جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-07@07:37:05 GMT

الصحة النفسية.. الثمن الخفي

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

الصحة النفسية.. الثمن الخفي

 

د. خلود بنت أحمد العبيدانية **

 

يقولون إنِّك تدفع الثمن غاليًا من صحتك.. وفي حياتنا اليومية، كل قرار نتخذه وكل فعل نقوم به يأتي بتكلفة معينة؛ سواء كانت مادية، نفسية، أو اجتماعية. وعندما نتحدث عن الصحة النفسية، فإننا نتحدث عن الثمن الذي ندفعه للحفاظ على توازننا العقلي والعاطفي.

عندما نعمل لساعات طويلة دون فترات راحة كافية، ندفع الثمن من صحتنا النفسية؛ حيث يمكن أن يؤدي الإرهاق الذهني الناتج عن العمل المفرط إلى التوتر والقلق، وحتى الاكتئاب.

ومن المهم أن نتذكر أنَّ الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية هو استثمار في صحتنا النفسية. كذلك، الاستخدام المفرط للتكنولوجيا يُمكن أن يكون له تأثير سلبي على صحتنا النفسية؛ حيث ندفع الثمن عندما نقضي ساعات طويلة أمام الشاشات؛ مما يؤدي إلى الإجهاد البصري والعقلي. ومن الضروري أن نُخصِّص وقتًا للراحة بعيدًا عن الأجهزة الإلكترونية للحفاظ على صفاء ذهننا.

أما اختياراتنا الغذائية وعادات النوم؛ فتؤثر بشكل كبير على صحتنا النفسية؛ إذ إننا عندما نتناول غذاءً غير متوازن أو نحصل على نوم غير كافٍ، ندفع الثمن بتدهور صحتنا العقلية. والتغذية السليمة والنوم الجيِّد؛ هما أساس صحة نفسية جيدة. كما إن العزلة الاجتماعية يمكن أن تؤدِّي إلى الشعور بالوحدة والاكتئاب، ونحن ندفع الثمن عندما نتجنب التواصل مع الآخرين. والتواصل الفعَّال مع الأصدقاء والعائلة يُمكن أن يكون دعمًا نفسيًا مهمًا، ويساعدنا في الحفاظ على صحتنا النفسية. وفي المقابل فإن عدم تخصيص وقت للتأمل والاسترخاء، يُمكن أن يؤدي إلى تراكم التوتر والقلق، ونحن ندفع الثمن عندما نُهمل هذه الأنشطة التي تساعد على تهدئة العقل وتنقية الأفكار؛ لأن التأمل والاسترخاء هما استثمار في صحتنا النفسية.

وفي عالمنا السريع والمليء بالمُشتِّتات، يُصبح ترتيب الأفكار وصفاء الذهن أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح والإبداع. ويُمكن تحقيق ذلك من خلال التخطيط الجيد باستخدام أدوات مثل القوائم اليومية والتقويمات، والتخلص من الفوضى المادية التي قد تؤدي إلى فوضى ذهنية. والتأمل والاسترخاء هما وسيلتان فعالتان لتهدئة العقل وتنقية الأفكار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تطبيق استراتيجية الخمس دقائق لتحسين الإنتاجية والتغلب على التسويف من خلال تخصيص خمس دقائق فقط للبدء في مهمة جديدة معينة. وبعد الانتهاء من أي مهمة، مثل مكالمة هاتفية أو اجتماع، من المفيد التوقف للحظة، والتنفس بعمق، وإبطاء سرعة الأفكار، والتأمل لفترة قصيرة قبل البدء في المهمة التالية. هذه الخطوات تساعد على تقليل التوتر وزيادة التركيز وتحسين الإنتاجية، مما يؤدي إلى تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة وزيادة الإبداع.

تُشكِّل تراكم الضغوطات السمعية أحد الأثمان الخفية التي يكون لها تأثير كبير على صحتنا النفسية؛ حيث يتعرض الكثير منا يوميًا لمجموعة من الإحباطات؛ سواء في بيئة العمل أو الحياة بشكل عام. وحتى نتغلب على هذا النوع لا بُد من أن نتقن مهارة "الضفدع الأصم"! إذ تحكي قصة عن مجموعة من الضفادع الصغيرة التي قرَّرت القيام بمسابقة لتسلق شجرة عالية. وتجمع حشد كبير من الضفادع لمشاهدة السباق وتشجيع المتسابقين. وأثناء السباق، بدأت الضفادع في التسلق، لكن الحشد كان يصرخ بأن المهمة مستحيلة وأنه لا يمكن لأي ضفدع أن يصل إلى القمة. ومع مرور الوقت، بدأت الضفادع في الاستسلام واحدة تلو الأخرى؛ باستثناء ضفدع واحد استمر في التسلق حتى وصل إلى القمة. وعندما نزل الضفدع، اكتشف الجميع أنه كان أصمًا ولم يسمع التعليقات السلبية التي كانت تصدُر من الحشود. لقد اعتقد أنَّ الجميع كانوا يشجعونه؛ مما منحه القوة والإصرار للوصول إلى هدفه.

