استوطن حيوان «المها العربية»، المعروف أيضًا بـ «بن سولع» في أوساط البادية، وبراري سلطنة عمان وسهولها منذ القدم، حيث وفّرت له البيئة الرعوية والحياة الفطرية في هذه المناطق موائل طبيعية تتناسب مع احتياجاته وتعدّ ملاذًا آمنًا للتكاثر، وتحتضن محمية المها العربية في محافظة الوسطى نحو 900 رأس من المها العربية، حيث يتم إطلاق 10% منها سنويًا داخل المحمية لإثراء الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي.

كما أن المحمية تستقبل سنويًا أنواعًا أخرى من الحيوانات؛ بهدف تعزيز التكاثر في موائلها الطبيعية، ومن ضمن الأنواع الجديدة التي تم رصدها في المحمية أثناء زيارة فريق «عمان» الضبع المخطط والقط البري وغرير العسل، بالإضافة إلى الوعل والنمس والنعام، مما يعزز التنوع الحيوي في المنطقة.

وتستقبل المحمية ما يقارب 1700 زائر وسائح سنويًا، وتحرص هيئة البيئة على تعزيز السياحة البيئية في هذه المحمية من خلال تطوير البنية الأساسية، ومنها دراسة مشروع رصف الطريق المؤدي إليها لتسهيل وصول الزوار الراغبين في التعرف على الحياة الفطرية والتنوع الإحيائي.

أكبر المحميات

وقال سلطان بن محمد البلوشي مدير دائرة المها العربي بهيئة البيئة: «إن محمية المها العربية في محافظة الوسطى تعد واحدة من أكبر المحميات الطبيعية في سلطنة عمان، وتمتد على مساحة 2824.3 كيلومتر مربع، وتُعدّ ملاذًا طبيعيًا لحماية الأنواع المهددة بالانقراض خاصة المها العربية والغزال العربي وغزال الريم.

وأشار البلوشي إلى أنه قد تم إعلان المحمية بمرسوم سلطاني في عام 1994م بهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي في المنطقة، مما يجعلها بيئة مثالية لتوطين الحياة الفطرية، وتضم المحمية بيئات طبيعية متنوعة، مما يسهم في توطين العديد من الأنواع البرية وحمايتها.

وأوضح البلوشي أن المحمية تضم حوالي 900 رأس من المها العربية بالإضافة إلى 145 رأسًا من الغزال العربي و1150 رأسًا من غزال الريم، كما تحتضن عددًا من الأنواع الأخرى مثل الضبع المخطط والنمس وغرير العسل والأرنب البري والقط الصحراوي.

مؤكدا أن المحمية تهدف إلى إثراء تجربة الزوار والسياح من خلال تنوع الحياة البرية المحلي، بالإضافة إلى رفع الوعي البيئي بأهمية صون هذه الأنواع والبرامج المعنية بحمايتها.

وأشار سلطان بن محمد البلوشي إلى أن محمية المها العربية قد حققت العديد من الإنجازات ضمن مشروع إعادة توطين المها العربية الذي كان له دور بارز في حفظ النوع من الانقراض، حيث تمت إعادة توطين المها العربية في مناطقها الطبيعية بعد أن كانت مهددة بالانقراض. كما أسهم المشروع في زيادة أعداد المها العربية وتحقيق استقرار في القطيع، إلى جانب تحسين الموائل الطبيعية من خلال توفير مصادر المياه والغذاء الملائمة، وأضاف البلوشي: أن المشروع أسهم أيضًا في تعزيز الوعي البيئي لدى المجتمع المحلي وتنمية السياحة البيئية.

وتابع البلوشي: إن برنامج إعادة الإطلاق يهدف إلى توطين الأنواع البرية العمانية المهددة بالانقراض، وقد شهد المشروع إطلاق العديد من الأنواع في المحمية، ومنذ انطلاق المرحلة الثانية من المشروع، تم إطلاق 199 رأسًا من المها العربية وحوالي 40 رأسًا من الغزال العربي و220 رأسًا من غزال الريم.

وأشار إلى أن أول عملية إطلاق للمها العربية تمت في عام 1982م تحت إشراف السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه - وذلك في إطار الجهود المستمرة للحفاظ على هذا النوع المهدد بالانقراض.

أما متابعة الحيوانات الموجودة في المحمية، أكد البلوشي أنه يتم استخدام أجهزة تتبع عبر الأقمار الصناعية وأطواق مزودة بتقنيات GPS لمراقبة حركة القطيع، كما توجد فرق رقابة بيئية تقوم بعمليات الرصد والتعقب الميداني من خلال جولات منتظمة لمتابعة صحة الحيوانات وسلامتها.

