فرنسا تحذر من إضعاف سوريا على يد "قوة أجنبية"
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأحد، ضرورة ألا تستغل أي "قوة أجنبية" سقوط حكم الرئيس بشار الأسد لإضعاف سوريا، وذلك بعد يومين من زيارته دمشق ولقائه السلطات الجديدة.
وقال بارو في تصريحات لإذاعة "أر تي إل" الخاصة: "سوريا تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران (الحليفتان للأسد)، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا.
وأضاف أن "مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني والمجتمعات الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم".
وزار بارو بصحبة نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك دمشق، الجمعة، حيث التقيا قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع. تحدٍ هائل..الصليب الأحمر: معرفة مصير المفقودين في سوريا سيتطلب سنوات - موقع 24قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش، إن معرفة مصير المفقودين في سوريا يطرح "تحدياً هائلًا" بعد أكثر من 13 عاماً من حرب مدمرة، مضيفة أن الأمر قد يتطلب سنوات.
وأشار وزير الخارجية الفرنسي إلى أن سوريا "تحتاج إلى إصلاح اقتصادي. يجب أن ندرك أن إجمالي الناتج المحلي، أي الثروة التي تنتجها سوريا، تراجع إلى الخمس خلال 10 سنوات، ويتعين التذكير بأن 50% من البنية التحتية قد دمرت في ظل عهد بشار الأسد".
وحول العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، أكد أن بعضها "من غير المقرر رفعها، وخصوصاً تلك المتعلقة بنظام بشار الأسد ومسؤولية".
لكنه أوضح أن "ثمة عقوبات أخرى من المحتمل رفعها بسرعة إلى حد ما، خصوصاً تلك التي تعوق وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري".
وأضاف "بالنسبة إلى ما تبقى، فالأمر يتعلق بنقاش بدأناه مع شركائنا الأوروبيين، وسيعتمد على وتيرة السلطات الانتقالية السورية ومراعاة مصالحنا، وخصوصاً مصالحنا الأمنية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بارو سوريا فرنسا الحرب في سوريا
إقرأ أيضاً:
حملة إيرانيّة على سوريا… عبر العراق
توجد نقطتان يبدو مفيداً التوقف عندهما. تتعلق النقطة الأولى بحرص الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع على أن تكون زيارته الخارجية الأولى للمملكة العربيّة السعودية، وذلك تمهيداً للتوجه إلى تركيا. أمّا النقطة الأخرى فتتعلق بالحملة العراقيّة على سوريا، وهي حملة إيرانيّة، تولاها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المعروف بتزمته وتعصبه ذي الطابع المذهبي.
تكشف الحملة العراقيّة مدى التضايق الإيراني من الخروج من سوريا بعدما كان هناك رهان لدى “الحرس الثوري” على نجاح في إحداث تغيير ديموغرافي دائم يشمل مناطق سورية معيّنة، خصوصا في دمشق ومحيطها وعلى طول الحدود مع لبنان.من خلال زيارته للرياض يتبين أنّ الرئيس السوري الجديد يعرف ما الذي يريده تماماً ويعرف أهمّية السعودية في مساعدته على تحقيق أهدافه. في مقدّم هذه الأهداف رفع العقوبات الأمريكية والدولية عن سوريا في أسرع وقت. ليس أفضل من السعودية للمساعدة في ذلك. من هذا المنطلق بدا طبيعياً الوصول إلى تفاهم في شأن الحصول على دعم سعودي لسوريا، بما في ذلك لمشاريع إعادة الإعمار، عبر المحادثات بين أحمد الشرع والأمير محمّد بن سلمان ولي العهد السعودي.
تعكس الزيارة التي قام بها الشرع للسعودية رغبة في تأكيد البعد العربي للنظام الجديد من جهة وأن سوريا تغيّرت كلّياً من جهة أخرى. لم تعد دولة تابعة لإيران ولم تعد تصدّر الإرهاب كما يدعي المسؤولون العراقيون. كذلك، لم تعد مصدراً للمخدرات التي تهرّب إلى دول الخليج العربي كما لم تعد مصدراً لتهريب أسلحة إلى الأردن من أجل ضرب الاستقرار في المملكة. أكثر من ذلك، لم تعد سوريا قاعدة عسكريّة إيرانية ينتقل عبرها السلاح إلى “حزب الله” في لبنان، كما لم تعد تمارس سياسة الابتزاز تجاه معظم دول العالم، خصوصا الدول العربية، خدمة للمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.
