#العداء_التاريخي
د. #هاشم_غرايبه
قد يختلف المستعمرون الطامعون الغربيون والشرقيون على تقاسم الغنائم، وقد يتقاتلون عليها، وينقسمون الى معسكرين متحاربين، لكنهم حين التآمر على الإسلام والمسلمين يتفقون، ويتشكل حلف عالمي واحد، ينتظم فيه الأسياد والأذيال خلف الشيطان الأكبر.
لا يختلف استهداف المسلمين بالعداء إن كانوا عربا أو آسيويين أوأفارقة، أما إن كانوا أوروبيين، فتلك عندهم الطامة الكبرى، فوجودهم في أوروبا أمر محظور، وعندها تنكشف كذبة ادعاءات العلمانية عندما تجدهم لا يسمحون بقيام دولة إسلامية في أوروبا مهما كلف الثمن، بدليل مذابح البوسنة، التي شارك بها كل الأوروبيين من خلال مخلب التعصب والكراهية (الصرب)، مستعيدين أحقاد أجدادهم ملوك الحملات الصليبية في مختلف الممالك الأوروبية، ليثبت ذلك أن هذه الروح التعصبية لم تتغير عندما ارتدى الغرب الأردية المزركشة الخادعة، سواء منها الديمقراطية اوالإشتراكية.
وقصة المسلمين في ألبانيا شاهد على ذلك:
دخل الإسلام الى ألبانيا زمن العثمانيين، وككل الشعوب التي دخلت الإسلام، اندمجت فورا في الدولة الإسلامية، لأنها العقيدة الوحيدة التي ثبت أنها تتجاوز الأعراق والألوان والقوميات، فتساوي بين الناس وتجعلهم إخوانا متحابين.
لذلك وخلال فترة الدولة العثمانية التحق كثير من الألبان في سلك الدولة، ونبغ منهم القادة والوزراء والكتاب والصدور العظام، الذين أثروا الحياة العامة، وساهموا مساهمة فعالة، في إدارة دفة الدولة العثمانية سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وعسكريا، ومنهم محمد علي باشا وغيره كثيرون ممن كان لهم دور سياسي هام.
ومثلما فعلت بريطانيا مع العرب، كذلك كانت مع الألبان، بعد إذ وجدت أن تعزيز النعرات القومية خير وسيلة لتفتيت الدولة الإسلامية، فتشكلت رابطة “بريزرن” القومية عام 1878 للمطالبة باستقلال ألبانيا.
وبعد هزيمة الدولة العثمانية عام 1912 وانسحاب جيوشها من ألبانيا، ومثلما حدث في المنطقة العربية، لم يشعر القوميون بالخديعة إلا بعد فوات الأوان، إذ قسم الأوروبيون ألبانيا لأجل تشتيت سكانها الملمين، فاقتطعت 70 % منها اجزاء ضمتها الى الدول المسيحية المجاورة وهي صربيا، واليونان، ومقدونيا، والجبل الأسود بما فيها قاطنيها المسلمين، لكي يصبحوا أقليات مضطهدة في تلك الدول.
هكذا لم يبق من ألبانيا غير 29 ألف كم2 هي المعروفة الآن، بالحدود السياسية الحالية، لكن الشعب لم يتخل عن آماله باستعادة وحدة أراضيه، ولم يتوقف عن نضاله ومنها قضية ألبان كوسوفو.
أما الأسوأ فهو ما توافق عليه المعسكران الغربي والشرقي رغم صراعهما في كافة الساحات الأخرى، فبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وتحديدا في عام 1920 إذ قررت عصبة الأمم تشكيل “المجلس الأعلى للدولة” لقيادة دولة ألبانيا تتكون من أربع شخصيات تمثل أبرز الطوائف الألبانية، وهي: المسلمون السنة، الطريقة البكتاشية، طائفة النصارى الأرثوذكس، الطائفة الكاثوليكية، وذلك تحت مسمى ، وبذلك تم تخفيض تمثيل المسلمين في حكومة بلادهم الى 25 % رغم أنهم يشكلون 90 % من السكان.
وفي عام 1928 نصب “أحمد زوغو” ملكا، وسار على خطى أتاتورك في تغريب ألبانيا وإلغاء ثقافتها الإسلامية.
بعد الحرب العالمية الثانية، الغريب أن الغرب توافق على أن يصبح رئيس الحزب الشيوعي الألباني “أنور خوجا” رئيسا لألبانيا، لعلمهم أنه أشرس من يبطش بالمسلمين، وفعلا قاد حكما ديكتاتوريا لمدة أربعين عاما مظلماً، نكل فيها بالمسلمين بكل قسوة، فمنع الحديث بالعربية والتسمي بأسماء إسلامية، وهدم المساجد أو حولها الى مخازن ومراقص، وكانت عقوبة من يقول “بسم الله” السجن عشر سنوات.
ولما مات عام 1985 كان في المعتقلات 40 ألفا، كما كان أعدم أربعة آلاف آخرين.
