية والتعليم خلال العام الجديد.
المعطيات التي أوردناها سابقًا بتواليها تكفي لتوصيف العام 2025 بعام الباحثين عن عمل، فتوجيهات عاهل البلاد من حيث العامل الزمني ومفردات توجيهاته مثل "اتخاذ الإجراءات اللازمة"، وتحديد جهات التقصير في التوظيف "الشركات الحكومية والخاصة"، وإلقاء تبعات التنفيذ على وزارة العمل، تدخل من ضمن سياقات الزمن العاجل لملف الباحثين عن عمل في عام 2025. ومن هنا ينبغي إطلاق التفاؤل، ولا يُكدِّره سوى تاريخنا مع التطبيق، رغم أنَّ المرحلة الراهنة تلتقي فيها كل عوامل نجاح استحقاق فرص العمل في ضوء المُعطيات سالفة الذكر.
ولضمانة التطبيق الملموس نتائجه، اقترحتُ في مقالات سابقة استحداث منصب "وزير للدولة لملف الباحثين عن عمل" وتولِّي اللامركزية (نظام المحافظات) مسؤولية تنفيذ السياسية الوطنية للتوظيف والتعمين والإحلال والتدريب، كلُ في مجال حيِّزه الجغرافي، خاصةً وأن مقترحنا يتماهى مع التوجه الوطني في نظامي المركزية واللامركزية. ففي كل مكتب للمحافظين دائرة مختصة بتطبيق سياسات العمل من تدريب وإحلال وتعمين، وهناك اتفاقيات مُوقَّعة ولم نرَ نتائجها حتى الآن، وهنا تبرز إشكالية أخرى تُعزز مقترحنا سالف الذكر. والإشكاليات التطبيقية كثيرة منها كذلك، قضية ارتفاع إيجار المحال التجارية في المواسم السياحية، مثل فصل الشتاء الحالي في صلالة، وبالذات في فعالية الموقع السياحي على شاطئ الحافة، فقد رصدنا مؤخرا مجموعة شباب خريجي جامعات وكليات باحثين عن عمل، يستأجرونها بمبالغ كبيرة، مثل محل صغير جدًا بقيمة إيجارية 1200 ريال طوال الموسم الذي يمتد إلى 40 يومًا تقريبًا.
هنا قصور في تطبيق رؤية "عُمان 2040"، خاصة في صناعة قطاع الأعمال الحرة، لأن كل التركيز على العوائد المالية وليس تطبيق السياسات وتثبيت المسارات الجديدة، فلو كانت هناك جهة مُتخصِّصة ومُتفرِّغة ومُستقلة لرأت أنه من دواعي ترسيخ ثقافة العمل الحُر وصناعة جيل جديد من الشباب فيه، أن يكون الإيجار مُشجِّعًا لتثبيت مسارهم وليس طاردًا لهم، فكم من شاب ترك العمل الحر بسبب مثل هذه العراقيل، لن نُنكر وجود مبادرات فردية ومُنعزلة، مثل مبادرة رئيس بلدية ظفار في "خريف 2024" الماضي عندما فتح الانشغالات التجارية في سوق اللبان (عودة الماضي سابقًا) بالمجان للشباب، لكن، حديثنا هنا عن سياسة تنفيذية عامة تستوعب توجه الشباب نحو الأعمال الحرة وتحرص على نجاحهم؛ كون هذا المسار من التحوُّلات الكبرى لنهضتنا المُتجدِّدة، فكيف نعمل على نجاحها إذا ما تم تغليب البعد المالي وجنوحه على حساب هذه التحولات؟
ومن أهم شروط نجاح التطبيق أن تكون قوته متماهية مع قوة دوافعها السياسية والمالية- سالفة الذكر- وبطريقة وطنية جاذبة تخفف حدة الاستياء الاجتماعي، وتُطلق التفاؤل عند الباحثين عن عمل بصورة عاجلة خلال شهر يناير الجاري. والزمن يكون في حالات كثيرة هو الحدث، خاصة في قضية مثل الباحثين عن عمل، وهنا يتعين على وزارة العمل أن تكشف عن خطواتها التنفيذية ونتائجها أولًا بأول؛ فالشفافية غاية في حد ذاتها؛ وذلك تماهيًا مع شفافية التوجيهات السامية وصراحتها. كما إنَّ الشفافية مطلوبة لدواعي رفع منسوب التفاؤل، الذي ينبغي أن يكون من أكبر المستهدفات الوطنية؛ ففي كل يوم يترقَّب الباحثون والمُسرَّحون ومعهم أسرهم، فرص العمل بسيكولوجيات مُتعبة ومُحبَطة جدًا، والسنون تتسارع بهم إلى مراحل سنية مُتقدِّمة في حقبة زمنية مليئة بالتحديات الجيوسياسية والأفكار الدخيلة وغزو الديموغرافيات الأجنبية، ليس داخليًا فحسب؛ بل وإقليميا أيضًا؛ مما يعني أنَّ جيلًا مُحاطًا بالتحديات من الوزن الثقيل داخليًا، ومن الجهات الأربع الجغرافية.
