أنيسة الهوتية
أحيانًا الانزعاج عندي يُنشِئ لحاله كيانًا، فيركض مُتسابقًا مع نفسه في مضمارٍ ممتلئ بالأسئلة، ويطرحها بصوتٍ مُزعج: لماذا المسلمون مذاهب وطوائف؟! لماذا ليسوا كعهد الصحابة؟ ليتهم بقوا كذلك! لكانت أمة الإسلام أقوى، ولكانت تقود العالم.
فتأتي المعلومات التراكمية المُخزنة، وتهدئه بردها: الإسلام ما يزال هو الدين القيادي في العالم من مبدأ العبادة والتوحيد، والفقه الإسلامي كان وما يزال في تطور مُستمر.
هدأ الانزعاج وتحول إلى الرضا، وقال: بالفعل، فإنَّ 1.98 مليار مسلم حول العالم بمختلف مذاهبهم ما يزالون يعبدون الله ولم يؤلِّهوا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يخلقوا من الصحابة أبطالًا خارقين بقصص وروايات "ميثولوجية" مجنونة، ولم يُغيروا تواريخ الأحداث والمعجزات وبقي التاريخ الإسلامي بِلا شائبة، والقرآن محفوظٌ إلى اليوم مذ نزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
فترد عليه: نعم، هؤلاء الـ1.98 مليار مسلم محظوظون بإسلامهم الواضح الصريح ولو اختلفوا في بعض المسائل الفقهية عن الـ2.42 مليار مسيحي الذين حتى الآن لا يعلمون تاريخ ميلاد المسيح -عليه السلام- الذي اعتبروه الرب، أو الابن! وما يزالون يحتفلون بميلادهِ في تاريخٍ غير صادق صاغته الكنيسة المسيحية الأولى كواجهة للمسيحيين، وثبتته رسميًا بعدما يزيد عن 300 سنة من ميلاد المسيح، وذلك بأمر من الكنيسة اليهودية التي كانت ما تزال القائد الخفي للكنيسة المسيحية، وكانت عبدًا للمعبد اليوناني الذي صبغهم بصبغة "الكريسماس"؛ باعتباره تاريخ ميلاد المسيح وعليهم الاحتفال فيه بالعطاء للكنيسة، وأيضًا بتناول الطعام، والتجمع العائلي، وتبادل الهدايا لزيادة البركة. وكانت روما هي التي تقود العالم آنذاك، وفي "الميثولوجيا"، يعتقد بعض المتخصصين أنَّ 25 ديسمبر هو تاريخ ميلاد الإله "ساترن"، الذي هو إله الخصوبة، والبركة، والمال! وعندما توجه الناس إلى الديانة المسيحية قلَّ عدد المحتفلين بهذا اليوم، ولاحظ كهنة معابد إمبراطورية روما أنَّ البركة تقل، فما كان منهم إلا خلق هذا التدليس الذي لازال ساريًا في العالم إلى يومنا.
هنا، استفاقت السيدة ذاكرة وبدأت تعيد شريط ذكريات قديم لزميلي "جورج" الذي عندما باركت له بالكريسماس قبل خمس سنوات في عام 2020 قال لي: لا لا، نحن لا نحتفل بهذا اليوم! سألته: ألست مسيحيًا؟ أم أنني مُخطئة! لوهلة شعرت بأنني أهنئ مسلمًا متشددًا اسمه "جورج".
قال: لا بل أنا مسيحي، وأؤمن أنَّ المسيح ابن الرب وليس هو الرب، ولكن هذا التاريخ مدلس؛ فالمسيح لم يولد في الـ25 من ديسمبر، الإنجيل الذي نتوارثه في عائلتنا من جيل إلى جيل أخبرنا بأنَّ الرعاة كانوا يرعون في يومٍ مُشمس حار، حتى رأوا العذراء ومعها مولودها بعد أن وضعته! وأنه في تلك الليلة كانت نجوم مجموعةِ الأسدِ تتألق في السماء حتى لاحظها كهنة اليهود من قوة بريقها، وبأن الواحد كان مضافًا إلى التاريخ، أي أنَّ المسيح مولودٌ إما في 11 أغسطس أو 21 أغسطس.