وبعد سقوط الشيوعية عام 1992 تسلم الحكم “صالح بريشا” رئيس الحزب القومي، الذي قام ببعض الإصلاحات، وخاصة في الحرية الدينية، فانتعش الإسلام من جديد نسبيا، لكن الحزب الإشتراكي (الأرثوذوكسي) أرعبه الدعم الخيري الخليجي لإعادة بناء المساجد، فاستغل حالة الحرب على الإرهاب، لتخويف أوروبا من جديد، فنجح هؤلاء بدعم يوناني في اقصاء “بريشا”، وإعادة ألبانيا من جديد الى عصر القمع الفكري تحت حكم الإشتراكيين، الذين يحكمون الآن تحت عنوان الإنضمام الى أوروبا، والتخويف من الإرهاب (الإسلام).
هكذا رأينا كيف يتراكم الخبيث على بعضه، فيتوحد أعداء منهج الله رغم اختلاف عقائدهم ومصالحهم، للصد عن سبيله.
وسيبقى الحق والباطل في صراع الى يوم الدين، ليجتبي الله الصادقين ويخزي المنافقين. مقالات ذات صلة حكومة تستحق الثناء 2025/01/04
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: العداء التاريخي هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
المحكمة تدرس شكاية من عائلة المقاوم المانوزي لوقف هدم "منزلها التاريخي" في الدار البيضاء
بدأت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، النظر في شكاية تقدمت بها عائلة المقاوم علي المنوزي ضد محاولة هدم منزلها « التاريخي » في الحي القديم بالدارالبيضاء.
وبحسب إفادة من عبد الكريم المنوزي، فقد جرى تبليغ عمالة ٱنفا بالدار البيضاء بالإضافة إلى الولاية بشأن الشكاية السالفة الذكر، بعد أن قررت المحكمة إعادة التبيلغ للأطراف المعنية بالشكاية، وستنظر في الشكوى الاثنين المقبل.
وندد المنوزي باعتماد وثيقة وصفها بـ « إدارية مجهولة الهوية وغير مستوفية للشروط القانونية »، وقال: « توصلنا بورقة مكتوبة بدون أي توقيع تفيد بضرورة إفراغ المنزل لأنه ٱيل للسقوط ».
وأوضح أن الشكاية التي تقدمت بها عائلته، كانت في مواجهة عامل مقاطعة الدار البيضاء آنفا، ورئيسة المقاطعة المعنية، بالإضافة إلى أطراف أخرى مثل ولاية الدار البيضاء سطات.
وشدد المنوزي على أن المنزل يتمتع بوضعية معمارية سليمة ويعد جزءا من الذاكرة، مستعرضًا خبرة مضادة، بعد الورقة « المجهولة » التي تسلمها، تؤكد متانته وقدرته على الصمود لعقود طويلة، نافيا بذلك ما ورد في الوثيقة التي تصنفه ضمن المنازل الآيلة للسقوط.
وأكد على عدم معارضة مشروع المحج الملكي وتطوير المنطقة، لكنه طالب بتنفيذ المشروع وفق مبادئ الحكامة والعدالة والإنصاف، بعيدًا عن أي تعسف، أو ضرر نفسي. وأشار إلى محاولات للقاء مسؤولين محليين لمناقشة الأمر، من بينهم رئيسة مقاطعة سيدي بليوط وممثلين للإدارة الترابية لكن دون جدوى.
المنوزي: سيرة مقاوم ومناضل
علي المنوزي (1913 – 27 فبراير 2014) كان مناضلاً ومقاوماً مغربياً بارزاً في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، وساهم بشكل فعال في النضال من أجل استقلال المغرب. وُلد في منطقة أمنوز بتافراوت، وانتقل في الثلاثينيات إلى الدار البيضاء حيث انخرط في الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة.
انضم المنوزي إلى حزب الاستقلال، ثم إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وبعدها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث لعب دورًا هامًا في تعبئة وتوعية الجماهير ضد الاستعمار. كما كان عضواً في المجلس البلدي للدار البيضاء، حيث سعى لتحسين أوضاع المواطنين والدفاع عن حقوقهم.
عانى المنوزي وأفراد عائلته من القمع بسبب نشاطهم النضالي؛ فقد تم اختطاف ابنه الحسين المنوزي في 29 أكتوبر 1972 من تونس ونُقل إلى المغرب، ولا يزال مصيره مجهولاً. كما تعرض شقيقه إبراهيم المنوزي للإعدام خارج نطاق القضاء. ورغم هذه المحن، استمر علي المنوزي في نضاله من أجل الحقيقة والعدالة، مطالباً بالكشف عن مصير ابنه وباقي المختطفين.
توفي علي المنوزي في 27 فبراير 2014 عن عمر يناهز 100 عام، تاركاً وراءه إرثاً نضالياً حافلاً في سبيل استقلال المغرب والدفاع عن حقوق الإنسان.
كلمات دلالية المغرب قضاء مانوزي هدم