والمغزى من القصة هو أن تجاهل التعليقات السلبية والتركيز على أهدافنا، يُمكن أن يُساعدنا في تحقيق ما نعتقد أنه مستحيل، كما إن القصة تُعلِّمُنا أهمية الإصرار وعدم السماح للآراء السلبية بإحباطنا.

في النهاية.. لا شك أن الحفاظ على صحتنا النفسية يتطلب مِنَّا اتخاذ قرارات واعية تهدف إلى تقليل التوتر والإجهاد في حياتنا اليومية، ومن خلال التعرُّف على مصادر الضغوط السمعية وإدارتها بفعالية، وتبنِّي عادات صحية مثل النوم الجيد، والتغذية المتوازنة، وممارسة الرياضة، يُمكننا بناء أساس قوي لصحة نفسية جيدة. ولا تنس أهمية التواصل الاجتماعي والتأمل كجزء من روتينك اليومي؛ وباتباع هذه الخطوات، يُمكننا تحقيق توازن أفضل في حياتنا، والتمتع بحياة أكثر سعادة وإنتاجية. وتذكر دائمًا أن صحتك النفسية هي استثمارٌ في نفسك، وأن الثمن الذي تدفعه للحفاظ عليها يستحق كل الجهد.

** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، وعضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فياض: ندفع باتجاه إنجاز الإستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن

أمل عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب الدكتور علي فياض أن "تفضي جلسة إنتخاب الرئيس المزمع عقدها في 9 كانون الثاني، إلى إنتخاب رئيس فعلاً، وإقفال هذا الملف الذي شغل اللبنانيين طويلاً، ولا شك أن هذا الإستحقاق يأخذ إهتماماً إستثنائياً يفوق أهميته الطبيعية والمعروفة، ربطاً بخصوصية المرحلة، ومرور لبنان بظروف إستثنائية تضعه على عتبة تحولات كبرى".
كلام فياض جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه "حزب الله" ل "الشهيد" محمد عيسى غيّاض في مجمع الإمام المجتبى، في السان تيريز، في حضور عدد من العلماء والفاعليات والشخصيات وعوائل الشهداء، وحشد من الأهالي.
وشدد على أن "ثمة توازنات داخلية دقيقة وثوابت لبنانية متعددة لا يمكن لأي كان تجاوزها، وهي ما يعبَّر عنه عادةً بالميثاقية ومقتضيات التعايش الوطني ومرتكزات إتفاق الطائف، فضلاً عن المصالح الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها حماية السيادة في وجه الممارسات الإسرائيلية".
وأضاف فياض إن "شخصية الرئيس مرتبطة على نحوٍ أساسٍ بإدارة هذه التوازنات والإنسجام معها، وهي تجد ترجمتها في هذه المرحلة في التصدي لمعالجة ملفات ثلاث كبرى، أولاً تبني القراءة اللبنانية لورقة الإجراءات التنفيذية للقرار 1701، في وجه محاولات فرض القراءة الإسرائيلية - الأميركية لهذه الورقة، وصولاً إلى الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من أرضنا إنسحاباً كاملاً، وحماية القرار السيادي اللبناني من أية إنتهاكات أو إشتراطات".
وتابع: "أما الأمر الثاني فيكمن في متابعة ملف إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي في أسرع وقت، وتأمين المساعدات الدولية اللازمة لإنجازه، وتحرير هذا الملف من أية التزامات سياسية تتناقض مع المصالح الوطنية أو تهدد الإستقرار الداخلي، وأما الأمر الثالث فيكمن في رعاية مسار إصلاح الدولة وتطبيق الطائف، والتعافي المالي والإقتصادي، وترميم علاقات لبنان العربية".
وختم فياض: "نحن في حزب الله نقارب المرحلة وفق هذه الرؤية، ونسعى لترجمة هذه الرؤية ما أمكن في خياراتنا الرئاسية، ولهذا نحن نقارب هذا الملف بوحدة الموقف بيننا وبين الأخوة مع حركة أمل، ويتولى الرئيس بري الجزء الأساس من إدارة الملف والإتصالات السياسية، وإن موقفنا المشترك هو الدفع باتجاه إنجاز الإستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن، وعدم الإستمرار بالمراوحة ورفض محاولات البعض ربط الملف بتطورات إقليمية ودولية مرتقبة".
(الوكالة الوطنية)

مقالات مشابهة

  • ملتقى بالبريمي يناقش تعزيز الصحة النفسية والجسدية لكبار السن
  • فياض: ندفع باتجاه إنجاز الإستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن
  • انطلاق حملة «عيد من غيرها» للمتعافين من الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية
  • ضمن «صحتك سعادة».. انطلاق حملة «عيد من غيرها» للمتعافين من الإدمان بأمانة الصحة النفسية
  • الصحة تطلق حملة «عيد من غيرها» للمتعافين من الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية
  • "المبادرة الرئاسية لمواجهة إدمان الألعاب الإلكترونية".. تحدٍ للأمن القومي ودعم للصحة النفسية
  • الصحة: تشكيل مجموعات لمواجهة أي تحديات تتعلق بالصحة النفسية للأطفال والمراهقين
  • الصحة: حلول علمية لمواجهة تحديات الصحة النفسية للأطفال والمراهقين
  • علاج إدمان المخدرات والالعاب الإلكترونية .. أبرز خدمات مبادرات الصحة النفسية