والتساؤل الوطني الذي ينبغي أن يُطرح الآن: كيف نضمن مناعة شبابنا من أي اختراقات أجنبية؟ ومن هنا نضع التوجيهات السامية بشقها الاستعجالي، كأهم ضمانة كبرى، ومن هنا، نعتبر العام 2025 محور الانطلاقة السياسية لحل قضية الباحثين عن عمل، وما بقي من أعداد منهم تُمنح لهم منفعة الباحثين التي أجازتها منظومة الحماية الاجتماعية والمؤجل تنفيذها، والتأجيل لم يعُد تتحمله تحديات التحولات الداخلية والجيوسياسية، مع تركيز المنفعة على الباحثات عن عمل، اللائي يمثلن 52% بينما يمثل الذكور 48% من مجموع 100 ألف باحث، وفق ما ذكره معالي الدكتور وزير العمل، وإذا ما نفذنا هذا الطرح يكون عدد الباحثين قد تقلص إلى النصف، ومن الممكن تصفيره.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الجوريزا تؤهل 600 مبرمج لسوق العمل وتستعرض خططها المستقبلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت شركة الجوريزا، المتخصصة في مجال البرمجيات وخدمات التطوير البرمجي، عن انطلاق الملتقى السنوي الثاني لها، والذي شهد حضورًا واسعًا من موظفي الشركة وشركائها الاستراتيجيين.
تأسست الجوريزا في عام 2018، ومنذ ذلك الحين تمكنت من التوسع والتواجد في عدة دول منها مصر، السعودية، البرازيل، ومؤخرًا سلطنة عمان.
خلال الملتقى، سلطت الشركة الضوء على إنجازاتها خلال العام الماضي، حيث وصل عدد مهندسيها إلى أكثر من 350 مهندسًا يعملون في مختلف فروعها، كما تجاوز عدد مستخدمي منتجاتها حول العالم 22 مليون مستخدم.
وأكدت الجوريزا التزامها بالمساهمة في تطوير المجتمع من خلال برامج التدريب فقد قامت الشركة بتدريب أكثر من 600 فرد عبر برامج التدريب الصيفي (Internships)، وتم تعيين العديد منهم داخل الجوريزا أو في شركات أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الشركة عن إطلاق برنامجها المجاني لتدريب أطفال الموظفين، والذي يستهدف تأهيل الأطفال من سن 7 إلى 13 عامًا للعمل في مجال البرمجة على مدار ثلاث سنوات.
أكد المهندس محمد الدموهي، المدير التنفيذي لشركة الجوريزا إن هذه الإنجازات هي ثمرة جهود فريق عمل متميز وشراكات استراتيجية بناءة.
أضاف الدموهي هدفنا ليس فقط تقديم حلول برمجية مبتكرة، ولكن أيضًا المساهمة في بناء مجتمع تقني مزدهر من خلال تدريب الأجيال القادمة وإعدادهم لمستقبل يعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا."
وأشار إلى أهمية الجوريزا كجزء من منظومة الاقتصاد الرقمي المزدهر في مصر، الذي شهد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، ووفقًا لتقرير حكومي حديث، بلغت قيمة صادرات مصر الرقمية 6.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2022، مقارنة بـ4.9 مليار دولار في العام المالي 2022/2021، محققة نسبة ارتفاع بلغت نحو 26.5%.
وأكد الدموهي أن الجوريزا مستمرة في استراتيجيتها للتوسع والابتكار، مع التركيز على تطوير الكوادر البشرية وتعزيز مكانة الشركة كشريك تقني موثوق على المستوى العالمي.
في سياق آخر، استعرضت الجوريزا خدماتها الرئيسية التي تلبي احتياجات متنوعة في السوق التي تشمل "خدمات التعهيد"، حيث توفر فريقًا تقنيًا متخصصًا لتنفيذ مشاريع متنوعة لشركات متعددة، مع إدارة كاملة للموارد البشرية من قبل الجوريزا بالإضافة الي تطوير وإطلاق منتجات متنوعة، مما يجعلها مظلة تجمع شركات ناشئة مبتكرة، كما تقدم الجوريزا الدعم الفني والتقني الكامل لشركات كبيرة داخل وخارج مصر، مما يعزز مكانتها في الأسواق المحلية والدولية.