الصحة النفسية.. الثمن الخفي
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
د. خلود بنت أحمد العبيدانية **
يقولون إنِّك تدفع الثمن غاليًا من صحتك.. وفي حياتنا اليومية، كل قرار نتخذه وكل فعل نقوم به يأتي بتكلفة معينة؛ سواء كانت مادية، نفسية، أو اجتماعية. وعندما نتحدث عن الصحة النفسية، فإننا نتحدث عن الثمن الذي ندفعه للحفاظ على توازننا العقلي والعاطفي.
عندما نعمل لساعات طويلة دون فترات راحة كافية، ندفع الثمن من صحتنا النفسية؛ حيث يمكن أن يؤدي الإرهاق الذهني الناتج عن العمل المفرط إلى التوتر والقلق، وحتى الاكتئاب.
أما اختياراتنا الغذائية وعادات النوم؛ فتؤثر بشكل كبير على صحتنا النفسية؛ إذ إننا عندما نتناول غذاءً غير متوازن أو نحصل على نوم غير كافٍ، ندفع الثمن بتدهور صحتنا العقلية. والتغذية السليمة والنوم الجيِّد؛ هما أساس صحة نفسية جيدة. كما إن العزلة الاجتماعية يمكن أن تؤدِّي إلى الشعور بالوحدة والاكتئاب، ونحن ندفع الثمن عندما نتجنب التواصل مع الآخرين. والتواصل الفعَّال مع الأصدقاء والعائلة يُمكن أن يكون دعمًا نفسيًا مهمًا، ويساعدنا في الحفاظ على صحتنا النفسية. وفي المقابل فإن عدم تخصيص وقت للتأمل والاسترخاء، يُمكن أن يؤدي إلى تراكم التوتر والقلق، ونحن ندفع الثمن عندما نُهمل هذه الأنشطة التي تساعد على تهدئة العقل وتنقية الأفكار؛ لأن التأمل والاسترخاء هما استثمار في صحتنا النفسية.
وفي عالمنا السريع والمليء بالمُشتِّتات، يُصبح ترتيب الأفكار وصفاء الذهن أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح والإبداع. ويُمكن تحقيق ذلك من خلال التخطيط الجيد باستخدام أدوات مثل القوائم اليومية والتقويمات، والتخلص من الفوضى المادية التي قد تؤدي إلى فوضى ذهنية. والتأمل والاسترخاء هما وسيلتان فعالتان لتهدئة العقل وتنقية الأفكار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تطبيق استراتيجية الخمس دقائق لتحسين الإنتاجية والتغلب على التسويف من خلال تخصيص خمس دقائق فقط للبدء في مهمة جديدة معينة. وبعد الانتهاء من أي مهمة، مثل مكالمة هاتفية أو اجتماع، من المفيد التوقف للحظة، والتنفس بعمق، وإبطاء سرعة الأفكار، والتأمل لفترة قصيرة قبل البدء في المهمة التالية. هذه الخطوات تساعد على تقليل التوتر وزيادة التركيز وتحسين الإنتاجية، مما يؤدي إلى تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة وزيادة الإبداع.
تُشكِّل تراكم الضغوطات السمعية أحد الأثمان الخفية التي يكون لها تأثير كبير على صحتنا النفسية؛ حيث يتعرض الكثير منا يوميًا لمجموعة من الإحباطات؛ سواء في بيئة العمل أو الحياة بشكل عام. وحتى نتغلب على هذا النوع لا بُد من أن نتقن مهارة "الضفدع الأصم"! إذ تحكي قصة عن مجموعة من الضفادع الصغيرة التي قرَّرت القيام بمسابقة لتسلق شجرة عالية. وتجمع حشد كبير من الضفادع لمشاهدة السباق وتشجيع المتسابقين. وأثناء السباق، بدأت الضفادع في التسلق، لكن الحشد كان يصرخ بأن المهمة مستحيلة وأنه لا يمكن لأي ضفدع أن يصل إلى القمة. ومع مرور الوقت، بدأت الضفادع في الاستسلام واحدة تلو الأخرى؛ باستثناء ضفدع واحد استمر في التسلق حتى وصل إلى القمة. وعندما نزل الضفدع، اكتشف الجميع أنه كان أصمًا ولم يسمع التعليقات السلبية التي كانت تصدُر من الحشود. لقد اعتقد أنَّ الجميع كانوا يشجعونه؛ مما منحه القوة والإصرار للوصول إلى هدفه.