وأوضح البلوشي أن الحيوانات المفترسة مثل الضبع المخطط وغرير العسل والنمس موجودة بأعداد قليلة في المحمية، لكنها لا تشكل تهديدًا مباشرًا على المها والغزلان. وتقوم فرق الرقابة البيئية، بالتعاون مع فرق التواصل والإرشاد بزيادة الوعي البيئي لدى المجتمع المحلي بشأن كيفية التعامل مع الحيوانات التي قد تدخل مناطقهم، كما تعمل هذه الفرق على رفع الوعي بأهمية الحفاظ على القطعان الطليقة في بيئتها الطبيعية.

وبيّن البلوشي وجود خطة مبدئية لتحسين الطرق المؤدية إلى المحمية، مما سيسهل الوصول إليها من قبل السياح والزوار والباحثين، بهدف تعزيز السياحة البيئية وزيادة الوعي بالحفاظ على الحياة البرية في سلطنة عمان.

وأوضح سلطان البلوشي أن الهدف من وجود بعض الحيوانات مثل الضبع المخطط والنمس وغرير العسل وغيرها في مركز الإكثار بالمحمية يكمن في أنها تشكل جزءًا أساسيًا من النظام البيئي الطبيعي للمحافظة. وأضاف أن إضافة هذه الأنواع تهدف إلى رفع الوعي البيئي بين الزوار، وتعزيز تجربتهم من خلال التعرف على أهمية هذه الحيوانات في النظم البيئية، مشيرا إلى أن المحمية تستقبل حوالي 1700 زائر سنويًا، حيث يتم تنظيم جولات تعريفية عن المها العربية وبرامج الإطلاق، بالإضافة إلى تخصيص زيارات لمركز المعلومات البيئي وتقديم عروض توضيحية حول التنوع البيئي والجيولوجي في المنطقة.

وتابع: إن أبرز التحديات التي تواجه المحمية تتمثل في التغيرات المناخية وتأثيرها على الموائل الطبيعية، بالإضافة إلى التوسع العمراني والنشاطات البشرية التي تجري حول حدود المحمية. وأوضح أنه يتم تنفيذ دراسات متعددة في المحمية، مثل دراسات تأثير التغيرات المناخية على الحيوانات والنباتات، بالإضافة إلى أبحاث حول سلوك وتكاثر المها العربية والغزلان، كما تقوم المحمية بإجراء مشروعات تقييم التنوع الجيني والبيولوجي للأنواع البرية العمانية.

وأكد البلوشي أن محمية المها العربية تعد نموذجًا رائدًا في الحفاظ على الأنواع البرية العمانية المهددة بالانقراض، حيث تسعى للموازنة بين الحفاظ على البيئة وتعزيز التنوع البيولوجي، بينما تواصل دعم التنمية المستدامة.

وفي سياق متصل، أضاف سعيد بن علي هبيس أخصائي نظم بيئية في المحمية أن هناك فريقًا طبيًا يقوم بمراقبة حالات الحيوانات الصحية لضمان سلامتها، كما أشار إلى أنه تتم تغذية الحيوانات بشكل دوري خلال فترتي الصباح والمساء لضمان صحتها الجيدة.

وأوضح هبيس أن المحمية تقوم سنويًا بإطلاق 10% من إجمالي القطيع في البرية، وذلك لتعزيز الحياة الفطرية في المحمية وتحفيز التكاثر في الموائل الطبيعية.

وأكد أنه لوحظ مؤخرًا تكاثر الحيوانات خارج مركز الإكثار، مما يشير إلى نجاح جهودها في إعادة التوطين وزيادة أعداد هذه الأنواع.

وأشار إلى أن هيئة البيئة تعمل على مشروع استزراع 80 ألف شجرة برية من السمر والغاف في محمية المها العربية لتعزيز الغطاء النباتي في المحمية، كما تم استزراع مليوني بذرة خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين.

من جهته قال أحمد بن حمد الحرسوسي المشرف البيئي بالمحمية: «إن دورنا في المحمية يركز على توعية المجتمع المحلي وأصحاب العزب بأهمية الحفاظ على الغطاء النباتي وحماية الحيوانات البرية».

وأضاف أن هناك جهودًا مكثفة للحفاظ على نظافة المواقع المحاذية للمحمية، وكذلك تعزيز الوعي البيئي من خلال زيارة المدارس في ولاية هيماء بهدف تعريف الطلبة بأهمية المحمية ودورها في حماية الحياة البرية.

وأشار الحرسوسي إلى أن المحمية تستقبل العديد من الزوار سواء من داخل سلطنة عمان أو من خارجها، ويتم خلال هذه الزيارات إطلاع الزوار وخاصة الطلبة، على تفاصيل المحمية، بالإضافة إلى مركز التكاثر وأهمية الدور الرقابي الذي تقوم به فرق العمل في المحمية لضمان حماية الأنواع البرية وضمان استدامتها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: محمیة المها العربیة الحیاة الفطریة الأنواع البریة الوعی البیئی بالإضافة إلى من الأنواع البلوشی أن الحفاظ على فی المحمیة سلطنة عمان العدید من رأس ا من من خلال إلى أن سنوی ا

إقرأ أيضاً:

خلافات ساخنة تسبق أول مفاوضات إيرانية-أمريكية في سلطنة عمان: هل تندلع الحرب؟

سلطنة عمان (وكالات)

تلوح في الأفق أجواء مشحونة بالتوتر والتحديات، حيث يبدو أن أول جولة من المفاوضات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة قد تبدأ وسط خلافات كبيرة حول الطريقة التي يجب أن تتم بها هذه المفاوضات.