فأخبرته أنَّ القرآن الكريم سرد لنا أنَّ مريم العذراء هزت جذع نخلة حتى تساقط عليها الرطب، والرطب ثمرةٌ صيفية. فقال: والكريسماس احتفال روماني يتطلع لزيادة البركة في العام القادم، بشرط الشكر على ما مضى في العام الحالي!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اليوم..ذكرى ميلاد المسرحي المصري يسري الجندي
في مثل هذا اليوم 5 فبراير (شباط) 1942 ولد الكاتب والمسرحي المصري السيناريست، يسري علي الجندي في محافظة دمياط، الذي يعتبر من أشهر كتاب المسرح المصري والعربي.
بدأ تواجد الجندي في الساحة المسرحية ابتداء من أواخر الستينيات، ثم حصل على بكالوريوس الإعلام من جامعة القاهرة عام 1977، ونجحت أعماله في تسليط الضوء على العديد من القضايا الإجتماعية المهمة، بأسلوب جميل استند فيه على التراث.كما قدم العديد من الأعمال الدرامية المميزة خاصة في مجال السيرة الشعبية، وقد تم تمثيل مسرحياته في عدة دول عربية، ومهرجانات دولية، وقدمت له اتحادات الفنانين العرب أول افتتاح مسرحي بمسرحية "واقدساه" وشارك فيها عدد كبير من الفنانين العرب، وتم تقديمها في القاهرة وعمان وبغداد، وبابل.
لعب دورا بارزا في خدمة الحركة المسرحية في وطنه، مصر فقد عمل بوزارة الثقافة منذ عام 1970، ثم عمل مديراً لمسرح السامر بالقاهرة عام 1974، ومديراً للفرقة المركزية للثقافة الجماهيرية عام 1976، وكان مستشاراً ثقافياً لرئيس جهاز الثقافة الجماهيرية عام 1982 ثم مديراً عاماً للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة حتى عام 1996 ثم مستشاراً لرئيس الهيئة للشئون الفنية والثقافية حتى أحيل للمعاش في 5 فبراير 2002م، كان عضو لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة لعدة سنوات، وعضو لجنة الدراما العليا باتحاد الإذاعة والتليفزيون.
وذكرت يسري الجندي، الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة، التي أصدرتها الهيئة العامة
للاستعلامات بوزارة الإعلام المصرية، حيث يعود له الفضل في المساهمة بدعم وتطوير مسرح الثقافة الجماهيرية، وتم تكريمه من عدة جهات فحصل على جائزة الدولة التشجيعية في المسرح عام 1981، ووسام العلوم والفنون، من الطبقة الأولي، ثم جائزة الدولة للتفوق عام 2005.
واشتهرت أعماله وحققت انتشارا واسعا على الصعيد العربي، ومن أشهرها: عنترة – ما حدث لليهودي التائه عن المسيح المنتظر – الهلالية – رابعة العدوية – المحاكمة – علي الزيبق – واقدساه – الساحرة وصدر الجزئين الأول والثاني من مجموعة الأعمال الكاملة بهيئة الكتاب لمسرحياته "18 مسرحية" كما صدر له مسرحية "الإسكافي ملكاً" عام 2002.
وتم نشرت عدة دراسات له ومقالات في المجلات الثقافية المصرية والعربية، وكذلك عدد من فصول كتابه "ملاحظات نحو تراجيديا معاصرة"، وشارك في عدد من مهرجانات المسرح كان أبرزها ملتقى القاهرة للمسرح العربي عام 1994 وله العديد من الأعمال السينمائية، والتي ظهر فيها جليا اهتمامه بالتراث، الذي يعتبر سمه وملمحا لمعظم أعماله.
وتعرف الجمهور العربي عن قرب على أعماله عبر مشاركتها في عدة مهرجانات مثل
مهرجان قرطاج، ومهرجان بغداد وغيرها.
وتنوعت أعماله التي قدمها للدراما التليفزيونية بعضها من التاريخ والتراث الشعبي وأخرى ذات طابع فانتازي وأعمالاً معاصرة منها :
عبد الله النديم – نهاية العالم ليست غداً – أهلاً جدي العزيز – علي الزيبق – مملوك في الحارة – المدينة والحصار – علي بابا – قهوة المواردي – السيرة الهلالية ثلاثة أجزاء – جمهورية زفتى – التوأم – سامحوني ماكانش قصدي – جحا المصري – الطارق – من أطلق الرصاص على هند علام .
وفي عام 2022 رحل يسري الجندي عن عمر ناهز 80 عاما، تاركا إرثا غنيا يمثل تاريخا مهما في الإبداع المسرحي، وفي الدراما التلفزيونية.