والمغزى من القصة هو أن تجاهل التعليقات السلبية والتركيز على أهدافنا، يُمكن أن يُساعدنا في تحقيق ما نعتقد أنه مستحيل، كما إن القصة تُعلِّمُنا أهمية الإصرار وعدم السماح للآراء السلبية بإحباطنا.
في النهاية.. لا شك أن الحفاظ على صحتنا النفسية يتطلب مِنَّا اتخاذ قرارات واعية تهدف إلى تقليل التوتر والإجهاد في حياتنا اليومية، ومن خلال التعرُّف على مصادر الضغوط السمعية وإدارتها بفعالية، وتبنِّي عادات صحية مثل النوم الجيد، والتغذية المتوازنة، وممارسة الرياضة، يُمكننا بناء أساس قوي لصحة نفسية جيدة. ولا تنس أهمية التواصل الاجتماعي والتأمل كجزء من روتينك اليومي؛ وباتباع هذه الخطوات، يُمكننا تحقيق توازن أفضل في حياتنا، والتمتع بحياة أكثر سعادة وإنتاجية. وتذكر دائمًا أن صحتك النفسية هي استثمارٌ في نفسك، وأن الثمن الذي تدفعه للحفاظ عليها يستحق كل الجهد.
** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، وعضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
يأبى الله لمصر إلا أن يدفع الثمن مواطنوها مع السودان، لأن اسمها معركة الكرامة
يأبى الله لمصر إلا التحدي والمواجهة في حرب تاريخية لسرقة وادي النيل وتجريف أهله وسكانه،، حرب مقصود بها مصر مع السودان وربما قبله، حرب تضرج فيها تراب الخرطوم بدماء الشهيد الغراوي من البعثة المصرية في يوم المعركة الثاني، وقبله غامر المجرم المرتزق حميدتي بالاعتداء على بعثة تعاون وتدريب لجنود مصر البواسل في مطار مروي شمالا حتى قبل أن يهاجم الخرطوم بيومين، ولذلك يقول السيد مالك عقار نائب الرئيس إسمها حرب 13 أبريل، وليس 15 أبريل.
أغرورقت عيناي وأنا أشاهد رهائن مصر من المواطنين المدنيين أحرارا بعد عامين من اختطاف “عصابة دقلو” المدعومة من العرب والعجم ضد مصر والسودان. لولا هذا التخطيط والمكر الخارجي لما استمرت الحرب عامين، والسودان يواجه خمس دول وليس مجرد مليشيا ومرتزقة، مواجهة فيها التكنولوجيا، والاقمار الصناعية، وأحدث أجهزة التشويش وتدفق لا محدود من السلاح الفتاك.
يأبى الله لمصر إلا أن يدفع الثمن مواطنوها مع السودان، لأن اسمها معركة الكرامة، كتب الله فيها على مواطنين مصريين شرفاء ونبلاء قدموا للسودان في بزنس واعمال تجارية أن تختطفهم المليشيا الارهابية وتحتجزهم عامين كاملين.
تم التحرير بتنسيق عالي الجودة، هي عملية في قلب الخرطوم، ستكون يوما ما فيلم أو مسلسل، “عامان تحت السيف”!
لا أود أن أتحدث بتفاصيل أكثر، أطمئنوا على مصر فأنها بخير، وأبنائها في حدقات عيوننا، والمستقبل سيشهد الأجمل .. حفظ الله مصر أرضا وشعبا وجندا وقيادة.
وإلى الأمام يا جيش السودان، وقوات المخابرات العامة.
مكي المغربي