فبينما يستعد الطرفان لعقد محادثات هامة في سلطنة عمان، تتصدر الخلافات حول طبيعة المفاوضات وأهدافها الأجندة، ما يزيد من تعقيد مسار هذه المحادثات المرتقبة.

اقرأ أيضاً اتصال مفاجئ بين وزير الدفاع السعودي ونظيره الأمريكي بعد تسريبات حساسة عن الحوثيين 8 أبريل، 2025 في لقائهما الأخير: ترامب يكشف لنتنياهو أمرا خطيرا عن الحوثيين 8 أبريل، 2025

في خطوة مفاجئة، نفى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن تكون إيران قد وافقت على إجراء مفاوضات مباشرة مع واشنطن، مؤكدًا أن الجولة المقبلة من المفاوضات ستظل غير مباشرة، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول إمكانية تجاوز هذه الهوة بين الجانبين.

وقد صرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في وقت سابق خلال لقاء جمعه برئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن إيران قد وافقت على التفاوض مباشرة مع واشنطن، مما يعكس التناقضات بين تصريحات الطرفين حول هذه القضية.

وتستمر هذه التباينات في إظهار انعدام الثقة العميق بين إيران وأمريكا، رغم محاولة كلا البلدين تحسين العلاقات والعودة إلى طاولة المفاوضات بعد سنوات من التصعيد. على الرغم من ذلك، يبدو أن إيران تفضل المفاوضات غير المباشرة، حيث ترى أن الولايات المتحدة تسعى إلى الضغط عليها لتحقيق مكاسب سياسية تحت تهديد العقوبات والضغوط القصوى.

بينما ترغب واشنطن في إجراء مفاوضات مباشرة علها تحقق تنازلات إضافية أو تتنصل من أي اتفاقيات مستقبلية قد تضر بمصالحها الإستراتيجية في المنطقة.

وتعتبر سلطنة عمان الدولة التي استضافت آخر اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وهو الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس ترامب في 2018، مما دفع بالعلاقات بين طهران وواشنطن إلى أدنى مستوياتها.

وعليه، يعد هذا اللقاء المرتقب في عمان فرصة تاريخية لإحياء الحوار بين البلدين، ولكن يظل السؤال الكبير: هل سيحمل هذا اللقاء أي تغييرات إيجابية على مسار العلاقات، أم أن الخلافات ستظل هي السائدة؟

من جانب آخر، تبرز نقطة الخلاف الرئيسية بين الجانبين في نطاق المفاوضات. الولايات المتحدة تسعى لتوسيع نطاق المفاوضات لتشمل القضايا النووية والصاروخية والنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وهو ما ترفضه إيران بشدة، معتبرة أن هذه القضايا تتجاوز ملفها النووي الذي تصر على أنه سلمي.

إيران تؤكد أنها لا تسعى للحصول على سلاح نووي، بل تهدف فقط إلى الحفاظ على حقوقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المفاوضات ستكون الأولى منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2020، وهي تمثل اختبارًا هامًا لإعادة التوازن للعلاقات بين البلدين في وقت حساس، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط.

فهل ستتمكن هذه المفاوضات من فتح الباب أمام اتفاق جديد، أم ستظل الأزمات مستمرة بين طهران وواشنطن؟

مقالات مشابهة

  • خلافات ساخنة تسبق أول مفاوضات إيرانية-أمريكية في سلطنة عمان: هل تندلع الحرب؟
  • عمان تشارك في اجتماعات لجنة العلم والتنمية بجنيف
  • غدا.. تدشين السياسة الصحية الوطنية في سلطنة عمان
  • “الحياة الفطرية” تُعلن ولادة خمسة غزلان ريم في واحة بريدة العالمية
  • ضمن برامج الإكثار وإعادة التوطين.. “الحياة الفطرية”: ولادة 5 غزلان ريم في واحة بريدة العالمية
  • سلطنة عمان تحتفل بيوم الصحة العالمي
  • سلطنة عمان تؤكد دعمها لجهود صون التراث وبناء السلام بين الثقافات
  • الحياة الفطرية تعلن ولادة 5 ظباء ريم بواحة بريدة
  • مفاوضات بين طهران وواشنطن برعاية سلطنة عمان
  • سلطنة عمان تستعرض آفاق التعاون مع بوتان في مشروع GMC