تبدو كلّ خطوة من الخطوات التي يقوم بها أحمد الشرع مدروسة بدقّة متناهية، بما في ذلك خطوة الذهاب إلى السعودية قبل التوجه إلى تركيا. هناك مليونا سوري يعملون في السعودية أو يقيمون فيها. لكن يبقى الأهمّ من ذلك كلّه أنّ الزيارة تأتي في ظلّ توازن جديد في المنطقة وصورة جديدة لها. لم يكن ممكناً ذهاب أحمد الشرع بالطريقة التي ذهب بها إلى الرياض لولا هذا الانقلاب الكبير الذي غيّر المنطقة وسيغيرها أكثر في المستقبل.
ليس سرّاً وجود علاقة أكثر من جيدة بين النظام الجديد في سوريا من جهة وكلّ من تركيا وقطر من جهة أخرى. لكنّ ذلك لا يمنع، أقلّه ظاهراً، وجود حضور سوري مختلف في المنطقة خارج الإطار التركي – القطري، خصوصاً أنّها المرّة الأولى منذ 59 عاماً يحصل هذا التحوّل الكبير في هذا البلد وبما يتجاوز حدوده، خاصة إلى لبنان. لماذا 59 عاماً وليس 54 عاماً أي منذ احتكار حافظ الأسد للسلطة في ضوء الانقلاب الذي نفّذه على رفاقه البعثيين في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970؟ يعود ذلك إلى أنّ سيطرة الطائفة العلوية على سوريا بدأت عملياً مع الانقلاب الذي نفذه الضابطان العلويان صلاح جديد وحافظ الأسد في 23 فبراير (شباط) 1966. بعد نحو أربع سنوات نفّذ حافظ الأسد انقلابه على صلاح جديد وأسّس في 1970 لنظام تتحكّم به العائلة وتوابعها على وجه الخصوص.
ما حصل في سوريا تغيير كبير، بل انقلاب، على الصعيد الإقليمي ستبدأ تفاعلاته في الظهور شيئاً فشيئاً، خصوصاً إذا استطاع الشرع إثبات أنّه قادر على الابتعاد عن التزمت والاعتراف بالتنوع السوري بالأفعال وليس بمجرد الكلام.
يشير الانفتاح السعودي على سوريا إلى فهم عميق للحدث وانعكاساته، خصوصا مع خروج إيران وميليشياتها من سوريا للمرّة الأولى منذ العام 1980 عندما بدأ تعاون عسكري واستخباراتي في العمق بين دمشق وطهران مع بدء الحرب العراقية – الإيرانية التي وقف فيها حافظ الأسد إلى جانب “الجمهوريّة الإسلاميّة” طوال ثماني سنوات. ذهب حافظ الأسد إلى حد العمل على تمكين إيران من الحصول على صواريخ بعيدة المدى، كانت تمتلكها ليبيا، من أجل قصف المدن العراقيّة، بما في ذلك بغداد والبصرة. يفسّر ما قدمه النظام السوري لإيران في عهدي حافظ الأسد وبشار الأسد كلّ هذا الحرص الإيراني على استعادة سوريا كما يفسّر تلك الحملة العراقية على أحمد الشرع، وهي حملة لا تقتصر على نوري المالكي، بل ليس مستبعداً أن يكون رئيس الوزراء الحالي محمّد شيّاع السوداني مباركاً لها.
بات في الإمكان القول إنّ المنطقة كلّها دخلت مرحلة جديدة في ضوء خسارة إيران لسوريا. ثمة من يرفض تصديق ذلك وثمّة من بدأ يستوعب أنّ الهزيمة التي لحقت بـ”حزب الله” في لبنان على يد إسرائيل ما كان ممكنا أن تأخذ كلّ هذا البعد والحجم من دون سقوط بشّار الأسد ونظامه في سوريا. هذا يجعل في الأفق صورة تحتاج إلى أن تكتمل. لم تكن زيارة أحمد الشرع للسعودية، التي تلتها زيارة لتركيا، سوى خطوة أخرى على طريق اكتمال الصورة الجديدة للمنطقة تحت عنواني: التوازن الإقليمي الجديد وبداية النهاية للمشروع التوسعي الإيراني في الشرق الأوسط والخليج.
يبقى سؤال: هل في استطاعة إيران إعادة عقارب الساعة إلى الخلف في المنطقة العربيّة وفي سوريا تحديدا؟ الجواب أنّه سيكون على “الجمهوريّة الإسلاميّة”، التي ترفض إعادة النظر في مواقفها وسياساتها، الاهتمام الآن بالدفاع عن بقاء النظام واستمراره في عالم تغيّر مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
بالنسبة إلى سوريا نفسها، ستكون الأيام والأسابيع المقبلة فرصة لمعرفة هل يستطيع أحمد الشرع أن يكون في مستوى التنوع الذي تتميز به سوريا؟ الأكيد أنّ نوري المالكي وآخرين في العراق يستطيعون إعطاء دروس في كلّ شيء، خصوصاً في مجال ممارسة التعصب المذهبي… لكن ليس في مجال التنوع وإدارته.